المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب إثم من كذب على النبى صلى الله عليه وسلم - الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري - جـ ٢

[الكرماني، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العلم

- ‌باب فَضْلِ الْعِلْمِ

- ‌بابٌ من سُئِل عِلماً

- ‌باب من رفع صوته بالعلم

- ‌باب قَوْلِ الْمُحَدِّثِ حَدَّثَنَا أَوْ أَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا

- ‌باب طَرْحِ الإِمَامِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ

- ‌باب مَا جَاءَ فِى الْعِلْمِ

- ‌باب مَا يُذْكَرُ فِى الْمُنَاوَلَةِ

- ‌باب من قعدَ حيث ينتهي بهِ المجلِسُ

- ‌باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ»

- ‌باب الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ

- ‌باب مَا كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ

- ‌ بابٌ من جعل لأهل العلم أياَمًا معلومة

- ‌باب مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ

- ‌باب الفهم في العلم

- ‌باب الاِغْتِبَاطِ فِى الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ

- ‌باب مَا ذُكِرَ فِى ذَهَابِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم فِى الْبَحْرِ إِلَى الْخَضِرِ

- ‌باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ»

- ‌باب متى يصحُّ سماعُ الصّغير

- ‌باب الْخُرُوجِ فِى طَلَبِ الْعِلْمِ

- ‌باب فضل من عَلِمَ وعلَّم:

- ‌باب رَفْعِ الْعِلْمِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ

- ‌بابُ فَضلِ العِلم:

- ‌بابُ الفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ مَنْ أَجَابَ الفُتْيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّاسِ

- ‌باب تَحْرِيضِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ

- ‌بَابُ الرِّحْلَةِ فِي المَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ

- ‌بَابُ التَّنَاوُبِ فِي العِلْمِ

- ‌باب الْغَضَبِ فِى الْمَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ

- ‌بَابُ مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ الإِمَامِ

- ‌باب مَنْ أَعَادَ الْحَدِيثَ ثَلَاثاً لِيُفْهَمَ عَنْهُ

- ‌ بَابُ تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَأَهْلَهُ

- ‌بَابُ عِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ وَتَعْلِيمِهِنَّ

- ‌بَابُ الحِرْصِ عَلَى الحَدِيثِ

- ‌باب كَيْفَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ

- ‌باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم

- ‌باب من سمع شيئا فراجعه حتى يعرفه

- ‌باب لِيُبَلِّغِ الْعِلْمَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ

- ‌باب إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌باب كتابة العلم

- ‌باب العلم والعظة بالليل

- ‌باب السمر بالعلم

- ‌باب حفظ العلم

- ‌باب الإنصات للعلماء

- ‌باب مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَيَكِلُ الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ

- ‌باب مَنْ سَأَلَ وَهْوَ قَائِمٌ عَالِماً جَالِساً

- ‌باب السؤال والفتيا عند رمي الجمار

- ‌باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَاّ قَلِيلاً)

- ‌باب مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الاِخْتِيَارِ مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ فَيَقَعُوا فِى أَشَدَّ مِنْهُ

- ‌باب مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَفْهَمُوا

- ‌باب الْحَيَاءِ فِى الْعِلْمِ

- ‌باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال

- ‌باب ذكر العلم والفتيا في المسجد

- ‌باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله

- ‌كتاب الوضوء

- ‌باب مَا جَاءَ فِى الْوُضُوءِ

- ‌باب لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ

- ‌باب فَضْلِ الْوُضُوءِ، وَالْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ

- ‌باب لَا يَتَوَضَّأُ مِنَ الشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ

- ‌باب التَّخْفِيفِ فِى الْوُضُوءِ

- ‌باب إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ

- ‌باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة

- ‌باب التسمية على كل حال وعند الوقاع

- ‌باب مَا يَقُولُ عِنْدَ الْخَلَاءِ

- ‌باب وضع الماء عند الخلاء

- ‌باب لَا تُسْتَقْبَلُ الْقِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ إِلَاّ عِنْدَ الْبِنَاءِ جِدَارٍ أَوْ نَحْوِهِ

- ‌باب من تبرز على لبنتين

- ‌باب خروج النساء إلى البراز

- ‌باب التبرز في البيوت

- ‌باب الاستنجاء بالماء

- ‌باب من حمل معه الماء لطهوره

- ‌باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء

- ‌باب النهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌باب لَا يُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ إِذَا بَالَ

- ‌باب الاستنجاء بالحجارة

- ‌باب لَا يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ

- ‌باب الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌باب الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ

- ‌باب الْوُضُوءِ ثَلَاثاً ثَلَاثاً

- ‌باب الاِسْتِنْثَارِ فِى الْوُضُوءِ

- ‌باب الاستجمار وترا

- ‌باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين

- ‌باب الْمَضْمَضَةِ فِى الْوُضُوءِ

- ‌باب غَسْلِ الأَعْقَابِ

- ‌باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين

الفصل: ‌باب إثم من كذب على النبى صلى الله عليه وسلم

‌باب إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم

106 -

حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْجَعْدِ قَالَ أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ قَالَ أَخْبَرَنِى مَنْصُورٌ قَالَ سَمِعْتُ رِبْعِىَّ بْنَ حِرَاشٍ يَقُولُ

ــ

النفسانية. قوله {كان ذلك} فان قلت إشارة إلى ماذا إذ لا يحتمل أن يشار به إلى ليبلغ الشاهد وهو أمر لأن التصديق والتكذيب من لوازم الخير. قلت إما أن تكون الرواية عند ابن سيرين ليبلغ بفتح اللام فيكون خبرا وإما أن يكون الأمر في معنى الخبر ومعناه إخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بأنه سيقع التبليغ فيما بعد وإما يكون إشارة إلى تتمة الحديث وهو أن الشاهد يمسى أن يبلغ من هو أوعى منه يعني وقع تبليغ الشاهد أو إلى ما بعده وهو التبليغ الذي في ضمن الأهل بلغت يعني وقع تبليغ الرسول عليه السلام إلى الأمة وذلك نحو قوله تعالى «هذا فراق بيني وبينك» . قوله {ألا} بتخفيف اللام كأنه قال ألا يا قوم هل بلغت أي هل عملت بمقتضى قول الله تعالى «بلغ ما أنزل إليك» قوله {مرتين} هو متعلق بقال مقدرا أي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين ألا هل بلغت فان قلت لم قدرت قال وما جعلته من تتمة قال المذكور في اللفظ وبكون وكان محمد إلى أخره جملة معترضة. قلت حينئذ يلزم أن يكون مجموع هذا الكلام مقولا مرتين ولم يثبت ذلك وفي الحديث بيان حرمة القتل وحرمة الغضب وحرمة الغيبة وتكرار الكلام للتأكيد والتقرير وسائر أحكامه تقدم في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم رب مبلغ قال ابن بطال لما أخذ الله تعالى على أنبيائه الميثاق في تبليغ دينه لأممهم وجعل العلماء ورثة الأنبياء وجب عليهم أيضا التبليغ والنشر حتى يظهر على جميع الأديان وكان في عصره فرض عين وأما اليوم فهو فرض كفاية لانتشار الدين وعمومه والله تعالى أعلم {باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم} قوله {علي بن الجعد} بفتح الجيم وسكون العين المهملة وبإهمال الدال الجوهري البغدادي مر في باب أداء الخمس من الإيمان. و {منصور} هو ابن المعتمر أبو عتاب بفتح المهملة والمثناة الفوقانية المشددة الكوفي وكان متعبدا مجتهدا قالت فتاة لأبيها يا أبت الأسطوانة التي كانت في دار منصور ما فعلت قال يا بنية ذاك منصور يصلي بالليل فمات وقال ابن المديني إذا حدثك ثقة عن منصور فقد ملأت يديك لا تريد غيره مر في باب من جعل لأهل العلم أياما قوله {ربعي} بكسر الراء وسكون الموحدة وكسر المهملة وشدة الياء {ابن حراش} بكسر المهملة وبالراء الخفيفة وبالشين المنقطة وليس في الصحيحين حراش بالحاء المهملة سواء ابن جحش بالجحيم المفتوحة والمهملة الساكنة وبالمعجمة العبسى بالمهملة المفتوحة والموحدة الساكنة والمهملة الكوفي الأعور العابد الودع مات سنة يقال لم يكذب قط وكان له ابنان عاصيان

ص: 108

سَمِعْتُ عَلِيًّا يَقُولُ قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم «لَا تَكْذِبُوا عَلَىَّ، فَإِنَّهُ مَنْ

ــ

على الحجاج فقيل للحجاج أن أباها لم يكذب كذبة قط لو أرسلت إليه فسألته عنهما فأرسل إليه فقال هما في البيت فقال قد عفوت عنهما لصدقك وحلف أنه لا يضحك حتى يعلم أين مصيره إلى الجنة أو النار فما ضحك إلا بعد موته ولو أخوان مسعود وهو الذي تكلم بعد الموت وربيع وهو أيضا حلف إن لا يضحك حتى يعرف في الجنة أم لا يقال غاسله انه لم يزل متبسما على سريره حتى فرغنا وقال ابن المديني لم يرو عن مسعود شيء إلا كلامه بعد الموت والربعي بحسب اللغة المنسوب إلى الربع والحراش جمع الحرش وهو الأثر. قوله {عليا} هو علي بن أبي طالب بن عبد المطلب ابن هاشم بن عبد مناف الهاشمي المدني الكوفي أمير المؤمنين ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم واسم أبي طالب عبد مناف علي المشهور وأم علي فاطمة بنت أسد ابن هشام بن عبد مناف وهي أول هاشمية ولدت هاشميا أسلمت وهاجرت إلى المدينة وتوفيت في حياة رسول الله وصلى عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل في قبرها وكنينة على أبو الحسن وكناه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا تراب وهو أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمؤاخاة قال له أنت أخي في الدنيا والآخرة وصهره على فاطمة سيدة نساء العالمين وأبو السبطين وأول هاشمي ولد بين هاشمين وأول خليفة من بني هاشم وأحد العشرة المبشرة بالجنة وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض وأحد الخلفاء الراشدين وأحد العلماء الربانيين والشجعان المشهورين والزهاد المذكورين وأحد السابقين إلى الإسلام واختلف العلماء في أول من أسلم من الأمة فقيل خديجة وقيل أبو بكر وقيل على والصحيح خديجة ثم أبو بكر ثم علي والأروع أن يقال أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر ومن الصبيان علي ومن النساء خديجة ومن الموالي زيد بن حارثة ومن العبيد بلال واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر من مكة أن يقيم بها أياما حتى يؤدي عنه أمانته ثم يلحقه بأهله وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد إلا تبوك فان النبي صلى الله عليه وسلم استحلفه فيها على المدينة وهو قال يا رسول الله أتحلفني في النساء والصبيان فقال أما ترضى أن تكون معي بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي وأصابته يوم أحد ست عشرة ضربة وأعطاه الراية يوم خبير وأخبر أن الفتح يكون غلى يده وأحواله في الشجاعة مشهورة وأما علمه فكان من العلوم بالمحل الأعلى روى له عن رسول الله عليه وسلم خمسمائة حديث وستة ثمانون حديثا ذكر البخاري منها تسعة وعشرين وسؤال كبار الصحابة ورجوعهم إلى فتواه وأقواله في المسائل المعضلات أيضا مشهور وأما زهده فهو مما اشترك في معرفته الخاص والعام وكان الحاصل من غلته أربعين

ص: 109

ألف دينار وكلها جعلها للصدقة وكان عليه إزار غليظ اشتراه بخمسة دراهم ولم يترك حين توفي إلا ستمائة درهم أعدها ليشتري بها خادما إلى أهله والأحاديث الواردة في الصحاح في فضله كثيرة ولي الخلافة خمس سنين بويع له في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي الحجة سنة خمس وثلاثين قال ابن المسبب لما قتل عثمان جاء الصحابة وغيرهم إلى دار علي فقالوا نبايعك فأنت أحق بها فقال أنما ذلك إلى أهل بدر فمن رضوا به فهو الخليفة فلم يبق أحد إلا أتى عليا فلما رأى ذلك خرج إلى المسجد فصعد المنبر فبايعه طلحة ثم بايعه الباقون. قال النووي نقلوا عنه آثارا كثيرة تدل على أنه رضي الله عنه علم السنة والشهر والليلة التي يقتل فيها وأنه لما خرج إلى صلاة الصبح حين خرج صاحت الزواقي أي الديوك في وجهه فطردن عنه فقال دعوهن فأنهن نواثح وقال أهل السير انتدب ثلاثة من الخوارج عبد الرحمان بن ملجم الحميري ورجلان آخران تميمان واجتمعوا بمكة وتعاقدوا ليقتلن عليا ومعاوية وعمرو بن العاص فقال ابن ملجم أنا لعلي وأحدهما أنا لمعاوية والأخر أنا لعمرو وتواعدوا ليلة سبع عشرة من رمضان فتوجه كل واحد إلى المصر الذي فيه صاحبه الذي يريد قتله فضرب ابن ملجم عليا بسيف مسموم في جبهته فأوصله دماغه ليلة الجمعة وتوفي ليلة الأحد التاسع عشر من رمضان سنة أربعين وغسله الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر ولما ضربه قال فزت ورب الكعبة وكتب وصيته فلما فرغ من الوصية قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ثم لم يتكلم إلا لا اله إلا الله حتى توفي ودفن في السحر وصلى عليه ابنه الحسن وكان عنده فضل من حنوط رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى أن يحنط به توفي وهو ابن ثلاث وستين سنة على الأصح وكان إذ اللون ربعة أبيض الرأس واللحية كانت لحيته كثة طويلة حسن الوجه كأنه القمر ليلة البدر ضحوك السن ودفن بالكوفة رضي الله عنه. قوله {لا تكذبوا علي} فان قلت هل فرق بين كذب عليه وكذب له أم الحك فيهما. سواء. قلت عنى كذب عليه السلام أم لا. قلت نعم المراد من الكذب عليه الكذب في الأحكام الدينية. فان قلت الكذب من حيث هو معصية فكل كاذب عاص وكل عاص يلج النار لقوله تعالى «ومن يعص الله ورسوله فان له نار جهنم» فما فائدة لفظ علي فان الحكم عام في كل من كذب على أحد قلت لا شك أن الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم أشد من الكذب على غيره لكونه مقتضيا شرعا عاما باقيا إلى يوم القيامة فخصص بالذكر لذلك أو الكذب عليه كبيرة وعلى غيره صغيرة والصفائر مكفرة عند الاجتناب عن الكبائر أو المراد من قوله ومن يعص الله الكبيرة. فان قلت الشرط سبب للحزاء فكيف يتصور سببية الكذب للأمر بالولوج نفسه قلت

ص: 110

كَذَبَ عَلَىَّ فَلْيَلِجِ النَّارَ»

107 -

حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ جَامِعِ بْنِ شَدَّادٍ عَنْ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْتُ لِلزُّبَيْرِ إِنِّى لَا

ــ

هو سبب للازمة لأن لازم الأمر الإلزام وكون الكذب سببا لإلزام الولوج معنى صحيح، فان قلت ما معنى الكذب. قلت فيه ثلاثة مذاهب مذهب الحق أن الكذب عدم مطابقة الواقع والصدق مطابقته والثاني أنهما مطابقة الاعتقاد ولا مطابقته والثالث مطابقة الواقع مع اعتقاد المطابقة ولا مطابقته مع اعتقاد اللامطابقة وعلى الأخير يكون بينهما الواسطة. النووي: معنى الحديث أن هذا جزاؤه وقد يجازي به وقد يعفو الله تعالى عنه ولا يقطع عليه بدخول النار وهكذا تبديل كل ما جاء من الوعيد بالنار لأصحاب الكبائر غير الكفر ثم ان جوزي وأدخل النار فلا يخلد فيها بل لابد من خروجه منها بفضل الله تعالى ورحمته. قوله {حدثنا أبو الوليد} هو هشام بن عبد الملك الطيالسي البصري شيخ الإسلام مر في باب علامة الإيمان حب الأنصار. قوله {جامع} بالجيم {ابن شداد} بالمعجمة وبالمهملتين الأولى نهما مشددة أبو صخرة الأسدي الكوفي مات سنة ثمان عشرة ومائة روى له الجماعة. قوله {عامر بن عبد الله بن الزبير} بن العوام الأسدي القرشي اشترى نفسه من الله ست مرات مات سنة أربع وعشرين ومائة. قوله {عن أبيه} أي عبد الله بن الزبير بن العوام وهو أبو بكر ويقال أبو خبيب بضم الخاء المعجمة وفتح الموحدة الأولى وسكون المثناة التحتانية بينهما الصحابي ابن الصحابي أمير المؤمنين وهو أول مولود ولد في الإسلام للمهاجرين بالمدينة ولدته أمه أسماء بنت الصديق بقاء وأتت به النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه في حجره ودعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فمه وحنكه فكان أول شيء دخل جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا له وكان أطلس لا لحية له روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة وثلاثون حديثا روى البخاري منها ستة وهو أحد العبادلة الأربعة هو وابن عمرو ابن عباس وابن عمر وأما ابن مسعود فليس منهم. وقول الجوهري أنه منهم تقدم بيان غلطة وكان صواما قواما وصولا للرحم عظيم المجاهدة قس الدهر ثلاث ليال يصلى قائما وليلة راكعا وليلة ساجدا حتى الصباح وغزا افريقية فأتاهم ملكهم في مائة ألف وعشرين ألفا والمسلمون عشرون ألفا فنظر ابن الزبير ملكهم قد خرج من عسكره فأخذ ابن الزبير جماعة وقصده فقتله وكان الفتح غلى يده ولما مات يزيد بن معاوية بويع له بالخلافة سنة أربع وستين واجتمع على طاعته أهل الحجار واليمين والعراق وخراسان ما عدا الشام وجدد عمارة

ص: 111

أَسْمَعُكَ تُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا يُحَدِّثُ فُلَانٌ وَفُلَانٌ. قَالَ أَمَا إِنِّى لَمْ أُفَارِقْهُ وَلَكِنْ سَمِعْتُهُ يَقُولُ «مَنْ كَذَبَ عَلَىَّ فَلْيَتَبَوَّا مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ»

ــ

الكعبة وجعل ما لها بابين وحج بالناس ثماني حجج وبقى في الخلافة إلى أن حصره الحجاج بمكة أول ليلة من ذي الحجة سنة ثنتين وسبعين وحج الحجاج بالناس ولم يزل يحاصره إلى أن أصابته رمية حجر فمات وصلب جثته وحمل ر أسه إلى خراسان رضي الله عنه. قوله {للزبير} بضم الزاي أي لأبيه أي عبيد الله بن العوام بتشديد الواو القرشي أحد العشرة المبشرة وأحد الستة أصحاب الشورى وأحد المهاجرين بالهجرتين وحواري النبي صلى الله عليه وسل وأمه صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم أسلمت وأسلم هو رابع أربعة أو خامس خمسة علي الصديق رضي الله عنه وهو ابن ست عشرة سنة فعذبه عمه بالدخان ليترك الإسلام فلم يفعل وهاجر إلى أرض الحبشة وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمه صفية بنت عبد المطلب عمة النبي صلى الله عليه وسلم أسلمت وأسلم هو رابع أربعة أو خامس خمسة على يد الصديق رضي الله عنه وهو ابن ست عشرة سنة فعذبه عمه بالدخان ليترك الإسلام فلم يفعل وهاجر إلى أرض الحبشة وشهد المشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية وثلاثون حديثا ذكر البخاري تسعة منها وهو أول من سل السيف في سبيل الله وثبت مع النبي صلى الله عليه وسل يوم أحد كان أبيض معتدل اللحم خفيف العارضين ومناقبه كثيرة سيأتي بعضها وترك الزبير يوم الجمل القتال وانصرف عنه فلحقه جماعة من الغواة فقتلوه بوادي السباغ بناحية البصرة ودفن ثمة ثم حول الى البصرة وقبره مشهور بها. قوله {لا أسمك} وفي بعضها إني لا أسمك تحدث ومعناه لا أسمع تحديثك وتحدث قد حدث مفاعيله الثلاث. قوله {أما} مخففة الميم من حروف التنبيه {وإني} بكسر الهمزة {ولم أفارقه} أي لم أفارق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأراد به عدم المفارقة العرفية أي ما فارقته سفرا ولا حضرا على عادة من يلازم الملوك. فان قلت قد هاجر إلى الحبشة. قلت ذلك قبل ظهور شوكة الإسلام أي ما فارقت عند ظهوره أو أي في أكثر الأحوال. قوله {لكني} وفي بعضها لكني ويجوز في إن وأخواتها إلحاق نون الوقاية بها وعدم الإلحاق. فان قلت شرط لكن أن تتوسط بين كلامين متغايرين فما هما هنا. قلت لازم عدم المفارقة السماع ولازم السماع التحديث عادة ولازم الحديث الذي ذكره في الجواب عدم التحديث فبين اللازمين منافاة فضلا عن المغايرة. فات قلت المناسب لسمعت قال ليوافقا مضيا فما الفائدة في العدول إلى المضارع. قلت استحضار صورة القول للحاضرين والحكاية عنها كأنه يريهم أنه قائل به الآن. قوله {فليتبوأ} بكسر اللام هو الأصل وبالسكون هو المشهور والتبوء اتخاذ المباءة يقال: تبوأ الرجل المكان إذا اتخذه موضعا لمقامه. الجوهري

ص: 112

تبوأت منزلا أي نزلته. الخطابي: ظاهرة أمر ومعناه خبر يريد أن الله يبوئه مقعدة من النار. قال ولم يخف الزبير على نفسه من الحديث أن يكذب فيه عمدا ولكنه خاف أن يزل أو يخطئ فيكون ما يحرى من الغلط فيه كذبا إذ لم يتيقن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قاله وفيه من العلم أنه لا يجوز الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشك وغالب الظن حتى يتيقن سماعه ويعلم صحته قال ابن بطال. قيل التبوء إن كان إلى الكاذب فلا شك أنه لا يبوئ نفسه وله إلى تركه سبيل وإن كان إلى الله فأمر العبد بما لا سبيل إليه غير جائز وأجيب بأنه بمعنى الدعاء أي بوأه الله. فان قيل أذلك عام في كل كذب أم خاص. قلنا اختلفوا فيه فقيل معناه الخصوص أي الكذب في الدين كأن نسب إليه تحريم حلال أو تحليل حرام وقيل كان ذلك في رجل بعينه كذب على الرسول صلى الله عليه وسلم في حياته وادعى عند قوم أنه بعثه إليهم ليحكم فيهم واحتجاج الزبير به بنفي التخصيص فهو عام في كل كذب ديني وديناوي. الطيبي: الأمر بالتنبؤ تهكم وتغليظ إذ لو قيل كان مقعدة في النار لم يكن كذلك وأيضا فيه إشارة إلى معنى القصد في الذنب وجزائه أي كما أنه قصد في الكذب التعمد فليقصد في جزائه التبوء أقول وأحتمل أن يكون الأمر على حقيقته بأن يكون معناه من كذب فيأمر نفسه بالتبوء ويلزم عليه في قوله فليتبوأ أتوج يهات أربعة. فان قلت من قصد الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن في الواقع كذبا هل يأثم. قلت يأثم لكن لا بسبب الكذب بل بسبب قصد الكذب لأن قصد المعصية معصية إذا تجاوز عن درجة الوسوسة فلا يدخل تحت الحديث. النووي: الحديث يشتمل على فوائد منها تقرير قاعدة لأهل السنة أن الكذب يتناول إخبار العامد والساهي عن الشيء بخلاف ما هو عليه ومنها تعظيم تحريم الكذب عليه صلى الله عليه وسلم وأنه فاحشة عظيمة ولكن لا يكفر بهذا الكذب إلا أن يستحله هذا هو المشهور وحكى إمام الحرمين عن والده أنه يكفر ويراق دمه ثم إن من كذب عليه صلى الله عليه وسلم عمدا في حديث واحد فسق وردت رواياته أبدا بل تحتم جرحه دائما. قال وقلت هذا مخالف للقواعد والمختار القطع بصحة توبته وقبول روايته بعدها وقد أجمعوا على صحة رواية من كان كافرا فأسلم ومنها أنه لا فرق في تحريم الكذب عليه بين ما كان في الأحكام وما لا حكم فيه كالترغيب والترهيب والمواعظ وكله حرام من أكبر الكبائر خلافا للكرامية حيث جوزوا وضع الحديث فيما لا حكم فيه وأما توقف الزبير في الرواية والإكثار منها فلكونه خاف الغلط والنسيان والغالط والناسي وإن كان لا إثم عليه فقد ينسب إلى تفريط لتساهله أو نحوه وقد يعلق بالناس بعض الأحكام الشرعية كغرامات المتلفات وانتفاض الطهارات قال وهذا الحديث حديث في نهاية من الصحة وقيل لأنه متواتر وحكى الإمام أبو بكر الصيرفي في شرحه

ص: 113

108 -

حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ قَالَ أَنَسٌ إِنَّهُ لَيَمْنَعُنِى أَنْ أُحَدِّثَكُمْ حَدِيثاً كَثِيراً أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم قَال «مَنْ تَعَمَّدَ عَلَىَّ كَذِباً فَلْيَتَبَوَّا مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ» .

109 -

حَدَّثَنَا مَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ

ــ

لرسالة الشافعي أنه روى عن أكثر من ستين صحابيا مرفوعا وقال بعض الحفاظ أنه روى عن اثنين وستين صحابيا وفيهم العشرة المبشرة إلا هذا ولا حديث يروى عن أكثر من ستين صحابيا إلا هذا وقال بعضهم رواه مائتان من الصحابة قال ابن الصلاح ثم لم يزل عدده في ازدياد وهلم جرا علة التوالي والاستمرار وليس في الأحاديث ما في مرتبته من التواتر وقيل لم يوجد من الحديث مثال للتواتر إلا ذلك. قوله {حدثنا أبو معمر} بفتح الميين وسكون المهملة بينهما وبالراء المشهور بالقعد عبد الله بن عمرو بن الحجاج المنقري البصري. قوله {عبد الوارث} أي ابن سعيد بن ذكروان التيمي القرشي البصري وتقدما في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم عليه الكتاب. قوله {عبد العزيز} أي ابن صهيب بضم المهملة وفتح الهاء الأعمى البصري البناني بضم الموحدة وبالنونين مر في باب حب الرسول من الإيمان. قوله {حديثا} المراد به جنس الحديث ولهذا جاز وقوع الكثير صفة له لا حديث واحد ولا يلزم اجتماع الواحد والكثرة فيه والحديث إذا أطلق في عرف المتشرعة يراد به حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ولفظ منع متعد إلى مفعولين وإن المخففة مع معمولها هو المفعول الأول والمشددة مع الاسم والخبر في محل الرفع بأنه فاعل أي ليمنعني قول النبي صلى الله عليه وسلم كثرة الحديث. فان قلت الحديث لا يمنع كثرة الحديث الصادق بل يجب التكثير والتبليغ إذا كان صدقا فكيف جعله مانعا قلت كثرة الحديث وإن كان صدقا ينجر إلى الكذب غالبا عادة ومن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه فالتقليل للاحتراز عن الانجرار إليه ولو كان وقوعه على سبيل الندرة. قوله {كذبا} عام في جميع أنواع الكذب لأن النكرة في سياق الشرط كالنكرة في سياق النفي في إفادة العموم. قوله {مكى} بالكاف والياء المشددتين {ابن إبراهيم} أبو السكن بالمهملة والكاف المفتوحتين البلخي التميمي ولد سنة ست وعشرين ومائة مر في باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد. قوله {يزيد} معروف مضارع الزيادة {ابن أبي عبيد} مصغر العبد الأسلمي مولى بن الأكوع أبو خالد توفي سنة

ص: 114

عَنْ سَلَمَةَ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ «مَنْ يَقُلْ عَلَىَّ مَا لَمْ أَقُلْ

ــ

ست أو سبع وأربعين ومائة روى له الجماعة. قوله {سلمة} بالمهملة واللام المفتوحتين ابن الأكوع بفتح الهمزة وسكون الكاف وفتح الواو وبالمهملة وهو لغة المعوج الكوع أي طرف الزند الذي يلي الإبهام واسم الأكوع سنان بن عبد الله الأسلي المدني وسلمة يكنى بأبي مسلم أو أبي اياس أو أبي عامر وقيل هو ابن عمر وبن الأكوع شهد بيعة الرضوان وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ ثلاث مرات في أول الناس وأوسطهم وأخرهم روى له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة وسبعون حديثا خرج البخاري منها واحدا وعشرين وكان شجاعا راميا محسنا يسبق الفرس فاضلا خيرا سكن الربذة ويقال انه كلة الذئب قال سلمة رأيت الذئب وقد أخذ ظيبا فطلبته حتى نزعته منه فقال ويحك مالي ولك عمدت إلى رزق رزقنيه الله ليس من مالك فنزعته مني قال قلت يا عباد الله إن هذا لعجب ذئب يتكلم فقال الذئب أعجب منه أن رسول الله صلى الله عليه وسل في أصول النخل يدعوكم إلى عبادة الله وتأبون إلا عبادة الأوثان قال فلحقت برسول الله صلى الله عليه وسل فأسلمت مات سنة أربع وسبعين بالمدينة وهو ابن ثمانين سنة. قوله {ما لم أقل} أي لم أقله والعائد المفعول يجوز حذفه. فان قلت أهذا مختص بالقول أم يتناول نسبة فعل إليه لم يفعله. قلت اللفظ خاص بالقول لكن لا شك أن الفعل في معناه لاشتراكهما في علة الامتناع وهو الجسارة على الشريعة ومشرعها صلوات الله وسلامه عليه وكلمة من في النار يحتمل أن تكون بيانية وابتدائية. فان قلت اختلاف الروايات في الألفاظ مع المعاني نحو من تعمد على كذبا ومن يقل على ما لم أقل ومن كذب على معتمدا هل يقال أنه متواثر. قلت مثله يسمى بالتواثر من جهة المعنى أي القدر المشترك الحاصل من جميع الألفاظ واعلم أن هذا الحديث إسناده من عوالي الأسانيد لأن الرجال بين البخاري وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة وهذا ثلاثيات البخاري فاعرفه قال محيي السنة الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم أعظم أنواع الكذب الكاذب على الله تعالى وكره قوم من الصحابة والتابعين إكثار الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفا من الزيادة والنقصان والغلط فيه حتى إن من التابعين من كان يهاب رفع المرفوع فيوقفه على الصحابة ويقول الكذب عليهم أهون من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال معنى المتبوئ الملزوم ولقد دار بين الزهري وربيعة معاتبة فقال ربيعة للزهري إنما أنا أخبر الناس برأي إن شاءوا تركوا

ص: 115

فَلْيَتَبَوَّا مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ».

110 -

حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنْ أَبِى حَصِينٍ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «تَسَمَّوْا بِاسْمِى وَلَا تَكْتَنُوا بِكُنْيَتِى، وَمَنْ رَآنِى فِى الْمَنَامِ فَقَدْ رَآنِى، فَإِنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَتَمَثَّلُ

ــ

وأنت إنما تخبرهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر ما تخبرهم به، قوله - ((موسى)) -أي ابن إسماعيل المنقري البصري التبوذكي، - ((أبو عوانة)) -بفتح المهملة وبخفة الواو وبالنون اسمه الوضاح من الوضوح الواسطي وفد تقدما في كتاب الوحي، قوله - ((أبي حصين)) - بفتح المهملة وكسر الصاد المهملة قال الغساني لا أعلم في الصحيحين من اسمه حصين بفتح الحاء ومن يكنى بأبي حصين غير هذا الرجل وهو عثمان بن عاصم الأسدي الكوفي التابعي الحافظ العثماني كان شيخا ثقة صاحب سنة مات سنة ثمان وعشرين ومائة، قوله - ((أبي صالح)) - أي ذكوان السمان الزيات المدني مر في باب أمور الإيمان، قوله - ((تسموا)) - بصيغة الأمر من باب التفعيل وهو إما حقيقة في معناه أو هو بمعنى التسمية - ((ولا تكونوا)) -من الكناية وهو من التفعل ومن التفعيل ومن الافتعال على حسب اختلاف النسخ والاسم نحو زيد والكنية نحو أبو زيد واعلم أن العلم إما أن يكون شعرا بمدح أو بذم وهو اللقب وإما أن يكون فإما أن يصدر بنحو الأب والأم وهو الكنية أولا وهو الاسم فاسم النبي صلى الله عليه وسلم محمد وكنيته أبو قاسم ولقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيد المرسلين مثلا، الجوهري: الكتابة أن يتكلم بشيء ويريد به غيره ويقال كنيت وكنوت بكذا وعن كذا والكنية بالضم والكسر وا ...... فلان بكذا وكنيته أبا زيد وبأبي زيد واختلف العلماء في هذه المسئلة فقال أهل الظاهر لا يحل التكني بأبي قاسم لأحد سواء كان اسمه محمد أو أحمد أو لم يكن لهذا الحديث ونحوه وقال مالك يباح التكني به سواء كان اسمه محمدا أو أحمد لا لأن هذا كان في زمن الرسول للالتباس بكنيته صلى الله عليه وسلم لما روى أنه نادى رجل رجلا بالبقيع يا أبا القاسم فالتفت إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني لم أعنك إنما دعوت فلانا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي ثم نسخ ولم يبق الالتماس وقال ابن جرير إنما كان النهي للتنزيه والأدب لا للتحريم وقال جماعة من السلف النهي عن التكني بأبي قاسم مخصوص بمن اسمه محمد أو أحمد ولا بأس بالكنية وحدها لمن لا يسمى بواحد من الاسمين لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجمع أحد بين اسمه وكنيته والخامس أنه منهي عن التكني بأبي القاسم مطلقة وينهى عن التسمية بالقاسم لئلا يكني أبوه بأبي قاسم والسادس

ص: 116

فِى صُورَتِى، وَمَنْ كَذَبَ عَلَىَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّا مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ

ــ

أن التسمية بمحمد ممنوعة مطلقا سواء كانت له كنية أم لا وجاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم تسمون أولادكم محمدا ثم تلعنونهم، قوله- ((فتدرآني)) - فإن قلت الشرط ينبغي أن يكون غير الجزاء سببا له متقدما عليه وههنا ليس كذلك، قلت قلت ليس هو الجزاء حقيقة بل لازمه نحو فليستبشر فإنه قد رآني وهي رؤيا ليس بعدها فإن الشرط والجزاء إذا اتحدا صورة دل على الكمال والغاية نحو من كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله ونحو من أدرك الضمان فقد أدرك المرعى أي أدرك مرعى متناهيا في بابه، فإن قلت ما معنى الرؤية فيه هل المراد منه حقيقة الرؤية أو غيرها، قلت قال القاضي الباقلاّني رؤياه صحيحة ليست بأضغاث أحلام ولا من تشبيهات الشيطان وقد يراه الرائي على خلاف صفته المعروفة كمن يراه أبيض اللحية وقد يراه شخصان في زمان واحد أحدهما في المشرق والآخر في المغرب ويراه كل منهما في مكانه وقال آخرون بل الحديث على ظاهره وليس لمانع أن يمنعه فإن العقل لا يحيله حتى يضطر إلى تأويل وأما قوله فإن قد يرى على خلاف صفته أو في مكانين فإنه تغيير في صفاته لا في ذاته فتكون ذاته مرئية وصفاته متخيلة والرؤية أمر يخلقه الله تعالى في الحي لا يشترط فيه المواجهة ولا تحديق الأبصار ولا كون المرئي ظاهرا بل الشرط كونه موجودا فقط حتى جاز رؤية أعمى بقة أندلس ولم يقم دليل على فناء جسمه صلى الله عليه وسلم بل جاء في حديث ما يقتضي بقاءه وقال أبو حامد الغزالي ليس معناه أنه رأى جسمي وبدني بل رأى مثالا صار ذلك المثال آلة ينادى بها المعنى الذي في نفسي إليه بل البدن في اليقظة أيضا ليس إلا آلة للنفس فالحق أن يراه مثال الحقيقة روحه المقدسة التي هي محل النبوة فما رآه من الشكل ليس هو روح النبي صلى الله عليه وسلم ولا شخصه بل هو مثال له على التحقيق أقول فله ثلاثة توجيهات وخير الأمور أوسطها، قوله- ((الشيطان)) - إما مشتق من شاط أي هلك فهو فعلان وإما من شطن أي بعد فهو فيعال والمراد منه إما إبليس شخصه فاللام للعهد وإما نوعه فلام للجنس، قوله - ((لا يتمثل)) -أي لا يتصور بصورتي، قال القاضي عياض: قال بعضهم خص الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بأن رؤية الناس إياه صحيحة وكلها صدق ومنع الشيطان أن يتصور في خلقه لئلا يكذب على لسانه في النوم كما خرق الله تعالى العادة للأنبياء بالمعجزة وكما استحال أن يتصور الشيطان في صورة اليقظة قال محي السنة رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في المنام حق ولا يتمثل الشيطان به وكذا جميع الأنبياء والملائكة عليهم السلام لا يتمثل بهم انتهى، فإن قلت إذا قلنا إنه رآه حقيقة فمن رآه في المنام هل يطلق عليه صحابي أم لا، قلت لا إذ لا يصدق عليه حد الصحابي وهو مسلم رأى النبي صلى الله عليه وسلم إذ المراد منه الرؤية المعهودة الجارية على العادة أي الرؤية في حياته الدنيا لأن

ص: 117