الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثم أخبرهم شمويل عليه السلام أن علامة اختيار الله عز وجل لطالوت أن يكون ملكًا عليهم أن يجيئهم التابوت ويعود عليهم، كما قال تعالى:{وقال لهم نبيهم إن آية ملكه أن يأتيكم التابوت} [البقرة: 248]، وكانت إعادته بعد مدة طويلة على بني إسرائيل في الوقت الذي قال لهم شمويل عليه السلام: إن الله اصطفى لكم طالوت ملكًا وأخبرهم أن اختيار الله عز وجل له مجيء التابوت.
قصة نبي الله داود عليه الصلاة والسلام
-
نبي الله ورسوله -صلوات الله وسلامه عليه- نبأه الله عز وجل واصطفاه، وملك
بني إسرائيل سبعين سنة، واجتمعت كلمة بني إسرائيل عليه، وأعطاه الله الملك والحكمة والنبوة، ورفع شأنه، وأعز بني إسرائيل له، وأنزل الله -جل شأنه- عليه الزبور وقد اشتمل على مواعظ وحكم ومعارف.
وكان داود عليه السلام إذا قرأ الزبور عكفت عليه الطير والوحش والأودام، ويركد الماء، ويسكن الريح، ويحمل من مجلسه جماعة كثيرون أمواتًا من رقة قوله وحسن صوته، وكانت الجبال والطير تسبح الله معه إذا سبح. وكان الله عز وجل قد أعطاه ملكًا عظيمًا وسلطانًا فخيمًا، وكان الذين يحرسون محرابه من الجن ستة وثلاثين ألفًا.
ومن عجائب قصصه عليه السلام أن رجلًا من بني إسرائيل ادعى على رجل عظيم كبير أنه غصب بقرته، فطلب الرجل المدعي بينة، فلم يأت بها ولم يعترف الغاصب، فقال لهما داود عليه السلام: قوما حتى أنظر في أمركما فذهبا، فأوحي الله -جل شأنه- إليه في المنام أن يقتل الرجل الذي ادعى على صاحبه أنه غاصب البقرة، فقال داود عليه السلام: هذه رؤية ولا أعمل. فلم يزي يؤمر بقتله ثلاثًا، فعلم أنه حق. فدعا الرجل: وقال له: إني قاتلك وقد أمرت بذلك. فقال: كيف تقتلني بلا بينة ولا دليل، فقال له: لا بد أن أنفذ فيك أمر الله تعالى، فعلم أنه لا بد من ذلك، قال: لا تعجل علي حتى أخبرك، والله ما أخذت بهذا الذنب، ولكنني قتلت أبا هذا الرجل خفية وغيلة، فأخذت بذلك، فأمر به داود فقتل.
فاشتدت هيبة داود عليه السلام وقوي ملكه. وقد أشار الله عز وجل إلى ذلك بقوله -عز من قائل-: {وأتيناه الحكمة وفصل الخطاب} [ص: 20]. وهي الإصابة في الرأي، ومعرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه، وفصل الخطاب يعني البينة على المدعي واليمين على المنكر؛ لأنه يفصل الحكم، وهو فصل عظيم.
ومن القصص العجيبة الواقعة له قصة امرأة أرويا وهي مشهورة معروفة مذكورة في الكتاب العزيز، وذلك أن داود عليه السلام كان صاحب مقام عظيم في الوجه، ومحل جليل في الشوق (غابت الإحساس بسكر الحال في كثير من الأهوال)، وكان لسان حاله يقول: وليس لي في سواك قصد، فكيف مما شئت فأخبرني! فأراد الحق أن يبتليه لما سبق في علمه أ، يبتلي أحبابه وأصفياءه وليكونوا قدوة للعارفين وتسلية للمحسنين وعزاء للمتأخرين، فرأى
في بعض الأحيان امرأة ذات حسن فائق وجمال رائق فأعجب بها كثيرًا، فسأل عنها، فقيل له: هي سابغ بنت شائغ امرأة أرويا بن حنان، وهو في غزاة البلقاء مع أيوب بن صوريا ابن أخت داود، فتمنى داود عليه السلام أن تكون له، ومال خاطره لو كان زوجها مات عنها، أو قتل لأجل أن تحل له، فكان من قضاء الله وقدره أن قتل أرويا في تلك الغزاة. فلما مضت عدتها تزوج بها داود عليه السلام فلم يلبث وهو في محرابه والحرس من الحجاب على أبوابه إلا ورجلين عنده، يدعي أحدهما أن لصاحبه وأخيه هذا تسعة وتسعين نعجة، ولي نعجة واحدة، فسأله أخوه، وطلب منه بوجه الغصب والقهر أن يأخذ نعجته ويضمها إلى نعاجه، فأنكر داود عليه السلام ذلك عليه، ونهاه عن التعرض لأخيه، وإن هذا لا ينبغي ولا يليق. فخرجا من عنده، فاستشعر داود أنهما ليسا رجلين، وإنما هما ملكان بعثهما الله عز وجل لتنبيهه وتعريفه بأن ما صار منه هو عين ما نهى عنه، فندم واستغفر واعترف لله عز وجل، وكان يبكي من ذلك كثيرًا، ويتضرع إلى الله تعالى يسبح في الفيافي والقفار، ويبكي على نفسه وخطيئته، وذلك قول الله عز وجل: {وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب (21) إذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى سواء الصراط (22) إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة ولي نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب (23) قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرًا من الخلطاء لبغى بعضهم على بعض إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليلٌ ما هم وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه
وخر راكعًا وأناب فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مئاب (25)} [ص].
وروي أن داود عليه السلام لما تال إلى الله -جل شأنه- بكى على خطيئته ثلاثين سنة لا يرقأ دمعه ليلًا ونهارًا، وكان قد أصاب الخطيئة ابن سبعين سنة، فقسم الدهر بعد الخطيئة على أربعة أيام: يوم للقضاء بين بني إسرائيل، ويوم يسبح في الفيافي والجبال والسواحل، ويوم يخلو في دار له فيها أربعة آلاف محراب، فيجتمع إليه الرهبان فينوح معهم على نفسه فيساعدنه على ذلك، فلو