الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثانياً: ربطت بين الأديان السماوية برباط متين تحت مسمَّى "الإسلام"، الذي تتابع على ألسنة الأنبياء والمرسلين، من لدن آدم عليه السلام إلى محمد صلى الله عليه وسلم.
ثالثاً: أنقذت العالَم ممّا كان يعيش فيه من انحراف في العقيدة وخلَل في السلوك، وأعطت للبشرية حضارة وثقافة تقوم على التوحيد في أسمى صُوَرها، وتجعل الناس جميعاً أمام الله على قَدَم المساواة وأقامت مجتمعاً يقوم على التعاون والحب والتسامح، والحرية المنضبطة بقواعد الدِّين والأخلاق والتعايش السلمي مع الآخرين، تحت مظلة قوله تعالى:{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} ، وقوله تعالى:{لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ} .
ما يمكن أن تقدّمه الحضارة والثقافة الإسلامية للعالَم في هذا العصر
من الملاحَظ: أنّ الحضارة الغربية المعاصرة قد سيطرتْ عليها النّزعات المادية، وطغت عليها شهوات الجسد، وأغرقت في البعد عن الجانب الروحي، وتميّزت ثقافتها بالتحرّر والعبثية والفوضى.
وكان حصاد ذلك مؤلماً ومريراً، ونفقاً مظلماً أطبق على صدْر البشرية من خلال الحروب العالَمية والمنازعات الإقليمية، وضياع الحقوق الإنسانية، ممّا أشاع جواً من الفوضى العالمية، والتوتر العصبي، والقلق النفسي، واختلال المعايير والموازين، ليخدم مصالح القوى الكبرى والصهيونية العالمية؛ قال تعالى:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} .
ولقد أفلست المنظمات الدولية، والمؤسسات التربوية، والأنظمة السياسية والاقتصادية، في تحقيق الأمن والسلام للبشرية، والتي ليس أمامها من نجاة ولا مخلصٍ إلاّ بالحضارة والثقافة الإسلامية. فهو يقدّم لها:
أولاً: الإسلام دين عالميٌّ ما زالت نصوصه ثابتة، تستوعب كلّ جوانب الحياة الإنسانية.
ثانياً: الإسلام دين ينفتح على العالَم وغير مغلَق على نفسه، وإنه يتعامل مع الآخَرين من خلال القواسم المشتركة لبني البشر جميعاً.
ثالثاً: يقدِّم الإسلام المعتقدات الصحيحة، والأخلاق الفاضلة، والسلوك المهذَّب الراقي الذي افتقدته الإنسانية رغم تقدّمها المادي.
رابعاً: يقدِّم الإسلام للعالم الاستقرار النفسي، والأمن الاجتماعي، ويزيل أسباب التوتر النفسي، والقلق والاكتئاب، قال تعالى:{فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ} .
خامساً: يعطي الإسلام التصوّر الحقيقي للكون، ويضع للإنسان ضوابط استعماله الاستعمال الأفيد والأنفع له، ويحول دون العبث بسُنن الله في الخلْق والتكوين والفطرة.
سادساً: يضع الإسلام كلّ ما أودعه الله في الأرض مِن ثروات كبيرة وموارد ضخمة، تحت يد البشرية جمعاء، لا تنفرد بها أمّة، ولا يُحبسُ خيرها عن إنسان، قال تعالى:{هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأَرْضَ ذَلُولاً فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ} .
هذا هو العطاء الذي يُمكن أن تُقدّمه الحضارة والثقافة والدّعوة إلى الله للإنسانية، دون تفريق بينها.
وهذا هو المفهوم الحقيقي لمضمون الثقافة، وجوهرها الّذي يجب أن يتشكل منها عقل الدّاعي إلى الله، وفكرهُ، كما سنوضّحه في المحاضرة القادمة -إن شاء الله-.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.