الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الاِغْتِبَاطِ فِى الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ
. وَقَالَ عُمَرُ تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا.
ــ
معانيه وأحكامه وقد نفي عليه السلام العلم ممن لا فهم له بقوله «رب حامل فقه لا فقه له» وقال مالك ليس العلم بكثرة الرواية وإنما هو نور يضعه الله تعالي في القلوب بذلك فهم المعاني فمن أراد الفهم فليحضر خاطره ويفرغ ذهنه ة ينظر إلي بساط الكلام ومخرج الخطاب ويتدبر اتصاله بما قبله وانفصاله منه ثم يسأل ربه أن يلهمه إلي إصابة المعني ولا يتم ذلك إلا لمن علم كلام العرب ووقف علي أغراضها في تخاطبها وأيد بجودة قريحة وثاقب ذهن ألا نري أن ابن عمر فهم من بساط الحديث ونفس القصة أن الشجرة هي النخلة لسؤاله صلي الله عليه وسلم لهم عنها حين أتي بالجمار وقوي ذلك عنده بقوله له عز وجل «ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة» وقال العلماء هي النخلة شبهها الله تعالي بالمؤمن وقول مجاهد أنه صحب ابن عمر إلي المدينة فلم يحدث إلا حديثا واحدا فذلك والله أعلم لأنه كان متوقيا الحديث عن النبي صلي الله عليه وسلم وقد كان علم قول أبيه رضي الله عنهما أقلوا الحديث عن رسول الله صلي الله عليه وسلم وأنا شريككم (باب الاغتباط) الغبطة لغة أن يتمني مثل حال المغبوط من غير أن يريد زوالها عنه والحسد أن تتمني زوال نعمة المحسود إليك وبناء باب الافتعال منها يدل علي التصرف ة السعي فيها (والحكمة) معرفة الأشياء علي ما هي عليه فهي مرادفة للعلم فالعطف عليه من باب العطف التفسيري إلا أن العلم بالمعني الأعم من اليقين المتناول للظن أيضا أو يفسر الحكمة بما يتناول سداد العمل أيضا. قوله (وقال عمر) هو ليس من تمام الترجمة إذ لم يذكر بعده شيء يكون هذا متعلقا به إلا أن يقال الإغتباط في الحكمة علي القضاء لا يكون إلا قبل كون الغابط قاضيا ويؤول حينئذ وقال عمر بمعني المصدر أي قول عمر ابن بطال وقال عمر ذلك لأن من سوده الناس يستحي أن يقعد مقعد المتعلم خوفا علي رياسته عند الناس وقال يحي بن معين من عاجل الرياسة فاته علم كثير وقيل أن السيادة تحصل بالعلم وكلما زاد العلم زادت السيادة فقصد عمر رضي الله عنه الحث علي الزيادة منه قبل السيادة لتعظم السيادة به وفي بعض النسخ بدل تفهموا تفقهوا وكلاهما بمعني الأمر ولفظ تسودوا بفتح الواو المشددة مشتقا من التسويد الذي من السيادة وفي بعضها وجد بعده «وقال أب عبد الله» أي البخاري «وبعد أن تسودوا وقد تعلم أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم في كبر سنهم» وأقول ولا بد من كقدر يتعلق به لفظ وبعد والمناسب أن يقدر لفظ تفهموا بمعني الماضي فيكون لفظ تسودوا بفتح التاء ماضيا كما أن يحتمل أن يكون تسودوا من التسويد الذي من السواد أي بعد لأن سودوا لحيتهم مثلا أي في كبرهم أو أي بعد زوال السواد أي
72 -
حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِىُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ قَالَ حَدَّثَنِى إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِى خَالِدٍ عَلَى غَيْرِ مَا حَدَّثَنَاهُ الزُّهْرِىُّ قَالَ سَمِعْتُ قَيْسَ بْنَ أَبِى حَازِمٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «لَا حَسَدَ إِلَاّ فِى اثْنَتَيْنِ رَجُلٌ آتَاهُ
ــ
في الشيب والله أعلم بحقيقة الحال. قوله (الحميدي) بصيغة التصغير منسوبا هو أبو بكر عبد الله ابن الزبير بن عيسي المكي القرشي صاحب الشافعي وأخذ عنه ورحل معه إلي مصر ولما مات الشافعي رجع إلي مكة وكان رئيس أصحاب سفيان بن عيينة في أول إسناد هذا الكتاب. قوله (سفيان) هو ابن عيينة ومر مرارا. و (إسماعيل) هو أبو عبد الله بن أبي خالد بالخاء المعجمة اسمه هرمز أو سعيد أو كثير بالمثلثة وهو مجلي بالموحدة والجيم المفتوحتين أحمسي بالحاء والسين المهملتين كوفي تابعي وكان يسمي بالميزان وكان طحانا مر في باب المسلم من سلم المسلمون. قوله (علي غير ما حدثناه الزهري) برفع الزهري لأنه فاعل حدث والغرض من ذكره الإشعار بأنه سمع ذلك من إسمعيل علي وجه غير الوجه الذي سمع من الزهري إما مغايره في اللفظ وإما مغايرة في الإسناد وإما في غير ذلك وفائدته التقوية والترجيح بتعداد الطرق. قوله (قيس) بفتح القاف وبالسين المهملة هو أبو عبد الله بن أبي حازم بالحاء المهملة والزاي واسمه عوف بن الحارث الصحابي البجلي الأحمسي الكوفي وقيس أدرك الجاهلية وأسلم وجاء إلي النبي صلي الله عليه وسلم ليبايعه فوجده قد توفي وهو في الطريق وليس في التابعين من روي عن العشرة المبشرة إلا هو وقيل لم يرو عن عبد الرحمن بن عرف تقدم في باب الدين نصيحة، وقال معاوية بن صالح قيس أوثق من الزهري. قوله (لا حسد إلا في اثنتين) أي لا حسد في شيء إلا في اثنتين. فإن قلت ما هذه الظرفية وكيف هي والحسد موجود في الحاسد لا فيهما قلت معناه لا حسد للرجل إلا في شأن اثنتين. فإن قلت الحسد قد يكون في غيرهما فكيف يصح الحصر قلت المقصود لا حسد جائز في شيء إلا في اثنتين أولا رخصة في الحسد إلا في اثنتين. فإن قلت لا حسد إلا في غير هذين الاثنين فأن ما فيهما غبطة لا حسد. قلت أطلق الحسد وأراد الغبطة ولهذا عبر البخاري عنه بلفظ الاغتباط. الخطابي: معني الحسد ههنا شدة الحرص والرغبة بالحسد عنهما لأنه سببه والداعي إليه ومعني الحديث الترغيب في التصدق بالمال وتعليم العلم وقيل أن فيه تخصيصا لإباحة نوع من الحسد وإخراجا له من جملة ما حظر منه وإنما فيهما لما يتضمن مصلحة في الدين