الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهذه القصة مساقة بعضها في قصة نبي الله أرميا، وبعضها في قصة نبي الله دانيال عليهما السلام.
قصة الإسكندر ذي القرنين
وهو إسكندر بن فيلسوف الملقب بذي القرنين، وهو المذكور في قول الله عز وجل: {ويسئلونك عن ذي القرنين قل سأتلوا عليكم منه ذكرًا (83) إنا مكنا له في الأرض وأتيناه من كل شيءٍ سببًا (84)
…
حتى إذا بلغ مغرب الشمس
…
} إلى آخر الآيات [الكهف: 83 - 98].
وليس هو ذا القرنين القديم الأكبر؛ فإن ذلك ملك عظيم صالح، وكان في زمن الخليل عليه السلام.
وأما ذو القرنين المذكور في الكتاب العزيز فهو الأخير، وهو الذي سار في الأرض، وملك جميع المعمور منها، وبنى السد.
وبداية أمره أن أباه فيلسوف كان ملكًا للروم واليونان فأسلمه من صباه إلى المعلم الحكيم أرسطو، فأقام عنده خمس سنين، ولما استشعر أبوه الموت
جدد له العهد وولي الملك بعد والده، وعمره يومئذٍ عشرون عامًا، وكانت ملوك الروم جميعها تحمل الخراج لملك الفرس، وكان أبوه يحمل أيضًا إلى دارا ملك الفرس.
فلمما توفي والده منع هو الخراج عن ملك الفرس هدده، فأجابه بما يشق عليه وجميع جنوده، فأقبل إليه دارا ملك الفرس بجنوده، ووقع القتال فانكسر دارا وقتله الإسكندر، واستولى على الملك في الأرض حتى بلغ أقصى أرض المغرب، ومكن الله -جل شأنه- له في البلاد والعباد، وأطاعته الجبابرة، وأذاعته الفراعنة، وقصد المشرف فدخل العراق والهند، وتوصل إلى الصين، ولما نزل بجنوده على ملك الصين أتاه ليلًا ملك العين مستخفيا، فدخل عليه وطلب منه أن يصالحه على أمر ويرجع عنه، فطلب منه الإسكندر أمورًا عظيمة فامتنع من ذلك، وقال: لا يمكنني الوفاء بها، ثم اتفقا على أمر يحمله له في كل عام وذهب عنه.
فلما أصبح الإسكندر رأى جنود الصين محيطة به، وكانوا قدر جنده أضعافًا مضاعفة، فساء ظنه بهم وقال: لعله غدر بي ومكر علي، فلم يشعر إلا وملك الصين قد أقبل في مركب عظيم، وترحل عن مركبه وقبل الأرض بين يدي الإسكندر. فقال: ما السبب فيما رأيت؟ فقال: أردت أيها الملك أريك أن ليس بي ضعف ولا قلة من الجنود عن مقاومتك، وإنما أنا رجل ذو معرفة وحكمة، وأرى إله العالم مؤيدك وناصرك، فلا أحب أن أعارض إله العالم أيده ونصره.
وسار الإسكندر حتى بلغ إلى أرض الترك ويأجوج ومأجوج، وهم أمم
عظيمة لا يحصيهم إلا الله سبحانه وتعالى، وهم أولاد يافس بن نوح عليه السلام، فطلب من إسكندر الأمم المجاورون ليأجوج ومأجوج أن يجعل بينهم سدا؛ لأن يأجوج ومأجوج لكثرتهم كانوا يفسدون كثيرًا ويؤذون الأمم المجاورين لهم، فأمر ببناء السد، وكان هناك جبلان عظيمان بينهما الطريق، فوضع الحجرة العظيمة وصب الرصاص والنحاس، ورفع السد إلى أن ألحقه بعنان السماء، فامتنعت أذية يأجوج ومأجوج عن الأمم.
ورجع الإسكندر فتوفي بأرض بابل راجعًا مسمومًا، وكان عمره اثنين وثلاثين عامًا، وقتل من الملوك خمسة وثلاثين ملكًا، وبنى اثنتي عشرة مدينة منها: هران، ومرة، وسمرقندي، والإسكندرية، ولما توفي وضع في تابوت من ذهب وحمل أكتاف الملوك، ودفن بالإسكندرية -رحمه الله تعالى-.