المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب فضل من علم وعلم: - الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري - جـ ٢

[الكرماني، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العلم

- ‌باب فَضْلِ الْعِلْمِ

- ‌بابٌ من سُئِل عِلماً

- ‌باب من رفع صوته بالعلم

- ‌باب قَوْلِ الْمُحَدِّثِ حَدَّثَنَا أَوْ أَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا

- ‌باب طَرْحِ الإِمَامِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ

- ‌باب مَا جَاءَ فِى الْعِلْمِ

- ‌باب مَا يُذْكَرُ فِى الْمُنَاوَلَةِ

- ‌باب من قعدَ حيث ينتهي بهِ المجلِسُ

- ‌باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ»

- ‌باب الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ

- ‌باب مَا كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ

- ‌ بابٌ من جعل لأهل العلم أياَمًا معلومة

- ‌باب مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ

- ‌باب الفهم في العلم

- ‌باب الاِغْتِبَاطِ فِى الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ

- ‌باب مَا ذُكِرَ فِى ذَهَابِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم فِى الْبَحْرِ إِلَى الْخَضِرِ

- ‌باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ»

- ‌باب متى يصحُّ سماعُ الصّغير

- ‌باب الْخُرُوجِ فِى طَلَبِ الْعِلْمِ

- ‌باب فضل من عَلِمَ وعلَّم:

- ‌باب رَفْعِ الْعِلْمِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ

- ‌بابُ فَضلِ العِلم:

- ‌بابُ الفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ مَنْ أَجَابَ الفُتْيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّاسِ

- ‌باب تَحْرِيضِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ

- ‌بَابُ الرِّحْلَةِ فِي المَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ

- ‌بَابُ التَّنَاوُبِ فِي العِلْمِ

- ‌باب الْغَضَبِ فِى الْمَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ

- ‌بَابُ مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ الإِمَامِ

- ‌باب مَنْ أَعَادَ الْحَدِيثَ ثَلَاثاً لِيُفْهَمَ عَنْهُ

- ‌ بَابُ تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَأَهْلَهُ

- ‌بَابُ عِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ وَتَعْلِيمِهِنَّ

- ‌بَابُ الحِرْصِ عَلَى الحَدِيثِ

- ‌باب كَيْفَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ

- ‌باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم

- ‌باب من سمع شيئا فراجعه حتى يعرفه

- ‌باب لِيُبَلِّغِ الْعِلْمَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ

- ‌باب إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌باب كتابة العلم

- ‌باب العلم والعظة بالليل

- ‌باب السمر بالعلم

- ‌باب حفظ العلم

- ‌باب الإنصات للعلماء

- ‌باب مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَيَكِلُ الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ

- ‌باب مَنْ سَأَلَ وَهْوَ قَائِمٌ عَالِماً جَالِساً

- ‌باب السؤال والفتيا عند رمي الجمار

- ‌باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَاّ قَلِيلاً)

- ‌باب مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الاِخْتِيَارِ مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ فَيَقَعُوا فِى أَشَدَّ مِنْهُ

- ‌باب مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَفْهَمُوا

- ‌باب الْحَيَاءِ فِى الْعِلْمِ

- ‌باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال

- ‌باب ذكر العلم والفتيا في المسجد

- ‌باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله

- ‌كتاب الوضوء

- ‌باب مَا جَاءَ فِى الْوُضُوءِ

- ‌باب لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ

- ‌باب فَضْلِ الْوُضُوءِ، وَالْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ

- ‌باب لَا يَتَوَضَّأُ مِنَ الشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ

- ‌باب التَّخْفِيفِ فِى الْوُضُوءِ

- ‌باب إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ

- ‌باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة

- ‌باب التسمية على كل حال وعند الوقاع

- ‌باب مَا يَقُولُ عِنْدَ الْخَلَاءِ

- ‌باب وضع الماء عند الخلاء

- ‌باب لَا تُسْتَقْبَلُ الْقِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ إِلَاّ عِنْدَ الْبِنَاءِ جِدَارٍ أَوْ نَحْوِهِ

- ‌باب من تبرز على لبنتين

- ‌باب خروج النساء إلى البراز

- ‌باب التبرز في البيوت

- ‌باب الاستنجاء بالماء

- ‌باب من حمل معه الماء لطهوره

- ‌باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء

- ‌باب النهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌باب لَا يُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ إِذَا بَالَ

- ‌باب الاستنجاء بالحجارة

- ‌باب لَا يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ

- ‌باب الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌باب الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ

- ‌باب الْوُضُوءِ ثَلَاثاً ثَلَاثاً

- ‌باب الاِسْتِنْثَارِ فِى الْوُضُوءِ

- ‌باب الاستجمار وترا

- ‌باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين

- ‌باب الْمَضْمَضَةِ فِى الْوُضُوءِ

- ‌باب غَسْلِ الأَعْقَابِ

- ‌باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين

الفصل: ‌باب فضل من علم وعلم:

‌باب فضل من عَلِمَ وعلَّم:

78 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ أُسَامَةَ عَنْ بُرَيْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَثَلُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ كَمَثَلِ الْغَيْثِ الْكَثِيرِ أَصَابَ أَرْضاً، فَكَانَ مِنْهَا نَقِيَّةٌ قَبِلَتِ الْمَاءَ، فَأَنْبَتَتِ الْكَلأَ وَالْعُشْبَ الْكَثِير

ــ

فسهلة يسيرة لا تحتاج إلى شرح (باب فضل من علم وعلم) قوله (محمد بن العلاء) بالمهملة والمد ابن كريب الهمداني بسكون الميم والدال المهملة الكوفي المشهور بأبي كريب بضم الكاف مصغر كرب مات سنة ثمان وأربعين ومائتين. قوله (حماد) بفتح المهملة وبالميم الشديدة (ابن أسامة) بضم الهمزة ابن يزيد من الزيادة الكوفي القرشي أبو أسامة كثير الحديث واسع الرواية صحيح الكتاب ضابط الحديث قال كتبت بأصبعي هاتين مائة ألف حديث مات بالكوفة سنة إحدى ومائتين. قوله (بريد) بضم الموحدة وفتح الراء وسكون التحتانية وإهمال الدال ابن عبد الله بن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري المكنى بأبي بردة الكوفي روى له الجماعة. قوله (أبي بردة) بضم الموحدة وسكون الراء عامر بن أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري الكوفي. قوله (أبي موسى) هو عبد الله بن قيس بفتح القاف الأشعري هاجر من اليمن إلى مكة ثم هاجر منها إلى الحبشة ثم هاجر من الحبشة إلى المدينة له ثلاث هجرات مر ذكره وذكر ابنه وسيط ابنه في باب أي الإسلام أفضل وفي هذا الإسناد لطف وهو أن بريداً يروى عن جده وجده عن أبيه وهم مع الراويين الأخيرين كلهم كوفيون. قوله (مثل) بفتح المثلثة المراد منها ههنا الصفة العجيبة الشأن لا القول السائر. قوله (الهدى) هو الدلالة الموصلة إلى البغية. و (العلم) هو صفة توجب تمييزاً لا يحتمل متعلقه اليقين النقيض وجمع بينهما نظراً إما إلى أن الهدى بالنسبة إلى الغير أي التكميل والعلم بالنسبة إلى الشخص أي الكمال وإما إلى أن الهدى هو الدلالة والعلم هو المدلول وقيل الهدى والعلم هو الطريقة والعمل. قوله (نقية) بالنون أي طيبة طاهرة وفي بعض النسخ ثغبة بالمثلثة والغين المعجمة المفتوحتين وبالموحدة وقد تسكن الغين أيضاً رواه الخطابي وقال هو مستنقع الماء في الجبال والصخور قال صاحب المطالع هذه الرواية غلط من الناقلين وتصحيف وإحالة للمعنى لأنه إنما جعلت هذه الطائفة الأولى مثلاً لما ينبت والثغبة لا تنبت. قوله (قبلت) من القبول وفي بعضها قيلت بالياء أخت الواو مشددة قالوا معناه

ص: 55

وَكَانَتْ مِنْهَا أَجَادِبُ أَمْسَكَتِ الْمَاءَ، فَنَفَعَ اللَّهُ بِهَا النَّاسَ، فَشَرِبُوا وَسَقَوْا وَزَرَعُوا، وَأَصَابَتْ مِنْهَا طَائِفَةً أُخْرَى، إِنَّمَا هِىَ قِيعَانٌ لَا تُمْسِكُ مَاءً، وَلَا تُنْبِتُ كَلأً، فَذَلِكَ مَثَلُ مَنْ فَقِهَ فِى دِينِ اللَّهِ وَنَفَعَهُ مَا بَعَثَنِى اللَّهُ بِهِ، فَعَلِمَ وَعَلَّمَ، وَمَثَلُ مَنْ لَمْ يَرْفَعْ بِذَلِكَ رَاساً، وَلَمْ يَقْبَلْ هُدَى اللَّهِ الَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ». قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ قَالَ

ــ

أمسكت. قوله (الكلأ) بالهمز وهو النبات يابساً ورضا وأما (العشب) والخلا مقصور فمختصان بالرطب والحشيش مختص باليابس وعطف العشب على الكلأ من باب عطف الخاص على العام والتخصيص بالذكر لفائدة الاهتمام به لشرفه ونحوه. قوله (أجادب) بالجيم والدال المهملة هي الأرض التي لا تنبت كلأ. وقال الخطابي: هي الأرض التي لا تمسك الماء فلا يسرع فيها النضوب وقالوا هو جمع جدب الذي هو القحط قال وقال بعضهم أحارب بالحاء المهملة والراء وبعضهم بها والدال وليس بشيء وبعضهم أجارد بالجيم والراء والمهملة قال وهو صحيح المعنى أن ساعدته الرواية والأجارد ما لا ينبت الكلأ معناه أنها جرداء بارزة لا يسترها النبات وبعضهم أخاذات بالخاء المعجمة والذال كذلك وبالألف والمثناة جمع إخاذة بكسر الهمزة وهي الغدير الذي يمسك الماء وقال صاحب المطالع هذه كلها مقبولة مروية. قوله (سقوا) قال أهل اللغة سقي وأسقي بمعنى لغتان وقيل سقاه ناوله ليشرب وأسقاه جعل له سقيا. قوله (زرعوا) وقع بدله في صحيح مسلم رعوا من الرعي. قوله (طائفة) أي قطعة أخرى من الأرض. و (القيعان) بكسر القاف جمع القاع وهي الأرض المستوية وقيل الملساء وقيل التي لا نبات فيها وهذا هو المراد في الحديث. قوله (فقه) الفقه الفهم يقال فقه بكسر القاف يفقه كفرح يفرح وأما الفقه الشرعي فقالوا يقال منه فقه بضم القاف وقال ابن دريد بكسرها كالأول والمراد هنا هذا الثاني فتضم القاف على المشهور وعلى قول الدريدي تكسر وقد روى بالوجهين والمشهور الضم. قوله (من لم يرفع بذلك رأساً) يعني تكبر يقال ذلك ويراد به أنه لم يلتفت إليه من غاية تكبره. قوله (هدى الله) اكتفى بذكر الهدى عن ذكر العلم لأن نفى قبوله مستلزم لنفي قبول العلم قيل إنما اختار الغيث من بين سائر أسماء المطر ليؤذن باضطرار الخلق

ص: 56

إليه حينئذٍ قال تعالى: (وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا) وقد كان الناس قبل المبعث قد امتُحنوا بموت القلب ونضوب العلم حتى أصابهم الله برحمة من عنده وإنما ضرب المثل بالغيث للمشابهة التي بينه وبين العلم فإن الغيث يحيي البلد الميت والعلم يحيي القلب الميت. النووي: معنى هذا التمثيل أن الأرض ثلاثة أنواع فكذلك الناس فالنوع الأول من الأرض ينتفع بالمطر فيحيا بعد أن كان ميتاً وينبت الكلأ فينتفع به الناس والدواب والنوع الأول من الناس يبلغه الهدى والعلم فيحفظه ويحيى قلبه ويعمل به ويعلمه غيره فينتفع وينفع والنوع الثاني من الأرض ما لا يقبل الانتفاع في نفسها لكن فيها فائدة وهي إمساك الماء لغيرها فينتفع به الناس والدواب وكذلك النوع الثاني من الناس لهم قلوب حافظة لكن ليست لهم أذهان ثاقبة ولا رسوخ لهم في العلم يستنبطون به الأحكام والمعاني وليس عندهم اجتهاد في العمل به فهم يحفظونه حتى يجيء أهل العلم للنفع والانتفاع فتأخذه منهم فتنتفع به فهؤلاء نفعوا بما بلغهم والثالث من الأرض هي السباغ التي لا تنبت فهي لا تنتفع بالماء ولا تمسكه لينتفع به غيرها فكذلك الثالث من الناس ليس لهم قلوب حافظة ولا أفهام واعية فإذا سمعوا العلم لا ينتفعون به ولا يحفظونه لنفع غيرهم أي الأول للمنتفع النافع والثاني للنافع غير المنتفع والثالث لغيرهما والأول إشارة إلى العلماء والثاني إلى النقلة والثالث إلى من لا علم له ولا نقل ولا يخفى أن دلالة اللفظ على كون الناس ثلاثة أنواع غير ظاهرة وفي الحديث أنواع من العلم منها ضرب الأمثال ومنها فضل العلم والتعليم ومنها الحث عليهما وذم الأعراض عنهما. الخطابي: هذا مثل ضرب لمن قبل الهدى وعلم ثم علم غيره فنفعه الله ونفع به ولمن لم يقبل الهدى فلم ينفع بالعلم ولم ينتفع به وأقول فعلى هذا التقدير لم يجعل الناس ثلاثة أنواع بل نوعان. الطيبي: والقسمة الثانية هي المقصود وذلك أن أصاب منها طائفة معطوف على أصاب أرضاً وكانت الثانية معطوفة على كانت لا على أصاب وقسمت الأرض الأولى إلى النقبة وإلى الأجادب والثانية على عكسها قالوا وفي وكانت ضمنت وتراً إلى وتر وفي أصاب شفعاً إلى شفع وهو نحو قوله تعالى: (أن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات) من جهة أنه خطف الإناث على الذكور أولاً ثم عطف الزوجين على الزوجين وكذا هنا عطف كانت على كانت ثم عطف أصاب على أصاب. فالحاصل أنه ذكر في الحديث الطرفان العالي في الاهتداء والعالي في الضلال فعبر عمن قبل هدى الله والعلم بقوله فقه وعمن أبى قبولها بقوله لم يرفع بذلك رأساً لأن ما بعدهما وهو نفعه إلى آخره في الأول ولم يقبل هدى الله إلى آخره في الثاني عطف تفسيري لفقه ولقوله لم يرفع وذلك لأن الفقيه هو الذي علم وعمل ثم علم غيره وترك الوسط وهو قسماته أحدهما الذي انتفع بالعلم في نفسه فحسب والثاني الذي لم ينتفع هو بنفسه ولكن نفع الغير

ص: 57

إِسْحَاقُ وَكَانَ مِنْهَا طَائِفَةٌ قَيَّلَتِ الْمَاءَ. قَاعٌ يَعْلُوهُ الْمَاءُ، وَالصَّفْصَفُ الْمُسْتَوِى مِنَ الأَرْضِ.

ــ

قال المظهري في شرح المصابيح: اعلم أنه ذكر في تقسيرم الأرض ثلاثة أقسام وفي تقسيم الناس باعتبار قبول العلم قسمين أحدهما من فقه ونفع الغير والثاني من لم يرفع به رأساً وإنما ذكره كذلك لأن القسم الأول والثاني من أقسام الأرض كقسم واحد من حيث أنه ينتفع به والثاني هو ما لا ينتفع به فكذلك الناس قسمان من يقبل ومن لا يقبل وهذا يوجب جعل الناس في الحديث على قسمين من ينتفع به ومن لا ينتفع وأما في الحقيقة فالناس على ثلاثة أقسام فمنهم من يقبل من العلم بقدر ما يعمل به ولم يبلغ درجة الإفادة ومنهم من يقبل ويبلغ به ومنهم من لا يقبل. أقول ويحتمل الحديث تثليث القسمة في الناس بأن يقدر قبل لفظة نفعه كلمة من بقرينة عطفه على من فقه كما جاء في قول الشاعر:

أمن يهجو رسول الله منكم

ويمدحه وينصره سواء

إذ تقديره ومن يمدحه وحينئذٍ يكون الفقيه بمعنى العالم باللفظ مثلاً وفي مقابلة الأجادب والنافع في مقابلة النقية على اللف والنشر الغير المرتبين ومن لم يرفع في مقابلة القيعان. فإن قلت لم حذف لفظ من قلت إشعاراً بأنهما في حكم شيء واحد أي في كونه ذا انتفاع في الجملة كما جعل للنقية والأجادب حكماً واحداً ولهذا لم يعطف بلفظ أصاب في الأجادب، فإن قلت لم كرر لفظ مثل في من لم يرفع. قلت لأنه نوع آخر مقابل لما تقدم. فإن قلت في الحديث تشبيهان أو تشبيه واحد. قلت تشبيهات متفرقة ومتعددة باعتبار الأجزاء كتشبيه ما بعثه الله به بالغيث الكثير وكتشبيه أنواع الناس بأنواع الأرض ونحوهما. فإن قلت هما من أي قسم من أقسام التشبيه. قلت الأول من تشبيه المعقول بالمحسوس والثاني من تشبيه المحسوس بالمحسوس ويحتمل أن يكون تشبيهاً واحداً من باب التمثيل أي تشبيه صفة العلم الواصل إلى أنواع الناس من جهة اعتبار النفع وعدمه بصفة المطر المصيب إلى أنواع الأرض من تلك الجهة. فإن قلت فقوله فذلك مثل من فقه هل هو داخل في التشبيه أو هو تشبيه آخر. قلت هو تشبيه آخر ذكر كالنتيجة للأول ولبيان المقصود منه. قوله (قال أبو عبد الله) أي الإمام البخاري صاحب الجامع (قال إسحاق) وفي بعض النسخ بعده عن أبي أسامة يعني حماد بن أسامة والمقصود منه أنه روى إسحاق عن حماد لفظ طائفة بدل ما روى محمد بن العلاء عن

ص: 58