الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
2 -
النُّهَى، وهو جمع نُهْيَةٍ، قال تعالى:{إِنَّ فِي ذَلِكَ لآياتٍ لأُولِي النُّهَى} [طه:128].
3 -
اللُّبُّ: من أسماء العقل يجمع على ألبابٍ، وألُبٍّ، وأَلبُبٍ، ورجل لبٌّ، ولبيب وملبوب، فاللبيب العاقل، والجمع ألبَّاء. فاللبيب هو الموصوف بالعقل.
فاللب هو الدائرة الواقعة في عمق مركز التَّفكير، وهو مركز استقرار المعرفة العلميَّة، ومركز التذكر والاعتبار والاتِّعاظ والذكرى، وعنه تصدر النتائج الفكرية، إلى الفؤادِ والقلبِ والصدرِ لتحريك العواطف، قال تعالى:
2 -
تعريف العقل في الاصطلاح:
ذُكرت تعاريف كثيرة للعقل، غير أنَّ أقربَها إلى الوضوح، ما ذكره صاحب "القاموس" بقوله: "العقلُ العلمُ بصفات الأشياء، من حسنها وقبحها وكمالها ونقصانها، أو العلمُ بخير الخيرين وشرّ الشرين، أو مطلقٌ لأمور أو لقوَّةٍ بها يكون التَّمييزُ بين القبح والحسن، أو لِمَعانٍ مجتمعة في الذِّهن، يكون بمقدمات يُستتبُّ بها الأغراض والمصالح، ولهيئةٍ محمودة للإنسان في حركاته وكلامه.
والحقُّ أنَّ العقلَ نورٌ روحانيٌّ، به تدرك النَّفسُ العلومَ الضَّروريَّة والنَّظريَّة، وابتداءُ وجوده عند اجتنان الإنسان -أي عند صيرورته جنيناً- ثم لا يزال ينمو إلى أن يكمل عند البلوغ".
ثانياً: مستقر العقل
يذكرُ علماءُ الطِّبِّ والتَّشريح، أنَّ العقل هو المخُّ الذي يستقرُّ في الدماغ، الَّذي يحتوي على عددٍ يتراوح ما بين "10" بلايين و "100" بليون عصبون، وكل هذه العصبونات، تكون موجودة خلال الأشهر القليلة الأولى للولادة.
وأنَّ الدماغ مركز التَّحكُّم الرئيسيّ في الجسم، حيث يستقبل المعلوماتِ الواردةَ من أعضاء الحسِّ، عمَّا يجري داخل الجسم وخارجه، ويُحلِّلها بسرعة، ويُرسل الرَّسائل الملائمة، الَّتي تنظم حركة الجسم ووظائفه.
ويقوم الدِّماغ -أيضاً- يتخزين المعلومات الخاصَّة بالخبرات السَّابقة، مما يُساعد الشَّخص على التَّعلُّم والتَّذكر، كما أنَّه يُعَدُّ مصدراً للأفكار والأمزجة والانفعالات، هذا هو تعريف أو تقرير الأطبَّاء عن مستقرِّ العقل، وأنه في الدِّماغ.
غير أنَّ القرآن الكريم -وهو كلامُ الله المعجز، الذي لا يأتيه الباطلُ من بين يديه ولا من خلفه- يذكر أنَّ القوة العاقلة في الإنسان، تستقرُّ في القلب، ومستقرُّه الصَّدر، قال تعالى:
{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا} [الأعراف:179].
فقد أسندت الآيةُ الفقه والفهم والتَّدبر للقلوب.
قال تعالى:
فقد أشارت الآية إلى أنَّ القلوب هي الَّتي تعقل، وأنَّ مكانها في الصَّدر.
وقال تعالى:
{أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد:24].
ففي هذه الآية، توضيحٌ: أنَّ عدم التَّدبر والتَّفكر، يكون بسبب ما يرينُ على القلوب، ويجعلُها مغلقةً كأنَّ عليها أقفالاً تحول دون تفهُّم القرآن الكريم وتدبُّر آياته، قال تعالى:
{كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين:14].
وذكر الحق تبارك وتعالى أنَّ الختم بالكفر يكون على القلب، قال تعالى:
كذلك من أعمال القلب الخطأ والصواب، قال تعالى:
{وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ} [الأحزاب:5].
كما أشار الرَّسول صلى الله عليه وسلم إلى أنَّ القلب عليه مدار سعادة الإنسان أو شقاؤه، فقال:((أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ)) رواه البخاري.
ممَّا سبق من هذه الآيات، يتبيَّن أنَّ العقل غريزة فطريَّة، يولد الإنسان مزوَّداً بها تنمو شيئاً فشيئاً، ومحل هذه الغريزة الفطرية إنَّما هو القلب.
فمن مفهوم الآيات السابقة، يتَّضح أنَّ العقل مكانُه القلب، بينما الطِّبُّ يذكر أنَّ العقل مركزُه الدِّماغ.
وحينما يستخدم القرآنُ الكريمُ القلبَ في أداء وظيفة العقل، وهي التَّفقُّه أو التَّدبُّر، أو يذكر العقل فيما يمتاز به القلب، فهو استخدامٌ مجازيٌّ لغرضٍ بلاغيٍّ، يعكس وجهاً من وجوه الإعجاز القرآنيِّ، ويوضح مدى الارتباط الوثيق بين ما يحتويه الدِّماغ من المخ، وبين ما يضمُّه الصدر من القلب، حيث إنَّ القلب يضخُّ الدَّمَ الذي يُغذِّي المخَّ عن طريق الأوردة والشَّرايين، وهذا هو الظاهر الملموس لبني البشر، من خلال وسائل الاكتشافات العلمية الحديثة، في مجال التَّشريح والطب، أمَّا عن خصائص كلٍّ منهما، وما ينفرد به أحدُهما عن الآخر، وهل العقل مركزه المخُّ أو القلب؟ فهذا سرٌّ من أسرار القدرة الإلهية، التي أودعها الخالق سبحانه وتعالى في جسم الإنسان، كما هو الأمر في شأن الرُّوح، قال تعالى:
{وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوح قُلِ الرُّوح مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً} [الإسراء:85].
فكما أنَّ الرُّوح َ سرٌّ إلهيٌّ في الجسد، لم يستطِع العلم الحديث، رغم إمكاناته الهائلة، أن يرصد حركتها، ولن يستطيع ذلك، فكذلك ما يتعلَّق بمكان تواجد العقل، فهذا من آيات الخلق المُبهرة، ودلائل التَّكوين المعجزة، قال تعالى:
{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ} [الذاريات:21].