الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكتاب، جاء موضحًا في آيات أخر، كقوله تعالى:{وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ (110)} ، وقوله تعالى:{فَآتَينَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (27)} ، إلى غير ذلك من الآيات.
•
قوله تعالى: {كَمَثَلِ غَيثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا}
.
قد قدمنا الكلام عليه في سورة الزمر في الكلام على قوله تعالى: {ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} ، وبينا هناك الآية الدالة على سبب اصفراره.
•
.
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة، أن كل ما أصاب من المصائب في الأرض كالقحط والجدب والجوائح في الزراعة والثمار، وفي الأنفس من الأمراض والموت، كله مكتوب في كتاب قبل خلق الناس، وقبل وجود المصائب، فقوله:{مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} ، الضمير فيه عائد على الخليقة المفهومة في ضمن قوله:{فِي أَنْفُسِكُمْ} أو إلى المصيبة، واختار بعضهم رجوعه لذلك كله.
وقوله تعالى: {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ (22)} أي سهل هين؛ لإِحاطة علمه وكمال قدرته.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أنه لا يصيب الناس شيء من
المصائب إلا وهو مكتوب عند الله قبل ذلك، أوضحه الله تعالى في غير هذا الموضع، كقوله تعالى:{قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إلا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (51)} ، وقوله تعالى:{مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إلا بِإِذْنِ اللَّهِ} ، وقوله تعالى:{وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)} ؛ لأن قوله: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ} قبل وقوع ذلك دليل على أن هذه المصائب معلومة له جل وعلا قبل وقوعها، ولذا أخبرهم تعالى بأنها ستقع، ليكونوا مستعدين لها وقت نزولها بهم؛ لأن ذلك يعينهم على الصبر عليها.
ونقصُ الأموال والثمرات مما أصاب من مصيبة، ونقص الأنفس في قوله:(والأنفس) مما أصاب من مصيبة في الأنفس.
وقوله في آية الحديد هذه: {لِكَيلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} هو أي بينا لكم أن الأشياء مقدرة مكتوبة قبل وجود الخلق، وأن ما كتب واقع لا محالة؛ لأجل ألا تحزنوا على شيء فاتكم؛ لأن فواته لكم مقدر، وما لا طمع فيه قل الأسى عليه، ولا تفرحوا بما آتاكم؛ لأنكم إذا علمتم أن ما كتب لكم من الرزق والخير لا بد أن يأتيكم قل فرحكم به.
وقوله: (تأسوا)، مضارع أسِيَ بكسر السين، يأسَى، بفتحها، أسىً، بفتحتين على القياس، بمعنى حزن، ومنه قوله تعالى:{فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (68)} .
وقوله: (من مصيبة) مجرور في محل رفع؛ لأنه فاعل (أصاب) وَجُرَّ بمن المزيدة لتوكيد النفي، وما نافية.