الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحق أن ذلك لغة عربية، ومنه قول الفرزدق:
وإن الذي يسعى ليفسد زوجتي
…
كساع إلى أسد الشرى يستبيلها
وقول الحماسي:
فبكى بناتي شجوهن وزوجتي
…
والظاعنون إليَّ ثم تصدعوا
وفي صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في صفية: "إنها زوجتي".
وقوله: {تُحْبَرُونَ (70)} أقوال العلماء فيه راجعة إلى شيء واحد، وهو أنهم يكرمون بأعظم أنواع الإِكرام وأتمها.
•
قوله تعالى: {يُطَافُ عَلَيهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ}
.
قد قدمنا الآيات الموضحة له، وجميع الآيات التي فيها الإِنعام على أهل الجنة بأواني الذهب والفضة، والتحلي بهما، ولبس الحرير، ومنه السندس والإِستبرق، في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى:{وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا} .
•
قوله تعالى: {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71)}
.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أن في الجنة كل ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، أي تلتذ به الأعين، أي برؤيته لحسنه، كما قال تعالى:{صَفْرَاءُ فَاقِعٌ لَوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِينَ (69)} .
وأسند اللذة إلى العين، وهي في الحقيقة مسندة لصاحب العين، كإسناد الكذب والخطيئة إلى الناصية، وهي مقدم شعر الرأس، في قوله تعالى:{نَاصِيَةٍ كَاذِبَةٍ خَاطِئَةٍ (16)} ، وكإسناد الخشوع والعمل والنصب إلى الوجوه، في قوله تعالى: {وُجُوهٌ
يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ (2) عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ (3)} الآية.
ومعلوم أن الكذب والخطيئة مسندان في الحقيقة لصاحب الناصية، كما أن الخشوع والعمل والنصب مسندات إلى أصحاب الوجوه.
وما دلت عليه هذه الآية الكريمة من أن الجنة فيها كل مشتهى، وكل مستلذ، جاء مبسوطًا موضحة أنواعه في آيات كثيرة من كتاب الله، وجاء مجملًا أيضًا إجمالًا شاملًا لكل شيء من النعيم.
أما إجمال ذلك، ففي قوله تعالى:{فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)} .
وأما بسط ذلك وتفصيله، فقد بين القرآن أن من ذلك النعيم المذكور في الآية: المشارب والمآكل، والمناكح، والفرش والسرر، والأواني، وأنواع الحلي والملابس، والخدم، إلى غير ذلك، وسنذكر بعض الآيات الدالة على كل شيء من ذلك.
أما المآكل، فقد قال تعالى:{لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ (73)} ، وقال:{وَلَحْمِ طَيرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (21)} ، وقال تعالى:{وَفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ (32) لَا مَقْطُوعَةٍ وَلَا مَمْنُوعَةٍ (33)} ، وقال تعالى:{كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا قَالُوا هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِنْ قَبْلُ وَأُتُوا بِهِ مُتَشَابِهًا} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
أما المشارب، فقد قال تعالى:{إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (5) عَينًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (6)} ، وقال تعالى:{وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَينًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18)}
الآية، وقوله تعالى:{يَطُوفُ عَلَيهِمْ ولْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17) بِأَكْوَابٍ وَأَبَارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (18) لَا يُصَدَّعُونَ عَنْهَا وَلَا يُنْزِفُونَ (19)} ، وقال تعالى:{يُطَافُ عَلَيهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ (45) بَيضَاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ (46) لَا فِيهَا غَوْلٌ وَلَا هُمْ عَنْهَا يُنْزَفُونَ (47)} ، وقال تعالى:{فِيهَا أَنْهَارٌ مِنْ مَاءٍ غَيرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} ، وقال تعالى:{كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ (24)} ، إلى غير ذلك من الآيات.
وأما الملابس والأواني والحلي، فقد قدمنا الكلام عليها مستوفى في سورة النحل.
وأما المناكح فقد قدمنا بعض الآيات الدالة عليها قريبًا، وهي كثيرة، كقوله تعالى:{وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ} الآية. ويكفي ما قدمنا من ذلك قريبًا.
وأما ما يتكئون عليه من الفرش والسرر ونحو ذلك، ففيه آيات كثيرة، كقوله تعالى:{مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَائِنُهَا مِنْ إِسْتَبْرَقٍ} ، وقوله تعالى:{هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ (56)} ، وقوله تعالى:{عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ (15) مُتَّكِئِينَ عَلَيهَا مُتَقَابِلِينَ (16)} ، والسرر الموضونة هي المنسوجة بقضبان الذهب، وقوله تعالى:{إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47)} ، وقوله تعالى:{سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13)} ، وقوله تعالى:{مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ (76)} إلى غير ذلك من الآيات.
وأما خدمهم، فقد قال تعالى في ذلك:{يَطُوفُ عَلَيهِمْ ولْدَانٌ مُخَلَّدُونَ (17)} الآية، وقال تعالى في سورة الإنسان في صفة هؤلاء الغلمان:{إِذَا رَأَيتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19)} .