الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الطبقة الثالثة ممن لم ير مالكاً والتزم مذهبه من أهل إفريقية:
يحيى بن عمر بن يوسف بن عامر الكناني
وقيل البلوي وهو مولى بني أمية أندلسي من أهل جيان وعداده في الإفريقيين سكن القيروان واستوطن سوسة أخيراً وبها قبره. كنيته أبو زكرياء. نشأ بقرطبة وطلب العلم عند بن حبيب وغيره فسمع بإفريقية من سحنون وعون وأبي زكرياء الحضرمي وسمع بمصر من بن بكير وابن رمح وحرملة وأبي الطاهر وهارون بن سعيد الأيلي والحارث بن مسكين وأبي زيد بن أبي الغمر وأبي إسحاق البرقي والدمياطي وغيرهم من أصحاب بن وهب وابن القاسم وأشهب. وسمع أيضاً بالحجاز وغيره من أبي مصعب الزهري ونصر بن مرزوق وابن محاسب وأحمد بن عمران الأخفش وإبراهيم بن مرزوق وسليمان بن داود وزهير بن عباد وغيرهم.
سمع منه الناس وتفقه عليه خلق منهم: أخوه محمد وأبو بكر بن اللباد وأبو العرب وعمر بن يوسف وأبو العباس الابياني وأحمد بن خالد الأندلسي وإليه كانت الرحلة في وقته.
وكان فقيهاً حافظاً للرأي ثقة ضابطاً لكتبه متقدماً في الحفظ إماماً
في الفقه ثبتاً ثقة فقيه البدن كثير الكتب في التفقه والآثار ضابطاً لما روى عالماً بكتبه متقناً شديد التصحيح لها من أئمة أهل العلم وعداده في كبراء أصحاب سحنون وبه تفقه وكانت له منزلة شريفة عند الخاصة والعامة والسلطان. وسكن القيروان ورحل إليه الناس ولا يروون المدونة والموطأ إلا عنه. وكان يجلس في جامع القيروان ويجلس القارئ على كرسي يسمع من بعد من الناس لكثرة من يحضره وكان من أهل الوقار والسكينة على ما يجب لمثله تأدب في ذلك بآداب مالك. وكان لا يفتح على نفسه باب المناظرة وإذا ألح عليه سائل أو أتي بالمسائل العويصة ربما طرده.
وله أوضاع كثيرة منها: كتاب الرد على الشافعي وكتاب اختصار المستخرجة المسمى بالمنتخبة وكتبه في أصول السنن ككتاب الميزان وكتاب الرؤية وكتاب الوسوسة وكتاب أحمية الحصون وكتاب فضل الوضوء والصلاة وكتاب النساء وكتاب الرد على الشكوكية وكتاب الرد على المرجئة وكتاب فضائل المنستير والرباط وكتاب اختلاف بن القاسم وأشهب.
قال بن أبي خالد في تعريفه: له من المصنفات نحو أربعين جزءاً وكان لا يتصرف تصرف غيره من الحذاق والنظار في معرفة المعاني والإعراب.
قال القصري: كنت أسأله عن الشيء من المسائل فيجيبني ثم أسأله بعد ذلك بزمان عنها فلا يختلف قوله علي وكان غيره يختلف قوله علي. وقال الكانشي: ما رأيت مثل يحيى بن عمر ولا أحفظ منه: كأنما كانت الدواوين في صدره قال: واجتمعت بأربعين عالماً فما رأيت أهيب لله من يحيى بن عمر.
وأنفق يحيى في طلب العلم ستة آلاف دينار وكان من أهل الصيام والقيام مجاب الدعوة له براهين. قال الحسن بن نصر: ما رأيت أهيب منه قيل له: فابن طالب؟ قال: كانت له هيبة القضاء. وسمع عليه خلق كثير من أهل القيروان في الجامع بها.
قال أبو الحسن اللواتي: كان عندنا يحيى بن عمر بسوسة يسمع الناس في المسجد فيمتلئ وما حوله فسئل عن سماعهم فقال: يجزئهم.
وذكر أن بعض أصحاب سحنون نام حتى قرأ القارئ ما شاء الله ثم انتبه فاختلفنا في سماعه فسألنا سحنوناً؟ فقال: إذا جاء للسماع وله قصد فهو يجزئه.
وقال يحيى بن عمر: لا ترغب في مصاحبة الإخوان وكفى بك من ابتليت بمعرفته أن تحترس منه.
وذكر أنه رجع من القيروان إلى قرطبة بسبب دانق كان عليه لبقال فخوطب في ذلك فقال: رد دانق على أهله أفضل من عبادة سبعين سنة.
وكان يقال إنه يرى على قبره نور عظيم. قال أبو العرب: وذهل آخر عمره.