الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وذكر في موضع آخر أن المتقين أولياؤه، فهو وليهم وهم أولياؤه؛ لأنهم يوالونه بالطاعة والإِيمان، وهو يواليهم بالرحمة والجزاء، وذلك في قوله تعالى:{أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)} .
ثم بين المراد بأوليائه في قوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63)} ، فقوله تعالى:{وَكَانُوا يَتَّقُونَ} كقوله في آية الجاثية هذه: {وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ (19)} .
وقد بين تعالى في آيات من كتابه أنَّه ولي المؤمنين، وأنهم أولياؤه، كقوله تعالى:{إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ} الآية، وقوله تعالى:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} وقوله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا} الآية، وقوله تعالى:{إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ (196)} ، وقوله تعالى في الملائكة:{قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ} الآية، إلى غير ذلك من الآيات، كما تقدم إيضاحه بأبسط من هذا.
•
قوله تعالى: {هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20)}
.
الإِشارة في قوله: {هَذَا} للقرآن العظيم.
والبصائر جمع بصيرة، والمراد بها البرهان القاطع الذي لا يترك في الحق لبسًا، كقوله تعالى:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ} أي على علم ودليل واضح.
والمعنى: أن هذا القرآن براهين قاطعة، وأدلة ساطعة، على أن الله هو المعبود وحده، وأن ما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم حق.
وما تضمنته هذه الآية الكريمة من أن القرآن بصائر للناس، جاء موضحًا في مواضع أخر من كتاب الله، كقوله تعالى في أخريات الأعراف:{قُلْ إِنَّمَا أَتَّبِعُ مَا يُوحَى إِلَيَّ مِنْ رَبِّي هَذَا بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (203)} ، وقوله تعالى في الأنعام:{قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيهَا وَمَا أَنَا عَلَيكُمْ بِحَفِيظٍ (104)} .
وما تضمنته آية الجاثية من أن القرآن بصائر وهدى ورحمة، ذكر تعالى مثله في سورة القصص عن كتاب موسى الذي هو التوراة في قوله تعالى:{وَلَقَدْ آتَينَا مُوسَى الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِ مَا أَهْلَكْنَا الْقُرُونَ الْأُولَى بَصَائِرَ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ (43)} .
وما تضمنته آية الجاثية هذه من كون القرآن هدى ورحمة جاء موضحًا في غير هذا الموضع.
أما كونه هدى فقد ذكرنا الآيات الموضحة له قريبًا.
وأما كونه رحمة فقد ذكرنا الآيات الموضحة له في الكهف في الكلام على قوله تعالى: {فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَينَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا} ، وفي أولها في الكلام على قوله تعالى:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ} ، وفي فاطر في الكلام على قوله تعالى:{مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا} ، وفي الزخرف في الكلام على قوله:{أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} الآية.
وقوله تعالى في هذه الآية الكريمة: {لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ (20)} ، أي لأنهم هم المنتفعون به.
وفي هذه الآية الكريمة سؤال عربي معروف.
وهو أن المبتدأ الذي هو قوله: {هَذَا} اسم إشارة إلى مذكر