الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن أهل الأندلس:
محمد أبو بكر بن إسحاق
بن منذر بن محمد بن إبراهيم بن محمد بن السليم بن أبي عكرمة واسمه جعفر وهو الداخل إلى الأندلس وهو جعفر بن يزيد بن عبد الله مولى سليمان بن عبد الملك. قيل عبد الله جده رومي وقيل إنه لخمي من أشراف عرب شذونة يؤل سلفه لبني أمية وإليهم تنسب المدينة المعروفة ببني السليم من كورة شذونة نزلوها عند فتحهم الأندلس وهو قرطبي سمع بها من أحمد بن خالد صغيراً ومن محمد بن أيمن ومحمد بن قاسم وعبد الله بن يونس وقاسم بن أصبغ وابن عمر بن دحيم وسعيد بن جابر وغيرهم.
ورحل سنة اثنتين وثلاثين فسمع بمكة من بن الأعرابي وبالمدينة من المرواني القاضي وبمصر من الزبيري وعبد الله بن جعفر البغدادي وأبي جعفر بن النحاس وأبي بهزاذ وابن أبي مطر وأبي العباس السكري ومحمد بن أيوب الرقي وجماعة وانصرف إلى الأندلس وأقبل على الزهد والعبادة ودراسة العلم.
كان حافظاً للفقه بصيراً بالاختلاف عالماً بالحديث ضابطاً لما رواه
متصرفاً في علم النحو واللغة حسن الخطاب والبلاغة لين الكلمة متواضعاً حدث وسمع منه كثير. وذكره الحكم أمير المؤمنين فقال: هو فقيه بمذهب مالك حافظ مقدم من أهل المعرفة بالحديث والرجال وله حظ من الأدب لم يل القضاء بقرطبة أفقه منه ولا أعلم إلا منذر بن سعيد لكنه أرسخ في علم أهل المدينة من منذر.
وقال بن مفرج: كان بن السليم راسخاً في العلم مجتهداً في طلبه عالماً بالحديث والفقه. قال غيره: جمع إلى الرواية الواسعة: جودة استنباط الفقه والفتيا والحذق بالفرائض والحساب والتصرف في البلاغة والشعر والتفنن في العلوم حسن العشرة كريم النفس.
وكان جماعة من كبراء العلماء بالأندلس ممن أدركوه قاضياً كابن زرب وغيره يقطعون على أنه لم يكن في قضاة الأندلس منذ دخلها الإسلام إلى وقته قاض أعلم منه. قال أبو محمد الباجي: ما رأيت في المحدثين مثله. وله كتاب التوصل لما ليس في الموطأ واختصار كتاب المروزي في الاختلاف وكتاب المخمس في الحديث. وكان مع علمه من أهل الزهد والتقشف والبر.
وطال هربه من السلطان إلى أن أنشبته الأقدار فنال رئاسة الدين والدنيا بالأندلس فما استحال عن هديه ولا غرته الدنيا بوجه. وكان قد بلغ به التقشف وطلب الحلال إلى أن كان يصيد السمك بنهر قرطبة ويبيع صيده فيأخذ من ثمنه ما يقتات به ويتصدق بفضله.
ونوه الحكم باسمه وقدمه للشورى ثم إلى المظالم الشرطة إلى أن توفي منذر فولاه مكانه قضاء الجماعة وذلك سنة ست وخمسين وجمع له معها الخطبة والصلاة سنة ثمان وخمسين فحمد الناس سيرته. وتوفي يوم الاثنين لخمس أو ست بقين من جمادى الأولى سنة سبع وستين وثلاثمائة مستوراً لم يمسه سوء وسنه خمس وستون سنة. مولده سنة ثنتين وثلاثمائة فلما نعي إلى بن أبي عامر قال: هل سمعتم الذي عاش ما شاء ومات حين شاء فقد رأيناه وهو هذا.