المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والراس - الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري - جـ ٢

[الكرماني، شمس الدين]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب العلم

- ‌باب فَضْلِ الْعِلْمِ

- ‌بابٌ من سُئِل عِلماً

- ‌باب من رفع صوته بالعلم

- ‌باب قَوْلِ الْمُحَدِّثِ حَدَّثَنَا أَوْ أَخْبَرَنَا وَأَنْبَأَنَا

- ‌باب طَرْحِ الإِمَامِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى أَصْحَابِهِ

- ‌باب مَا جَاءَ فِى الْعِلْمِ

- ‌باب مَا يُذْكَرُ فِى الْمُنَاوَلَةِ

- ‌باب من قعدَ حيث ينتهي بهِ المجلِسُ

- ‌باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «رُبَّ مُبَلَّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ»

- ‌باب الْعِلْمُ قَبْلَ الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ

- ‌باب مَا كَانَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَتَخَوَّلُهُمْ بِالْمَوْعِظَةِ

- ‌ بابٌ من جعل لأهل العلم أياَمًا معلومة

- ‌باب مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ

- ‌باب الفهم في العلم

- ‌باب الاِغْتِبَاطِ فِى الْعِلْمِ وَالْحِكْمَةِ

- ‌باب مَا ذُكِرَ فِى ذَهَابِ مُوسَى صلى الله عليه وسلم فِى الْبَحْرِ إِلَى الْخَضِرِ

- ‌باب قَوْلِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم «اللَّهُمَّ عَلِّمْهُ الْكِتَابَ»

- ‌باب متى يصحُّ سماعُ الصّغير

- ‌باب الْخُرُوجِ فِى طَلَبِ الْعِلْمِ

- ‌باب فضل من عَلِمَ وعلَّم:

- ‌باب رَفْعِ الْعِلْمِ وَظُهُورِ الْجَهْلِ

- ‌بابُ فَضلِ العِلم:

- ‌بابُ الفُتْيَا وَهُوَ وَاقِفٌ عَلَى الدَّابَّةِ وَغَيْرِهَا

- ‌بَابُ مَنْ أَجَابَ الفُتْيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّاسِ

- ‌باب تَحْرِيضِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم وَفْدَ عَبْدِ الْقَيْسِ

- ‌بَابُ الرِّحْلَةِ فِي المَسْأَلَةِ النَّازِلَةِ وَتَعْلِيمِ أَهْلِهِ

- ‌بَابُ التَّنَاوُبِ فِي العِلْمِ

- ‌باب الْغَضَبِ فِى الْمَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ

- ‌بَابُ مَنْ بَرَكَ عَلَى رُكْبَتَيْهِ عِنْدَ الإِمَامِ

- ‌باب مَنْ أَعَادَ الْحَدِيثَ ثَلَاثاً لِيُفْهَمَ عَنْهُ

- ‌ بَابُ تَعْلِيمِ الرَّجُلِ أَمَتَهُ وَأَهْلَهُ

- ‌بَابُ عِظَةِ الإِمَامِ النِّسَاءَ وَتَعْلِيمِهِنَّ

- ‌بَابُ الحِرْصِ عَلَى الحَدِيثِ

- ‌باب كَيْفَ يُقْبَضُ الْعِلْمُ

- ‌باب هل يجعل للنساء يوم على حدة في العلم

- ‌باب من سمع شيئا فراجعه حتى يعرفه

- ‌باب لِيُبَلِّغِ الْعِلْمَ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ

- ‌باب إِثْمِ مَنْ كَذَبَ عَلَى النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌باب كتابة العلم

- ‌باب العلم والعظة بالليل

- ‌باب السمر بالعلم

- ‌باب حفظ العلم

- ‌باب الإنصات للعلماء

- ‌باب مَا يُسْتَحَبُّ لِلْعَالِمِ إِذَا سُئِلَ أَىُّ النَّاسِ أَعْلَمُ فَيَكِلُ الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ

- ‌باب مَنْ سَأَلَ وَهْوَ قَائِمٌ عَالِماً جَالِساً

- ‌باب السؤال والفتيا عند رمي الجمار

- ‌باب قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَاّ قَلِيلاً)

- ‌باب مَنْ تَرَكَ بَعْضَ الاِخْتِيَارِ مَخَافَةَ أَنْ يَقْصُرَ فَهْمُ بَعْضِ النَّاسِ عَنْهُ فَيَقَعُوا فِى أَشَدَّ مِنْهُ

- ‌باب مَنْ خَصَّ بِالْعِلْمِ قَوْماً دُونَ قَوْمٍ كَرَاهِيَةَ أَنْ لَا يَفْهَمُوا

- ‌باب الْحَيَاءِ فِى الْعِلْمِ

- ‌باب من استحيا فأمر غيره بالسؤال

- ‌باب ذكر العلم والفتيا في المسجد

- ‌باب من أجاب السائل بأكثر مما سأله

- ‌كتاب الوضوء

- ‌باب مَا جَاءَ فِى الْوُضُوءِ

- ‌باب لَا تُقْبَلُ صَلَاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ

- ‌باب فَضْلِ الْوُضُوءِ، وَالْغُرُّ الْمُحَجَّلُونَ مِنْ آثَارِ الْوُضُوءِ

- ‌باب لَا يَتَوَضَّأُ مِنَ الشَّكِّ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ

- ‌باب التَّخْفِيفِ فِى الْوُضُوءِ

- ‌باب إِسْبَاغِ الْوُضُوءِ

- ‌باب غسل الوجه باليدين من غرفة واحدة

- ‌باب التسمية على كل حال وعند الوقاع

- ‌باب مَا يَقُولُ عِنْدَ الْخَلَاءِ

- ‌باب وضع الماء عند الخلاء

- ‌باب لَا تُسْتَقْبَلُ الْقِبْلَةُ بِغَائِطٍ أَوْ بَوْلٍ إِلَاّ عِنْدَ الْبِنَاءِ جِدَارٍ أَوْ نَحْوِهِ

- ‌باب من تبرز على لبنتين

- ‌باب خروج النساء إلى البراز

- ‌باب التبرز في البيوت

- ‌باب الاستنجاء بالماء

- ‌باب من حمل معه الماء لطهوره

- ‌باب حمل العنزة مع الماء في الاستنجاء

- ‌باب النهي عن الاستنجاء باليمين

- ‌باب لَا يُمْسِكُ ذَكَرَهُ بِيَمِينِهِ إِذَا بَالَ

- ‌باب الاستنجاء بالحجارة

- ‌باب لَا يُسْتَنْجَى بِرَوْثٍ

- ‌باب الْوُضُوءِ مَرَّةً مَرَّةً

- ‌باب الْوُضُوءِ مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ

- ‌باب الْوُضُوءِ ثَلَاثاً ثَلَاثاً

- ‌باب الاِسْتِنْثَارِ فِى الْوُضُوءِ

- ‌باب الاستجمار وترا

- ‌باب غسل الرجلين ولا يمسح على القدمين

- ‌باب الْمَضْمَضَةِ فِى الْوُضُوءِ

- ‌باب غَسْلِ الأَعْقَابِ

- ‌باب غسل الرجلين في النعلين ولا يمسح على النعلين

الفصل: ‌باب من أجاب الفتيا بإشارة اليد والراس

الْوَدَاعِ بِمِنًى لِلنَّاسِ يَسْأَلُونَهُ، فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ لَمْ أَشْعُرْ فَحَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. فَقَالَ «اذْبَحْ وَلَا حَرَجَ» . فَجَاءَ آخَرُ فَقَالَ لَمْ أَشْعُرْ، فَنَحَرْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ. قَالَ «ارْمِ وَلَا حَرَجَ» . فَمَا سُئِلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ شَىْءٍ قُدِّمَ وَلَا أُخِّرَ إِلَاّ قَالَ افْعَلْ وَلَا حَرَجَ.

‌بَابُ مَنْ أَجَابَ الفُتْيَا بِإِشَارَةِ اليَدِ وَالرَّاسِ

.

83 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ

ــ

يكون من باب المفاعلة وقال مني مقصور مذكر مصروف. النووي: فيه لغتان الصرف والمنع وقد مر قوله (يسألونه) هو إما حال من فاعل وقف أي وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وإما من الناس أي وقف لهم سائلين عنه وإما استئناف بياناً لعلة الوقوف. قوله (لم أشعر) بضم العين أي لم أفطن و (لا حرج) أي لا إثم وخبر محذوف أي لا حرج عليك والنحر في اللبة مثل الذبح في الحلق واللبة بفتح اللام والموحدة موضع القلادة من الصدر والفاء في فخلقت ونحرت سببية جعل الحلق والنحر كلاً منهما مسبباً عن عدم شعوره كأنه يعتذر لتقصيره وحذف مفاعيل هذه الأفعال للعلم بها وبقرينة المقام. قوله (عن شئ) أي مما هو من أعمال يوم العيد وهو الرمي والنحر والحلق والطواف. قوله (قدم ولا أخر) لابد فيه من تقدير لا في الأول لأن الكلام الفصيح قلما تقع لا الداخلة على الماضي فيه إلا مكررة وحسن ذلك هنا لأنه وقع في سياق النفي ونظيره. قوله تعالى (وما أدري ما يفعل بي ولا بكم) وفي رواية مسلم ما سئل عن شيء قدم أواخر إلا قال افعل ولا حرج واختلف العلماء في ترتيب هذه الأربعة على الترتيب المذكور في أنه سنة لا شيء في تركه أو واجب يتعلق الدم بتركه إلى الأول ذهب الشافعي رحمه الله تعالى وأحمد وإلى الثاني ذهب مالك وأبو حنيفة وأولو قوله لا حرج على رفع الإثم دون الفدية والصحيح عدم الوجوب إذ لا حرج معناه لا شيء عليك مطلقاً من الإثم لا في ترك الترتيب ولا في ترك الفدية وقد صرح في بعض الروايات بتقديم الحلق على الرمي وفي الحديث أن العالم يجوز سؤاله راكباً وماشياً وواقفاً وأن الجلوس على الدابة جائز للضرورة بل للحاجة كما كان جلوسه عليه السلام عليها ليشرف على الناس ولا يخفى عليهم كلامه لهم (باب من أجاب الفتيا) قوله (موسى ابن إسمعيل) هو أبو سلمة بفتح اللام التبودكي الحافظ مر

ص: 64

إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ عَنْ عِكْرِمَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ فِى حَجَّتِهِ فَقَالَ ذَبَحْتُ قَبْلَ أَنْ أَرْمِىَ، فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ قَالَ وَلَا حَرَجَ. قَالَ حَلَقْتُ قَبْلَ أَنْ أَذْبَحَ. فَأَوْمَأَ بِيَدِهِ وَلَا حَرَجَ

84 -

حَدَّثَنَا الْمَكِّىُّ بْنُ إِبْرَاهِيمَ قَالَ أَخْبَرَنَا حَنْظَلَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ عَنْ سَالِمٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ

ــ

في كتاب بدء الوحي. قوله (وهيب) على صيغة التصغير بن خالد الباهلي الكرابيسي البصري كان من أبصرهم بالرجال والحديث وقال أبو حاتم يقال لم يكن بعد شعبة أعلم بالرواية منه مات سنة خمس وستين ومائة. قوله (أيوب) هو أبو بكر بن أبي تميمة السختياني التابعي البصري الإمام مر في باب حلاوة الإيمان. قوله (عكرمة) أي أبو عبد الله المفسر البصري القرشي المولى تقدم في باب قول النبي صلى الله عليه وسلم اللهم علمه الكتاب ورجال الإسناد كلهم بصريون. قوله (سئل) بضم السين (في حجته) بكسر الحاء على المشهور (فقال) أي السائل (ذبحت قبل أن أرمي) أي فما حكمك فيه هل يصح وهل على حرج (فأومأ) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (بيده قال ولا حرج) أي لا حرج عليك ولفظ قال بيان لقوله أومأ ولهذا ما ذكر الواو العاطفة أو حال (وقال) أي سائل آخر أو ذلك السائل بعينه (فأومأ) أي رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن لا حرج) وكلكمة أن إما صلة لقوله أومأ وإما تفسيرية إذ في الإيماء معنى القول وفي بعضها ولا حرج مع الواو بدون أن. فإن قلت ما معناه. قلت يعني أنه أشار باليد بحيث فهم من تلك الإشارة أنه لا حرج سيما وقد سئل عن الحرج أو لفظ قال ههنا مقدر أي أومأ قال أو قائلاً ولا حرج. فإن قلت لم ترك الواو أولاً في لا حرج وذكرها ثانياً فيه. قلت لأن الأول كان في ابتداء الحكم والثاني عطف على المذكور أولاً ومباحث هذا الحديث تقدمت في الباب الذي سبقه. قوله (المكي) بفتح الميم وبالكاف والياء التحتانية المشددتين أو السكن بفتح المهملة والكاف (ابن إبراهيم) بن بشير بفتح الموحدة وبالمعجمة وبالراء البلخي التميمي روى البخاري عنه وعن رجل عنه قدم بغداد حاجاً وحدث الناس ذهاباً وإياباً قال حججت ستين حجة وتزوجت ستين امرأة وجاورت بالبيت عشر سنين وكتبت عن سبعة عشر تابعياً ولو علمت أن الناس يحتاجون إلى لما كتبت دون التابعين عن أحد توفي ببلخ سنة أربع عشرة ومائتين وقد قارب مائة سنة. قوله (حنظلة) بفتح الحاء المهملة

ص: 65

عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «يُقْبَضُ الْعِلْمُ، وَيَظْهَرُ الْجَهْلُ وَالْفِتَنُ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ» . قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَمَا الْهَرْجُ فَقَالَ هَكَذَا بِيَدِهِ، فَحَرَّفَهَا، كَأَنَّهُ يُرِيدُ الْقَتْلَ

85 -

حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ قَالَ حَدَّثَنَا هِشَامٌ عَنْ فَاطِمَةَ

ــ

وبالنون وبالظاء المفتوحة ابن أبي سفيان بن عبد الرحمن القرشي مر في باب دعاؤكم إيمانكم. قوله (سالم) أي ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب مر في باب الحياء من الإيامن. قوله (يقبض العلم) هو بصيغة المجهول. و (الهرج) بسكون الراء وهو الفتنة والاختلاط وأصله الكثرة في الشيء فإرادة القتل من لفظ الهرج إنما هو على طريق التجوز إذ هو لازم معنى الهرج اللهم إلا أن يثبت ورود الهرج بمعنى القتل لغةً ومعنى (فقال هكذا بيده) أشار بيده محرفاً. و (فحرفها) تفسير له ومثل هذه الفاء تسمى بالفاء التفسيرية نحو "فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم" إذ القتل هو نفس التوبة على أحد التفاسير قوله (موسى) أي التبوذكي، و (وهيب) أي الباهلي بالموحدة وتقدما آنفاً. قوله (هشام) بكسر الهاء وتخفيف الشين ابن عروة بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي المدني أبو المنذر مات ببغداد ودفن بمقبرة الخيزران مر في أول حديث في كتاب الوحي. قوله (فاطمة) هي بنت المنذر بن الزبير ابن العوام زوجة هشام المذكور وكانت الزوجة أكبر من الزوج بثلاث عشرة سنة روت عن جدتها أم أبيها (أسماء) بفتح الهمزة وبالمد بنت أبي بكر الصديق أخت عائشة رضي الله عنهم وهي أكبر من عائشة بعشر سنين روى لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وخمسون حديثاً أخرج البخاري منها ثمانية عشر وتسمى ذات النطاقين لأنها حين أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر أن يهاجرا إلى المدينة وأئتهما بسفرتهما ونسيت أن تجعل لها شداداً شقت نطاقها فجعلت نسفه شداداً للسفرة والنصف الآخر عصاباً للقربة وقيل جعلت النصف الآخر نطاقاً لها أسلمت بمكة قديماً ثامنة ثمانية عشرة إنساناً وتزوجها الزبير بمكة ثم طلقها بالمدينة قيل أن ابنه عبد الله يوماً وقف بالباب فلما جاء أبوه الزبير ليدخل البيت منعه فسأله عن ذلك فقال ما أدعك تدخل حتى تطلق أمي فامتنع عليه وأبى إلا طلاقها فسئل عن السبب فقال مثلي لا يكون له أم توطأ وطلعتها الزبير وقيل ضربها الزبير فصاحت بابنها عبد الله فأقبل فلما رآه قال أمك طالق إن دخلت علي فقال له أتجعل أمي عرضة ليمينك فاقتحم عليه فخلصها منه فبانت منه وبقيت عند ابنها إلى أن قتله الحجاج ماتت بمكة سنة ثلاث وسبعين بعد ما أنزل ابنها من الحبشة بليال

ص: 66

عَنْ أَسْمَاءَ قَالَتْ أَتَيْتُ عَائِشَةَ وَهِىَ تُصَلِّى فَقُلْتُ مَا شَانُ النَّاسِ فَأَشَارَتْ إِلَى السَّمَاءِ، فَإِذَا النَّاسُ قِيَامٌ، فَقَالَتْ سُبْحَانَ اللَّهِ. قُلْتُ آيَةٌ فَأَشَارَتْ بِرَاسِهَا، أَىْ نَعَمْ، فَقُمْتُ حَتَّى تَجَلَاّنِى الْغَشْىُ، فَجَعَلْتُ أَصُبُّ عَلَى رَاسِى الْمَاءَ، فَحَمِدَ اللَّهَ عز وجل

ــ

يسيرة ولها قريب من مائة سنة وقط ما ادخرت شيئاً لغد وإنها وابنها وجدها وأباها أربعة صحابيون وكانت من أعبر الناس للرؤيا وتعلمته من أبيها أبي بكر رضي الله عنهم. قوله (ما شأن الناس) أي قائمين مضطربين فزعين (فأشارت) أي عائشة رضي الله عنها إلى السماء يعني انكسفت الشمس (فإذا الناس قيام) أي لصلاة الكسوف وقيام جمع قائم. قوله (سبحان الله) سبحان علم للتسبيح أي التنزيه. فإن قلت فكيف أضيف. قلت نكر فأضيف وقال ابن الحاجب كونه علماً إنما هو في غير حاله الإضافة وهو مفعول مطلق التزم إضمار فعله. قوله (آية) بهمزة الاستفهام وحذفها خبر مبتدأ محذوف أي أهي آية أي علامة لعذاب الناس كأنها مقدمة له قال تعالى (وما ترسل بالآيات إلا تخويفاً) أو علامة لقرب زمان القيامة وأمارة من أماراتها أو علامة لكون الشمس مخلوقة داخل تحت النقص مسخرة بقدرة الله تعالى ليس لها سلطنة على غيرها بل لا قدرة لها على الدفع عن نفسها، فإن قلت ما تقول فيما قال أهل الهيئة أن الكسوف سببه حيلولة القمر بينها وبين الأرض فلا ترى حينئذٍ إلا نور القمر وهو كسد لا نور له وذلك لا يكون إلا في آخر الشهر عند كون النيرين في إحدى عقدتي الرأس والذئب وله آثار في الأرض هل جاز القول به أم لا؟ قلت المقدمات كلها ممنوعة ولئن سلمنا فإن كان غرضهم أن الله تعالى أجرى سنته بذلك كما أجرى باحتراق الحطب اليابس عند مساس النار له فلا بأس به وإن كان غرضهم أنه واجب عقلاً وله تأثير بحسب ذاته فهو باطل لما تقرر أن جميع الحوادث مستندة إلى إرادة الله تعالى ابتداء ولا مؤثر في الوجود إلا الله. قوله (فقمت) أي للصلاة حتى علاني وفي بعضها تجلاني (الغشي) وهو بفتح الغين وإسكان الشين وروى أيضاً بكسر الشين وتشديد الياء وهو مرض معروف يحصل بطول القيام في الحر وغير ذلك وعرفه أهل الطب بأنه تعطل القوى المحركة والحساسة لضعف القلب واجتماع الروح كله إليه. فإن قلت فإذا تعطلت القوى فكيف صبت الماء. قلت أرادت بالغشي الحالة القريبة منه فأطلقت الغشي عليها مجازاً أو كان الصب بعد الإفاقة منه. قوله (ما من شيء لم أكن أريته إلا رأيته) ولفظ أريته بضم الهمزة قال العلماء يحتمل أنه رأى رؤية عين بأن كشف الله تعالى عن الجنة

ص: 67

النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ «مَا مِنْ شَىْءٍ لَمْ أَكُنْ أُرِيتُهُ إِلَاّ رَأَيْتُهُ فِى مَقَامِى حَتَّى الْجَنَّةَ وَالنَّارَ، فَأُوحِىَ إِلَىَّ أَنَّكُمْ تُفْتَنُونَ فِى قُبُورِكُمْ، مِثْلَ - أَوْ قَرِيباً لَا أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ قَالَتْ أَسْمَاءُ - مِنْ فِتْنَةِ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ، يُقَالُ مَا عِلْمُكَ بِهَذَا

ــ

والنار مثلاً له وأزال الحجب بينه وبينهما كما فرج له عن المسجد الأقصى حين وصفه بمكة للناس وقد تقرر في علم الكلام أن الرؤية أمر يخلقه الله تعالى في الرائي وليست مشروطة بمقابلة ولا مواجهة ولا خروج شعاع وغيره بل هي شروط عادية جاز الانفكاك عنها عقلاً وأن تكون رؤية علم ووحي باطلاعه وتعريفه من أمورهما مفصلاً ما لم يعرفه قبل ذلك. فإن قلت هذا من أي نوع من الاستثناء وكيف وقع للفعل مستثنى. قلت هذا استثناء مفرغ وقال النحاة كل مفرغ متصل ومعناه كل شيء لم أكن أريته من قبل مقامي ههنا رأيته في مقامي هذا ورأيته في موضع الحال وتقديره ما من شيء لم أكن أريته كائناً في حال من الأحوال إلا في حال رؤيتي إياه وجاز وقوع الفعل مستثنى بهذا التأويل، فإن قلت لفظ الشيء أعم العام وقد وقع نكرة في سياق النفي أيضاً ولكن بعض الأشياء لا يصح رؤيته. قلت قال الأصوليون ما من عام إلا وقد خص إلا والله بكل شيء عليم والمخصص قد يكون عقلياً وعرفياً فخصصه العقل بما صحح رؤيته والعرف بما يليق أبصارهما به مما يتعلق بأمر الدين والجزاء ونحوهما. فإن قلت هل فيه دلالة على أنه صلى الله عليه وسلم رأى في هذا المقام ذات الله تعالى قلت نعم إذ الشيء يتناوله والعقل لا يمنعه والعرف لا يقتضي إخراجه ولفظ المقام يحتمل المصدر والزمان والمكان. قوله (حتى الجنة) بالنصب فحتى عاطفة عطفت الجنة على الضمير المنصوب في رأيته وفي بعضها بالجر فهي جارة، فإن قلت فعلى هذا التقدير هل تكون الجنة مبصرة. قلت الغاية في حتى لا يجب أن يكون حكم ما بعدها خلاف ما قبلها بل يجب أن لا يكون سيما إذا كانت بمعنى مع ويحتمل الرفع بأن تكون حتى ابتدائية أي حتى الجنة مرئية فهو نحو أكلت السمكة حتى رأسها في جواز الوجوه الثلاثة فيه. قوله (مثل أو قريب) هما بغير التنوين مضافان إلى فتنة المسيح. فإن قلت فكيف جاز الفصل بينهما وبين ما أضيفا إليه بأجنبي وهو قوله لا أدري أي ذلك قالت أسماء. قلت هي جملة معترضة مؤكدة لمعنى الشك المستفاد من كلمة أو والمؤكدة للشيء لا تكون أجنبية منه فجاز كما في قوله يا تيم تيم عدي. فإن قلت فهل يصح أن يكون لشيء واحد مضافان. قلت ليس ههنا مضافان بل

ص: 68

مضاف واحد وهو أحدهما لا على التعيين ولئن سلمنا فتقديره مثل فتنة المسيح أو قريب فتنة المسيح فحذف أحد اللفظين منهما لدلالة الآخر عليه نحو قول الشاعر: بين ذراعي وجبهة الأسد. فإن قلت فما توجيهه على ما في بعض النسخ من وجود لفظ من قبل لفظ فتنة ومن لا تتوسط بين المضاف والمضاف إليه في اللفظ. قلت لا تسلم امتناع إظهار حرف الجر بينهما إذ جوزوا التصريح بما هو مقدر من اللام ومن وغيرهما في الإضافات وهو مثل قولهم لا أبالك ولئن سلمنا فهما ليسا بمضافين إلى الفتنة المذكورة على هذا التقدير بل مضافان إلى الفتنة المقدرة والمذكورة هو من فتنة بيان لذلك المقدر. فإن قلت وفي بعضها قريباً بالنصب والتنوين فما وجهه. قلت يكون من حينئذٍ صلةٍ له ويقدر لفظ فتنة قبل لفظ قريباً فيكون المثل مضافاً إليه. فإن قلت لفظة أي مرفوعة أو منصوبة. قلت الرواية المشهورة الرفع وهو مبتدأ وخبره قالت أسماء وضمير المفعول محذوف وفعل الدراية معلق بالاستفهام لأنه من أفعال القلوب إن كانت أي استفهامية ويجوز أن يكون أيضاً مبتدأ مبنياً على الضم على تقدير حذف صدر صلته والتقدير لا أدري أي ذلك قالت أسماء وأما توجيه النصب فبأن يكون مفعول لا أدري إن كانت موصولة أو مفعول قالت إن كانت استفهامية أو موصولة أو يقال إن من شريطة التفسير بأن يشتغل قالت بضميره المحذوف ويحتمل أن تكون الدراية بمعنى المعرفة. قوله (المسيح) سمي مسيحاً لأنه يمسح الأرض أو لأنه ممسوح العين ودالاً لأن الدجل الكذب والتمويه وخلط الحق بالباطل وهو كذاب مموه خلاط ووصف بالدجال يتميز عن المسيح بن مريم عليه السلام ووجه الشبه بين الفتنتين الشدة والهول والعموم ولكن يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. قوله (يقال) هو بيان لقوله يفتتون أي يمتحنون ولهذا لم يدخل الواو عليه. و (ما علمك) الخطاب فيه للمقبور. فإن قلت لم جمع أولاً حيث قال في قبوركم وأفرد ثانياً حيث قال وما علمك. قلت هو من مقابلة الجمع بالجمع فيفيد التوزيع وكأنه قال لكل أحد أنك تفتن في قبرك أو لأن السؤال عن العلم يكون لكل واحد بانفراد واستقلاله وكذلك لكل أحد جواب خصا بخلاف الفتنة. فإن قلت هل يقال للانتقال من جمع الخطاب إلى مفرد الخطاب كما نحن فيه التفات. قلت عرف بعض علماء المعاني الالتفات بحيث يتناول الانتقال من صنف من نوع الضمير إلى صنف آخر من ذلك النوع كما قال المرزوقي في شرح الحماسة:

أحياً أباكن يا ليلى الأماديح

إنه التفات وكما في قوله تعالى: (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) ونحوه لكن الجمهور على خلافه، قوله (بهذا الرجل) أي بمحمد صلى الله عليه وسلم ولم يقل بي لأنه حكاية من قول الملائكة للمقبور والقائل هو الملكان السائلان المسميان بمنكر ونكير ولم يقولا رسول الله لئلا يتلقن منهما إكرام الرسول ورفع

ص: 69

الرَّجُلِ فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ - أَوِ الْمُوقِنُ لَا أَدْرِى بِأَيِّهِمَا قَالَتْ أَسْمَاءُ فَيَقُولُ هُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ جَاءَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى، فَأَجَبْنَا وَاتَّبَعْنَا، هُوَ مُحَمَّدٌ. ثَلَاثاً، فَيُقَالُ نَمْ صَالِحاً، قَدْ عَلِمْنَا إِنْ كُنْتَ لَمُوقِناً بِهِ، وَأَمَّا الْمُنَافِقُ - أَوِ الْمُرْتَابُ لَا أَدْرِى أَىَّ ذَلِكَ

ــ

مرتبته فيعظمه هو تقليداً لهما لا اعتقاداً. قوله (أو الموقن) شك من فاطمة ومعناه المصدق بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم أو الموقن بنبوته. قوله (بالبينات) أي بالمعجزات الدالة على نبوته (والهدى) أي الدلالة الموصلة إلى البغية (فأجبنا) أي قبلنا نبوئه معتقداً حقيقتها معترفاً بها (واتبعنا) فيما جاء به إلينا أو نقول الإجابة تتعلق بالعلم والاتباع بالعمل. قوله (ثلاثاً) أي يقول هو محمد ثلاثاً مرتين بلفظ محمد ومرة بصفته وهو رسول الله. فإن قلت فإذا قال هذا المذكور أي مجموعه ثلاثاً يلزم أن يكون هو محمد مقولاً تسع مرات لكنه ليس كذلك. قلت لفظ ثلاثاً ذكر للتأكيد المذكور فلا يكون المقول إلا ثلاث مرات. قوله (صالحاً) أي منتفعاً بأعمالك وأحوالك إذ الصلاح كون الشيء في حد الانتفاع قوله (إن كنت) إن هي المخففة من الثقيلة أي أن الشأن. قوله (أما المنافق) أي غير المصدق بقلبه لسوئه وهو في مقابلة المؤمن (أو المرتاب) أي الشاك وهو في مقالة الموقن. قوله (فقلت) أي فقلت ما كان الناس يقولونه وفي بعض النسخ بعده وذكر الحديث إلى آخره وهو كما في الروايات الآخر أنه يقال له لا دريت ولا تليت ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصيح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين هذا وفي الحديث مسائل متعددة من فنون العلم منها كون الجنة والنار مخلوقتين اليوم وإثبات عذاب القبر وسؤال منكر ونكير وخروج الدجال وأن الرؤية ليست مشروطة بشيء عقلاً من المواجهة ونحوها ووقوع رؤية الله تعالى له صلى الله عليه وسلم وأن من ارتاب في صدق الرسول وصحة رسالته فهو كافر ومنها جواز التخصيص بالمخصصات العقلية والعرفية ومنها جواز وقوع الفعل مستقى صورة وتعداد المضافين لفظاً إلى المضاف الواحد وإظهار حرف الجر بين المضاف والمضاف إليه ومنها سنية صلاة الكسوف وتطويل القيام فيها واستحباب فعلها في المسجد وبالجماعة وهو حجة على العراقيين حيث قالوا بعدم الجماعة فيها وأنه شرع هذه الصلاة للنساء ومنها جواز حضورهن وراء الرجال في الجماعات وجواز السؤال عن المصلى وامتناع الكلام في الصلاة وجواز الإشارة فيها ولا كراهة فيها إذا كانت لحاجة وجوز النسيج للنساء في الصلاة، فإن قلت التصفيح

ص: 70