الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب الْغَضَبِ فِى الْمَوْعِظَةِ وَالتَّعْلِيمِ إِذَا رَأَى مَا يَكْرَهُ
.
89 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنِ ابْنِ أَبِى خَالِدٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِى حَازِمٍ عَنْ أَبِى مَسْعُودٍ الأَنْصَارِىِّ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لَا أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلَاةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلَانٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فِى مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَباً
ــ
وما يستعين به علي طلب العلم وفيه خبر الواحد وفيه أن الصحابة كان يخبر بعضهم بعضا بما يسمع من النبي صلي الله عليه وسلم ويقولون قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ويجعلون ذلك كالمسند إذ ليس في الصحابة من يكذب ولا غير ثقة وأقول وفيه جواز ضرب الباب ودقة ودخول الآباء علي البنات بغير إذن أزواجهن والتفتيش عن الأحوال سيما بما يتعلق بالمزاوجة والسؤال قائما (باب الغضب في الموعضة والتعليم إذا رأي) أي الواعظ أو المعلم (مايكره) أي ما يكرهه. قوله (محمد بن كثير) بفتح الكاف وبالمثلثة أبو عبد الله العبدي بسكون الموحدة البصري مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين. قوله (سفيان) هو الثوري الكوفي أبو عبد الله أمير المؤمنين في الحديث في زمانه مر في باب علامات المنافق. قوله (ابن أبي خالد) أي إسمعيل أبو عبد الله الهجلي الكوفي الأحمسي التابعي الطحان المسمي بالميزان مر في باب المسلم من سلم المسلمون. قوله (قيس بن أبي حازم) بالمهملة والزاي أبو عبد الله الأحمسي الكوفي البجلي المخضرمي روي عن العشرة المبشرة تقدم في باب قول النبي صلي الله عليه وسلم الدين النصيحة وهذه الرجال كلهم يكني بأبي عبد الله وهو من النوادر. قوله (أبي مسعود) هو عتبة بن عمرو الأنصاري الخزرجي البدري والأصح أنه كان يسكن ماء ببدر فنسب إليه لأنه شهد غزوتها شهد العقبة الثانية مر في باب ما جاء أن الأعمال بالنية. قوله (لا أكاد) الجوهري: كاد معناه قارب وهو من كاد يكاد كودا وهو لمقاربة الشيء فعل أو لم يفعل فمجرده ينبئ عن نفي الفعل ومقرونه ينبئ عن وقوع الفعل وقال ابن الحاجب إذا دخل النفي علي كاد فهو كالأفعال علي الأصح وقيل يكون في الماضي كالإثبات وفي المستقبل كالأفعال. قوله (يطول لنا) وفي بعضها يطيل وفي بعضها بنا و (فلان) هو كناية عن اسم سمي به المحدث عنه ويقال في الآدمي الفلان معرفا باللام قوله (أشد غضبا من يومئذ) وفي بعضها منه يومئذ ولفظة منه صلة أشد، فإن قلت الضمير راجع
مِنْ يَوْمِئِذٍ فَقَالَ «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ»
90 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلَالٍ الْمَدِينِىُّ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِى عَبْدِ الرَّحْمَنِ
ــ
إلى رسول الله صلي الله عليه وسلم فيلزم عليه أن يكون المفضل عليه شيئا واحدا. قلت جاز ذلك باعتبارين فهو مفضل عليه باعتبار سائر الأيام. قوله (منفرون) أي عن الجماعات والأمور الإسلامية وخاطب الكل ولم يعين المطول كرما ولطفا عليه وكان هذه عادته حيث ما كان يخصص العتاب والتأديب لمن يستحقه حتي لا يحصل له الخجل ونحوه علي رؤوس الأشهاد قوله (صلي بالناس) أي متلبسا بهم إماما لهم وذكر هذه الثلاثة لأنه متناول لجميع الأنواع المقتضية للتخفيف فإن المقتضي له إما في نفسه أولا والأول إما بحسب ذاته وهو الضعف أو بحسب العارض وهو المرض النووي: فيه جواز التأخر عن صلاة الجماعة إذا علم من عادة الإمام التطويل الكثير وجواز ذكر الإنسان بفلان ونحوه في معرض الشكوى وجواز الغضب لما ينكر من أمور الدين والإنكار علي من ارتكب ما ينهي عنه وإن كان مكروها غير محرم وفيه التعزير علي إطالة الصلاة إذا لم يرض المأمومون به وجواز الإكتفاء بالتعزير بالكلام والأمر بتخفيف الصلاة قال ابن بطال قول الرجل لا أكاد يدل علي أنه كان ضعيفا أو مريضا وكان إذا طول به الإمام في القيام لا يكاد يبلغ الركوع والسجود إلا وقد زاد ضعفا عن اتباعه فلا يكاد يركع معه ولايسجد وإنما غضب رسول الله صلي الله عليه وسلم عن التطويل لحرمته لأنه كان صلي الله عليه وسلم يصلي في مسجده ويقرأ بالسور الطوال مثل سورة يوسف وذلك لأنه كان يصلي معه جلة أصحابه وأكثر همه طلب العلم والصلاة وأقول ولهذا خفف في بعض الأوقات كما فيما كان يسمع بكاء الصبي ونحوه ثم لا يخفي أن لفظ لا أكاد أدرك الصلاة يحتمل التأخر عن الصلاة نفسها في الجماعة والتأخر عن الركن واللحوق بالإمام علي ما نقلنا من التوجيهين آنفا لكن الظاهر هو الأول لما قال أدرك الصلاة ولم يقل أدرك الإمام وسيجيء في باب الصلاة أنه قال إني لأتأخر عن الصلاة وما قال في الصلاة والله أعلم. قوله (عبد الله بن محمد) هو أبو جعفر الجعفي البخاري المسندي بفتح النون. و (أبو عامر) هو عبد الله الملك العقدي بالمهملة والقاف المفتوحتين البصري
عَنْ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِىِّ أَنَّ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم سَأَلَهُ رَجُلٌ عَنِ اللُّقَطَةِ فَقَالَ «اعْرِفْ وِكَاءَهَا - أَوْ قَالَ وِعَاءَهَا - وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، ثُمَّ اسْتَمْتِعْ بِهَا، فَإِنْ جَاءَ رَبُّهَا فَأَدِّهَا إِلَيْهِ» . قَالَ فَضَالَّةُ الإِبِلِ فَغَضِبَ حَتَّى
ــ
و (سليمان) هو أبو محمد أو أبو أبوب المدني الجوهري: إذا نسبت إلي مدينة النبي صلي الله عليه وسلم قلت مدني وإلي مدينة المنصور مديني وإلي مدائن كسري وأقول فعلي هذا التقدير لا يصبح المديني لأنه من مدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم وقال الحافظ أبو الفضل المقدسي في كتاب الأنساب قال البخاري رحمه الله تعالي المديني هو الذي أقام بمدينة رسول الله صلي الله عليه وسلم ولم يفارقها والمدني هو الذي تحول عنها وكان منها والرواة الثلاثة تقدموا في باب أمور الإيمان. قوله (ربيعة) بفتح الراء هو المعروف بربيعة الرأي وقد يقال أيضا الرائي بالتشديد منسوبا إلي الرأي كان صاحب معضلات أهل المدينة ورئيسهم في الفتيا مات بالمدينة أو بالإنبار مر في باب رفع العلم. قوله (يزيد) من الزيادة (مولي المنبعث) اسم فاعل من الإنبعاث بالنون والموحدة المهملة والمثلثة متفق علي توثيقة. قوله (زيد بن خالد الجهني) بضم الجيم وفتح الهاء وبالنون منسوب إلي جهينة بن يزيد بن ليث قد اختلف في كنيته ووقت وفاته وموضع وفاته اختلافا كثيرا فهو أبو طلحة أو أبو عبد الرحمن أبو عبد الرحمن أو أبو زرعة وكان معه لواء جهينة يوم الفتح روي له أحد وثمانون حديثا ذكر البخاري منها خمسة نزل الكوفة ومات بها أو بمصر أو بالمدينة سنة خمس أو ثمان أو اثنتين وسبعين. قوله (اللقطة) هي باصطلاح الفقهاء ما ضاع عن الشخص بسقوط أو غفلة فتأخذه وهي بفتح القاف علي اللغة الفصيحة وقيل بسكونها قال الخليل بالفتح هو اللاقط وبالسكون هو الملقوط وقال الأزهري هذا هو القياس في كلام العرب لأن فعلة كالضحكة جاء فاعلا وفعلة كالضحكة مفعولا إلا أن اللقطة علي خلاف القياس إذ أجمعوا علي أنها بالفتح هو الملقوط وقال ابن مالك فيها أربع لغات اللقطة واللقطة بالفتح وبالسكون واللقاطة بضم اللام واللقطة بفتح اللام والقاف. قوله (اعرف) من المعرفة لا من الأعراف. و (الوكاء) بكسر الواو وبالمد هو الذي يشد به رأس الصرة والكيس ونحوهما (أو قال) شك من زيد. و (الوعاء) هو الظرف. و (العفاص) بكسر المهملة وبالفاء هو الذي يكون فيه النفقة سواء كان من جلد أو خرقة أو غيرهما الجوهري: هو الذي تلبسه رأس القارورة وأما يدخل في فمها فهو الصيام بالصاد المهملة
احْمَرَّتْ وَجْنَتَاهُ - أَوْ قَالَ احْمَرَّ وَجْهُهُ - فَقَالَ «وَمَا لَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ، وَتَرْعَى الشَّجَرَ فَذَرْهَا حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا» . قَالَ فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ «لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ»
91 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ قَالَ حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ عَنْ
ــ
قوله (ثم عرفها) أي للناس بذكر بعض صفاتها (سنة) أي متصلة كل يوم مرتين ثم مرة ثم في كل أسبوع ثم في كل سنة في بلد اللقطة. قوله (ربها) أي مالكها ولا يطلق الرب علي غير الله تعالي إلا مضافا مقيدا. قوله (فضالة الإبل) مبتدأ خبره محذوف أي ما حكمها أكذلك أم لا وهو من إضافة الصفة إلى الموصوف. و (الوجنة) ما ارتفع من الخد وفيها لغات وجنة بفتح الواو وبكسرها وبضمها وأجنة بضم الهمزة. قوله (مالك ولها) وفي بعض النسخ ومالك بالواو وفي بعضها فمالك بالفاء وما استفهامية ومعناه ما تصنع بها أي لم تأخذها ولم تتناولها وإنها مستقلة بأسباب تعيشها. قوله (سقاءها) بكسر السين هو اللبن والماء والجمع القليل أسقية والكثير أساقي كما أن الوطب للبن خاصة والنحي المسمن والقربة للماء. قوله (حذاءها) بكسر الحاء المهملة والمد ما وطئ عليه البعير من خفه والفرس من حافره والحذاء النعل أيضا وأشار بقوله معها سقاؤها وحذاؤها إلي أن المانع من التقاطها استقلالها بالتعيش وذلك إنما يتحقق فيما يوجد في الصحراء فأما ما يوجد في القري والأمصار فيجوز التقاطها لعدم المانع ووجود الموجب وهو كونها معرضة للتلف مطمحة للإطماع وإنما غضب صلي الله عليه وسلم لسوء فهم السائل إذ لم يراع المعني الذي أشار إليه ولم ينتبه له فقاس الشيء علي غير نظيره وذلك لأنها يخشي عليها الضياع بخلاف الإبل. قوله (لك) غن عرفتها وثم يظهر صاحبها وتملكها (أو لأخيك) إما أن يراد به مالكها إن ظهر وإما غيرك من اللاقطين إن لم تلتقطها (أو للذئب) أي إن زكتها ولم يتفق أن يلقطها غيرك فأكلها الذئب غالبا ونبه بذلك علي جواز التملك للملتقط وعلي ما هو العلة له وهي كونها معرضة للضياع ليدل علي اطراد هذا الحكم في كل حيوان يعجز عن الرعي بغير راع يظهر أن الفارق بين الإبل والغنم الاستقلال بالمعاش وفي الحديث دليل علي أن من عرفها سنة ولم يظهر صاحبها كان له تملكها سواء كان غنيا أو فقيرا وهو مذهب أحمد وقال الحنيفة لا يتملك الغني والحديث حجة عليهم فيه كما في تجويزهم التقاط الإبل وفيه أيضا دليل علي أنه يملكها بعد التعريف لقوله (ثم استمتع) وعند الحنابلة أنها إن كانت نقدا تملكها وإلا فلائم القائلون بأنه يملكها قالوا هل تدخل في ملكه باختياره
بُرَيْدٍ عَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ سُئِلَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ أَشْيَاءَ كَرِهَهَا، فَلَمَّا أُكْثِرَ عَلَيْهِ غَضِبَ، ثُمَّ قَالَ لِلنَّاسِ «سَلُونِى عَمَّا شِئْتُمْ» . قَالَ رَجُلٌ مَنْ أَبِى قَالَ «أَبُوكَ حُذَافَةُ» . فَقَامَ آخَرُ فَقَالَ مَنْ أَبِى يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ «أَبُوكَ سَالِمٌ مَوْلَى
ــ
أو بغير اختياره فعند أكثرهم تدخل بغير الاختيار وقال في شرح السنة اختلفوا في أنه لو ادعي رجل اللقطة وعرف عفاصها ووكاءها فذهب مالك وأحمد إلي أنه تدفع إليه بغير بينة أقامها عليها وهو المقصود من معرفة العفاص والوكاء وقال الشافعي والحنيفة إذا وقع في النفس صدق المدعي فله أن يعطيه وإلا فبينته لأنه قد يصيب في الصفة بأن يسمع الملتقط يصفها فعلي هذا فائدة معرفة العفاص أن لا يختلط بماله اختلاطا لا يمكنه التمييز إذا جاء مالكها والمراد بالسقاء بطنها لأنها إذا وردت الماء شربت من الماء ما يكفيها مدة وهي من أطول البهائم ظمأ وقيل أريد به أنها ترد الماء عند احتياجها إليه فجعل النبي صلي الله عليه وسلم صبرها علي الماء أو ورودها إليه بمثابة سقائها وبالحذاء خفافها فإنها تقوي بها علي السير وشبهها بمن كان معه حذاء وسقاه في سفره، الخطابي: في لفظ «ثم استمتع» بيان أنها له بعد التعريف يفعل بها ما يشاء بشرط أن يردها إذا جاء صاحبها إن كانت باقية أو قيمتها إن كانت تالفة فإذا ضاعت اللقطة نظر فان كان في مدة السنة لم يكن عليه شيء لأن يده يد أمانة وإن ضاعت بعد السنة فعليه الغرامة لأنها صارت دينا عليه وأما غضبه فانه كان لسوء فهم السائل للفرق وذلك أن اللقطة إنما هي اسم للشيء الذي يسقط عن صاحبه فيضيع وليس للشيء في نفسه تقلب وتصرف هداية للوصول إلي صاحبه والإبل مخالفة لذلك اسما وصفة إنما يقال لها الضالة لأنها أنما تضل لعدو لها عن الحجة في سيرها وهي لا تعدم أسباب القدرة علي العود إلي ربها لقوة سيرها وإمعانها في الأرض وذلك معني السقاء أنها ترد المياه ربعا وخمسا فتمتلئ شربا وريا لأيام ذوات عدد ثم هي تمتنع عن الآفات من سبع يريدها وبئر تترداها ولذلك جعل الأمر في الغنم بالعكس لضعفها وجعل سبيلها سبيل اللقطة. قوله (محمد بن العلاء) هو أبو كريب الكوفي. و (أبو أسامة) هو حماد بن أسامة الكوفي. و (بريد) بضم الموحدة والدال المهملة. و (أبوبردة) هو عامر بن أبي موسي الأشعري وتقدموا في باب فضل من علم وعلم وكلهم كوفيون قوله (أشياء) هو غير منصرف قال منصرف قال الخليل إنما ترك صرفه لأن أصله فعلاء كشعراء جمع علي غير