المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌السنة النبوية ومكانتها في التشريع - أصول الدعوة وطرقها ٢ - جامعة المدينة

[جامعة المدينة العالمية]

فهرس الكتاب

- ‌الدرس: 1 من أخلاق الدعاة إلى الله

- ‌التعريف ببعض الكلمات التي لها صِلة بالدّعوة إلى الله على بصيرة

- ‌بيان السُّبل والوسائل التي تُعين الدّعاة على الدّعوة إلى الله على علْم وبصيرة

- ‌تعريف "الصّبر" في اللغة والاصطلاح

- ‌مجالات الصّبر وميادينه

- ‌الصّبر الذي تحلّى به أولو العزْم من الرّسُل في ميدان الدّعوة إلى الله

- ‌الدرس: 2 تابع من أخلاق الدعاة إلى الله، والثقافة الإسلامية وأثرها على العالم

- ‌تعريف الصِّدْق

- ‌الأدلّة من القرآن والسُّنّة على خُلق الصِّدق وفضْله

- ‌مراتب الصِّدق

- ‌تحديد مفهوم الثقافة والتعريف بها

- ‌خصائص الثّقافة

- ‌أثر الحضارة والثّقافة الإسلاميّة على العالَم

- ‌ما يمكن أن تقدّمه الحضارة والثقافة الإسلامية للعالَم في هذا العصر

- ‌الدرس: 3 ثقافة الداعية

- ‌ضرورة الثّقافة وأهمِّيّتها للدّعاة إلى الله

- ‌مصادر الثّقافة الإسلاميّة

- ‌تعريف السُّنّة في اللّغة والاصطلاح

- ‌السُّنّة النّبويّة ومكانتها في التشريع

- ‌الدرس: 4 العلوم التي يحتاج إليها الداعية (1)

- ‌ما يجب على الدّعاة معرفتُه ممّا يتعلّق بسُنّته صلى الله عليه وسلم

- ‌تعريف الشريعة وخصائصها

- ‌حاجة الدّعاة إلى الله إلى الفقه في أحكام الشريعة

- ‌التعريف الموجَز بأئمّة الفقه

- ‌الدرس: 5 العلوم التي يحتاج إليها الداعية (2)

- ‌التعريف باللّغة العربية

- ‌المصدر الخامس من مصادر الثقافة الإسلامية: علْم التّاريخ

- ‌العلوم الاجتماعيّة

- ‌الدرس: 6 قواعد الإفتاء، وشروط إصدار الفتوى

- ‌تعريف الإفتاء في اللغة والاصطلاح

- ‌شروط إصدار الفَتوى وآداب المُفتي والمُسْتفتي

- ‌الدرس: 7 أحوال العرب والعالم قبل الإسلام

- ‌التَّعريف بالعرب

- ‌معتقدات العالم وأديانه قبل بعثة الرَّسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الدرس: 8 منهج الرسول صلى الله عليه وسلم وأسلوبه في الدعوة إلى الله

- ‌التَّعريف بالمنهج وبيانُ الفرق بينه وبين الأسلوب

- ‌الأسس المنهجية التي تقوم عليها الدَّعوة إلى الله

- ‌الدرس: 9 المنهج العقلي للدعوة إلى الله

- ‌أولاً: تعريف العقل في اللغة والاصطلاح

- ‌ثانياً: مستقر العقل

- ‌ثالثاً: تعريف المنهج العقلي للدَّعوة إلى الله وارتباطه بالحواس

- ‌رابعاً: مكانة العقل في الإسلام

- ‌خامساً: الدَّعوة إلى الله تقوم على الإقناع العقليِّ

- ‌سادساً: آثار المنهج العقليِّ على المدعُوِّين

- ‌الدرس: 10 المنهج العاطفي في الدعوة إلى الله

- ‌التَّعريف بالمنهجِ العاطفِيِّ

- ‌الأسس التي يقوم عليها المنهجُ العاطفيٌّ للدَّعوة إلى الله

- ‌من دعائم وأسس دعوة الرسل

- ‌الدرس: 11 الأسس والدعائم التي تقوم عليها الدعوة إلى الله (1)

- ‌الإيمان بالغيب

- ‌صلة الملائكة بالبشر

- ‌تصحيح عقيدة البشر عن الملائكة

- ‌وجوب الإيمان بجميع الأنبياء والرسل

- ‌الإسلام هو الكلمة الجامعة التي انضوت تحتها الرِّسالات السَّماوية جميعها

- ‌الدرس: 12 الأسس والدعائم التي تقوم عليها الدعوة إلى الله (2)

- ‌وجوب الاعتقاد بأنَّهم أكمل الخلق علماً وعملاً، وأصدقهم عقيدة وقولاً، وأعظم الناس أخلاقاً وفضلاً

- ‌النُّبوَّة والرِّسالة قاصرةٌ على الرِّجال فقط

- ‌الإيمان بأنَّ الله سبحانه وتعالى لم يخصَّ الأنبياء والمرسلين بطبائع غيرِ الطَّبائع البشريَّة

- ‌وجوب الإيمان بجميع الأنبياء والمرسلين، الوارد ذكرهم في القرآن الكريم، وعدم التَّفرقة بينهم

- ‌وجوب الاعتقاد والإيمان أنهم جميعا -عليهم الصلاة والسلام- قد بلغوا رسالات الله على الوجه الأكمل

- ‌الاقتصار على ما جاء في القرآن الكريم أو السنة الشريفة بشأن الأنبياء والمرسلين

- ‌الآثار المترتبة على وجوب الإيمان بالأنبياء والمرسلين

- ‌الدرس: 13 الأسس والدعائم التي تقوم عليها الدعوة إلى الله (3)

- ‌تمهيد حول الإيمان بالكتب المنزلة

- ‌يجب الإيمان والتَّصديق بالكتب الَّتي أنزلها الله على أنبيائه ورسله

- ‌حقيقة ما بين يدي أهل الكتاب -اليهود والنصارى- من التوراة والإنجيل الآن وما ينبغي أن يكون عليه موقف المسلمين من كل منهما

- ‌مراحل الكتابين (التوراة والإنجيل) أولا اليهود

- ‌اليهود والتَّوراة

- ‌الدرس: 14 الأسس والدعائم التي تقوم عليها الدعوة إلى الله (4)

- ‌ما جاء في عقائد اليهود في حقِّ الله -تعالى

- ‌افتراؤهم على أنبياء الله ورسله

- ‌ما يتعلق بحقيقة الأناجيل التي بين يدي النصارى

- ‌موقف النَّاس من عيسى عليه السلام

- ‌حقيقة الأناجيل التي بين يدي النصارى

- ‌حكم الإيمان باليوم الآخر وأهمِّيَّته

- ‌فتنة القبر وسؤال الملكين

- ‌عذابُ القبر ونعيمه

- ‌أشراط الساعة وأماراتها

الفصل: ‌السنة النبوية ومكانتها في التشريع

الفرْق بين القرآن الكريم والحديث القدسي:

أولاً: ينفرد القرآن الكريم بالخصائص التالية:

1 -

القرآن مُعجزة الله الخالدة إلى يوم القيامة، محفوظ من التغيير والتبديل، متواتر اللفظ في جميع الكلمات والحروف.

2 -

حُرمة روايته بالمعنى، أما الحديث القدسي فتجوز روايته بالمعنى.

3 -

حُرمة مسّه وتلاوته للجُنُب.

4 -

تتعيّن قراءته في الصلاة، أمّا الحديث القدسي فلا تصحّ الصلاة به.

5 -

تسميته "قرآناً"، ولا يُطلق على الحديث القدسي أنه قرآن.

6 -

التّعبّد بقراءته، ولا يُتعبّد بقراءة الحديث القدسي.

7 -

تسمية الجملة من القرآن الكريم: "آية"، ومقدار من الآيات مخصوص:"سُورة".

8 -

القرآن الكريم ما كان لفظه ومعناه من عند الله بوحي جليّ ظاهر، بواسطة جبريل عليه السلام، أما الحديث فقد يكون بوحي جليّ أو غير جليّ.

‌السُّنّة النّبويّة ومكانتها في التشريع

السّنة النبويّة بما تشتمل عليه من أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم، وأفعاله، وتقريراته، وصفاته الخِلْقية، وشمائله الأخلاقية، وسيرته الشريفة، هي الأصل الثاني بعد كتاب الله تعالى في إثبات الأحكام الشرعية، وبيان الحلال من الحرام.

ص: 87

كما أن السّنّة النبوية هي المرجع العلْمي والثقافي الذي يصوغ عقل الأمّة صياغة فريدة متميّزة، وتزن أعمالها في شتّى المجالات بميزان دقيق. وإنّ حاجة المسلمين إلى سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرورية في كلّ زمان ومكان، كحاجتهم إلى القرآن الكريم؛ فالسُّنّة هي الترجمة العمليّة للقرآن، ماثلة تمام التماثل في شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم قولاً وعملاً. والدّعاة إلى الله هم أحوج الناس إلى السّنّة، وأكثرهم برسول الله صلى الله عليه وسلم اقتداء. وهم في قيامهم بواجب الدّعوة إلى الله يتتبّعون خُطاه صلى الله عليه وسلم، ويقتفون أثَره في منهج الدّعوة إلى الله ووسائلها وأساليبها. ولا يَتصوّر عقل أو منطق: أن ينخرط إنسان في سلْك الدّعاة وهو لم يتزوّد بقبسات الهدْي النبوي، ولم يكوِّن عقله وفكره بأقواله صلى الله عليه وسلم وبأفعاله. قال تعالى:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً} .

وترجع أهمِّية السّنّة للأمّة الإسلامية عموماً، وللدّعاة إلى الله خصوصاً، للأسباب التالية:

أولا: جاءت السّنّة موافقة للقرآن الكريم؛ فهي: تُفسِّر مُبهمَه، وتُفصِّل مُجملَه، وتُقيِّد مُطلَقَه، وتُخصِّص عامَّه، وتشرح أحكامه وأهدافه. كما جاءت بأحكام لم يَنصّ عليها القرآن الكريم؛ والأمثلة على ذلك كثيرة، منها -على سبيل المثال لا الحصر-:

1 -

تفصيل المُجمَل: أجمع العلماء: أنه ما مِن مُجمَل في كتاب الله إلاّ جاء تفصيله في السّنّة، واستدلوا بقول الله تعالى:{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} ؛ فقد ترك البيان لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك: قوله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} ، وقوله تعالى:{وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} .

ص: 88

فلم يُبيّن القرآن الكريم كيف ومتى نصلِّي؟ وما هي عدد الركعات، وأنواع الصلوات؟ ولو يوضِّح أنصبة الزكاة، وأنواعها، وكيفيّة إخراجها، وكذلك الصوم، وسائر العبادات؛ فجاءت أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله تفصِّل وتوضّح ما أجمله القرآن الكريم.

2 -

تخصيص السّنّة لعموم القرآن، سواء في مجال العبادات أو المعاملات، ومن ذلك في الصلاة: قال تعالى في الوضوء لها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} ؛ فأوجب النص غسْل تلك الأعضاء عند كلّ صلاة، فجاءت السّنّة وأجازت صلاة أكثر من فريضة بوضوء واحد ما لم يُحدِث الإنسان.

وفي الأمر بقصْر الصلاة: قال تعالى: {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ} ؛ فالآية عامة في قصْر جميع الصلوات، فجاءت السّنّة النبوية فاستثْنَت صلاة الصبح والمغرب من القصْر، وعدم جمع صلاة الصبح.

وفي الزكاة جاء النص مُطلقاً في زكاة النقديْن والزروع، فجات السُّنّة فخصّصت وحدّدت النِّصاب.

وفي الصوم جاء النص عاماً في قوله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} ، ولم تُبيِّن الآية كيف كان مكتوباً عليهم، فجاءت السّنّة فبيّنت بداية الصوم ومنتهاه.

وفي المطعومات جاء النص في قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ

} فشملت الآية تحريمَ كلِّ ميتة أو دم، فجاءت السُّنّة فخصّصت من الميتة: السمك والجراد. وخصّصت من عموم الدّم: الكبد والطحال.

ص: 89

3 -

استقلال السّنّة بالتشريع: حيث جاءت أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم وأفعاله بالكثير من التشريعات التي استقلّت بها؛ وقد جاء ذلك في جميع مجالات الشريعة، من عبادات، ومعاملات، وأخلاق. ومن ذلك:

ففي الصلاة، جاءت السّنّة بنوافل راتبة مع الصلوات الخمْس، كما جاءت بنوافل غير رواتب، كتحيّة المسجد، وصلاة العيديْن، والاستسقاء، والكسوف، وصلاة الجنازة، وقيام رمضان. وفيه جاء التنصيص باستقلالية السّنّة في تشريعه، قال صلى الله عليه وسلم:((إن الله فَرَض عليكم صيام رمضان، وسنَنْتُ لكم قيامَه)).

وفي الزكاة، جاءت السّنّة بصدقة الفِطر وصدقة التّطوّع. وفي الصيام، شرع بالسّنة صوم يوم الاثنيْن، والخميس، وثلاثة أيام في كلّ شهر. كما نهى الرسول صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم العيديْن، وأيام التشريق، ويوم الشّكّ.

وفي الأنكحة نصّ القرآن الكريم على المُحرّمات بقوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ

} الآية، ثم جاءت السّنّة ونصّت على تحريم الرضاع ما يَحرُم من النسب، ونهى عن الجمْع بين المرأة وعمّتها وخالتها. وفي الحدود جاء النص على حدّ الزاني للبِكر جَلْد مائة، فجاءت السُّنّة وجعلت مع الجلْد تغريب عام.

ثانيا: أجمعت الأمّة: أنّ خصائص السُّنة في التشريع كخصائص القرآن الكريم، من حيث الثبوت؛ ففيها المتواتر الذي لا يُمكن ردّه، وهو ما يُسمَّى:"قطعيّ الثبوت"، أي: كثبوت القرآن الكريم، وكذلك من حيث الإيجاز. وتفرّد حديثه صلى الله عليه وسلم بجوامع الكلِم، وأيضاً من حيث الدلالة من عموم وخصوص، ومُطلَق ومُقيّد، وناسخ ومنسوخ.

ص: 90

وقد تقبّلت الأمّة عبر تاريخها سُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم كما تقبّلوا القرآن الكريم، ولم يُنكر ذلك إلاّ جاهل أو جاحد أو علمانيّ ملحد. وقد ظهرت في كل عصر جماعة منحرِفة في الفكر تُنكر السّنّة، وتعترض على الأخذ منها، وتشكِّك في صحة الأحاديث النبوية؛ وهم بذلك يريدون هدْم المصدر الثاني للتشريع، ويُغلقون أهمّ باب من أبواب الثقافة الإسلامية. وقد تعالى نقيق هذه الضفادع البشرية، ووصل فحيحهم المسموم إلى العقول عبْر بعض وسائل الإعلام والقنوات الفضائية، حيث تجرّؤوا بوقاحة وتبجّح في إنكار السُّنّة. وعلى العلماء والدّعاة: أن يقفوا لهذه الفئة الضالة بالمرصاد، يُفنِّدون آراءهم، ويكشفون للأمّة زيف أفكارهم، ويوضِّحون للمسلمين عَمالة هؤلاء لأعداء الإسلام.

ثالثاً: الأدلّة من القرآن والسُّنّة على حجِّيّة السّنّة، وأنها المصدر الثاني للشريعة والثقافة الإسلامية.

جاءت النصوص من الكتاب والسُّنّة وأجمعت الأمّة سلَفاً وخلَفاً: على وجوب اعتبار سُنّة الرسول صلى الله عليه وسلم هي المكوِّن الثاني لعقل الأمّة ولِفكرها وثقافتها. وقد جاءت الأدلّة على النحو التالي:

أ- ما جاء في القرآن الكريم، ومن ذلك:

قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} ؛ فقد تضمنت هذه الآية ثلاث مسائل:

الأولى: كوْن الرسول صلى الله عليه وسلم مبلِّغاً عن الله.

الثانية: أنه صلى الله عليه وسلم لا يملك التّأخّر عن هذا التبليغ.

الثالثة: أنّ الله حفِظَه وضمِن سلامته وعصَمه، حتى يبلِّغ الرسالة على الوجه الأكمل.

ص: 91

وقال تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} .

وقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} .

وقال تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} .

وقال تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً} .

وقد أمر القرآن الكريم بِرَدِّ ما ينشب من خلاف بين الأمّة إلى حُكم الله ورسوله، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} .

فقد بيّنت الآية: أنّ الاحتكام إلى الله من خلال آيات القرآن الكريم، وإلى الرسول صلى الله عليه وسلم عبْر سُنّته صلى الله عليه وسلم رُكن من أركان الإيمان. قال تعالى:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} ، وقال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} .

ب- ما جاء في السُّنّة من أدلّة تُؤكِّد على حجِّيّتها، وأنها المصدر الثاني للإسلام؛ ومن هذه الأحاديث: ما روي عن المقدام بن معديكرب، عن رسول صلى الله عليه وسلم أنه قال:((ألَا إنّي أُوتيتُ الكتاب ومثله معه. ألا يوشك رجُل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن! فما وجدْتم فيه مِن حلال فأحِلّوه! وما وجدْتم فيه من حرام فحرِّموه!))، أخرجه أحمد، وأبو داود، والحاكم، بإسناد صحيح.

وجاء في الصحيحيْن من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((مَن أطاعني فقد أطاع الله، ومَن عصاني فقد عصى الله)).

ص: 92

وعن الحسن بن جابر قال: سمعت المقدام بن معديكرب رضي الله عنه يقول: ((حرّم رسولُ الله يوم خيبر أشياءَ، ثم قال: يوشك أحدُكم أن يُكذِّبني وهو متّكئ يُحدِّث بحديثي فيقول: "بيننا وبينكم كتاب الله! فما وجدْنا فيه مِن حلال استحللْناه، وما وجدْنا فيه من حرام حرّمناه! ". ألا إنّ ما حرّم رسولُ الله مثْلُ ما حرّم الله))، أخرجه الحاكم، والترمذي، وابن ماجة.

وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم، حيث أخبر عن خروج جماعة على إجماع الأمّة يُنكرون حجِّيّة السُّنّة.

ص: 93