الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فيجب على الدّعاة أن يكونوا على معرفة بما يتعلّق بكتاب الله، ولو على سبيل الإجمال؛ إذ هو يُثري ثقافتَهم، ويوسِّع مداركهم، ويُحدِّد معالمَ شخصيّتهم العلْمية والفكريّة.
أمّا عن بقية مصادر الثقافة الإسلامية التي يجب أن يتزود بها الدّعاة، فهذا موضوع المحاضرة التالية -إن شاء الله-. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
2 -
مصادر الثقافة الإسلامية (1)
تعريف السُّنّة في اللّغة والاصطلاح
الحمد لله الذي خلّق فسوّى، والذي قدّر فهدى. والصلاة والسلام على أشرف الخلْق وخاتم الرسل وقدوة الدّعاة، وعلى آله وأصحابه، ومَن بدَعوتهم اهتدى إلى يوم الدين. أما بعد:
"السُّنّة" في اللغة: السِّيرة والطريقة، حسنة كانت أو قبيحة.
وفي الحديث: ((مَن سَنَّ في الإسلام سُنَّةً حسَنة، فلَه أجْرها وأجْر مَن عمِل بها، مِن غير أن ينقص من أجورهم شيءٌ. ومَن سَنّ في الإسلام سُنّة سيِّئة، كان عليه وِزْرُها ووِزْر مَن عمِل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء))، رواه مسلم.
وكلّ من ابتدأ أمراً عمِل به قوم بَعْده، قيل: هو سُنّة. وتُطلق على: الطريق والسَّيْر.
وقد يكون لفظ "سُنّة" من سننتُ الإبلَ، إذا أحسنتُ رعْيَها والقيام عليها.
"السُّنّة" في الاصطلاح:
يختلف معنى "السّنّة" باختلاف العلوم التي لها بها صِلة:
أ- فعلماء الحديث إنّما بحثوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمام الهادي، الذي أخبر الله عنه أنه أسوة لنا وقدوة، فنقلوا كلّ ما يتّصل به صلى الله عليه وسلم مِن سيرة، وخُلُق، وشمائل، وأخبار، وأقوال، وأفعال، سواء أثْبت ذلك حُكماً شرعياً أم لا.
ب- علماء الأصول إنّما بحثوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المُشرِّع الذي يضَع القواعد للمجتهدين مِن بَعْده، ويُبيِّن للناس دستور الحياة، ولذلك عنوا بأقواله، وأفعاله، وتقريراته، التي تُثبت الأحكام وتُقرِّرها.
ج- علماء الفقه إنما بحثوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي تدلّ أفعاله على حُكم شرعيّ، وهم يبحثون عن حُكم الشّرع في أفعال العباد، وُجوباً، أو حرمة، أو إباحة.
ممّا سبق، تعدّدت تعريفات "السُّنّة النبوية" اصطلاحاً على النحو التالي:
1 -
"السُّنّة" في اصطلاح المُحدِّثين هي: كلّ ما أُثِر عن النبي صلى الله عليه وسلم مِن قول، أو فعْل، أو تقرير، أو صِفة خَلْقية أو خُلُقية، أو سيرة، سواء أكان ذلك قبل البعثة، كتحنّثه في غار حراء، أم بعدها.
والسُّنّة بهذا المعنى مرادفة للحديث النبوي.
2 -
"السُّنّة" في اصطلاح علماء أصول الفقه هي: "كلّ ما صَدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من غير القرآن، من قول، أو فعْل، أو تقرير، ممّا يَصلح أن يكون دليلاً لحُكم شرعي.
3 -
"السُّنّة" في اصطلاح الفقهاء هي: كلّ ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن من باب الفرْض ولا الواجب؛ فهي الطريقة المُتّبعة في الدِّين من غير افتراض ولا وجوب، فيقال:"فلان على السُّنّة" إذا عمل على وفق ما جاء مِن عمَل عن النبي صلى الله عليه وسلم، و"فلان على البدعة" إذا فعَل خلاف ذلك.
4 -
وقد تُطلق "السُّنّة" عند الدّعاة في مقابلة "البدعة".
و"البدعة" لغة: الأمر المُستحدَث، ثم أطلقت في الشّرع على كلّ ما أحدثه الناس من قول أو عمل في الدِّين وشعائره، ممّا لم يُؤثَر عنه صلى الله عليه وسلم وعن أصحابه. وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((مَن أحدث في أمْرنا هذا ما ليس منه، فهو رَدّ))، صحيح مسلم.
وتُطلق "السُّنّة" أحياناً على: ما عمِل به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء أكان ذلك في الكتاب الكريم، أم في المأثور عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ويُحتجّ لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: ((عليكُم بسُنّتي وسنّة الخلفاء الرّاشدين المهديِّين! عَضّوا عليها بالنواجذ! وإيّاكم ومُحدَثات الأمور! فإنّ كلّ مُحدَثة بِدْعة، وكلّ بدْعة ضلالة)).
ومن المصطلحات التي لها صِلة بالسُّنّة ما يلي:
"الحديث": لغة: الجديد من الأشياء. والحديث: الخبر يأتي على القليل والكثير، والجمع: أحاديث، قال تعالى:{إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً} ، عني بالحديث: القرآن الكريم، وقوله تعالى:{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} ، أي: بلِّغْ.
و"الخبر" و"الأثر" مُرادفان لِـ"الحديث".
الفرْق بين "السّنّة" و"الحديث القدسي":
الحديث القدسيّ: كلّ حديث يضيف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً إلى الله عز وجل يُسمّى بالحديث القدسي أو الإلهي، وهي أكثر من مائة حديث. ونسبة الحديث إلى القُدس -وهو: الطهارة والتنزيه- وإلى الإله أو الرب، لأنه صادر عن الله تبارك وتعالى، من حيث إنه المتكلِّم به أولاً والمنشئ له. وأما كونه حديثاً، فلأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الحاكي له عن ربه عز وجل؛ فاللفظ والمعنى من الله سبحانه وتعالى. أمّا الأحاديث النبوية، فالرسول صلى الله عليه وسلم هو قائلها والحاكي بها عن نفسه.