الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه، ولقد اختلفت إليه أربع سنين؛ من سنة اثنتين وثلاثين إلى سنة ست فما رأيته قط أفطر إلا يومي العيد وأيام التشريق، وكان يتعمم ويرتدي السنة، وُيرْخي عمامته خلف ظهره، تفقه عند أبي عبد الله الزبيري بالبصرة، وكان إمامًا في الفرائض، وسمع من أبي خليفة، وقد كان أتى أبا محمَّد عبد الله بن مسلم بن قتيبة وأخذ عنه، توفي في ذي الحجة من سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة.
وقال ابن الصلاح في "طبقاته": أحد الأدباء العلماء الزهاد، تفقه على أبي عبد الله الزبيري بالبصرة، ولقي أبا محمَّد القُتَبي، وأخذ عنه، وكان عالمًا بالفرائض، أحد المؤدبين بنيسابور، مقدمًا في التأديب، وممن تأدب عليه أبو عبد الله الحافظ، وروى عنه وسمع منه "مختصر أبي عبد الله الزبيري". وقال ابن كثير: كان عالمًا زاهدًا ورعًا، يختم القرآن كل يوم، ويُديم الصوم.
قلت: [ثقة زاهد، أديب مؤدِّب، عالم بالفرائض].
"مختصر تاريخ نيسابور"(52/ أ)، "الأنساب"(4/ 602)، "إنباه الرواة"(3/ 185)، "المنتظم"(14/ 96)، "طبقات ابن الصلاح"(1/ 227)، والسبكي (3/ 199)، الأسنوي (1/ 179)، وابن كثير (1/ 268)، "البداية"(15/ 220)، "العقد المذهب"(92).
[979] محمَّد بن علي بن إسماعيل، أبو بكر، الشاشي، القفال الكبير، الفقيه الشافعي
.
سمع: أبا الجهم بن طلاب، وأبا عروبة، وأبا بكر بن خزيمة، وعبد
الله بن إسحاق المدائني، ومحمد بن جرير الطبري، وأبا بكر الباغندي، وعبد الله بن زيدان الكوفي، وأبا بكر بن دريد، وعمر بن محمَّد البجيري السمرقندي، ويحيى بن محمَّد بن صاعد، وإسحاق بن محمَّد بن إسحاق الرسعني -رأس العين- وأبا بكر بن أبي داود، وأبا بكر الصيرفي، وغيرهم.
وعنه: أبو عبد الله الحاكم -في "مستدركه" ووصفه بالفقيه الإِمام- وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو عبد الله الحسن بن محمَّد الزنجاني، وأبو عبد الله بن مندة، وأبو عبد الله غنجار، وأبو حسان المزكي النَّيْسابُوري، وأبو الطيب سهل بن محمَّد بن سليمان، وأبو سليمان حمد بن محمَّد بن إبراهيم الخطابي، وإسماعيل بن إبراهيم النصرآباذي، وأبو علي الحسين بن شعيب السِّنجي الفقيه -وقيل: إنه أكبر تلامذته، وأنه أول من جمع بين طريقتي العراقيين والخراسانيين- وأبو حامد محمَّد بن عبد الواحد الواعظ، وأبو سعد الإدريسي، وأبو نصر بن قتادة، وأبو عبد الله الحليمي، وابنه أبو القاسم بن أبي بكر القفال، وأبو زرعة عبد الله بن الحسين الفقيه، وغيرهم.
قال الحاكم في "تاريخه": الفقيه الأديب أبو بكر الشاشي، إمام عصره بما وراء النهر للشافعيين، وأعلمهم بالأصول، وأكثرهم رحلة في طلب الحديث، سمع بخراسان، وبالعراق، وبالجزيرة، وبالشام، كتبت عنه، وكتب عني بخط يده، وسمعته يقول: دخلت على أبي بكر بن خزيمة عند ورودي نيسابور وأنا غلام أيفع، فتكلمت بين يديه في مسألة فقال لي: يا بني على مَنْ دَرَسْت الفقه؟ فسميت له أبا الليث، فقال: على مَنْ درس؟
فقلت: على ابن سريج، فقال: وهل أخذ ابن سريج إلا من كتب مستعاة؟ فقال بعض من حضره: أبو الليث هذا مهجور بالشاش، فإن البلد للحنابلة، فقال أبو بكر: وهل كان ابن حنبل إلا غلامًا من غلمان الشافعي.
وكان أبو بكر القَفّال الشّاشِي يقول: لولا الأمير أبو الحسن لما استقر لي وطني بالشاش.
وقال أبو عاصم العبادي في "طبقاته": هو أفصح الأصحاب قلمًا، وأثبتهم في دقائق العلوم قَدَمًا، وأسرعهم بيانًا، وأثبتهم جنانًا، وأعلاهم إسنادًا، وأرفعهم عمادًا. وقال الحليمي: كان شيخنا القفال أعلم من لقيته من علماء عصره. وقال في كتابه "شعب الإيمان": الذي هو أعلم من لقينا من علماء عصرنا، صاحب الأصول والجدل، وحافظ الفروع والعلل، وناصر الدين بالسيف والقلم، والموفي بالفضل في العلم على كل علم، أبو بكر محمَّد بن علي الشاشي. وقال أبو إسحاق الشيرازي في "طبقاته": درس على أبي العباس بن سريج، وكان إمامًا، وله مصنفات كثيرة ليس لأحد مثلها، وهو أول من صنف الجدل الحسن من الفقهاء، وله "كتاب في أصول الفقه"، وله "شرح الرسالة" وعنه انتشر فقه الشافعي بما وراء النهر. قال ابن الصلاح: الأظهر عندنا أنه لم يدرك ابن سريج. وقال الذهبي: وذكر أبو إسحاق أنه تفقه على ابن سريج، وهذا وهم؛ لأن ابن سريج مات قبل قدوم القفال بثلاث سنين، فإنه رحل من الشاش سنة تسع وثلاثمائة، وأبو العباس مات سنة ست وثلاثمائة. وقال أبو الحسن الصفار: سمعت أبا سهل الصعلوكي وسئل عن "تفسير أبي بكر القفال" فقال: قدَّسَه من وجه، ودَنَّسه من وجهٍ، أي: دنَّسَه من جهة نصر مذهب
الاعتزال. قال الذهبي في "النبلاء": قلت: قد مر موته، والكمال عزيز، وإنما يمدح العالم بكثرة ما له من الفضائل، فلا تدفن المحاسن لورطة، ولعله رجع عنها، وقد يُغفر له باستفراغه الوسع في طلب الحق ولا قوة إلا بالله. وقال ابن الملقن في "العقد المذهب": ومن تصانيفه تفسير كبير قيل ينصر فيه ما يوافق المعتزلة، فلهذا قال الصعلوكي فيه: إنه دفنه في وقته. وقال ابن عساكر في "التبيين": بلغني أنه كان في أول أمره مائلًا عن الاعتدال قائلًا بمذاهب أئمة الاعتزال، والله أعلم. قال السبكي: قلت: وهذا فائدة جليلة، انفرجت بها كربة عظيمة، وحسيكة في الصدر جسيمة؛ وذلك أن مذاهب تحكي عن هذا الإِمام في الأصول، لا تصح إلا على قواعد المعتزلة، وطالما وقع البحث في ذلك حتى توهم أنه معتزلي.
وقال مرة: قلت: وقد انكشفت الكربة بما حكاه ابن عساكر، وقد ذكر الشيخ أبو محمَّد الجويني في "شرح الرسالة": أن القفال أخذ علم الكلام عن الأشعري، وأن الأشعري كان يقرأ عليه الفقه، كما كان هو يقرأ عليه الكلام، وهذه الحكاية تدل على معرفته بعلم الكلام، وذلك لا شك فيه، كذلك تدل على أنه أشعري، وكأنه لما رجع عن الاعتزال، وأخذ في تلقي علم الكلام عن الأشعري فقرأ عليه على كبر السِّن، لعليِّ رتبة الأشعري، ورسوخ قدمه في الكلام، وقراءة الأشعري الفقه عليه تدل على عُلوِّ مرتبته أعني مرتبة القفال وقت قراءته على الأشعري، وأنه كان بحيث يحمل عنه العلم. وقال السمعاني: أحد أئمة الدنيا في التفسير والحديث والفقه واللغة. وقال مرة: إمام عصره بلا مدافعة، وكان إمامًا أصوليًا لغويًا محدثًا شاعرًا، أفنى عمره في طلب العلم ونشره، وشاع ذكره في الشرق والغرب،
وصنف التصانيف الحسان، منها:"دلائل النبوة"، ومحاسن الشريعة، رحل إلى خراسان والعراق والحجاز والشام والثغور، وقيل فيه:
هذا أبو بكر الفقيه القفال
…
يفتح بالفقه صعاب الأقفال
وقال ابن الصلاح في "طبقاته": علم من أعلام المذهب رفيعٌ، ومجمَعُ علوم هو بها عليمٌ، ولها جَمُوعٌ. وقال الذهبي: الإِمام العلامة الأصولي اللغوي، عالم خراسان، وإمام وقته بما وراء النهر، وصاحب التصانيف. وقال السبكي: الإِمام الجليل، أحد أئمة الدهر، ذو الباع الواسع في العلو، واليد الباسطة، والجلالة التامة، والعظمة الوافرة، كان إمامًا في التفسير، إمامًا في الحديث، إمامًا في الكلام، إمامًا في الأصول، إمامًا في الفروع، إمامًا في الزهد والورع، إمامًا في اللغة والشعر، ذاكرًا للعلوم، محققًا لما يورده، حسن التصرف فيما عنده، فردًا من أفراد الزمان. وقال رشيد الدين العطار في "نزهة الناظر": أحد الأئمة الفقهاء، والاكابر العلماء، وشهرته تغني عن بَسْطِ القول في وصفه، رحل في طلب العلم إلى الأقطار البعيدة، وصنف التصانيف المفيدة، ومن جملتهما "تفسير القرآن العظيم"، الذي لم يُصنَّف مثله، روى عنه الأكابر من العلماء. وقال الرافعي في "التدوين": ورد قزوين سنة بضع وخمسين وثلاثمائة، وحضر مجلسه الكبار أبو منصور القطان وأقرانه، وكتبوا عنه.
قال أبو حفص المطوعي: المنجبون من فقهاء أصحابنا أربعة: أبو بكر الإسماعيلي، وأبو سهل الصعلوكي، وأبو بكر القفال، حيث حظي من نسله بالولد النجيب الذي ينسب إليه كتاب "التقريب"، وأبو جعفر الحناطي، ومن نظمه:
أُوَسِّع رَحْلي على من نزل
…
وزادي مباحٌ على من أكل
تقدم حاضر ما عندنا
…
وإن لم يكن غير بقل وخل
فأما الكريم فيرضى به
…
وأما البخيل فمن لم أُبَل
ومن نظمه -أيضًا- قصيدة طنانة، وكلمة بديعة رنانة، شأنها عجيب، رد فيها على قصيدة النقفور اللعين عظيم الروم، التي ساءت المسلمين، وشقت عليهم، لما كان فيها من التثريب والتعيير، وضروب الوعيد والتهديد، وقد ذكرها بطولها العلامة السبكي في "طبقاته"، ولما تضمنته مِن العزة بهذا الدين، خاصة وأن زماننا قد أصبح شبيهًا بزمان ذلك النقفور اللعين، فهاكها:
أتاني مقالٌ لَامرئٍ غير عالمٍ
…
بطُرْقِ مجاري القول عند التخاصمِ
تخرَّص ألقابًا له جِدَّ كاذب
…
وعدَّدَ آثارًا له جِدَّ واهمِ
وأفْرَط إرْعادًا بما لا يُطيقُه
…
وأدْلىَ ببرهانٍ له غيرِ لازمِ
تسمَّى بطُهْرٍ وهو أنجسُ مُشِركٍ
…
مدنَّسة أثوابُه بالمداسِمِ
وقال مَسِيحيٌّ وليس كذاكمُ
…
أخوة قَسْوةٍ لا يحَتذِي فِعْلَ راحمِ
وليس مسيحيًا جهولًا مُثَلِّثًا
…
يقولُ لعيسى جَلَّ عن وَصْفِ آدمِ
تثبَّتْ هداكَ اللهُ إن كنتُ طالبًا
…
لخِقٍ فليس الخَبْطُ فِعْلَ المُقَاسمِ
ولا تتكبَّرْ بالذي أنتَ لم تنَلْ
…
كلابس ثَوْبِ الزُّورِ وَسْطِ المقاومِ
تُعَدَّدُ أيامًا أتت لِوقوعِها
…
سنونٌ مضَتْ من دهرِنا المُتقادمِ
سُبِقْتَ بها دهرًا وأنت تعُدُّها
…
لنفسِك لا ترْضَى بِشْرك المُساهِمِ
وما قدرُ أرتاح ودارا فيُذْكَرا
…
فَخارًا إذا عُدَّت مَساعِي القُماقمِ
وما الفخرُ في ركضٍ على أهل غِرةٍ
…
وهل ذاك إلا مِن مخافةِ هازمِ
وهل نِلْتَ إلا صُقْعَ طَرْسُوسَ بعد أنْ
…
تسلَّمْتَها من أهلها كالمُسالمِ
وَمصِّيصَةٍ بالغَدْرِ قتَّلْتَ أهلَها
…
وذلك في الأدْيانِ إحدى العظائمِ
ترى نحنُ لم نُوقِعْ بكم وبلادِكُمْ
…
وقائعَ يُثنَى ذكرُها في المواسمِ
مِئينَ ثلاثًا من سنينٍ تتابَعَتْ
…
تَدُوسُ الذَّرَى من هامِكُمْ بالمناسمِ
ولم تُفتَح الأقطار شرقًا ومغربًا .. فتُوحًا تناهَتْ في جميعِ الأقالمِ
أتذكرُ هذا أم فُؤادُك هائم
…
فليس بناسٍ كلَّ ذا غيرُ هائمِ
ومنْ شَرِّ يومٍ للفتى هَيَمانُه
…
فيا هائمًا بل نائمًا شر نائمِ
ولو كان حقًا كلَّ ما قلتَ لم يكُنْ .. علينا لكُمْ فَضْل وفخرُ مكارمِ
فمنكُم أخذْنا كلُّ ما قد أخذتُمُ
…
وأضعافَ أضْعافٍ له بالصَّماصمِ
طردْناكُمُ قهرًا إلى أرضِ رُومكُم
…
فَطِرتُم من السّاماتِ طَرْدَ النّعائمِ
لجأتم إليها كالقنافذ جُثَّمًا
…
أدلاهمُ عن حتفِهِ كلُّ حاطِمِ
ولولا وصايا للنِّبَّي محمَّد
…
بكُم لو تنالُوا أمْنَ تِلكَ المجاثمِ
فأنتمُ على خُسْر وإن عادَ برهة
…
إليكم حواشِيها لغفْلَةِ قائمِ
ونحنُ على فَضْلٍ بما في أكُفِّنا .. وفخرٍ عليكُم بالأُصولِ الجسائمِ
ونرجُو وَشِيكًا أن يسِّهل ربُّنا .. لرَدِّ خَوافي الرِّيشِ تحتَ القوادِمِ
وعظَّمْتَ من أمْرِ النِّساءِ وعِنْدَنا .. لكم ألفُ ألفٍ من إماءٍ وخادمِ
ولكن كَرُمْنا إذا ظَفْرِنا وأنتُمُ
…
ظَفْرتُم فكنتم قُدْوة للالائمِ
وقُلتَ مَلَكْناكُم بَجْورِ قُضاتِكمُ
…
وبيعهمُ أحكامَهم بالدَّراهمِ
وفي ذاكَ إقرار بصِحَّةِ دِيْينا
…
وألَا ظَلَمْنا فابتُلِينا بظالمِ
وعدّدْتَ بُلْدانا تُرِيدُ افتتاحَها
…
وتلكَ أمانٍ ساقَها حُلْمُ حالمِ
ومَن رامَ فتْحَ الشَّرقِ والغَربِ ناشرًا
…
لدينِ صَليبٍ فهْوَ أخْبَثُ رائمِ
ومن دان للصُّلْبانِ يَبْغِي به الهُدَى
…
فذاك حمارٌ وَسْمُه في الخَراطِمِ
وليس وَليًا للمَسِيحِ مُثلِّثٌ
…
فيرجُوه نِقْفورٌ لمِحْوِ المآثِم
وعيسى رسولُ الله مَوْلودُ مَرْيَمٍ
…
غَذَتْهُ كما قد غُذِّيَتْ بالمطاعِمِ
وأمّا الذي فوقَ السَموات عرشُه
…
فخالقُ عيسى وهو محُي الرَّمائمِ
وما يُوسُف النَّجارُ بَعْلًا لمريم
…
كما زعمُوا كَذَّبْ به قولَ زاعم
وإنجيلُهُمْ فيه بيانٌ لقَوْلِنا
…
وبُشْرَى بآتٍ بعْدُ للرُّسْلِ خاتمِ
وسمّاهُ بارقليط يأتي بكَشْفِ ما
…
أتاهُمْ به من حَمْلهِ غيرَ كاتم
وكان يُسَمَّى بابنِ داودَ فيهمُ
…
بحيثُ إذا يُدْعَى به في التَكالمِ
وهل أمْسَكَ المِنْديل إلَّا لحِاجَةٍ
…
وهل حاجةٌ إلا لعبد وخادِمِ
وإن كان قد ماتَ النَّبِيُّ محمدٌ
…
فأُسْوَةُ كلِّ الأنبيا والأعاظِمِ
وعيسى له في الموْتِ وَقْتٌ مُؤَجَّلٌ
…
يَموتُ له كالرَّسْلِ من آلِ آدمِ
فإن دَفَعُوا هذا فَقَدْ عَجَّلُوا له
…
وفاة بصَلْبٍ وارْتكابِ صيالمِ
صَيالمُ مِنْ إكليلِ شَوْكٍ وأَحْبُل
…
يجُرُّ بها نحوَ الصَّليب وَلاطمِ
وإن يَكُ أولادٌ لأحمدَ جُرِّعُوا
…
شدائدَ مِن أسرٍ وجَزِّ جَماجِمِ
فعيسى على ما تزعمُون مجُرَّعٌ
…
مِن القتْلِ طَعْمًا مثل طَعْم العَلاقِمِ
ويحيى وزَكْرِيّا وخلْقٌ سواهُما
…
أكارمُ عندَ الله نَجْلُ أكارِمِ
تولَّتُهُم أيدي الطَّغاة فلم تنل
…
قضاياهم من ذاكَ وصمة واصمِ
فمَنْ مُبْلِغٌ نِقْفورَ عنِّي مقالِتي
…
جوابًا لمِا أبْداهُ من نَظْمِ ناظمِ
لئنْ كان بعضُ العُرْبِ طارَتْ قلوبهُمْ
…
أو أرْتَدَّ منهم حَشْوَةٌ كالبهائمِ
لقد أسْلَمْت بالشَّرقِ هِنْدٌ وسِنْدُها
…
وضِينٌ وأتْراكُ الرِّجالِ الأعاجمِ
بتدْبِير مَنْصور بن نوح وجُندِه
…
وأشياخِه أهلِ النُّهَى والعزائمِ
وإن تَكُ بغدادٌ أُصِيبَتْ بَملْكِها
…
وصارتْ عبيدًا للعبيد الدَّيالمِ
فلِلْحقِّ أنْصارٌ وللهَّ صَفُوةٌ
…
يذُودون عنه بالسُّيوفِ الصَّوارِمِ
فمِن عَرَبٍ غُلْبٍ مُلوَكٍ بغالبٍ
…
ومن عَجَيم صِيدٍ مُلوك بهازمِ
فالبدِّين منهمْ قائمٌ أيُّ قائم
…
وللمُلْكِ منهمْ هاشمٌ أيُّ هاشمِ
جزَى اللهُ سيفَ الدَّوْلةِ الخَيْرَ باقيًا
…
وأكْرَمهُ بالفاضِلات الكرائمِ
وألْبسَ مَنْصورَ بن نُوح سَلامةً
…
تدومُ له ما عاشَ أَدْوَمَ دائمِ
هما أمَّنا الإِسلامَ مِن كلَ هاضِمٍ
…
وصانا بناءَ الدِّين عن كُلِّ هادِمِ
ومَن مُبْلِغٌ نِقْفور عنِّي نصيحَة
…
بِتَقْدِمةٍ قُدّامِ عَضِّ الأباهِمِ
أتتْكَ خُراسانُ تجرُّ خُيولهَا
…
مُسوَّمة مِثْلَ الجِرادِ السّوائِمِ
كهُولٌ وشُبّانٌ حُماةٌ أحامِسٌ
…
مَيامِنُ في الهيْجاءِ غَيْرُمَشائِمِ
غُزاةٌ شَرَوا أرْواحَهُمْ من إلاهِهِمْ
…
بجناتِهِ والله أوْفىَ مُساوِمِ
فإن تُعْرِضوا فالحقُّ أبْلَجُ واضحٌ
…
مَعالمُهُ مشهورةٌ كالمعالمِ
تعالَوْا نُحاكِمْكُمْ ليُحكم بيْنَنا
…
إلى السَّيْفِ إنَّ السيْفَ أعدَلُ حاكمِ
سيجْرِى بنا واللهُ كافٍ وعاصِمٌ
…
لنا خيرُ وافٍ للعبادِ وعاصمِ
ونرجُوا بفضْلِ الله فتحًا مُعجَّلًا
…
ننال بقُسْطَنْطِينَ ذاتِ المحارمِ
هُناك تَرَى نِقْفَور واللهُ قادرٌ
…
يُنادَى عليه قائمًا في المقاسمِ
ويجْرِى لنا في الرُّوم طُرًا وأهْلِها
…
وأمْوالها جمْعًا سِهامُ المغانمِ
فيضحكُ منّا سِنُّ جَدْلانَ باسم
…
ويُقْرَع منه سِنُّ خَزْيانَ نادِمِ
وإن تُسْلِموا فالسِّلُم فيه سَلامة
…
وأهْنأُ عَيْشٍ للفتى عيشُ سالمِ
ولد في سنة إحدى وتسعين ومائتين، واختلف في وفاته فقيل: توفي سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، وقيل: إنه توفي بالشاش، في ذي الحجة سنة
خمس وستين وثلاثمائة، وهو قول الأكثر، وقيل: سنة ست وستين وثلاثمائة.
قلت: [أحد أئمة الدنيا في زمانه في الفقه والتفسير والحديث واللغة بلا مدافعة، ومجاهد غيور، ورأس في الكلام والجدل، في "تفسيره" مواضع تنصر مذهب الاعتزال، ولا يقدح ذلك في إمامته]
"المستدرك"(1/ 123/ 215)، "مختصر تاريخ نيسابور"(52/ أ)، "الفهرست"(454)،"طبقات الشيرازي"(120)، "الأنساب"(3/ 399)، (4/ 513)، "تاريخ دمشق"(54/ 245)، "التبيين"(182)، "معجم البلدان"(3/ 350)، "طبقات ابن الصلاح"(1/ 228)، "التمييز والفصل"(1/ 374)، "نزهة الناظر"(83)، "تهذيب الأسماء واللغات"(1/ 788)، "التدوين في أخبار قزوين"(1/ 457)، "وفيات الأعيان"(4/ 200)، "النبلاء"(16/ 283)، "تاريخ الإِسلام"(26/ 345)، "العبر"(2/ 122)"دول الإِسلام"(1/ 226)، "الإعلام"(1/ 250)، "الإشارة"(181)، "الوافي بالوفيات"(4/ 113)، "مرآة الجنان"(2/ 381)، "طبقات السبكي"(3/ 200)، والإسنوي (1/ 4)، وابن كثير (1/ 268)، "النجوم الزاهرة"(4/ 111)، "العقد المذهب"(117)، "الوفيات" لابن قنفذ (336)، "طبقات ابن قاضي شهبة"(1/ 148)، "طبقات المفسرين" للسيوطي (159)، والداوودي (2/ 198)، والأدنه وي (106)، "طبقات ابن هداية الله"(88)، "الشذرات"(4/ 345)، "التاج المكلل"(84).