المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل: في قصة آدم -عليه صلوات الله وسلامه - الزيادة والإحسان في علوم القرآن - جـ ٧

[محمد عقيلة]

فهرس الكتاب

- ‌النوع الحادي والثلاثون بعد المائة علم من ذكر من الأنبياء عليهم السلام في القرآن العظيم صريحاً وبالإشارة

- ‌النوع الثاني والثلاثون بعد المائة علم تاريخ الأنبياء المذكورين في القرآن وبيان المتقدم منهم والمتأخر

- ‌فأولهم آدم عليه الصلاة والسلام

- ‌وبعده شيث عليه الصلاة والسلام

- ‌وبعده إدريس عليه الصلاة والسلام

- ‌ إدريس عليه السلام

- ‌ نوح عليه الصلاة والسلام

- ‌ هود عليه الصلاة والسلام

- ‌ صالح عليه الصلاة والسلام

- ‌ حنظلة بن صفوان عليه السلام

- ‌ أهل القصر المشيد، وهم من أمة صالح

- ‌(حنظلة بن صفوان) عليه الصلاة والسلام

- ‌ لوط عليه الصلاة والسلام

- ‌ نبي الله إسماعيل عليه السلام

- ‌ نبي الله إسحاق عليه الصلاة والسلام

- ‌ يعقوب عليه الصلاة والسلام وهو المسمى إسرائيل

- ‌ يوسف عليه الصلاة والسلام

- ‌ موسى بن ميشا، وهذا لم يذكر في الكتاب العزيز، وهو من ولد يوسف عليه السلام

- ‌ أيوب عليه الصلاة والسلام

- ‌ بشر بن أيوب نبياً وسماه ذا الكفل

- ‌ شعيب عليه الصلاة والسلام

- ‌ موسى بن عمران - عليه الصلاة والاسلام

- ‌ الخضر عليه الصلاة والسلام

- ‌ يوشع، نبأه الله جل شأنه

- ‌ شمويل عليه الصلاة والسلام

- ‌ داود عليه الصلاة والسلام

- ‌ سليمان عليه الصلاة والسلام

- ‌ إلياس عليه السلام

- ‌ اليسع عليه الصلاة والسلام

- ‌ ذو الكفل عليه الصلاة والسلام

- ‌ يونس بن متى عليه الصلاة والسلام

- ‌ شعيا عليه الصلاة والسلام وكان نبياً عظيماً

- ‌ أرمياً - عليها الصلاة والسلام

- ‌ عزيز عليه الصلاة والسلام

- ‌ دانيال عليه السلام

- ‌ زكريا عليه السلام

- ‌ يحيى عليه السلام

- ‌ عيسى عليه الصلاة والسلام

- ‌ جرجيس عليه الصلاة والسلام

- ‌ خالد بن سنان العبسي

- ‌ سيدنا ونبينا خاتم النبيين ورسول رب العالمين ورحمة الله على الخلق أجمعين

- ‌النوع الثالث والثلاثون بعد المائة علم ماوقع في القرآن العظيم من الأسماء والكنى والألقاب

- ‌أسماء الملائكة:

- ‌فائدة: قرأ أبو حيوة: فأرسلنا إليهما روحنا بالتشديد

- ‌أسماء الصحابة:

- ‌[أسماء المتقدمين من غير الأنبياء والرسل: ]

- ‌[أسماء النساء]

- ‌[أسماء الكفار]:

- ‌[أسماء الجن]:

- ‌[أسماء القبائل]:

- ‌[أسماء الأقوام بالإضافة]:

- ‌[أسماء الأصنام]:

- ‌[أسماء البلاد والأمكنة]:

- ‌[أسماء الأماكن الأخروية]:

- ‌[أسماء الكواكب]:

- ‌فائدة [في اسماء الطير]:

- ‌فصل [في الكنى والألقاب في القران]

- ‌وأما الكنى:

- ‌وأما الألقاب:

- ‌النوع الرابع والثلاثون بعد المائه علم مبهمات القران

- ‌الأول: فيما أبهم من رجل أو امرأة أو ملك أو جني، أو مثنى أو مجموع عرف أسماء كلهم أو من أو الذي إذا لم يرد به العموم

- ‌القسم الثاني في مبهمات الجموع الذين عرفت أسماء بعضهم:

- ‌قصة نبي الله صالح عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة نبي الله إبراهيم عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة نبي الله لوطعليه الصلاة والسلام

- ‌قصة نبي الله إسماعيل عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة نبي الله إسحاق عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة نبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة نبي الله يوسف عليه السلام

- ‌قصة نبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة نبي الله موسى عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة الخضر عليه السلام

- ‌قصة نبي الله هارون عليه السلام

- ‌قصة نبي الله يوشع بن نون عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة نبي الله حزقيل عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة نبي الله شمويل عليه السلام

- ‌قصة نبي الله داود عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة لقمان الحكيم

- ‌قصة نبي الله سليمان عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة نبي الله إلياس عليه السلام

- ‌قصة نبي الله اليسع عليه السلام

- ‌قصة نبي الله ذو الكفل عليه السلام

- ‌قصة نبي الله يونس عليه السلام

- ‌قصة نبي الله عزير -عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام

- ‌قصة نبي الله زكريا عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة نبي الله يحيى عليه الصلاة والسلام

- ‌قصة نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام

- ‌النوع السابع والثلاثون بعد المائة علم من ذكر في القرآن الكريم من الملوك والأمم غير الأنبياء-عليهم الصلاة والسلام

- ‌قصة شداد بن عاد

- ‌قصة أهل البئر المعطلة وأهل القصر المشيد

- ‌قصة أصحاب الرس

- ‌قصة السبت

- ‌قصة بخت نصر

- ‌قصة الإسكندر ذي القرنين

- ‌قصة أهل سبأ

- ‌قصة صياطاس

- ‌قصة أهل الكهف

- ‌قصة تبع الأخي

- ‌قصة أصحاب الأخدود

- ‌قصة أصحاب الفيل

- ‌النوع الثامن والثلاثون بعد المائة علم أمثال القرآن

- ‌فصل في ذكر أمثال القرآن في القرآن اثنان وأربعون مثلًا

- ‌فصلأمثال القرآن قسمان:

- ‌النوع التاسع والثلاثون بعد المائة علم مواعظ القرآن العظيم

- ‌فصل في المواعظ القرآنية الممزوجة بكلمات الصوفية

- ‌فصل: في قصة آدم -عليه صلوات الله وسلامه

- ‌الفصل الرابع: في قصة عاد:

- ‌الفصل الخامس: في قصة ثمود:

- ‌الفصل السادس: في قصة الخليل عليه السلام:

- ‌الفصل السابع: في قصة الذبيح:

- ‌النوع الأربعون بعد المائة علم حكم القرآن

- ‌النوع الحادي والأربعون بعد المائة علم حقائق القرآن

- ‌القسم الأول- عروج روحاني

- ‌القسم الثاني- وهو المعراج الجسماني

- ‌وأما القسم الثالث- وهو المعراج السري

- ‌النوع الثاني والأربعون بعد المائة علم معرفة تفسيره وتأويله وبيان شرفه والحاجة إليه

- ‌النوع الثالث والأربعون بعد المائة علم معرفة شروط المفسر وآدابه

- ‌تنبيه:

- ‌فصل وأما كلام الصوفية

- ‌فصل قال العلماء يجب على المفسر [

- ‌فائدة:

الفصل: ‌فصل: في قصة آدم -عليه صلوات الله وسلامه

اعلم أن قصص الأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- المذكورة في القرآن كلها مواعظ، ولذا قال تعالى شأنه:{وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت له فؤادك} [هود: 120].

قال الشيخ الإمام العارف الكبير الشيخ أبو صالح عبد القادر الجيلاني -قدس الله سره- في مواعظ:

‌فصل: في قصة آدم -عليه صلوات الله وسلامه

-:

لما سمعت الملائكة بآذان العقول قوله تعالى: {إني جاعلٌ في الأرض خليفةً} [البقرة: 30] ولمع لها من أفق العناية به، المجعول بيده {فإذا سويته ونفخت فيه من روحي} [الحجر: 29، وص: 72]، قالت: إلهنا أين تكون هذه الخليفة؟ قال: في نقطة خط الأرض، قالت بلسان الاعتراض:{أتجعل فيها} [البقرة: 30]، كيف لمع هذا البارق من سحاب التراب؟ هل التراب إلا محل الظلمة؟ هل الصلصال إلا مركز العيب لا الغيب؟ ألهنا نحن رهبان صوامع الأعلى، نحن شيوخ صفة الصفا، نحن سكان ربط مقام يسبحون الليل والنهار، قال لهم مجيب القدر: خطأ فاسد في نظركم في تأملكم، أما علمتم أن في الأرض معدن الياقوت، وأن الجواهر من أنهارها تستخرج، وأن أشخاص الأنبياء من معادنها أخرجت، وأن غرائب أسرار القوم في كنوزها دفنت، وجسد الصفي آدم من عناصرها ركبت، فلما استخرج القدر شكل الفتى من نقطة. {إني خالق بشرًا} [الحجر: 28، وص: 71] ويده على صفحة لوح الكون بيد {فإذا سويته} [الحجر: 29، وص: 72]، وصار ذاتًا آدميًا بسابق علم {فعال لما يريد} [هود: 107، والبروج: 16]، ووضع طفله في حجر اصطفى آدم وربي في مهد {وعلم آدم الأسماء} [البقرة: 31]. ذات الملائكة ذاتًا

ص: 339

صلصالية الهيكل، ولمحت عليه أسرار {ونفخت فيه من روحي} [الحجر: 29، وص: 72] ورأت عليه خلعه {وقلنا يا آدم اسكن} [البقرة: 35]، وأخذت عنه علمًا {يا آدم أنبئهم بأسمائهم} [البقرة: 33]، فقالت: ملك جلس في دست السلطنة، عزيز وصل إلى مصر الفخر، عاشق هب عليه نسيم وصل محبوبه عنه انتقل من الأشباع الملكية إلى الحمأ المسنون. انتهى.

آدم أن يخلو في حضرة القدس سها مجدع صاحب قوس عن قول: {إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى (118)} [طه: 118]، دخل عليه عدوه من ظلمة {هل أدلك على شجرة الخلد} [طه: 120]، غره بأباطيل {ما نهاكما ربكما} [الأعراف: 20]، كانت الشجرة شمعة نصبت لفراش زوجه حامت حولها بأجنحة، {فأكلا منها} [طه: 121] فاحترقت بلهب، {ألم أنهكما} [الأعراف: 22]، جذبه ما فيه من ظلمة الأرض إلى غفلة وعصى، فاستدرك بما فيه من نور السماء، فقال:{ربنا ظلمنا أنفسنا} [الأعراف: 23]، بكى على فراق محله الأول، قال: من أين لي جلد على هجر محبوبي؟ قيل: لآدم: المعصية (تحجب)

ص: 340

يبنك وبين ربك، حضرية طاهرة لا توطأ بأقدام متلوثة بمخالفة المحبوب، هكذا سبب هجرة كيف باجتهاد سهام تدرك لا يدفع بذرع الحيل، ما عصيتك جرأة عليك بل غفلة، وما خالفت أمرك إلا لأمر كتب علي. فهل يا آدم أنين العاصين أحب إلي من زجل المسبحين، الاعتراف بالذنب كفارته، {وإني لغفار لمن تاب} [طه: 82] قد كتبت لك قبل زلة، وعصى مكتوب، {فتاب عليه} [البقرة: 37]، وقلنا قبل خلقك عذرًا عنك:{فنسى ولم نجد له عزمًا} [طه: 115].

وقال -رضي الله تعالى عنه- في شأن موسى -صلوات الله وسلامه عليه-: طفل نشأ في مهد عهد القوم صغيرًا، فغذي بلبن {ولتصنع على عيني} [طه: 39] صبي ربي في حجر {واصطنعتك لنفسي (41)} [طه: 41]، ألقي في التابوت شبه من يموت فدفنته أمه في اليم خوفًا من فتنة ذبح، وقعه في كفالة عدوه بواسطة {قرت عين لي ولك} [القصص: 9]، ورده إلى أمه بسفارة {لا تقتلوه} [القصص: 9]، وسلم من القتل بمغالطة {عسى أن ينفعنا} [القصص: 9]، طفل عقله لرؤية عجائب الكون عرف الخالق بنور {اشرح لي صدري} [طه: 25]، وما كان جاهلًا بثبوت أحكام القادر؛ فإن الأنبياء عليهم السلام فطروا على نور المعرفة، وجعلت أرواحهم على توحيد صانع الوجود، وإثبات وجود واجب الوجود، وتنطعت في مرآة علمه أشكال الأكوان صار نورًا في فتور حدقة الزمان، وخطب له خطيب {آتيناه حكمًا} [القصص: 14]، حرك القدر ساكن عزمه ونبه مريد الأمر المقضي نائم فكره، فانصب سنين سحابًا إلى شعب شعيب، فأنبت له في أرض مدين نبات {إني أريد أن أنكحك} [القصص: 27] أثمر ثمر، {فلما قضى موسى الأجل} [القصص: 29] صارت بينهما نسبة النبوة وألفة المصاهرة، فلما خرج بأهله وقد استبان وضع الجبل، والليل كسواد

ص: 341

حدق حور الجنة، والريح تشير عبرات عيون السحوب، وسيوف البرق تسل في غمد الغمائم، وأسود الرعود تزمجر في غابات فطابت، وطرأ نادى إليه من الفطر ليقدح لزوجته من زبد الظلام شرارًا، ويطلب في أكناف السوار المقدس نارًا، هذا والغرام غريم سره، والوجد نديم روحه، والشوق سمير قلبه، والتسوق جليس فؤاده، والهوى حشو صدره، فلاح له النور في معرض نصب لاصطياد طائر روحه شباك {إنني أنا الله} [طه: 14]، رأى سطرًا من سطور لوح القدر فجلت لفراش روحه شمعة الطور وقعت رجل عقله في شرك أنس أفرغ في كأس سمعه صرف شراب {لا إله إلا أنا} [طه: 14]، أسكره بأمراض شرب موام، {وكلمه ربه} فيه نشوات الشوق فطاحت به طوائح أمواج بحار، لؤلؤ غلب على قلبه هيمان العق خرفت لذة التكلم ما قد سمعه، حتى وصلت إلى بصره، فطلب البصر نصيبه من النظر وافقه فوق القلب فقال:{رب أرني أنظر إليك} [الأعراف: 143].

قيل: يا موسى انظر أولًا إلى إزاء الجبل بوجهك، ذهبت ثيابك على محك فإن استقر أعبر سكونك عند حركة الصخور لهيبة تجلى، فما دست به أجزاء الطور عند أشراف لمعان ذلك النور، وتعطرت أشجار الوادي المقدس بنسيم القرب، وتأرجت رياض البقعة المباركة ببهجة وقت الوصل، وصارت هضبات الطور حدائق لأجل تجلى، وامتلأت جنباته بالملائك استعطافًا لقوله:{أرني} [الأعراف: 143]، وقامت أرواح الأنبياء تترصد ما يكون، بعد هذا سمع كلامًا، لا ككلام البشر، خاطبه من ليس من جنس المحدثات، نودي من جميع آفاق جهات الموجود، صارت جملته سمعًا وبصرًا فتلف بعين سره إلى الطور، وقع شعاع نور عين عقله على لموع نور مرآة الجبل، انعكست أشعة

ص: 342

الميثاق، جاءت بروق بصر الحسن، زهلت عين الفكر، خرس لسان الطبع، انقطعت أسباب الحواس، فرأى لسان حال موسى {وخشعت الأصوات للرحمن} [طه: 108]، قال المخبر عن صدق صلبه {وخر موسى صعقًا} [الأعراف: 143].

قيل: يا موسى معدة طبيعتك ضعيفة عن شراب تجلي أنيق، عينك ضيق عن مقابلة أنوار سبحات {أرني أنظر إليك} [الأعراف: 143]، تمكين الحدث لا تنفتح في شعاع شمس القدم، ورد النظر لا يطلع في شجر كانون هذا الكون، إنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا، خلعة النظر دخرة في خزائن الغيب كصاحب قاب قوسين، هذا الشرف لا يناله في الخلائق سوى سيد ولد آدم ويتيمة عقد البشر {ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده} [الأنعام: 152، والإسراء: 34]، مات موسى عليه السلام بضرب سبق {لن تراني} [الأعراف: 143]، ثم حيي بروح فسوق وقام على قدم {تبت إليك} [الأعراف: 143]، فرقل في حلة {إني اصطفيتك} [الأعراف: 144]، رجع إلى أهله متبرقعًا ببرقع العبرة، أن ترآى نور تلك الآثار قالت له صفراء بنت شعيب عليه السلام: يا كليم الله قد اشتقت إلى نور وجهك فاكشف لي عن البرقع لأراه. قال لها: كيف أكشف وجهًا على ضجور الطور ببهجة نور تجلى، كيف أريك روضًا فاح طيبة من أرج، {ولكن انظر إلى الجبل} [الأعراف: 143] بقايا شرب، {وكلمه ربه} [الأعراف: 143] في كؤوس، وحياتي بسطوة هيبته {جعله دكًا} [الأعراف: 143] في لمحات أسارير وجهي.

ص: 343

قالت: قد رضيت أن أراه ناموسًا قد هان على يدك نفسي بنظرة إلى زهرات جمال وجهك. يا غلام: كن في صدق طلبك كبنت شعيب عليه السلام، بع نفسك في طمع نظرة من أهل الحمى، سارع بقطع المنازل وطي المراحل، تعزم مجرد من حوادث الإرادات، شوقًا إلى رؤية المحبوب ووليها نيل المطلوب، وادخل حرم الحرمة، وقف موقوف العبودية، وأم بجد الوجد، فعسى أن توقف بإزاء ليلى الأرواح، أو ترى ببصر يوسف يعقوب القلوب، فإن أتاك نسر من تلقائهم يحمل نسمة من نور جمالهم.

وبع نفسك بعودة من تألف برقهم غرامًا بعود ذلك الوصل، والله ما غبن بائع نفسه بلحظة واحدة. النظر: عبارة عن الرؤية بالأبصار ولم يسأله مخلوق في هذه الدار سوى صاحب المقام المحمود. والمشاهدة: عبارة عن الرؤية ببصائر الأسرار، فخرج من تواقيع مقاماتها من ديوان يختص برحمته، أيها المريد الصادق الشواق التواق: إن ظفرت بخلعة المشاهدة في خلوة مجلس سرك، وإن لم تنلها فاستقم على جادة الصدق حتى يأتيك اليقين، وتنقل -إن شاء الله تعالى- إلى دار الصديقين، فانظر إلى مطلوبك، ونافذ نصيبك من رؤية محبوبك، الشجاعة صبر ساعة، يا غلام: كن موسى ألهمه لا تصنع بدون أرني، أولها التوحيد {مام قلت لهم إلاٍ ما أمرتني به} [المائدة: 117]، والثبات {ما زاغ البصر وما طغى (17)} [النجم: 17]. أول أحوال الأنبياء عليهم السلام مراقي أقدام الأولياء، بداءة أفعال الرسل، أقصى معارج همم العارفين. طوبى لك يا فقير ليلة، يقع موسى عقلك في شاطئ وادي عرفانك، في البقعة المباركة من قربك، إن أردت أن تعرف ما طلب دلائل تلك آثار في صفحات وجوه الأعمال {وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون} [التوبة: 105] يا محل العقول ارفعي في زهرة البساتين، واجمعي شهد المعارف من هذه الحقائق حتى إذا مرض ولي من الأولياء بغير معراج المحبة، قلنا لطبيب أسقام العارفين حليم الشريعة الإسلامية، صاحب الملة الحنيفية، إنك بلسان قلت له لك في الفصاحة:{يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين (57)} [يونس: 57].

ص: 344

ومن كلام الحافظ الكبير الشهير الشيخ عبد الرحمن ابن الجوزي في كتاب: «المدهش» له في باب: الموعظة في قصة نوح عليه السلام: [لما عم] أهل الأرض العمى عما خلقوا له، بعث نوح [بجلاء] أبصار البصائر، فمكث يداويهم {ألف سنة إلا خمسين عامًا} [العنكبوت: 14]، فكلهم أبصر ولكن [عن المحجة] تعامى، فلاح للاحي عدم فلاحهم، فوالاهم الصلا بأسًا من صلاحهم. وبعث شكاية الأذى في مسطور {إنهم عصوني} [نوح: 21]، فأذن [مؤذن] الطرد، على باب دار إهدار دمائهم، {أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن} [هود: 36]، فقام نوح في محراب {لا تذر} [نوح: 26]، فأتته رسالة {أن اصنع} [المؤمنون: 27] ونادى بريد الإعلام بالغضب {ولا تخاطبني} [هود: 37، والمؤمنون: 27]، فلما أن هال كئيب الإمهال، وانقطع سلك التأخير، غربت شمس الانتظار، فادلهمت عقاب العقاب. فلما انسدلت الظلمة [وفات] النور {وفار التنور} [هود: 40] فقيل: يا نوح قد حان حين الحين، فـ {احمل فيها من كل زوجين اثنين} [هود: 40]، فتخلف

ص: 345