الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه الخبيث والطيب، ولكن الله عرفكم بذلك بالاختبار والابتلاء الذي تظهر بسببه طوايا الناس من خبث وطيب.
والقول الأول وجيه أيضًا، والعلم عند الله تعالى.
•
.
الظاهر أن (صدوا) في هذه الآية متعدية، والمفعول محذوف، أي كفروا وصدوا غيرهم عن سبيل الله، فهم ضالون مضلون.
وقد قدمنا في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: {فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ} الآية، أن التأسيس مقدم على التوكيد كما هو مقرر في الأصول.
و (صدوا) هنا، إن قُدِّرَتْ لازمة فمعنى الصدود الكفر، فتكون كالتوكيد لقوله:(كفروا).
وإن قدرت متعدية كان ذلك تأسيسًا؛ لأن قوله: (كفروا) يدل على كفرهم في أنفسهم، وقوله:(وصدوا) على أنه متعد يدل على أنهم حملوا غيرهم على الكفر وصدوه عن الحق. وهذا أرجح مما قبله.
وقوله تعالى في الآية الكريمة: {وَشَاقُّوا الرَّسُولَ} أي خالفوا محمدًا صلى الله عليه وسلم مخالفة شديدة.
وقد دلت هذه الآية الكريمة على أمرين:
أحدهما: أن الذين كفروا وصدوا غيرهم عن الحق وخالفوه صلى الله عليه وسلم لن يضروا الله بكفرهم شيئًا، لأنه غني لذاته الغنى المطلق.
والثاني: أنهم إنما يضرون بذلك أنفسهم، لأن ذلك الكفر سبب لإِحباط أعمالهم، كما قال تعالى:{وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالهُمْ (32)} .
وهذان الأمران اللذان تضمنتهما هذه الآية الكريمة جاءا موضحين في آيات من كتاب الله.
فمن الآيات الدالة على الأول، الذي هو غنى الله عن خلقه، وعدم تضرره بمعصيتهم: قوله تعالى: {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالمِينَ (97)} .
وقوله تعالى: {إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ} .
وقوله تعالى: {وَقَال مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ (8)} .
وقوله تعالى: {قَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} .
وقوله تعالى: {فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا وَاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (6)} .
وقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (15)} ، إلى غير ذلك من الآيات.
ومن الآيات الدالة على الثاني، وهو إحباط أعمالهم بالكفر أي إبطالها به: قوله تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)} .
وقوله تعالى: {مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ} الآية.
وقوله تعالى: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيئًا} .