الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
4 -
تنكَّروا لموسى عليه السلام وجحدوا نجاتهم على يديه، وزعموا أنهم أوذوا من قبله ومن بعده.
5 -
خِذلانهم له عليه السلام وقعودُهم عن نصرته في دخول الأرض المقدَّسة، وقد وصفهم الله بقسوة القلوب، وظمئهم إلى القتل وسفك الدِّماء، قال تعالى:
{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} [البقرة:74] ولقد امتدت تلك القسوة لتنال أنبياءهم، فقتلوا كثيراً من الرُّسل، منهم زكريَّا ويحيى، وحاولوا قتل عيسى عليه السلام كما حاولوا أكثر من مرة قتلَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى عنهم:
هذا هو حالُ اليهود مع موسى عليه السلام، ومع العديد من أنبيائهم.
اليهود والتَّوراة
إنَّ التَّوراة الَّتي أنزلها الله على موسى عليه السلام قد ضاعت أصولُها، وفُقدت نصوصُها، لعوامل كثيرةٍ، منها:
1 -
أنَّ الله تعالى لم يتكفَّل بحفظها، كما تكفَّل بحفظ القرآن الكريم، فتُركت لعوادي الزمن ولتقلبات الأيام، فطواها النسيان، وأزيلت معالمها.
2 -
أنَّ اليهود بعد طول العهد بموسى عليه السلام وانقطاعِ صلتهم بالتَّوراة وتوافقاً مع طبائعهم المنحرفة؛ قاموا بوضع كتاب لهم نسبوه إلى موسى عليه السلام وأخذوا يزيدون فيه وينقصون حسب ما تمليه عليهم عقولُهم الضَّالَّة، قال تعالى:
{مِنَ الَّذينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء:46].
3 -
كان للأحداث التَّاريخيَّة الَّتي عصفت باليهود ومزَّقتهم شرَّ ممزق، حيث سُلِّط عليهم خلال التَّاريخ مَن أذاقهم الذُّلَّ والهوان، مصداقاً لقوله تعالى:
ولقد كان لتلك الأحداث المتعاقبة، أثرٌ بالغٌ في ضياع التَّوراة، وفقدان أصولها ونصوصها المنزلة من عند الله، ولا سِيَّما في أعقاب الأسر البابليِّ لهم عام (586 ق. م)، في عهد ملك بابل بختنصر.
وظهر خلال فترة الأسر، في بابل، كاهنٌ وكاتبٌ يهوديٌّ يُسمى عزرا الَّذي عاصر عفوَ الملك الفارسي (قورش) عن اليهود، وقد أذن لهم بالعودة إلى فلسطين، فلما رأى عزرا أنَّ القوم أُحرِق هيكلُهم، وزالت دولتهم، وتفرَّق جمعُهم، ورفع كتابهم؛ جمع من محفوظاته، ومن الفصول الَّتي يحفظها الكهنةُ ما لفَّق منه هذه التَّوراة التَّي بأيديهم الآن، فهذه التَّوراة الَّتي بأيديهم على الحقيقة كتابُ عزرا، وليس كتاب الله.
هذا التَّوضيح عن ضياع التَّوراة، ذكره السموأل بن يحيى، الَّذي كان من أحبار اليهود في القرن السادس الهجري، ثم أسلم وحَسُنَ إسلامه.
وأكدت الدراسات الحديثة هذا، خاصةً ما ذكره موريس بوكاي، في كتابه:"دراسة الكتب المقدسة، في ضوء المعارف الحديثة"، وهكذا امتدَّت الأيدي لتصنع ما يروقُ لها، وابتدأت فئةٌ من الكتبة الَّذين كانوا يُعرَفون بالفريسيين، وهم الَّذين حملوا بعد ذلك اسم الحاخامات، أي معلمو الشَّريعة، ولقد تتابع هؤلاء الكتبة على الإضافة إلى التَّوراة، وإلحاق أسفار جديدة، حتى تكوَّن
لديهم ما يُسمى بالعهد القديم، وصار يبلغُ خمسة أضعافِ الأسفارِ الخمسة، المنسوبة إلى موسى عليه السلام:
التَّلمود:
وإلى جانب العهد القديم، طوَّر حاخاماتُ اليهود عبر القرون، تراثاً دينياً ضخماً، يعدُّونه الأصل الثاني في ديانتهم، وهو "التَّلمود" ويعني بالعبريَّة التَّعليم، ويتكون التَّلمود -حسب ما جاء في دائرة المعارف اليهوديَّة من جزئين أساسِيَّين:
أحدهما: "المشناة" وهي مجموع المرويَّات الشَّفهيَّة المنسوبة إلى موسى عليه السلام، والَّتي يزعم الحاخاماتُ أنَّهم تناقلوها جيلاً بعد جيل، وقد شرع في تدوينها الحاخام "يوضاض" عام (150م)، ثم ضمَّها مع زياداتٍ أخرى أُلحقت بها الحاخام "يهوذا هاناس" عام (200م) تقريباً.
الثاني: "جمارا" وهي شرحٌ لما استغلق فهمُه من المشناة، مع زيادات وتعليقات ابتدأها ابنا الحاخام "هاناس"، وتابعهم آخرون، وقد تنوَّعت "جمارا" إلى نوعين:
-"جمارا أورشليم" أو فلسطين، صُنِّفَت في حدود (400م)، وقيل:(320م).
-و "جمارا" بابل، صُنِّفت في حدود عام (500م) نسبةً إلى مواطن الشُّرَّاح.
ومن ثم تنوَّع التَّلمود، إلى: تلمود أورشليم، وتلمود بابل.
هذه نظرة شاملة، على مصادر الدِّيانة اليهوديَّة، وكتبها المقدَّسة لديهم، والَّتي تكشف بوضوح، عن انقطاع الصِّلة بين التَّوراة الَّتي أنزلها الله على موسى، وبين ما تحت أيدي اليهود من التَّوراة:"العهد القديم" والتَّلمود، وأنَّ ما بين