الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإذا ملكت المجد لم
…
تملك مذمات الأقارب
وإذا فقدت الحاسدي
…
ن فقدت في الدنيا الأطايب
توفي رحمه الله تعالى بعد سنة أربعين وأربعمائة.
ومن الوفيات لابن خلكان:
عثمان بن عمر بن أبي بكر
بن يونس الرويني ثم المصري ثم الدمشقي ثم الإسكندري يكنى أبا عمر المعروف بابن الحاجب الملقب بجمال الدين الإمام العلامة الفقيه المالكي. كان والده حاجب الأمير عز الدين موسك الصلاحي وكان كردياً واشتغل ولده أبو عمرو المذكور بالقرآن الكريم في صغره بالقاهرة ثم بالفقه على مذهب مالك رضي الله عنه ثم بالعربية والقراءات وبرع في علومه وأتقنها غاية الإتقان.
وذكره الشيخ العلامة: شيخ الشام شهاب الدين الدمشقي المعروف بابن أبي شامة في كتابه: الذيل على الروضتين فقال: كان ركناً من أركان الدين في العلم والعمل بارعاً في العلوم الأصولية وتحقيق علم العربية متقناً لمذهب مالك بن أنس وكان ثقة حجة متواضعاً عفيفاً منصفاً محباً للعلم وأهله ناشراً له صبوراً على البلوى محتملاً للأذى.
وذكره الذهبي فقال - بعد أن أثنى عليه: وقرأ القراءات على الغزنوي وأبي الجود: غياث بن فارس وبعضها على الشاطبي.
وذكره بن مهدي في معجمه فقال: كان بن الحاجب علامة زمانه رئيس أقرانه استخرج ما كمن من درر الفهم ومزج نحو الألفاظ بنحو المعاني وأسس قواعد تلك المباني وتفقه على مذهب مالك وكان علم اهتداء في تلك المسالك استوطن مصر ثم استوطن الشام ثم رجع إلى مصر فاستوطنها وهو في كل ذلك على حال عدالة وفي منصب جلالة وصنف التصانيف المفيدة منها: كتاب الجامع بين الأمهات في الفقه وقد بالغ الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد رحمه الله تعالى وهو أحد أئمة الشافعية في مدح هذا الكتاب في أول شرحه له وكان قد شرع في شرحه على طريقة حسنة من البسط والإيضاح والتنقيح وخلاف المذهب واللغة والعربية والأصول فلو تم هذا الشرح لبلغ به المالكية غاية المأمول.
ومما ذكره في مدح الكتاب أن قال: هذا كتاب أتى بعجب العجاب ودعا قصي الإجادة فكان المجاب وراض عصي المراد فأزال شماسته وانجاب وأبدى ما حقه أن يبالغ في استحسانه وتشكر نفحات خاطره ونفثات لسانه فإنه - رحمه الله تعالى - تيسرت له البلاغة فتفيأ ظلها الظليل وتفجرت له ينابيع الحكمة فكان خاطره ببطن المسيل وقرب المرمى فخفف الحمل الثقيل وقام بوظيفة الإيجاز فناداه لسان الإنصاف: " ما على المحسنين من سبيل " التوبة 91 ويقتصر على هذه النبذة من كلامه خوف التطويل.
قال والدي علي - بن محمد بن فرحون - رحمه الله تعالى: قال لي الإمام العالم الفاضل
العلامة القاضي فخر الدين المصري: كان شيخنا كمال الدين الزملكاني يقول: ليس للشافعية مثل مختصر بن الحاجب للمالكية وكفى بهذه الشهادة.
قال جمال الدين: كان وحيد عصره: علماً وفضلاً وإطلاعاً. قال: وما أحسن هذه الشهادة من إمام من أئمة الشافعية وما يشهد رحمه الله تعالى إلا على ما حققه ومن خبر الكتاب صدقه
ومليحة شهدت لها ضراتها
وقد اعتنى العلماء شرقاً وغرباً بشرح هذا الكتاب وصنف الكافية مقدمة وجيزة في النحو وأخرى مثلها في التصريف سماها: الشافية وشرح المقدمتين فظهرت بركة هذين الكتابين على الطلبة وصنف مختصراً في أصول الفقه ثم اختصره والمختصر الثاني هو كتاب الناس شرقاً وغرباً وصنف في القراءات وفي العروض: وله الأمالي في ثلاث مجلدات في غاية الإفادة وله شرح المفصل للزمخشري وله: نظم الكافية سماه: الوافية في نظم الكافية.
قال صاحب الوفيات: وكل تصانيفه في نهاية الحسن والإفادة وخالف النحاة في مواضع وأورد عليهم أشياء تبعد الإجابة عنها قال: واجتمعت به وسألته عن مواضع في العربية مشكلة وأجاب فأبلغ ولولا التطويل لذكرت ما قاله. وله شعر حسن فمنه قوله:
وكان ظني بأن الشيب يرشدني
…
إذا أتى فإذا غيي به كثرا؟
ولست أقنط من عفو الكريم وإن
…
أسرفت فيها وكم عفا وكم سترا؟
إن خص عفو إلهي المحسنين فمن
…
يرجو المسيء ومن يدعو إذا عثرا؟
انتقل - رحمه الله تعالى - من مصر إلى الإسكندرية ولم تطل مدته هناك. وتوفي بها ضحى يوم الخميس السادس والعشرين من شهر شوال سنة ست وأربعين وستمائة. وقبره خارج باب البحر بتربة الشيخ الصالح بن أبي شامة. ولما توفي بن الحاجب كتب ناصر الدين بن المنير على قبره هذه الأبيات:
إلا أيها المختال في مطرف العمر
…
هلم إلى قبر الإمام أبي عمرو
تر العلم والآداب والفضل والتقى
…
ونيل المنى والعز غيبن في قبر
فتدعو له الرحمن دعوة رحمة
…
يكافا بها في مثل منزله القفر
وكان مولده بإسنا بالصعيد الأعلى سنة تسعين وخمسمائة ودونه موضع الأكراد ببلاد المشرق.