الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
24 - باب الأَحْكَامِ الَّتِي تُعْرَفُ بِالدَّلَائِلِ، وَكَيْفَ مَعْنَى الدِّلَالَةِ وَتَفْسِيرِهَا
وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمْرَ الْخَيْلِ وَغَيْرِهَا، ثُمَّ سُئِلَ عَنِ الْحُمُرِ، فَدَلَّهُمْ عَلَى قَوْلهِ تَعَالَى:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} ، وَسُئِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الضَّبِّ، فَقَالَ:"لَا آكُلُهُ وَلَا أُحَرِّمُهُ"، وَأُكِلَ عَلَى مَائِدَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الضَّبُّ، فَاسْتَدَلَّ ابْنُ عَبَّاسٍ بِأَنَّهُ لَيْسَ بِحَرَامٍ.
(باب: الأحكام التي تُعرف بالدلائل)
أي: بالملازمات الشرعية أو العقلية، والأدلة المتفق عليها؛ كما قال ابن الحاجب وغيره: الكتاب، والسُّنَّة، والإجماع، والقياس، والاستدلال، وذلك كما إذا عُلِمَ ثبوتُ الملزوم شرعًا أو عقلًا، عُلِمَ ثبوتُ لازمه كذلك.
قال (ش): أدخل هذه الترجمة في (كتاب الاعتصام) تحذيرًا من الاستبداد بالرأي، وتنبيهًا على الرأي المحمود فيها، وهو المستند إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم، أو إشارته، أو سكوته، أو فعله، ويندرج فيه الاستنباطُ، والتعلقُ بما وراء الظاهر.
(الدلالة) بفتح الدال أو بكسرها، وقيل: بضمها أيضًا.
(ثم سئل)؛ أي: أن ذلك كإرشاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى دخول الخاص،
وهو الحميرُ، تحت حكمِ العامِّ في قوله تعالى:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ} الآية [الزلزلة: 7]؛ فإن من ربَطَها في سبيل الله، فهو عاملٌ للخير، يرى جزاءه خيرًا، ومن ربطها فخرًا ورياءً، بالعكس، وأما تفسيرُها، فكتعليمِ عائشةَ رضي الله عنها للمرأة التوضُّؤَ بالفرصة.
(فاستدل ابنُ عباس)؛ أي: من أكلِهم إياه بحضوره صلى الله عليه وسلم على الإباحة؛ إذ لو كان حرامًا، لمنعهم من الأكل.
* * *
7356 -
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ، حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ السَّمَّانِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"الْخَيْلُ لِثَلَاثَةٍ: لِرَجُلٍ أَجْرٌ، وَلِرَجُلٍ سِتْرٌ، وَعَلَى رَجُلٍ وِزْرٌ، فَأَمَّا الَّذِي لَهُ أَجْرٌ فَرَجُلٌ رَبَطَهَا فِي سَبِيلِ اللهِ فَأَطَالَ فِي مَرْجٍ أَوْ رَوْضَةٍ، فَمَا أَصَابَتْ فِي طِيَلِهَا ذَلِكَ الْمَرْجِ وَالرَّوْضَةِ كَانَ لَهُ حَسَنَاتٍ، وَلَوْ أَنَّهَا قَطَعَتْ طِيَلَهَا فَاسْتَنَّتْ شَرَفًا أَوْ شَرَفَيْنِ كَانَتْ آثَارُهَا وَأَرْوَاثُهَا حَسَنَاتٍ لَهُ، وَلَوْ أَنَّهَا مَرَّتْ بِنَهَرٍ فَشَرِبَتْ مِنْهُ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَسْقِيَ بِهِ كَانَ ذَلِكَ حَسَنَاتٍ لَهُ، وَهِيَ لِذَلِكَ الرَّجُلِ أَجْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا تَغَنِّيًا وَتَعَفُّفًا، وَلَمْ يَنْسَ حَقَّ اللهِ فِي رِقَابِهَا وَلَا ظُهُورِهَا، فَهْيَ لَهُ سِتْرٌ، وَرَجُلٌ رَبَطَهَا فَخْرًا وَرِيَاءً، فَهِيَ عَلَى ذَلِكَ وِزْرٌ"، وَسُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحُمُرِ قَالَ: "مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَيَّ فِيهَا إِلَّا هَذِهِ الآيَةَ الْفَاذَّةَ الْجَامِعَةَ: {فَمَنْ يَعْمَلْ
مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} ".
الحديث الأول:
(وِزْر)؛ أي: إثمٌ وثقل. وسبق شرحه في (كتاب الشرب).
* * *
7357 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى، حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ صَفِيَّةَ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ امْرَأَةً سَألتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم.
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ -هُوَ ابْنُ عُقْبَةَ-، حَدَّثَنَا الْفُضَيْلُ بْنُ سُلَيْمَانَ النُّمَيْرِيُّ الْبَصْرِيُّ، حَدَّثَنَا مَنْصُورُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَتْنِي أُمِّي، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْحَيْضِ، كَيْفَ تَغْتَسِلُ مِنْهُ؟ قَالَ:"تَأْخُذِينَ فِرْصَةً مُمَسَّكَةً فَتَوَضَّئِينَ بِهَا"، قَالَتْ: كَيْفَ أَتَوَضَّأُ بِهَا يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "تَوَضَّئِي"، قَالَتْ: كَيْفَ أَتَوَضَّأُ بِهَا، يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"تَوَضَّئِينَ بِهَا! ". قَالَتْ عَائِشَةُ: فَعَرَفْتُ الَّذِي يُرِيدُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَجَذَبْتُهَا إِلَيَّ فَعَلَّمْتُهَا.
الثاني:
(يحيى) قال الكلاباذي: هو البِيكَنْدِيّ.
(عن أُمِّه)؛ أي: صفيةَ، وهي بنتُ شيبةَ الحَجَبِيَّة، وأما أبوه، فهو عبدُ الرحمن.
(منصورُ بنُ عبدِ الرحمن بنُ شَيْبَةَ)، (ابنُ) الأخير صفةٌ لـ (منصور)، فيكتب بالألف؛ لأن شيبةَ هو اسم لأبي صفيةَ أُمّه، فهو نسبةٌ إلى أبي الأمّ.
(فتتوضئين بها) أي: تتنظفين وتتطهرين؛ أي: المرادُ: المعنى اللغويُّ، واسمُ المرأة: أسماءُ بنتُ شَكَلٍ كما في "مسلم"، ومر في (كتاب الحيض).
* * *
7358 -
حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ أَبِي بِشْرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ أُمَّ حُفَيْدٍ بِنْتَ الْحَارِثِ بْنِ حَزْنٍ أَهْدَتْ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم سَمْنًا وَأَقِطًا وَأَضُبًّا، فَدَعَا بِهِنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، فَأُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، فَتَرَكَهُنَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَالْمُتَقَذِّرِ لَهُ، وَلَوْ كُنَّ حَرَامًا مَا أُكِلْنَ عَلَى مَائِدَتِهِ، وَلَا أَمَرَ بِأَكْلِهِنَّ.
الثالث:
(أُمّ حُفَيْد) -بمهملتينِ وفاءٍ مُصَغَّرًا -اسمها: هُزَيْلَةُ -بالتصغير- بنتُ الحارثِ بنِ حَزْنٍ -بفتح المهملة وإسكان الزاي وبالنون- الهلاليةُ خالةُ ابنِ عباسٍ.
(وضَبًّا) في بعضها: (وأَضُبًّا) بالجمع. سبق في (الهبة).
* * *
7359 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَكَلَ ثُومًا أَوْ بَصَلًا، فَلْيَعْتَزِلْنَا -أَوْ:- لِيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ"، وَإِنَّهُ أُتِيَ بِبَدْرٍ -قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: يَعْنِي طَبَقًا- فِيهِ خَضِرَاتٌ مِنْ بُقُولٍ، فَوَجَدَ لَهَا رِيحًا، فَسَأَلَ عَنْهَا -أُخْبِرَ بِمَا فِيهَا مِنَ الْبُقُولِ- فَقَالَ: قَرِّبُوهَا، فَقَرَّبُوهَا إِلَى بَعْضِ أَصَحَابِهِ كَانَ مَعَهُ، فَلَمَّا رَآهُ كَرِهَ أَكْلَهَا، قَالَ:"كُلْ، فَإِنِّي أُنَاجِي مَنْ لَا تُنَاجِي"، وَقَالَ ابْنُ عُفَيْرٍ: عَنِ ابْنِ وَهْبٍ: بِقِدْرٍ فِيهِ خَضِرَاتٌ، وَلَمْ يَذْكُرِ اللَّيْثُ وَأَبُو صَفْوَانَ عَنْ يُونُسَ قِصَّةَ الْقِدْرِ، فَلَا أَدْرِي هُوَ مِنْ قَوْلِ الزُّهْرِيِّ أَوْ فِي الْحَدِيثِ؟
الرابع:
(ببدرٍ) يسمى الطبقُ بذلك؛ لاستدارته؛ تشبيهًا بالقمر.
(خُضَرَات) بضم المعجمة الأولى، وفتح الثانية: جمع خضرة، وفي مثله يجوز ضمُّ الضاد وفتحُها وسكونُها، وفي بعضها:(خَضِرَات) بفتح الخاء وكسر الضاد.
(بعض أصحابه) هو راويه بالمعنى؛ لأنه إنما قال: قرّبوها إلى فُلان -مثلًا-، أو مشيرًا إليه.
(مَنْ لا تُناجي)؛ أي: الملائكة، وقيل: النهيُ خاصٌّ بمسجدِه صلى الله عليه وسلم، والجمهورُ على أنه عامٌّ، ويُلحق به مجامعُ العبادات؛ كمصلى العيد،
ويلحق بالثوم كلَّ ما له رائحةٌ كريهةٌ.
(قال ابن عُفَيْرٍ) سبق بيانه في (الصلاة) أواخر (كتاب الجماعة)، ومعنى كونه من قول الزُّهْرِي: أن يكون مُرْسَلًا، ولهذا لم يروه يونسُ لليثٍ، وأبي صَفْوان، أو مسندًا كباقي الحديث.
(بِقِدْرٍ) بالقاف.
(ولم يذكر الليث) هذا، ولفظ:(فلا أدري) الظاهر: أنه من قول أحمدَ بنِ صالحٍ، ويحتمل أن يكون من كلامِ ابنِ وَهْبٍ، ويحتمل أنه من كلامِ ابنِ عُفَيْرٍ، ويحتمل أنه من كلامِ البخاريِّ تعليقًا، وقد سبق بيانُه هناك -أيضًا-.
(وأبو صَفْوان) موصولٌ في (الأطعمة).
* * *
7360 -
حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، حَدَّثَنَا أَبِي وَعَمِّي قَالَا: حَدَّثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جُبَيْرٍ: أَنَّ أَبَاهُ جُبَيْرَ بْنَ مُطْعِمٍ أَخْبَرَهُ: أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَلَّمَتْهُ فِي شَيْءٍ، فَأَمَرَهَا بِأَمْرٍ، فَقَالَتْ: أَرَأَيْتَ، يَا رَسُولَ اللهِ! إِنْ لَمْ أَجِدْكَ، قَالَ:"إِنْ لَمْ تَجدِينِي فَأْتِي أَبَا بَكْرٍ"، زَادَ الْحُمَيْدِيُّ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ: كَأَنَّهَا تَعْنِي الْمَوْتَ.
الخامس:
(فأتي أبا بكر) فيه دليل على خلافته رضي الله عنه، فهو من الأحكام التي