الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خَلَقَكَ"، قَالَ: ثُمَّ أَيّ؟ قَالَ: "ثُمَّ أَنْ تَقْتُلَ وَلَدَكَ؛ أَنْ يَطْعَمَ مَعَكَ"، قَالَ: ثُمَّ أَيّ؟ قَالَ: "أَنْ تُزَانِيَ حَلِيلَةَ جَارِكَ"، فَأَنْزَلَ اللهُ تَصْدِيقَهَا:{وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إلا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ} الآيَةَ.
الثالث:
سبق شرحُه قريبًا.
(تصديقًا) في بعضها: (تصديقها)، ووجهُ التصديق: إعظامُ هذه الثلاثة؛ حيث ضاعف لها العذاب، وأثبت لها الخلود.
واعلم أن القصدَ من الباب: بيانُ أحد طرفَي القرآن، وهما تلقُّنُه من جبريل، وإلقاؤه للأول؛ فالأولُ سبق في الباب قبلَه، والثاني هو التبليغُ ذكر في هذا الباب، وأما وجهُ ارتباطِ هذا الحديث بالباب، فهو أن التبليغ للأُمة ضربان: تبليغُ ما أُنزلَ بعينه، وتبليغُ ما استخرجه من القواعد المنزلة عليه، ثم ينزل على وَفْقه مصرحًا بذلك، مصدقًا له، والحديث من القسم الثاني.
* * *
47 - باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا}
وَقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: "أْعْطِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا بِهَا، وَأُعْطِيَ
أَهْلُ الأنْجيلِ الأنْجِيلَ، فَعَمِلُوا بِهِ، وَأُعْطِيتُمُ الْقُرْآنَ، فَعَمِلْتُمْ بِهِ".
وَقَالَ أَبُو رَزِينٍ: {يَتْلُونَهُ} : يَتَّبِعُونَهُ وَيَعْمَلُونَ بِهِ حَقَّ عَمَلِهِ، يُقَالُ: يُتْلَى: يُقْرَأُ، حَسَنُ التِّلَاوَةِ، حَسَنُ الْقِرَاءَةِ لِلْقُرْآنِ، {لَا يَمَسُّهُ}: لَا يَجدُ طَعْمَهُ وَنفعَهُ إِلَّا مَنْ آمَنَ بِالْقُرْآنِ، وَلَا يَحْمِلُهُ بِحَقِّهِ إِلَّا الْمُوقِنُ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا بِئْسَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} .
وَسَمَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الإِسْلَامَ وَالإِيمَانَ عَمَلًا.
قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِبِلَالٍ: "أَخْبِرْنِي بأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِي الإِسْلَامِ"، قَالَ: مَا عَمِلْتُ عَمَلًا أَرْجَى عِنْدِي أَنِّي لَمْ أَتَطَهَّرْ إِلَّا صَلَّيْتُ.
وَسُئِلَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: "إِيمَان بِاللهِ وَرَسُولِهِ، ثُمَّ الْجهَادُ، ثُمَّ حَجٌّ مَبْرُورٌ".
({قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا} [آل عمران: 93])
قوله: (إلا الموقن)؛ أي: بكونه من عندِ الله، فهو مبرأ من الجهل والشك ونحوه، لا الغافل؛ فإنه كالحمار، وذكر الأحاديث الدالة عليه.
(وسمى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الإسلامَ والإيمانَ عملًا) يشير إلى حديث عبدِ الله بنِ مسعود: سئل النبيُّ صلى الله عليه وسلم: أي العملِ أفضل؟ قال: "إِيمَانٌ
بِاللهِ"، وقد علَّقه البخاريُّ، ووصلَه في الباب الّذي بعدَه، وستأتي الإشارة إليه من حديث أبي ذَرٍّ، وأبي هريرة - أيضًا رضي الله عنهما، وأشار -أيضًا- إلى حديث ابن عُمر رضي الله عنهما: "بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ"؛ فإن فيه تسميةَ الإسلام عملًا.
(قال أبو هريرة) موصولٌ في (كتاب صلاة اللّيل).
(لم أتطَهَّرْ)؛ أي: لم أتوضأ إلا صلّيتُ ركعتين، سبق في (فضائل الصّحابة).
(حج مبرور) هو ما لم يخالطه إثمٌ، وقيل: ما كان من الحلال.
* * *
7533 -
حَدَّثَنَا عَبْدَانُ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللهِ، أَخْبَرَنَا يُونُسُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، أَخْبَرَنِي سَالِمٌ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّمَا بَقَاؤُكُمْ فِيمَنْ سَلَفَ مِنَ الأُمَم كمَا بَيْنَ صَلَاةِ الْعَصْرِ إِلَى غُرُوبِ الشَّمْسِ، أُوتِيَ أَهْلُ التَّوْرَاةِ التَّوْرَاةَ، فَعَمِلُوا بِهَا حَتَّى انتصَفَ النَّهَارُ، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِيَ أَهْلُ الإنْجيلِ الإنْجيلَ، فَعَمِلُوا بِهِ حَتَّى صُلِّيَتِ الْعَصْرُ، ثُمَّ عَجَزُوا، فَأُعْطُوا قِيرَاطًا قِيرَاطًا، ثُمَّ أُوتِيتُمُ الْقُرْآنَ، فَعَمِلْتُمْ بِهِ حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ، فَأُعْطِيتُمْ قِيرَاطَيْنِ قِيرَاطَيْنِ، فَقَالَ أَهْلُ الْكِتَابِ: هَؤُلَاءِ أَقَلُّ مِنَّا عَمَلًا وَأَكثَرُ أَجْرًا؟ قَالَ اللهُ: هَلْ ظَلَمْتكُمْ مِنْ حَقِّكُمْ شَيْئًا؟ قَالُوا: لَا، قَالَ: فَهْوَ فَضْلِي أُوتِيهِ مَنْ أَشَاءُ".