الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشيطان بيني وبين إخوتي إن ربي لطيف لما يشاء إنه هو العليم الحكيم (100) رب قد آتيتني من الملك وعلمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين (101)} [يوسف: 100 - 101].
قصة نبي الله أيوب عليه الصلاة والسلام
-
هو أيوب بن موص بن زراح بن روم بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم -عليهما الصلاة والسلام- وجده العيص هذا أخ يعقوب عليه السلام ولدا في بطن واحد، فخرج العيص متقدما، وتعقبه يعقوب عليه السلام فلذا سمي يعقوب، وكان الله عز وجل قد اصطفى أيوب عليه، ونبأه ورزقه دنيا عريضة وسعة الرزق عظيمة وأرغد له في العيش، وكان له من الأموال ما لا يعد ولا يحد، ومن المواشي والمزارع والدور كذلك، كان في ذلك شاكرا لأنعم الله عز وجل معترفا بفضل الله مثنيا على الله، يبذل ما أعطاه الله لأسباب الخير، يؤوي الغريب ويكرم الضيف ويحسن إلى السائل، لم تغره الدنيا ولم تطغه ولم تفرد. وكانت الملائكة والعالم الإنسي يثنون عليه ويذكرون فضله، وكان قد سبق في علم الله عز وجل أن يبتليه ويمتحنه ليكون قدوة للصابرين، وإماما للمريضين، وتسلية لأهل البلاء، وتعزية لأهل القضاء، فابتلاه الله -جل شأنه- وسلط عيه الصوارف والمهلكات، فذهب ماله ومواشيه وزرعه وهو في كل ذلك مثنيا
على الله راضيا بمواقع قضائه وقدره، ثم ابتلي بفقد أولاده وأهل بيته فحزن لذلك عند تفقد أولاه، ثم آب إلى الله تعالى وأسرع في الرجوع، ثم ابتلي في جسده بأنواع الأمراض والأسقام، ولم يكن يخدمه غير امرأته، وهي رحمة بنت أفريثم بن يوسف عليه السلام وكانت ذات جاه وجمال، وكانت من الأخيار الصابرات الراضيات، وكانت هي التي تسعى في خدمته ومعاشه وتقدم ذلك إليه، فلما طال مرضه واشتد بها الحال عرضت عليه التداوي، وطلبت منه أن يستعمل شيئا من الأدوية ليزول ما به من الأمراض، فغضب لذلك لعلمه أن الذي هو فيه، ليس من قبيل الأمراض الطبيعية، وإنما هو ابتلاء إلهي، وامتحان رباني لا تنفع فيه الأدوية، ولا يفيد فيه الطب، فقال عند ذلك: لئن شفاني الله عز وجل لأجلدتها مائة جلدة، فلما شفاه الله تعالى أمره أن يأخذ قضيبا من نخل فيه مائة عرجون فيضربه ضربة واحدة، وذلك قول الله عز وجل:{وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أواب (44)} [ص: 44].
ولما طال البلاء وهو في كل ذلك راض من الله تعالى صابرا على ما أولاه المولى مستغرقا متلذذا، فلما قارب أن يتصل إلى غلبة شيء من الاشتغال عن التعظيم والتفكر في الآلاء، فإن القلب هو الطريق إلى ذلك، فإذا وصله الألم