الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولا الدفاع عن نفسها، وقد أوضحنا هذا المعنى بشواهده العربية غاية الإِيضاح في سورة بني إسرائيل في الكلام على قوله تعالى:{إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ} ، وكقوله تعالى:{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57)} ، وقوله تعالى:{وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ مَا يَكْرَهُونَ} ، وقوله تعالى:{أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (40)} ، وقوله تعالى:{أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنْثَى (21) تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى (22)} ، وقوله تعالى:{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150) أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ (153) مَا لَكُمْ كَيفَ تَحْكُمُونَ (154) أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ (156) فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (157)} .
وقد قدمنا كثيرًا من الآيات الموضحة لهذا المعنى في سورة النحل في الكلام على قوله تعالى: {وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَنَاتِ سُبْحَانَهُ وَلَهُمْ مَا يَشْتَهُونَ (57)} .
ووجه التعبير عن الأنثى بما ضرب مثلًا لله في قوله: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحْمَنِ مَثَلًا} الآية، ظاهر؛ لأن البنات المزعومة يلزم ادعاؤها أن تكون من جنس من نُسِبَتْ إليه؛ لأن الوالد والولد من جنس واحد، وكلاهما يشبه الآخر في صفاته.
•
.
قرأ هذا الحرف نافع وابن كثير وابن عامر: (عند الرحمن) بسكون النون وفتح الدال، ظرف، كقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} ، وقرأه أبو عمرو وعاصم وحمزة والكسائي: {الَّذِينَ هُمْ
عِبَادُ الرَّحْمَنِ} بكسر العين وباء موحدة بعدها ألف وضم الدال، جمع عبد، كقوله:{وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ} الآية.
وقوله: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} ، قرأه عامة السبعة غير نافع {أَشَهِدُوا} بهمزة واحدة مع فتح الشين، وقرأه نافع (أَأُشهدوا) بهمزتين الأولى مفتوحة محققة، والثانية مضمومة مسهلة بين بين، وقالون يجعل بين الهمزتين ألف الإِدخال على إحدى الروايتين.
وقد ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة أربع مسائل:
الأولى: أن الكفار افتروا على الملائكة أنهم إناث زاعمين أنهم بنات الله.
الثانية: أنه وبخهم على ذلك توبيخًا شديدًا وأنكر عليهم ذلك في قوله: {أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ} يعني هل حضروا خلق الله لهم فعاينوهم إناثًا؟
الثالثة: أن شهادتهم الكاذبة بذلك ستكتب عليهم.
الرابعة: أنهم يسألون عنها يوم القيامة.
وهذه المسائل الأربع التي تضمنتها هذه الآية الكريمة، جاءت موضحة في غير هذا الموضع.
أما الأولى منها، وهي كونهم أعتقدوا الملائكة إناثًا، فقد ذكرها تعالى في مواضع من كتابه، كقوله تعالى:{أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُمْ بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلَائِكَةِ إِنَاثًا إِنَّكُمْ لَتَقُولُونَ قَوْلًا عَظِيمًا (40)} ، وكقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنْثَى (27)} الآية، وقوله تعالى:{فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا} الآية، إلى غير ذلك من الآيات.
وأما المسألة الثانية، وهي سؤاله تعالى لهم على وجه الإِنكار والتوبيخ والتقريع: هل شهدوا خلق الملائكة وحضروه، حتى علموا أنهم خلقوا إناثًا، فقد ذكرها في قوله تعالى:{أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ (150)} وبين تعالى أنه لم يشهد الكفار خلق شيء في قوله: {مَا أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ} الآية.
وأما المسألة الثالثة التي هي كون شهادتهم بذلك الكفر ستكتب عليهم، فقد ذكرها تعالى في مواضع من كتابه، كقوله تعالى:{وَإِنَّ عَلَيكُمْ لَحَافِظِينَ (10) كِرَامًا كَاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ (12)} ، وقوله تعالى:{هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (29)} ، وقوله تعالى:{أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيهِمْ يَكْتُبُونَ (80)} وقوله تعالى: {إِنَّ رُسُلَنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ (21)} ، وقوله تعالى:{وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (13)} الآية، وقوله تعالى:{كَلَّا سَنَكْتُبُ مَا يَقُولُ وَنَمُدُّ لَهُ مِنَ الْعَذَابِ مَدًّا (79)} .
وأما المسألة الرابعة: وهي كونهم يسألون عن ذلك الافتراء والكفر، فقد ذكرها تعالى في آيات من كتابه، كقوله تعالى:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالهُمْ وَأَثْقَالًا مَعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْأَلُنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَمَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ (13)} ، وقوله تعالى:{فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (93)} ، وقوله تعالى:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44)} ، وقوله تعالى:{وَيَجْعَلُونَ لِمَا لَا يَعْلَمُونَ نَصِيبًا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ تَاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ (56)} إلى غير ذلك من الآيات.