الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الأربعون بعد المائة علم حكم القرآن
النوع الأربعون بعد المائة علم حكم القرآن وهو نوع شريف أيضًا، ولم يذكره الحافظ السيوطي -رحمه الله تعالى- في «الإتقان» .
اعلم -أيدنا الله تعالى وإياك- أن القرآن مشتمل على الحكم الجليلة المفيدة، وقد ذكر الله -جل شأنه- الحكمة في عدة آيات في كتابه العزيز.
فقال تعالى: {كما أرسلنا فيكم رسولًا منكم يتلوا عليكم آياتنا ويزكيكم ويعلمكم الكتاب والحكمة ويعلمكم ما لم تكونوا تعلمون (151)} [البقرة: 151].
وقال -جل شأنه-: {يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا وما يذكر إلا أولوا الألباب} [البقرة: 269].
والحكمة تطلق ويراد بها: معرفة الشيء على ما هو عليه. وتطلق ويراد بها: الكلمة المفيدة الموصلة إلى معرفة حقيقة الشيء المقبولة عند السامع قبولًا مسلمًا لذوي العقل.
قال السدي: هي النبوة. وقال قتادة: الحكمة السنة وبيان النبي الشرائع. وقال ابن مسعود -رضي الله تعالى عنه- ومجاهد والضحاك ومقاتل وغيرهم: الحكمة القرآن. وقال مالك وأبو مرزين: الحكمة الفقه في الدين، والفهم الذي هو سجية ونور من الله تعالى.
وقال مجاهد: الحكمة فهم القرآن. وقال مقاتل: العلم والعمل به، ولا يكون الرجل حكيمًا حتى يجمعهما. وقال ابن زيد: كل كلمة وعظتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبح فهي حكمة. وقال أبو جعفر محمد بن يعقوب: كل صواب من القول أورث فعله صحيحًا فهو حكمة. وقال يحيى بن معاذ: الحكمة جند من جنود الله يرسلها إلى قلوب العارفين حتى يروح عنها وهج الدنيا. وقيل: الحكمة وضع الأشياء موضعها. وقيل: إنها كل قول وجب فعله. وقال ابن عباس -رضي الله تعالى عنهما- فيما رواه عنه علي بن طلحة: معرفة ناسخ القرآن ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره. وقال الحسن: الورع في دين الله. وقال الربيع بن أنس: الخشية، وقال ابن
زيد وأبوه زيد بن أسلم: العقل في أمر الله. وقال ابن المقفع: ما شهد العقل بصحته. وقال بعضهم: التفكر في أمر الله والاتباع له. وقال عطاء: المغفرة. وقال أبو عثمان: نور يفرق [به] بين الوسواس والإلهام. وقال القاسم بن محمد: إن يحكم عليك خاطر الحق دون شهوتك. وقال بندار بن حسين: سرعة الجواب مع إصابة الحق. وقال الكتاني: ما تسكن إليه الأرواح. وقيل: إشارة بلا علة. وقيل: شهادة الحق على جميع الأحوال. وقيل: صلاح الدين وإصلاح الدنيا. وقيل: العلم
اللدني، وقيل: تجريد السمع لورود الإلهام. وقيل: الحكمة كمال النفس البشرية بمعرفة ما عليه الوجود الحقي والخلقي.
وقال ابن عطية في «تفسيره» : والأقوال في معنى الحكمة بعضها قريب من بعض؛ لأن الحكمة مصدر من الإحكام والإتقان في عمل أو قول، وكتاب الله حكمة وسنة نبيه حكمة، وكل ما ذكر فهو جزء من الحكمة التي هي الجنس. انتهى.
وحكم القرآن كثيرة فلنورد من ذلك بعض ما تيسر. فمن ذلك قول الله تعالى: {ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب} [البقرة: 179].
وقال الله تبارك اسمه: {قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون إنما يتذكر أولوا الألباب} [الزمر: 9].
وقول الله عز وجل: {وتلك الأمثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون (43)} [العنكبوت: 43].
وقوله جل جلاله: {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا
قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين (6)} [الحجرات: 6].
وقال تبارك وتعالى: {وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا فأصلحوا بينهما فإن بعت إحداهما على الأخرى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا إن الله يحب المقسطين (9)} [الحجرات: 9].
وقال عز من قائل: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم} [الحجرات: 13].
وقال -جل شأنه-: {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام: 164، والإسراء: 15، وفاطر: 18، والزمر: 7، والنجم: 38].
وقال تعالى: {وقال رجلٌ مؤمنٌ من آل فرعون يكتم إيمانه أتقتلون رجلًا أن يقول ربي الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم وإن يك كاذبًا فعليه كذبه وإن يك صادقًا يصبكم بعض الذي يعدكم إن الله لا يهدي من هو مسرفٌ كذابٌ (28)} [غافر: 28].
وقال -جل شأنه-: {مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين (5)} [الجمعة: 5].
وقال تعالى: {وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا أولو كان آباؤهم لا يعقلون شيئًا ولا يهتدون (170)} [البقرة: 170].
وقال -جل شأنه-: {كم من فئةٍ قليلةٍ غلبت فئةً كثيرةً بإذن الله والله مع الصابرين (249)} [البقرة: 249].
والآيات في الحكم كثيرة، وفي هذا القدر كفاية، والله الموفق، انتهى.