الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لكم الأمثال} [إبراهيم: 45]، فامتن علينا بذلك لما تضمنه من الفوائد.
قال الزركشي في «البرهان» : ومن حكمته تعليم البيان، وهو من خصائص هذه الشريعة.
وقال الزمخشري: التمثيل إنما يصار إليه لكشف المعاني، وإدناء المتوهم من المشاهد؛ فإن كان المتمثل له عظيمًا كان المتمثل به مثله، وإن كان حقيرًا كان الممثل له كذلك.
وقال الأصفهاني: ولضرب العرب الأمثال واستحضار العلماء المثل والنظائر شأنه -ليس بالخفي من إبراز خفيات المعاني ورفع الأستار عن الحقائق، حتى تريك المتخيل في صورة المتحقق، والمتوهم في صورة المتيقن، والغائب كأنه مشاهد، وفي ضرب الأمثال تبكيت للخصم الشديد الخصومة، وقمع لسورة الجامع الأبي، [فإنه يؤثر في القلوب ما لا يؤثر وصف الشيء في نفسه]، ولذلك أكثر الله -جل شأنه- في كتابه وفي سائر كتبه الأمثال، ومن سور الإنجيل سورة تسمى سورة الأمثال، وفشت في كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكلام الأنبياء والحكماء.
فصل
أمثال القرآن قسمان:
ظاهر مصرح به، وكامن لا ذكر للمثل فيه. فمن أمثلة الأول قوله تعالى: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارًا فلما أضاءت ما حوله
…
} الآيات [البقرة: 17 - 20]، ضرب فيها للمنافقين مثلين: مثلًا
بالنار، ومثلًا بالمطر.
أخرج ابن أبي حاتم وغيره من طريق علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: هذا مثل ضربه الله -جل شأنه- للمنافقين كانوا يعتزون بالإسلام فيناكحهم المسلمون، ويوارثونهم ويقاسمونهم الفيء، فلما ماتوا سلبهم الله العز كما سلب صاحب النار ضوءه {وتركهم في ظلمات} ، يقول: في عذاب، {أو كصيب} هو المطر، ضرب مثله في القرآن {فيه ظلمات} يقول: ابتلاء، {ورعد وبرق} ، تخويف، {يكاد البرق يخطف أبصارهم} ، يقول: يكاد محكم القرآن يدلع عورات المنافقين، {كلما أضاء لهم مشوا فيه} ، يقول: كلما أصاب المنافقون في الإسلام عزًا اطمأنوا، فإن أصاب الإسلام نكبة قاموا، ليرجعوا إلى الكفر، كقوله: {ومن الناس من يعبد الله على حرف
…
} الآية [الحج: 11].
ومنها قوله تعالى: {أنزل من السماء ماء فسالت أودية بقدرها
…
} الآية
[الرعد: 17]. أخرج ابن أبي حاتم من طريق علي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: هذا مثل ضربه الله -تعالى شأنه- احتملت منه القلوب على قدر يقينها وشكها، {فأما الزبد فيذهب جفاء} وهو الشك، {وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض} وهو اليقين كما يجعل الحلي في النار فيؤخذ خالصه، ويترك خبثه في النار، كذلك يقبل الله اليقين، ويترك الشك.
وأخرج عن عطاء قال: هذا مثل ضربه الله للمؤمن والكافر.
وأخرج عن قتادة، قال: هذا ثلاثة أمثال ضربها الله في مثل واحد، يقول: كما اضمحل هذا الزبد فصار جفاء لا ينتفع به، ولا ترجى بركته، كذلك يضمحل الباطل من أهله، وكما مكث هذا الماء في الأرض فأمرعت وربت بركته، وأخرجت نباتها، وكذلك الذهب والفضة حين أخدل النار، فأذهب خبثه، كذلك يبقى الحق لأهله. وكما اضمحل خبث هذا الذهب [والفضة] حين أدخل في النار، كذلك يضمحل الباطل عن أهله.
ومنها قوله تعالى: {والبلد الطيب
…
} الآية [الأعراف: 58]، أخرج
ابن أبي حاتم، من طريق علي عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: هذا مثل ضرب الله إلى للمؤمن يقول: هو طيب وعمله طيب؛ كما أن البلد الطيب [ثمرها طيب]، والذي خبث ضرب مثلًا للكافر، كالبلد السبخة المالحة، والكافر هو الخبيث وعمله خبيث.
ومنها قوله تعالى: {أيود أحدكم أن تكون له جنة
…
} الآية [البقرة: 266]؛ أخرج البخاري عن ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- قال: قال عمر -رضي الله تعالى عنه- يومًا لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: فيمن ترون هذه الآية نزلت: {أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب
…
}؟ قالوا: الله أعلم، [فغضب عمر وقال: قولوا: نعلم أو لا نعلم].
فقال ابن عباس: في نفسي منها شيء، فقال: يا ابن أخي، قل ولا تحقر نفسك، فقال ابن عباس: ضربت مثلًا لعمل، قال عمر: أي عمل؟ قال ابن عباس: لرجل غني يعمل بطاعة الله عز وجل، ثم بعث الله له الشيطان فعمل بالمعاصي حتى أغرق أعماله.
وأما الكامنة، فقال الماوردي: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن مضارب بن إبراهيم، يقول: سمعت أبي يقول: سألت الحسين بن الفضل، فقلت: إنك تخرج أمثال العرب والعجم من القرآن؛ فهل تجد في كتاب الله «خير الأمور أوساطها» ؟ قال: نعم: في أربعة مواضع: قوله تعالى: {لا فارض ولا
بكر عوان بين ذلك} [البقرة: 68]، وقوله تعالى:{والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا (67)} [الفرقان: 67]، وقوله تعالى:{ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط} [الإسراء: 29]، وقوله تعالى:{ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلًا} [الإسراء: 110].
[ثم] قلت: فهل تجد في كتاب الله تعالى: «من جهل شيئًا عاداه» ، قال: نعم، في موضعين:{بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه} [يونس: 39]، {وإذ لم يهتدوا به فسيقولون هذا إفك قديم} [الأحقاف: 11].
قلت: فهل تجد في كتاب الله تعالى: «احذر شر من أحسنت إليه؟ » قال: نعم، {وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله» [التوبة: 74].
(قلت): فهل تجد [في كتاب الله]«ليس الخبر كالعيان؟ » ، [قال: في قوله تعالى]: {قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي} [البقرة: 260].
قلت: فهل تجد: «في الحركات البركات؟ » ، قال: في قوله تعالى: {ومن يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغمًا كثيرا وسعة} [النساء: 100].
قلت: فهل تجد: «كما تدين تدان؟ » قال: [في قوله تعالى]: {من يعمل سوءًا يجز به} [النساء: 123].
قلت: فهل تجد فيه قولهم: «حين تقلي تدري؟ » .
قال: {وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا} [الفرقان: 42].
قلت: فهل تجد فيه: «لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين؟ » ، قال:{هل آمنكم عليه إلا كما آمنكم على أخيه من قبل} [يوسف: 64].
قلت: فهل تجد فيه: «من أعان ظالمًا سلط عليه؟ » قال: {كتب عليه أنه من تولاه فأنه يضله ويهديه إلى عاب السعير (4)} [الحج: 4].
قلت: فهل تجد فيه قولهم: «لا تلد الحية إلا حية؟ » ، قال:[قوله تعالى]: {ولا يلدوا إلا فاجرًا كفارا} [نوح: 27].
[قلت]: فهل تجد فيه: «للحيطان آذان؟ » قال: {وفيكم سماعون لهم} [التوبة: 47].
فهل تجد فيه: «الجاهل مرزوق والعالم محروم؟ » قال: {من كان في الضلالة فليمدد له الرحمن مدا} [مريم: 75].
فهل تجد فيه: «الحلال لا يأتيك إلا قوتًا، والحرام لا يأتيك إلا جزافًا؟ » ، قال:{إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم} [الأعراف: 163]. انتهى.
قال في «المستطرف» : ومما يجري مجرى أمثلة القرآن قول الله تعالى: {ليس لها من دون الله كاشفة} [النجم: 58]، {لا يجليها لوقتها إلا هو} [الأعراف: 187]، {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون} [آل عمران: 92]، {الآن حصحص الحق} [يوسف: 51]، [{وضرب لنا مثلًا ونسي خلقه} [يس: 78]، {ذلك بما قدمت يداك} [الحج: 10]]، {قضي الأمر الذي فيه تستفتيان} [يوسف: 41]، {أليس الصبح بقريب} [هود: 81] [{ثم بدلنا مكان السيئة الحسنة} [الأعراف: 95]، {أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم} [البقرة: 44]]، {وحيل بينهم وبين ما يشتهون} [سبأ: 54]، {لكل نبأ مستقر} [الأنعام: 67]، [{ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله} [فاطر: 43]]، {قل كل يعمل على شاكلته} [الإسراء: 84]، [وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم} [البقرة: 216]]، [{فعسى أن تكرهوا شيئًا ويجعل الله فيه خيرًا كثيرا} [النساء: 19]، {وإن تصبكم سيئة يفرحوا بها} [آل عمران: 120]]، {كل نفس بما كسبت رهينة} [المدثر: 38]، {حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة} [الأنعام: 44]، {ما على الرسول إلا البلاغ} [المائدة: 99]، {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله} [البقرة: 249] [{ءالآن وقد عصيت قبل} [يونس: 91]] {ما على المحسنين من سبيل} [التوبة: 91]، {تحسبهم جميعًا وقلوبهم شتى} [الحشر: 14]، {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان (60)} [الرحمن: 60]، {ولا ينبئك مثل خبير} [فاطر: 14]، {ولو علم الله فيهم خيرا لأسمعهم} [الأنفال: 23]، {كل حزب بما لديهم فرحون} [الروم: 32]، [{وقليل من عبادي الشكور} [سبأ: 3]]، {لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها} [البقرة: 286]، {قل لا يستوي الخبيث والطيب} [المائدة: 100]،
{ففررت منكم لما خفتكم} [الشعراء: 21]، {وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض} [ص: 24]، {ومن يتوكل على الله فهو حسبه} [الطلاق: 3]، {يأيها الذين آمنوا لم تقولون ما تفعلون} [الصف: 2]، {ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم بل الله يزكي من يشاء} [النساء: 49]، {يأيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم} [المائدة: 101]، {وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين} [الأنعام: 4]، {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وإنهم لكاذبون} [الأنعام: 28]، {اعلموا أن الله شديد العقاب وأن لله غفور رحيم} [المائدة: 98]، {ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا في طغيانهم يعمهون} [المؤمنون: 75]، {فذكر إنما أنت مذكر (21) لست عليهم بمسيطر (22)} [الغاشية]، {إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون} [الزخرف: 23]، [يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين} [الزخرف: 38]، {فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين (36)} [الذاريات: 36]، {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} [النجم: 32]، {كل يوم هو في شأن} [الرحمن: 29]، {فبأي حديث بعده يؤمنون} [المرسلات: 50]، {وما ربك بغافل عما تعملون} [هود: 123، والنمل: 93]، {واهجرهم هجرا جميلا} [المزمل: 10]، {من عمل صالحًا فلنفسه ومن أساء فعليها} [فصلت: 46، والجاثية: 15]، {إن هي إلا فتنتك} [الأعراف: 155]، {فاعتبروا يا أولي الأبصار} [الحشر: 2]، {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} [الواقعة: 76]، {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} [الملك: 3]، {ولتعلمن نبأه بعد حين} [ص: 88]، {وكان بين ذلك قوامًا} [الفرقان: 67]، {لمثل هذا فليعمل العاملون} [الصافات: 61]، {كل من عليها فان (26) ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام (27)} [الرحمن]، {كل نفس ذائقة الموت} [آل عمران: 185]، {أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون} [الطور: 15]، {يأيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم} [المائدة: 105]، [{إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء} [القصص: 56]، {إن ينصركم الله فلا غالب لكم} [آل عمران: 106]، {هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون} [الزمر: 9]، {أليس الله بكاف عبده} [الزمر: 36]].