الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تصحيح عقيدة البشر عن الملائكة
جاء الإسلامُ، وقد سادت لدى بعضِ العربِ وغيرهم، معتقداتٌ فاسدةٌ عن الملائكة، وألصقوا بهم الافتراءات، ما هم منها براء، وقد طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطلبَ من الله أن يُكلِّف الملائكة ببعض الأعمال والمهامِّ، التي ليست من طبيعة خلقهم.
ولقد أورد القرآن الكريم تلك الشُّبهات عنهم، وقام بالرَّدِّ عليها، ومن هذه الشبهات ما يلي:
أولاً: الزَّعم بأنَّ الملائكة إناثٌ، وأنَّ الله اصطفاهم له دون الأولاد، وهذا افتراءٌ عظيم على الله، وانتقاص لوحدانيته، سبحانه وتعالى وقد ساق القرآن العظيم هذه الفرية وفندها، قال تعالى:
وقال تعالى:
فقد أبطل الله مزاعمهم الكاذبة، فيما ادَّعَوه على الملائكة، وبما نسبوه إلى الله، تنزَّهت ذاته وتعالى عما يصفون وعما يقولون علوَّاً كبيراً.
قال الإمام ابن كثير في تفسير تلك الآيات:
"أي اعتقدوا فيهم ذلك -أي الأنوثة- فأنكر الله عليهم قولهم، بقوله:
{أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ}
أي أشاهدوا وقد خلقهم إناثاً،
{سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ}
أي بذلك، ويسألون يوم القيامة".
ويقول رحمه الله فيما ادَّعاه المشركون حول الملائكة:
"فجمعوا بين أنواع كثيرة من الأخطاء:
أحدها: جعلوا لله تعالى ولداً، تعالى وتقدَّس وتنزَّه عن ذلك علواً كبيراً.
الثاني: ادَّعَوا أنَّ الله اصطفى البنات على البنين، فجعلوا الملائكة الَّذين هم عبادُ الرَّحمن إناثاً.
الثالث: عبادتهم لهم مع ذلك كلِّه، بلا دليل ولا برهانٍ ولا إذنٍ من الله عز وجل، بل بمجرد الافتراء والأهواء والتَّقليد للأسلاف والكبراء، والتَّخبط في الجاهليَّة الجهلاء".
الآثار المترتبة على الإيمان بالملائكة:
الإيمان بالملائكة جزءٌ من عقيدة المسلم، وركن من أركان إيمانه، ليس في وسع إنسان أن ينكر وجودهم، أو يشكِّك فيهم أو ينتقص من قدرهم أو أن ينسب إليهم ما يجب أن يتنزَّهوا عنه.
وللإيمان بهم آثار عظيمة، وفوائد جليلة، نوجزها فيما يلي:
أولاً: ما ذكره القرآن الكريم عن حقيقة الملائكة وطبيعة أعمالهم، قد أزال ما يعلق بهم من أوهام وافتراءات:
{بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ} [الأنبياء:26 - 27].
ثانياً: الاستقامة على أمر الله، فحينما يشعر الإنسان أنَّ الملائكة تراقبه وتسجل عليه أعماله؛ فإنَّ هذا أدعى إلى لزوم الطَّاعة.
ثالثاً: تدفع الإنسانَ إلى الأماكن الطَّيِّبة، التَّي تشهدُها الملائكة، وتشهدُ على الإنسان بالمواظبة عليها، كالمساجد وحلقات الذِّكر والعلم وقراءة القرآن، وغيرِ ذلك من أعمال البِرِّ، ممَّا يدفع المجتمعَ المسلم إلى النُّهوض والتَّحرك، نحو الطَّريق المستقيم والإصلاح المفيد، الذي يتعثَّر المسلمون في خطاه، وتتيه عليهم رؤيته الحقَّة.
رابعاً: يشعر الإنسان بالخجل، حينما ترصد الملائكة أعماله السَّيِّئة، وحينما تُفتح صحيفةُ أعماله التَّي دوَّنَتها الملائكة، فيكفَّ عن انحرافه ويُسرعَ بالمبادرة بالرجوع إلى الله والتَّوبة من الذنوب.
خامساً: شعور المسلم بأنَّ مواكب الخير في هذه الحياة، ومواسم الطاعة، الملائكة تشاركه فيها وتغبطه عليها، مما يُقوِّي عزيمته، وتصدق بذلك نيته.
وهكذا يتضح مدى أهميَّة ووجوب الإيمان بالغيب، والذي تُشكِّل الملائكة أحدَ أركانه ودعائمه.
أما عن بقيَّة أركان الإيمان بالغيب، فهذا موضوع المحاضرة القادمة إن شاء الله.