الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الطبقة [السادسة](*) من أهل العراق:
محمد أبو بكر الأبهري
هو محمد بن عبد الله بن صالح يخرج إلى زيد مناة بن تميم سكن بغداد وحدث بها عن جماعة منهم: أبو عروبة الحراني وابن أبي داود ومحمد بن محمد الباغندي وأبو بكر بن الجهم الوراق وابن داسة والبغوي وأبو زيد المروزي وله التصانيف في شرح مذهب مالك والاحتجاج له والرد على من خالفه.
وكان إمام أصحابه في وقته. حدث عنه جماعة منهم البرقاني وإبراهيم بن مخلد وابنه إسحاق بن إبراهيم والقاضي أبو القاسم التنوخي وغيرهم وأبو الحسن الدارقطني والباقلاني القاضي وابن فارس المقري وأبو محمد بن نصر القاضي.
ومن أهل الأندلس أبو عبيد الجبيري والأصيلي وأبو القاسم الوهراني واستجازه أبو محمد بن أبي زيد. وكان ثقة أميناً مشهوراً وانتهت إليه الرياسة في مذهب مالك.
تفقه ببغداد على القاضي أبي عمر وابنه أبي الحسين وأخذ عن القاضي أبي الفرج وأبي بكر بن الجهم وابن المنتاب وابن بكير وجمع بين القراءات وعلو الإسناد والفقه الجيد وشرح المختصرين: الكبير والصغير
(*) قال مُعِدُّ الكتاب للشاملة: في المطبوع (الثالثة)، فأثبتنا الصواب، والله أعلم.
لابن عبد الحكم وانتشر عنه مذهب مالك في البلاد وكان القيم: برأي مالك في العراق في وقته معظماً عند سائر علماء وقته لا يشهد محضراً إلا كان المقدم فيه وإذا جلس قاضي القضاة الهاشمي المعروف بابن أم شيبان أقعده عن يمينه والخلق كلهم دونه من القضاة والشهود والفقهاء وغيرهم دونه.
وأملى أبو القاسم الوهراني في أخباره جزءاً فقال: كان رجلاً صالحاً خيراً ورعاً عاقلاً نبيلاً فقيهاً عالماً ما كان ببغداد أجل منه. ولم يعط أحد من العلم والرياسة فيه ما أعطي الأبهري في عصره من الموافقين والمخالفين ولقد رأيت أصحاب الشافعي وأبي حنيفة إذا اختلفوا في أقوال أئمتهم يسئلونه فيرجعون إلى قوله. وسمعته يقول: كتبت بخطي: المبسوط والأحكام لإسماعيل وأسمعة بن القاسم وأشهب وابن وهب وموطأ مالك وموطأ بن وهب ومن كتب الفقه والحديث نحو ثلاثة آلاف جزء بخطي.
ولم يكن له قط شغل إلا العلم ولي في جامع المنصور - ببغداد - ستون سنة أدرس الناس وأفتيهم وأعلمهم سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم.
وقال: قرأت مختصر بن عبد الحكم خمسمائة مرة والأسدية خمساً وسبعين مرة والموطأ كذلك والمبسوط ثلاثين مرة ومختصر بن البرقي سبعين مرة.
قال أبو القاسم الوهراني: وسمعت الشيوخ يقولون: إن في مختصر بن عبد الحكم الكبير ثمان عشرة ألف مسألة وفي المدونة ست وثلاثون ألف مسألة ومائتين منها أربع ممحوة وفي المختصر الأوسط أربعة آلاف مسألة وفي الصغير ألفاً ومائتين.
وسمعت أبا محمد بن أبي زيد يقول: من حفظ المدونة والمستخرجة لم تبق عليه مسألة قال: وما رأيت من الشيوخ أسخى منه ولا أكثر مواساة لطالب العلم. ومن يرد عليه من الغرباء يعطيهم الدراهم ويكسوهم. وكان لا يخلي جيبه من كيس فيه مال فكل من يرد عليه من الفقهاء يغرف له غرفة بلا وزن. لقد سألته عن سبب عيشه فقال لي: كان رؤساء بغداد لا يموت أحد منهم إلا أوصى لي بجزء من ماله.
وكان الأبهري أحد أئمة القرآن المتصدرين لذلك والعارفين بوجوه القراءة وتجويد التلاوة. وذكره أبو عمرو الداني في طبقات المقرئين. وتفقه على الأبهري عدد عظيم وخرج له جماعة من الأئمة بأقطار الأرض من العراق وخراسان والجبل وبمصر وإفريقية كأبي جعفر الأبهري وأبي سعيد القزويني وأبي القاسم بن الجلاب وأبي الحسن بن القصار وأبي عمر بن سعد الأندلسي نزل المهدية وأبي العباس البغدادي
وابن تمام وابن خوير منداد وأبي محمد الأصيلي وأبي عبيد الجبيري وأبي محمد القلعي وغيرهم. ولم ينجب أحد بالعراق - من الأصحاب بعد إسماعيل القاضي - ما أنجب أبو بكر الأبهري كما أنهما لا قرين لهما في المذهب بقطر من الأقطار إلا سحنون بن سعيد في طبقتهما بل هو أكثر الجميع أصحاباً وأفضلهم أتباعاً. وأنجبهم طلاباً ثم أبو محمد بن أبي زيد في هذه الطبقة أيضاً غفر الله لجميعهم ونفع بعلومهم.
ولأبي بكر من التآليف سوى شرحي المختصرين كتاب الرد على المزني وكتاب الأصول وكتاب إجماع أهل المدينة ومسألة إثبات حكم القافة وكتاب فضل المدينة على مكة ومسألة الجواب والدلائل والعلل.
ومن حديثه: كتاب العوالي وكتاب الأمالي علق عنه نحو خمسة عشر ألف مسألة وعرض عليه قضاء بغداد فامتنع وبعد موت الأبهري وكبار أصحابه لتلاحقهم به وخروج القضاء عنهم إلى غيرهم من مذهب الشافعي وأبي حنيفة ضعف مذهب مالك بالعراق وقل طالبه: لاتباع الناس أهل الرياسة والظهور.
ووجد بخط الأبهري: الدين عز والعلم كنز والحلم حرز والتوكل قوة. قال الوهراني: سألت الأبهري عن سنه فقال لي: قال مالك: إخبار الشيوخ عن أسنانهم من السفه. وحبس كتبه على أصحابه.