الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقال للسائل عليك بأبي بكر اللؤلؤي: فإليه تأتي هذه الأحمال الكبار وأنا إنما تأتيني المخلاة وتبسم. وكانت فيه دعابة يستعملها حتى إن شواطر النساء كن يكتبن له بمسائل من المجون ويتعرضن له بها فيجيبهن ويتخلص وأتته امرأة بسؤال: ما تقول رحمك الله في امرأة وعدت ثم أخلفت ما يجب عليها؟ فكتب أسفل كتابها: أساءت حين وعدت وأحسنت حين أخلفت وله:
إني وإن كنت القريض أقوله
…
يوماً فليس على القريض معولي
علمي الكتاب وسنة مأثورة
…
وتفنني في أضرب وتحولي
فإذا ذكرت ذوي العلوم وجدتني
…
في السبق قدام الرعيل الأول
أشفي العمى ببيان قول فاضل
…
يجلو ويكشف كل أمر مشكل
والجمع يعلم أنني لما أقل
…
إن أنصفوا في ذاك ما لم أفعل
وتوفي اللؤلؤي سنة خمسين وثلاثمائة وقيل سنة إحدى وخمسين رحمة الله تعالى عليه.
محمد بن محمد بن عبد الله بن أبي دليم
أبو عبد الله أخو عبد الله سمع من رجال أخيه كلهم وكان عالماً فقيهاً زاهداً ورعاً عفيفاً جلداً ضابطاً متقناً ثقة مأموناً قال بعضهم: كل أصحابنا كانت له صبوة ما خلاه فإني عرفته صغيراً زاهداً وقال الباجي من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة إن شاء الله فلينظر إلى بن دليم.
وكان يأبى من الإسماع إلى أن توفي أصحابه فجلس للناس قبل وفاته بثلاثة أعوام فسمع منه عالم كثير. وكان ضرورة لا يطأ النساء ولم يتداو قط ولا احتجم وكان من علماء الناس وخيارهم من أهل العلم الواسع والفضل البارع معدوداً في النساك والصالحين.
وكان لا يرى أن يسمى طالب العلم فقيهاً حتى يكتهل ويكمل سنه ويقوى نظره ويبرع في حفظ الرأي ورواية الحديث ويتميز فيه ويعرف طبقات رجاله ويحكم عقد الوثائق ويعرف عللها ويطالع الاختلاف ويعرف مذاهب العلماء والتفسير ومعاني القرآن فحينئذ يستحق أن يسمى فقيهاً وإلا فاسم الطالب أليق به إلى أن يلحق بهذه الدرجة ودعاء الداعي له باسم الفقيه: سخرية.
وكان ناحل الجسم قاصح الجلد لا يتألم من عض البراغيث ويعجب ممن يقلق منها. وكان كثير الصلاة والصيام عابداً مجتهداً وعمر. مولده سنة ثمان وثمانين ومائتين وتوفي سنة اثنين وسبعين وثلاثمائة.