الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وعنه: أبو عبد الله الحاكم.
وترجمه في "تاريخه"، وكذا السمعاني في "الأنساب" وقال: كتب عنه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وأثنى عليه في "تاريخه"، وقال: كان من الصالحين، ولم يذكر وفاته، وكانت قبل الأربعمائة، والله أعلم.
قلت: [صدوق عابد].
"مختصر تاريخ نيسابور"(52/ أ)، "الأنساب"(4/ 542).
[911] محمد بن العباس بن نجيح بن سعيد بن نجيح، أبو بكر، النَّجيْحِي، البزَّار، البَغْدادي
.
ذكره الذهبي في "النبلاء"(15/ 514) أن الحاكم روى عنه، وقد ترجمت له في "شيوخ الدارقطني" ولله الحمد.
[912]
محمد بن العباس، أبو بكر، الخُوارِزْمي (1)، الطبَرْخَزِي، الشاعر الأَدِيْب، ابن أخت محمد بن جرير.
سمع: أبا علي إسماعيل بن محمد الصفار، وأقرانه ببغداد.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم.
وقال في "تاريخه": أبو بكر الخوارزمي، كان أوحد عصره في حفظ اللغة والشعر، اجتمعت معه بنيسابور وبخارى، ثم جاءنا إلى نسا، ثم استوطن نيسابور، وقلما اجتمع معي إلا ذاكرني بالأسامي والكنى
(1) من بلاد خراسان، وهي الآن في الجنوب الغربي للإتحاد السوفيتي.
والأنساب حتى يحيرني في حفظه لهذه الأنواع، وكان يذكر سماعه من أبي علي إسماعيل بن محمَّد الصفار وأقرانه ببغداد. وقال أبو منصور الثعالبي المتوفي (429)، في "يتيمته"؛ أبو بكر الخوارزمي باقعة الدهر، وبحر الأدب، وعلم النثر والنظم، وعالم الفضل والظرف، وكان يجمع بين الفصاحة العجيبة، والبلاغة المفيدة، ويحاضر بأخبار العرب وأيامها ودواوينها، ويدرس كتب اللغة والنحو والشعر، ويتكلم بكل نادرة، ويأتي بكل فقرة ودرة، ويبلغ في محاسن الأدب كل مبلغ، ويغلب على كل محسن بحسن مشاهدته، وملاحة عبارته، ونعمة نعمته، وبراعة جده، وحلاوة هزله، وديوان رسائله مخلد سائر، وكذلك ديوان شعره، أصله من طبرستان، ومولده ومنشؤه خوارزم، وكان يتسمى بالطبري، ويعرف بالخوارزمي، ويلقب بالطبرخزمي، فارق وطنه في ريعان عمره وحداثة سنه، وهو قوي المعرفة، قويم الأدب، نافذ القريحة، حسن الشعر، ولم يزل يتقلب في البلاد ويدخل كور العراق والشام، ويأخذ عن العلماء، ويقتبس من الشعراء، ويستفيد من الفضلاء حتى تخرج وخرج فرد الدهر في الأدب والشعر، ولقي سيف الدولة، وخدمه، واستفاد من يمن حضرته، ومضى على غلوائه في الاضطراب والاغتراب، وشرق بعد أن غرب، وورد بخارى وصحب أبا علي البلعمي، فلم يحمد صحبته وفارقه وهجاه، ووافى نيسابور فاتصل بالأمير أبي نصر أحمد المكالي، واستكثر مدحه، وداخل أبا الحسن القَزْويني، وأبا منصور البغوي، وأبا الحسن الحكمي فارتفق بهم، وارتفق من الأمير أبي نصر ومدحه، ونادم كثير بن أحمد، ثم قصد سجستان وتمكن من واليها أبي الحسين طاهر بن محمَّد
ومدحه، وأخذ صلته، ثم هجاه وأوحشه حتى أطال سجنه، فجعل الله من مضيق الحبس مخرجًا، فنهض إلى طبرستان، وكانت حالته مع صاحبها كهي مع طاهر بن شار، ثم إنه عاود نيسابور، وأقام بها إلى أن وفق التوفيق كله بقصد حضرة الصاحب بأصبهان، ولقائه بمدحه، فأنجحت سفرته، وربحت تجارته، وسعد جده بخدمته ومداخلته والحصول في جملة ندمائه المختصين به، فلم يخل من طل إحسانه ووابله، وغامر إنعامه وقابله، وتزود من كتاب إلى حضرة عضد الدولة بشيراز ما كان سببًا لاتياشه ويساره، فإنه وجد قبولًا حسنًا، واستفاد منها مالًا كثيرًا، ولما انقلب عنها بالغنيمة الباردة إلى نيسابور، استوطنها واقتنى بها ضياعًا وعقارًا، ودرت عليه أخلاف الدنيا من الجهات، وحين عاود شيراز ورد منها عللًا بعد نهل، فأجرى له عند إنصرافه رسمًا يصل إليه في كل سنة بنيسابور مع المال الذي كان يحمل من فارس إلى خراسان، ولم يزل بحسن حال من رواء وثروة واستظهار، يقيم للأدب سوقًا، ويعيده غضًا وريقًا، ويدرس ويملي، ويشعر ويروي، ويقسم أيامه بين مجالس الدرس، ومجالس الأنس، وكان يتعصب لآل بويه تعصبًا شديدًا، ويغض من سلطان خراسان، ويطلق لسانه بما لا يقدر عليه، إلى أن كانت أيام تاش الحاجب، ورجع من خراسان إلى نيسابور منهزمًا فشمت به وجعل يقول: قبحًا له، وللوزير أبي الحسن العتبي أبياتًا منسوبة إلى الخوارزمي في هجائه، ولم يكن قالها، منها:
قل للوزير أزال الله دولته
…
جزيت حرفًا على نوح بن منصور
فكتب إلى تاش في أَخْذه ومصادرته وقَطْع لسانه، وإلى أبي المظفر
الرعيني في معناه، وكان يلي البندر بنيسابور إذ ذاك، فتولي حبسه وتقييد، وأخذ خطه بمائتي ألف درهم، واستخرج بعض المال وأذن له في الرجوع إلى منزله مع الموكلين به ليحمل بالباقي، فاحتال عليهم يومًا، وشغلهم بالطعام والشراب، وهرب متنكرًا إلى حضرة الصاحب بجرجان، فتجلت عنه غمة الخطب، وانتعش في ذلك الفناء الرحب، وعاود العادة المألوفة من المبار والأحبية، واتفق قتل أبي الحسن العتبي وقيام أبي الحسن المزني مقامه، وكان من أشد الناس حيًا للخوارزمي، فاستدعاه وأكرم مورده ومصدره، وكتب إلى نيسابور في ردِّ ما أخذ منه عليه، ففعل وزادت حاله وثبت قدمه، ونظر إليه ولاة الأمر بنيسابور بعين الحشمة والاحتشام والإكرام والإعظام، فارتفع مقداره، وطاب عيشه إلى أن رمي في آخر أيامه بحجر من الهَمَذَاني الحافظ البديع، وبلي بمساجلته ومناظرته ومناضلته، وأعان الهمذاني الحافظ البديع عليه قوم من الوجوه كانوا مستوحشين منه جدًا، فلاقى ما لم يكن في حسابه من مباراة المزني وقوته به، وأنف من تلك الحال، وانخزل انخزالًا شديدًا، وكسف باله وانخفض طرفه، ولم يحل عليه الحول حتى خانه عمره، ونفذ قضاء الله فيه.
قال مقيده -عفا الله عنه-: لقد طال العلامة الثعالبي ترجمه في كتابه "يتيمة الدهر" فبلغت أكثر من خمسين صحيفة، وخلاصتها فيما سبق، والله المستعان.
وقال السمعاني في "الأنساب": كان أوحد عصره في حفظ اللغة والشعر، وكان قريضة يقصر عن شعره، وحكى عنه أنه دخل مجلس
الصاحب بن عباد وعليه ثياب خلق، وكان غاصًا بالفضلاء والشعراء من أقطار الأرض، فصعد الصفة فاستزاره الحاضرون، فقال واحد منهم ظنًا منه أنه لا يعرف العربية، من هذا الكلب؟ فقال أبو بكر الخوارزمي: الكلب الذي لا يعرف عشرين لغة في الكلب، فسكت الحاضرون، وأقروا له بالفضل، فذكر لهم أسماء الكلب.
وقال علي بن زيد البيهقي في "تاريخ بيهق": كانت أم الشيخ أبا القاسم الحسين بن أبي الحسين البيهقي هي بنت أبي الفضل بن الأستاذ العالم أبي بكر الخوارزمي، والأستاذ العالم الفاضل أبو بكر الخوارزمي هو ابن أخت محمَّد بن جرير الطبري، ولمصنف هذا الكتاب عرق نزاع لتصنيف وتأليف التواريخ، وقد قيل إن العرق دساس، قال أبو بكر الخوارزمي:
بآمل مولدي وبنو جريرِ
…
فأخوالي ويحكي المرء خاله
وأشعار ومصنفات أبي بكر الخوارزمي منتشرة في العالم. وقال ابن خلكان في "الوفيات": أحد الشعراء المجيدين الكبار المشاهير، كان إمامًا في اللغة والإنساب، وكان مشارًا إليه في عصره، ويحكي أنه قصد حضرة الصاحب بن عباد، وهو بأرجان، فلما وصل بابه قال لأحد حجابه: قل للصاحب على الباب أحد الأدباء، وهو يستأذن في الدخول، فدخل الحاجب وأعلمه، فقال الصاحب: قل له: قد ألزمت نفسي ألا يدخل علي من الأدباء إلا من يحفظ عشرين ألف بيت من شعر العرب، فخرج إليه الحاجب وأعلمه بذلك، فقال له أبو بكر: ارجع إليه وقل له: هذا القدر من شعر الرجال أم من شعر النساء؟ فدخل الحاجب فأعاد عليه ما قال: فقال
الصاحب: هذا يريد أن يكون أبا بكر الخوارزمي، فأذن له بالدخول، فدخل عليه فعرفه وانبسط له، وأكرمه، وأقام في نعمته مدة، ثم إنه كتب يومًا هذين البيتين وجعلهما في مكان يجلس فيه الصاحب وهما:
لا تحمدنَّ ابن عبادٍ وإن هطلت
…
كفاه بالجود حتى أخجل الدِّيَما
فإنها خطرات من وساوسه
…
يُعطي ويمنع لا بُخلًا ولا كرمًا
ثم إن الخوارزمي فارق ابن عباد فلما وقف عليهما، قال بعد أن بلغ الصاحب موته:
أقول لركب من خراسان أقبلوا
…
أمات خوارزميّكم قيل لي: نعمْ
فقلت اكتبوا بالجص من فوق قبره
…
ألا لعن الرحمن من يكفر النِّعَمْ
قال الصفدي: الظاهر أن الخوارزمي كان فيه ملل واستحالة لأن أبا سعيد أحمد بن شهيب الخوارزمي قال فيه:
أبو بكر له أدب وفضل
…
ولكن لايدوم على الوفاء
مودته إذا دامت لخلٍّ
…
فمن وقت الصباح إلى المساء
وقال أبو إسحاق إبراهيم بن علي الحُصري المتوفى (413) في كتاب النورين: كان أبو بكر الخوارزمي رافضيًا غاليًا، وفي مرتبة الكفر عاليًا، أخبرني من رآه بنيسابور وقد كظه الشراب فطلب فقَّاعًا فلم يجده فقال: لعن بما قال:
إذا عوزا الفقاع لمِّا طلبته
…
هجوت عتيقًا والدلام ونعثلا
فإذا كان يهتف بهذه الجملة بغير علة فكيف به مع تفريع العلل وتوسيع الأمل ممن يطايقه على كفره ويوافقه على شره.
وقال ياقوت في "معجم البلدان" ترجمته ابن جرير الطبري: وكان أبو
بكر الخوارزمي يزعم أن أبا جعفر الطبري خاله، ويقول:
بآمل مولدي وبنو جرير
…
فأخوالي ويحكي المرء خاله
فها أنا رافضيٌ عن تراث
…
وغيري رافضي عن كلاله
وكذب لم يكن أبو جعفر رحمه الله رافضيًا، وإنما حسدته الحنابلة فرموه بذلك، فاغتنمها الخوارزمي، وكان سبَّابًا رافضيًا مجاهرًا بذلك، متبجحًا به. وذكر ياقوت في "معجم الأدباء" أنه قرأ هذين البيتين في آخر ديوانه، وقرأ -أيضًا- قوله يهجو شريفًا:
عوارٌ في شريعتنا وقبحٌ
…
علينا للنصارى واليهود
كأن الله لم يخلقه إلا
…
لتنعطف القلوب على يزيد
وقال: وماخلقت كفاك إلا لأربع
…
عوايد لم يخُلق لهن يدان
لتقبيل أفواهٍ وتبديل نايلٍ
…
وتقليب هنديٍ وجرِّ عنانِ
ولد سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وهلك في رمضان، وقيل في شوال، سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، وقيل: سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة.
قلت: [حافظ أديب عالم بأيام العرب، إلا أنه رافضي مجبر، وفتن بدنيا الأمراء ومجالستهم ومدحهم فساءت أحواله ولم يوثق به].
"مختصر تاريخ نيسابور"(52/ أ)، "يتيمة الدهر"(4/ 223)، "الأنساب"(2/ 467)، (4/ 22)، "مختصره"(2/ 273)، "تاريخ بيهق"(224)، "معجم البلدان"(1/ 77)، "الكامل في التاريخ"(7/ 162، 221)، "وفيات الأعيان"(4/ 402)، "النبلاء"(16/ 526)، "تاريخ الإِسلام"(27/ 68)، "الوافي بالوفيات"(3/ 191)، "مرآة الجنان"(2/ 416)، "بغية الطلب"(1/ 125)، "الشذرات"(4/ 434).