الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ممَّا سبق يتَّضحُ: أنَّ الإيمان بالكتب المنزلة من الله على الأنبياء والمرسلين، جزءٌ من الإيمان بالغيب، الَّذي هو جوهر عقيدة المسلم، وأساسُ الدَّعوة إلى الله، قال تعالى:
أمَّا عن بقيَّة أركان الإيمان، ومعالم التَّصديق بالغيب؛ فهذا موضوعُ المحاضرة القادمة -إن شاء الله-.
2 -
من دعائم وأسس الدَّعوة إلى الله الإيمانُ باليوم الآخر
حكم الإيمان باليوم الآخر وأهمِّيَّته
الحمد لله، له الحمدُ في الأولى والآخرة، وله الحكم وإليه تُرجعون، والصَّلاة والسَّلام على صاحب اللِّواء المحمود، والحوض المورود، والشفاعة العظمى، يوم لا ينفع مالٌ ولا بنون، إلا من أتى الله بقلبٍ سليم، وعلى آله وأصحابه، ومن سار على منهجهم إلى يوم الدين،
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،:
تمهيد:
فما زال الحديث -بإذن الله- يتجدَّد، واللِّقاء يتواصل، حول دعائم وأسس الدَّعوة إلى الله.
نتناول موضوعَ الإيمانِ باليوم الآخر، وما يتضمَّنُه من أمورٍ، يجب التَّصديقُ بها، والتَّسليم المطلقُ بما جاء بشأنها في القرآن الكريم والسُّنَّة النَّبويَّة الشَّريفة.
الإيمانُ باليوم الآخر، وما يشتمل عليه من أحوال، تبدأ معالمُها وحقائقُها ومشاهدُها بعد الموت مباشرةً، من فتنة القبر وعذابه ونعيمه، بما يسمى حياة البرزخ، ثم ما يتبعُ ذلك من أحداثِ وأهوالِ يوم القيامة، من البعث والحشر والصُّحف والحساب والميزان والحوض والصراط والشفاعة، والجنَّة وما أُعِدَّ فيها للمؤمنين، ممَّا لا عينٌ رأت، ولا أذن سمعت، ولا خَطَر على قلب بَشر، من أنواع النَّعيم، والنَّار الَّتي تُسعَّر بكلِّ ألوان العذاب للكافرين، فالتَّصديق والاعتقاد بهذا اليوم، ركنٌ من أركان الدَّعوة إلى الله، ومن الأسس والدَّعائم الَّتي قامت عليها رسالاتُ الأنبياء والمرسلين.
فالإيمانُ بالله واليوم الآخر، هو صلب عقيدة المسلم، ومعلم بارز من معالم شخصيَّته، وبه يكون الفرقُ بين المؤمنين والكافرين، ولأهميته الكبرى ومكانته العظمى؛ فقد جاء في القرآن الكريم مقترناً بالإيمان بالله، قال تعالى:
{لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ
وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [البقرة:177].
فهذه الآية، رسمت في إعجازٍ بلاغيٍّ، معالمَ وملامح شخصيَّة المسلم، في العقائد والعبادات والسلوك.
وكما قال ابنُ كثير:
"واشتملت على جملٍ عظيمة، وقواعد عميمة، وعقيدة مستقيمة".
وقد ذكر القرآنُ الكريم أنَّ إنكار اليوم الآخر كفرٌ وضلالٌ مبين، قال تعالى:
{وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالا بَعِيداً} [النِّساء:136].
فالكافر لا يتجاوز حدود الدُّنيا، ولا يؤمن بالبعث، ولا يعتقد في اليوم الآخر، وقد كشف القرآنُ عن هذه المعتقدات الفاسدة، قال تعالى:
والإيمانُ باليوم الآخر يستوجبُ الاعتقادَ والتَّصديقَ بالأمور التَّالية:
1 -
الإيمانُ بالبعث بعد الموت، قال تعالى:
وقال تعالى:
{فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [الشَّورى:9].
وقد ساق القرآنُ العشرات من الآيات، الَّتي تُبرهن على قدرة الله على البعث، وأنَّه أهونُ من خلق السَّماوات والأرض، قال تعالى:
فقضيَّةُ البعث، حفلتْ في القرآنِ الكريم، بعنايةٍ خاصَّة واهتمامٍ كبير.