الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مثلًا، فإن الآيات الأخر نصت على العموم، كقوله:{لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا (1)} ، وذِكْرُ بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصصه عند عامة العلماء، ولم يخالف فيه إلا أبو ثور، وقد قدمنا ذلك واضحًا بأدلته في سورة المائدة.
فالآية على هذا القول كقوله: {وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214)} ، فإنه لا يدل على عدم إنذار غيرهم، كما هو واضح. والعلم عند الله تعالى. اهـ منه.
•
قوله تعالى: {وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لَا رَيْبَ فِيهِ}
.
تضمنت هذه الآية الكريمة أمرين:
أحدهما: أن من حكم إيحائه تعالى إلى نبينا هذا القرآن العربي إنذار يوم الجمع، فقوله تعالى:{وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ} معطوف على قوله: {لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى} أي لأجل أن تنذر أم القرى وأن تنذر يوم الجمع، فحذف في الأول أحد المفعولين وحذف في الثاني أحدهما، فكان ما أثبت في كل منهما دليلًا على ما حذف في الثاني، ففي الأول حذف المفعول الثاني، والتقدير: لتنذر أم القرى أي أهل مكة ومن حولها، عذابًا شديدًا إن لم يؤمنوا، وفي الثاني حذف المفعول الأول، أي وتنذر الناس يوم الجمع وهو يوم القيامة، أي تخوفهم مما فيه من الأهوال والأوجال ليستعدوا لذلك في دار الدنيا.
والثاني: أن يوم الجمع المذكور لا ريب فيه، أي لا شك في وقوعه.
وهذان الأمران اللذان تضمنتهما هذه الآية الكريمة، جاءا موضحين في آيات أخر.
أما تخويفه الناس يوم القيامة، فقد ذكر في مواضع من كتاب الله، كقوله تعالى:{وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ} الآية، وقوله تعالى:{وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ} الآية، وقوله تعالى:{فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا (17) السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} ، وقوله تعالى:{أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍ عَظِيمٍ (5) يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ (6)} ، والآيات بمثل ذلك كثيرة.
وأما الثاني منهما: وهو كون يوم القيامة لا ريب فيه، فقد جاء في مواضع أخر، كقوله تعالى:{اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ} ، وقوله:{فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ} ، وقوله تعالى:{وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا} الآية، وقوله تعالى:{وَإِذَا قِيلَ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لَا رَيْبَ فِيهَا قُلْتُمْ مَا نَدْرِي مَا السَّاعَةُ} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
وإنما سمي يوم القيامة يوم الجمع؛ لأن الله يجمع فيه جميع الخلائق. والآيات الموضحة لهذا المعنى كثيرة، كقوله تعالى:{قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (49) لَمَجْمُوعُونَ إِلَى مِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (50)} ، وقوله تعالى:{هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالْأَوَّلِينَ (38)} ، وقوله تعالى:{لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} الآية، وقوله تعالى:{يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ} ، وقوله تعالى:{ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ (103)} ، وقوله تعالى:{فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (25)} ، وقوله تعالى:{وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْ مِنْهُمْ أَحَدًا (47)} .
وقد بين تعالى شمول ذلك الجمع لجميع الدواب والطير في قوله تعالى: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا