الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَيْبَةَ قَالَ حَدَّثَنَا جَرِيرٌ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يُذَكِّرُ النَّاسَ فِى كُلِّ خَمِيسٍ، فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ يَا أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ لَوَدِدْتُ أَنَّكَ ذَكَّرْتَنَا كُلَّ يَوْمٍ. قَالَ أَمَا إِنَّهُ يَمْنَعُنِى مِنْ ذَلِكَ أَنِّى أَكْرَهُ أَنْ أُمِلَّكُمْ، وَإِنِّى أَتَخَوَّلُكُمْ بِالْمَوْعِظَةِ كَمَا كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُنَا بِهَا، مَخَافَةَ السَّآمَةِ عَلَيْنَا.
باب مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ
70 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُفَيْرٍ
ــ
ومائتين. قوله (جرير) بالجيم المفتوحة وبالراء المكررة ابن عبد الحميد أبو عبد الله الضي الرازي المولد الكوفي المنشأ مات بالري سنة سبع وثمانين ومائة. قوله (منصور) هو ابن المعتمر أبو عتاب بفتح العين المهملة وبالمثناة الفوقانية الشديدة الكوفي كان يبكي الليل فإذا أصبح اكتحل وادهن وبرق شفتيه وقد عمش من كثرة البكاء وأخذه يوسف بن عمر عامل الكوفة يريده علي القضاء فامتنع فجيء بالقيد ليقيده وجاءه خصمان فقعدا بين يديه فلم يسألهما ولم يكلمهما فقيل ليوسف إنك لو نثرت لحمه لم يل لك القضاء فخلي عنه ومات بعد السودان بقليل وجاء السودان سنة إحدى وثلاثين ومائة. قوله (أبي وائل) بالهمز بعد الألف وهو شقيق المذكور آنفا. و (عبد الله) هو ابن مسعود الصحابي الجليل المشهور ورجاله كوفيون. قوله (يا أبا عبد الرحمن) هو كنية عبد الله كني باسم ولده عبد الرحمن وحذف الألف من الأب جائز تخفيفا. و (لوددت) اللام فيه جواب قسم محذوف أي والله لوددت. و (أما) هو من حروف التنبيه والضمير في (أنه) للشأن وفاعل (بمعني) أني أكره أي بمعني كراهة الإملال والهمزة في أبي في الأول مفتوحة وفي الثاني مكسورة ولفظ (علينا) يحتمل تعلقها بالخافة أي خوفا علينا. قال ابن بطال وفيه ما كان الصحابة عليه رضي الله عنهم من الإقتداء بالنبي صلي الله عليه وسلم والمحافظة علي استعمال سنته علي حسب معاينتهم لها وتجنب مخالفته لعلمهم بما في موافقته من عظيم الأجر وما في مخالفته بعكس ذلك (باب من يرد الله به خيرا يفقه في الدين) اعلم أن مثله يسمي مرسلا عند طائفة. والحق وعليه الأكثرون أنه إذا ذكر الحديث مثلا ثم وصل به إسناده يكون مسندا لا مرسلا. قوله (سعيد بن عفير) بضم المهملة وبالفاء المفتوحة والمثناة التحتانية والراء
قَالَ حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ قَالَ حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ خَطِيباً يَقُولُ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: «مَنْ يُرِدِ
ــ
سعيد بن كثير بن عفير الأنصاري مولاهم أبو عثمان المصري كان من أعلم الناس بالأنساب والتواريخ أديبا فصيحا حاضر الحجة لا تمل مجالسته ولا ينزف عليه وكان بلي نقابة الأنصار والقسم عليهم بمصر مات سنة تسع وعشرين ومائتين. قوله (ابن وهب) أي عبد الله بن وهب بن مسلم المصري أبو القرشي روي أن مالكا لم يكتب إلي أحد وعنونه بالفقيه إلا إليه قال إني نذرت أني كلما اغتبت إنسانا أصوم يوما فأجهدني وفي رواية فهان علي كنت أغتاب وأصوم فنذرت كلما اغتبت أتصدق بدرهم فمن حب الدرهم تركت الغيبة وقرئ عليه كتاب أهوال القيامة فخر مغشيا عليه فلم يتكلم بكلمة حتي مات بعد أيام توفي بمصر سنة سبع وتسعين ومائة. قوله (يونس) أي ابن يزيد الأيلي بفتح الهمزة وبالمثناة التحتانية القرشي وكان الزهري إذا قدم أيلة نزل علي يونس وتقدم في أول كتاب الوحي وكذا (ابن شهاب) أي الزهري. قوله (حميد) بصيغة المصغر أبو إبراهيم أو بو عبد الرحمن أو أبو عثمان بن عبد الرحمن وعرف أحد العشرة المبشرة القرشي الزهري المدني مر في باب تطوع قيام رمضان قوله (معاوية) هو ابن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمي بن عبد مناف القرشي أبو عبد الرحمن هو وأبوه من مسلمة الفتح روي له عن رسول الله صلي الله عليه وسلم مائة حديث وثلاثة وستون حديثا ذكر البخاري منها ثمانية مات بدمشق سنة ستين وتولي الشام في زمن عمر رضي الله عنه ولم يزل بها متوليا حاكما إلي أن ملت وذلك مدة ربعين سنة وفي آخر عمره أصابته لقوة وكان يقول ليتني كنت رجلا من قريش بذي طوي ولم أل من هذا الأمر شيئا وكن عنده أزار رسول الله صلي الله عليه وسلم وردائه وقميصه وشيء من شعره وأظفاره فقال كفنوني في قميصه وأدرجوني في ردائه وأزروني بإزاره واحشوا منخري وشدقي ومواضع الجود مني بشعره وأظافره وحلوا بيني وبين أرحم الراحمين. قوله (خطبنا) حال من المفعول لا من الزمخشري تقول سمعت رجلا يقول كذ فتوقع الفعل علي الرجل وتحذف المسموع لأنك وصفته بما يسمع أو جعلته حالا عنه فأغناك عن ذكره ولولا الوصف أو الحال لم يكن منه بد وأن يقال سمعت قول
اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ، وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَاللَّهُ يُعْطِى، وَلَنْ تَزَالَ هَذِهِ الأُمَّةُ
ــ
فلان. قوله (يرد الله) بضم الياء مشتق من الإرادة وهي عند الجمهور صفة مخصصة لأحد طرفي المقدور بالوقوع وقيل إعتقاد النفع أو الضرر وقيل هي ميل يتبعه الإعتقاد وهذا لا يصح في الإرادة القديمة. قوله (خيرا) أي منفعة وهي اللذة أو ما يكون وسيلة إلي اللذة. فأن قلت هل في تنكيره فائدة. قلت فائدته التعميم لأن النكرة في سياق الشرط كالنكرة في سياق النفي فالمعني فمن يرد الله به جميع الخيرات أو التعظيم إذ المقام يقتضي ذلك نحو له حاجب عن كل أمر يشينه قوله (يفقه) أي يجعله فقيها والفقه لغة الفهم وعرفا العلم بالأحكام الشرعية الفرعية المكتسب عن أدلتها التفصيلية بالإستدلال. فإن قلت أي المعنيين يناسب المقام. قلت المعني اللغوي ليتناول فهم كل علم من علوم الدين وقال الحسن البصري: الفقيه الزاهد في الدنيا الراغب في الآخرة البصير بأمور دينه المداوم علي عبادة ربه. قوله (إنما أنا قاسم) أي أنل قاسم بينكم فألقي إلي كل واحد ما يليق به والله تعالي يرفق من يشاء منكم لفهمه والتفكر في معناه. قال التوربشتي: اعلم أن النبي صلي الله عليه وسلم أخبر أصحابه أنه لم يفصل في قسمة ما يوحي إليه أحدا من أمته علي الآخر بل سوي في البلاغ وعدل في القسمة وإنما التفاوت في الفهم وهو واقع بطريق العطاء ولقد كان بعض الصحابة يسمع الحديث فلا يفهم منه إلا الظاهر الجلي ويسمعه آخر منهم أو من بعدهم فيستنبط منه مسائل كثيرة وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. تم كلامه فإن قلت إنما مفيد للحصر فمعناه ما أنا إلا قاسم وكيف يصح وله صفات أخري مثل كونه رسولا ومبشرا ونذيرا. قلت الحصر إنما هو بالنسبة إلي اعتقاد السامع وهذا ورد في مقام كان السامع معتقدا كونه معطيا فلا ينفي إلا ما اعتقده السامع لا كل صفة من الصفات وحينئذ 'ن اعتقد أنه معط لا قاسم فيكون من باب قصر القلب أي ما أنا إلا قاسم أي لا معط وإن اعتقد أنه قاسم ومعط أيضا فبكون من قصر الأفراد أي لا شركة في الوصفين بل أنل قاسم فقط. قوله تعالي (والله يعطي) تقديم لفظ الله عليه مفيد للتقوية عند السكاكي ولا يحتمل التخصيص أي الله يعطي لا محالة وأما عند الزمخشري فيحتمله أيضا وحينئذ يكون معناه الله يعطي لا غيره. فإن قلت هل يصح أن يكون والله يعطي جملة حالية. قلت نعم فإن قلت فما معني الحصر حينئذ. قلت الحصر بإنما دائما هو في الجزء الأخير فيكون معناه ما أنا قاسم إلا في حال أعطاه الله لا في حال غيره وأما فائدة حذف مفعول يعطي فهو جعله كالفعل اللازم إعلاما بأن المقصود منه بيان إيجاد هذه الحقيقة أي حقيقة الإعطاء لا بيان المفعول أي المعطي. قوله: (ولن
قَائِمَةً عَلَى أَمْرِ اللَّهِ لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَاتِىَ أَمْرُ اللَّهِ»
ــ
تزال) الفرق بين زال وزال يزول أن الأول من الأفعال الناقصة ويلزمه النفي بخلاف الثاني قوله (علي أسر الله) أي علي الدين الحق. و (حتي يأتي أمر الله) أي القيامة وإنما فسرنا هما بذلك لأن الظاهر بحسب السياق يقتضي ذلك. فإن قلت حتي يأتي أمر الله غاية لماذا. لقوله لن تزال. فإن قلت حكم ما بعد الغاية مخالف لما قبلها فيلزم منه أن يوم القيامة لا تكون هذه الأمة علي الحق وهو باطل قلت ليس باطلا إذ المراد من الدين الحق التكاليف ويوم القيامة ليس زمان التكليف ويقال ليس المقصود منه الغاية بل هو مذكور لتأكيد التأييد نحو قوله تعالي «م دامت السماوات والأرض» فإن قلت أيحتمل أن يكون غاية لقوله لا يضرهم بل هو أولي لأنه أقرب. قلت نعم وذلك إما أن يكون معني يأتي أمر الله يأتي بلاء الله فيضرهم حينئذ فما بعدها مخالف لما قبلها وإما أن يكون ذكره لتأكيد عدم المضرة كأنه قال لا يضرهم من خالفهم أبدا وعبر عنه بقوله إلي يوم القيامة أو هو كقوله تعالي «لا يذوقون فيها الموت إلا الموتة الأولي» يعني لا يضرهم إلا يوم القيامة ولما لم تكن المضرة يوم القيامة فكأنه قال لا يضرهم أصلا. فإن قلت إذا جاء الدجال مثلا وقتلهم فقد ضرهم. قلت علي تفسيره ببلاء الله ذلك ظاهر وعلي تفسيره بيوم القيامة يقال ذلك ليس مضرة إذ الشهادة أعظم المنافع من جهة الآخرة. فإن قلت فهل جاز تنازع الفعلين في حتي فتتعلق بهما. قلت لا محذور فيه فأن قلت هل فرق بين حتي يأتي أمر الله وبين إلي أن يأتي أمر الله. قلت الفرق أن مجرور حتي يجب أن يكون آخر جزء من الشيء أو ما يلاقي آخر جزء منه. قال في الكشاف في قوله تعالي «لو أنهم صبروا حتي تخرج إليهم» الفرق بينهما أن حتي مختصة بالغاية المضروبة أي المعينة تقول أكلت السمكة حتي رأسها ولو قلت حتي نصفها أو صدرها لم يجز وإلي عامة في كل. غاية فإن قلت هل فيه دلالة علي حجية الإجماع. قلت نعم لأن مفهومه أن الحق لا يعدو الأمّة وقد استدل بعض العلماء به علي امتناع خلو العصر عن المجتهد. قال ابن بطال: وفي الحديث فضل العلماء علي سائر الناس وفضل الفقه في الدين علي سائر العلوم وإنما ثبت فضله لأنه يقود إلي خشية الله والتزام طاعته. قوله (إنما أنا قاسم) بدل علي أنه لم يستأثر من مال الله تعالي بشيء دونهم وكذلك قوله صلي الله عليه وسلم مالي مما أفاء الله عليكم إلا الخمس والخمس مردود فيكم وإنما قال قاسم تطييبا لنفوسهم لمفاضلته في العطاء ومعني (والله يعطي) والله يعطيكم ما أقسمه عليكم لا أنا فمن قسمت له قليلا فذلك بقدر الله له ومن قسمت له كثيرا فبقدره أيضا ويريد ولن تزال هذه الأمة أن أمته أخر الأمم وأن عليها تقوم