الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد جاء في الحديث: «لكل آية ظهر وبطن» فلا يصدنك عن تلقي هذه المعاني منهم أن يقول ذو جدل ومعارضة: وهذه إحالة لكلام الله وكلام رسوله. فليس ذلك [بإحالة]، وإنما كان يكون إحالة لو قالوا: لا معنى للآية إلا هذا، وهم لم يقولوا ذلك؛ بل يقرؤون الظواهر على ظاهرها [مراد بها موضوعاتها]، ويفهمون عن [الله] ما أفهمهم.
فصل قال العلماء يجب على المفسر [
أن يتحرى في التفسير] مطابقة المفسر، وأن يتحرز في ذلك من نقص عما يحتاج إليه في إيضاح المعنى أو زيادة لا تليق بالغرض، ومن كون المفسر فيه من زيغ عن المعنى وعدول عن طريقه، وعليه [بمراعاة] المعنى الحقيق والمجازي، ومراعاة التأليف، والغرض الذي سبق له الكلام، وأن يؤاخي بين المفردات، ويجب عليه البداءة بالعلوم اللفظية، وأول ما تجب البداءة به منها تحقيق الألفاظ المفردة، فيتكلم عليها من جهة اللغة، ثم التصريف، ثم الاشتقاق، ثم يتكلم عليها بحسب التركيب، فيبدأ بالإعراب، ثم ما يتعلق بالمعاني، ثم البيان، ثم البديع، ثم تبين المعنى المراد، ثم الاستنباط، ثم الإشارات.
وقال الزركشي في أوائل «البرهان» : قد جرت عادة المفسرين أن يبدؤوا بذكر أسباب النزول، ووقع البحث في أنه: [أيما أولى البداءة به بتقديم
السبب] على المسبب، أو بالمناسبة لأنها المصححة لنظم الكلام، وهي سابقة على النزول. قال: والتحقيق التفصيل بين أن يكون وجه المناسبة [متوقفًا على سبب النزول، كآية {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} [النساء: 58]، فهذا ينبغي فيه تقديم ذكر السبب؛ لأنه حينئذٍ من باب تقديم الوسائل على المقاصد، وإن لم يتوقف على ذلك فالأولى تقديم وجه المناسبة]، وقال في موضع آخر: جرت عادة المفسرين ممن ذكر فضائل القرآن أن يذكرها في أول كل سورة؛ لما فيها من الترغيب والحث على حفظها إلا الزمخشري، فإنه يذكرها في آخرها.
قال مجد الأئمة عبد الرحيم بن عمر الكرماني: سألت الزمخشري عن العلة في ذلك؟ فقال: إنها صفات لها، والصفة تستدعي تقديم الموصوف. وكثيرًا ما يقع في كتب التفسير «حكى الله كذا» وينبغي تجنبه.
قال الإمام أبو نصر القسيري في «المرشد» : (قال معظم أئمتنا: لا يقال: «كلام الله محكي» ولا يقال: «حكى الله»)؛ لأن الحكاية الإتيان بمثل الشيء، وليس لكلامه مثل، وتساهل قوم فأطلقوا لفظ الحكاية بمعنى الإخبار، وكثيرًا ما يقع في كلامهم إطلاق الزائد على بعض الحروف، وقد مر في نوع الإعراب.
وعلى المفسر أن [يتجنب] ادعاء التكرار ما أمكنه. قال بعضهم: مما يدفع وهم التكرار في عطف المترادفين نحو: {لا تبقي ولا تذر (28)} [المدثر: 28]، {صلواتٌ من ربهم ورحمةٌ} [البقرة: 157]، وأشباه ذلك. [وأن يعتقد] أن مجموع المترادفين يحصل معنى لا يوجد عند انفراد أحدهما، فإن التركيب يحدث معنى زائدًا. وإذا كانت كثرة الحروف يفيد زيادة المعنى، فكذلك زيادة الألفاظ. انتهى.
وقال الزركشي في «البرهان» : ليكن محط نظر المفسر مراعاة نظم الكلام الذي سيق له، وإن خالف أصل الوضع اللغوي لثبوت التجوز.
وقال في موضع آخر: على المفسر مراعاة مجازي الاستعمالات في الألفاظ التي يظن بها الترادف، والقطع بعدم الترادف ما أمكن؛ فإن للتركيب معنى غير معنى الإفراد، ولهذا منع كثير من الأصوليين وقوع أحد المترادفين موقع الآخر في التركيب، وإن اتفقوا [على] جوازه في الإفراد. انتهى.
وقال أبو حيان: كثيرًا ما يشحن المفسرون تفاسيرهم عند ذكر الإعراب بعلل النحو، ودلائل مسائل أصول الفقه، [ودلائل مسائل الفقه]، ودلائل أصول الدين، وكل ذلك مقرر في تأليف هذه العلوم.