الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ويقدر أي يضيق الرزق على من يشاء تضييقه عليه، كما أوضحناه في سورة الأنبياء في الكلام على قوله تعالى:{فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيهِ} .
وقد بين جل وعلا في بعض الآيات حكمة تضييقه للرزق على من ضيقه عليه.
وذَكَر أن من حِكَم ذلك أن بسط الرزق للإنسان قد يحمله على البغي والطغيان، كقوله تعالى:{وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ (27)} ، وقوله تعالى:{كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى (6) أَنْ رَآهُ اسْتَغْنَى (7)} .
•
.
قد قدمنا الكلام عليه في سورة الأحزاب في الكلام على قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ} الآية.
•
قوله تعالى: {وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ}
.
الضمير في قوله: (فيه)، راجع إلى (الدين) في قوله:(أن أقيموا الدين).
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من النهي عن الافتراق في الدين، جاء مبينًا في غير هذا الموضع، وقد بين تعالى أنه وصى خلقه بذلك، فمن الآيات الدالة على ذلك قوله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} الآية، وقوله تعالى:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (153)} .
وقد بين تعالى في بعض المواضع أن بعض الناس لا يجتنبون هذا النهي، وهددهم على ذلك، كقوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ (159)} ؛ لأن قوله: {لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيءٍ} إلى قوله: {يَفْعَلُونَ} فيه تهديد عظيم لهم.
وقوله تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ (52) فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَينَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيهِمْ فَرِحُونَ (53) فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54)} .
فقوله: {وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} أي إن هذه شريعتكم شريعة واحدة، ودينكم دين واحد، وربكم واحد؛ فلا تتفرقوا في الدين.
وقوله جل وعلا: {فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَينَهُمْ زُبُرًا} دليل على أنهم لم يجتنبوا ما نهوا عنه من ذلك.
وقوله تعالى: {فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ حَتَّى حِينٍ (54)} فيه تهديد لهم ووعيد عظيم على ذلك.
ونظير ذلك قوله تعالى في سورة الأنبياء: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ (92) وَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَينَهُمْ كُلٌّ إِلَينَا رَاجِعُونَ (93)} ، فقوله تعالى:{كُلٌّ إِلَينَا رَاجِعُونَ (93)} فيه أيضًا تهديد لهم ووعيد على ذلك، وقد أوضحنا تفسير هذه الآيات في آخر سورة الأنبياء في الكلام على قوله تعالى {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} الآية.
وقد جاء في الحديث المشهور افتراق اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافتراق النصارى إلى اثنتين وسبعين فرقة، وافتراق