الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرابع:
(حديثًا حسنًا) التقييدُ بالحسن، مع أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم كلَّه حسن؛ باعتبار إرادة أن يكون ذكر الرحمة، لا ذكر الفتنة، أو هو من باب الصفة اللازمة.
(فبادرنا إليه رجل) هو يَزِيد بنُ بِشْرٍ السَّكْسَكِيّ.
(ثكلتك أُمك)؛ أي: فقدتْك، ولم يقصِدْ به حقيقةَ الدعاء، ومرتْ قصتُه في (سورة البقرة)، وغيرها.
* * *
17 - باب الْفِتْنَةِ التِي تَمُوجُ كمَوْجِ الْبَحرِ
وَقَالَ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ خَلَفِ بْنِ حَوْشَبٍ: كَانُوا يَسْتَحِبُّونَ أَنْ يتمَثَّلُوا بِهَذِهِ الأَبْيَاتِ عِنْدَ الْفِتَنِ، قَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
الْحَرْبُ أَوَّلُ مَا تَكُونُ فَتِيَّةً
…
تَسْعَى بِزِينَتِهَا لِكُلِّ جَهُولِ
حَتَّى إِذَا اشتَعَلَتْ وَشَبَّ ضِرَامُهَا
…
وَلَّتْ عَجُوزًا غَيْرَ ذَاتِ حَلِيل
شَمْطَاءَ يُنْكَرُ لَوْنها وَتَغَيَّرَتْ
…
مَكْرُوهَةً لِلشَّمِّ وَالتَّقْبِيلِ
(باب: الفتنة التي تموج كموج البحر)
قوله: (بهذه الأبيات) قيل: هي لاِمْرِئِ القَيْس.
(أول) فيه، وفي (فتية) مصغَّرة ومكبرة؛ أي: شابة: أربعةُ أوجه: رفع أول، ونصب فتية؛ أي: أولُ أحوالها إذا كانت فتية؛ فالحربُ مبتدأ، وأولُ مبتدأ ثان، وفتيةً حالٌ سدَّت مسدَّ الخبر، والجملةُ خبر الحرب.
ونصب أول، ورفع فتية؛ أي: الحرب في أول أحوالها فتية؛ فالحربُ مبتدأ، وأولَ ظرف، وفتية الخبر.
ورفعُهما مبتدأ وخبر، والجملة خبر عن الحرب، أو أولُ بدل من الحرب.
ونصبها على أن أولَ ظرف، وفتيةً حال، وتسعى خبر عن الحرب، والمراد: أنها تَغُرُّ من لم يجرّبها، حتى يدخل فيها فتهلِكَه.
(بزينتها) رواه سيبويه: (ببزتها)، والبزة: اللباس، وأصلُه من بززتُ الرجل أبزُّه: إذا سلبته؛ فسمي اللباس بما يؤول إليه من السلب.
(إذا اشتعلت) إما شرطية، وجوابها:(ولت)، وإما ظرفية.
(ضِرَامُها) بكسر المعجمة: ما اشتعل من الحطب، والشبُّ: الإيقادُ والارتفاعُ.
(حَلِيل) بمهملة مفتوحة؛ أي: زوج، ويروى بمعجمة.
(شَمْطَاء) هي البيضاء تخالط السواد.
* * *
7096 -
حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصِ بْنِ غِيَاثٍ، حَدَّثَنَا أَبِي، حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ، حَدَّثَنَا شَقِيقٌ، سَمِعْتُ حُذَيْفَةَ يَقُولُ: بَيْنَا نَحْنُ جُلُوسٌ عِنْدَ عُمَرَ، إذْ قَالَ: أيُّكُمْ يَحْفَظُ قَوْلَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي الْفِتْنَةِ؟ قَالَ: "فِتْنَةُ الرَّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَجَارِه، تُكَفِّرُهَا الصَّلَاةُ وَالصَّدَقَةُ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيُ عَنِ الْمُنْكَرِ"، قَالَ: لَيْسَ عَنْ هَذَا أَسْألكَ، وَلَكِنِ الَّتِي تَمُوجُ كَمَوْجِ الْبَحْرِ، قَالَ: لَيْسَ عَلَيْكَ مِنْهَا بَأسٌ، يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا بابًا مُغْلَقًا، قَالَ عُمَرُ: أَيُكْسَرُ الْباب أَمْ يُفْتَحُ؟ قَالَ: بَلْ يُكْسَرُ، قَالَ عُمَرُ: إِذا لَا يُغْلَقَ أَبَدًا، قُلْتُ: أَجَلْ، قُلْنَا لِحُذَيْفَةَ: كًانَ عُمَرُ يَعْلَمُ الْباب؟ قَالَ: نعمْ، كَمَا أَعْلَمُ أَنَّ دُونَ غَد لَيْلَةً، وَذَلِكَ أَنِّي حَدَّثْتُهُ حَدِيثًا لَيْسَ بِالأَغَالِيطِ، فَهِبْنَا أَنْ نسألهُ: مَنِ الْباب؟ فَأَمَرْنَا مَسْرُوقًا فَسَألهُ، فَقَالَ: مَنِ الْباب؟ قَالَ: "عُمَرُ".
الحديث الأول:
(يعلق) بالنصب.
(دون غد)؛ أي: علمًا ضروريًّا.
(الأغاليط) جمع أُغلوطة، وهي الكلام الذي يُغلط به، ويُغالط فيه؛ أي: لا شبه فيه من معدن الصدق.
(فأمرنا)؛ أي: قلنا، أو طلبنا، ففيه: أن الأمر لا يُشترط فيه علوّ ولا استعلاء.
قال (ط): أشار بالكسر إلى قتل عُمر رضي الله عنه، وبالفتح إلى موته، وقال عُمر: إذا كان بالقتل، فلا تسكن الفتنة أبدًا، وكان حُذيفة مهيبًا، وكان مَسْرُوق أجرأ على سؤاله؛ لكثرة علمه، وعلوّ منزلته، وسبق أول (كتاب مواقيت الصلاة)، وإنما قال: بينك وبينها بابًا مُغْلقًا، ثم أنجره أنه الباب؛ لأن المراد: بين زمانك، أو حياتك، وبينها، أو الباب بدنُ عُمر، وهو بين الفتنة وبين نفسه.
* * *
7097 -
حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ قَالَ: خَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى حَائِطٍ مِنْ حَوَائِطِ الْمَدِينَةِ لِحَاجَتِهِ، وَخَرَجْتُ فِي إِثْرِه، فَلَمَّا دَخَلَ الْحَائِطَ جَلَسْتُ عَلَى بابِهِ، وَقُلْتُ: لأكُونَنَّ الْيَوْمَ بَوَّابَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَلَم يَأْمُرني، فَذَهَبَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَضَى حَاجَتَهُ، وَجَلَسَ عَلَى قُفِّ الْبِئْرِ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَجَاءَ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأْذِنُ عَلَيْهِ لِيَدْخُلَ، فَقُلْتُ: كمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأذِنَ لَكَ، فَوَقَفَ، فَجئْتُ إِلَى النَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ: يَا نبِي اللهِ أَبُو بَكْرٍ يَسْتَأذِنُ عَلَيْكَ، قَالَ:"ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ"، فَدَخَلَ، فَجَاءَ عَنْ يَمِينِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، وَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَجَاءَ
عُمَرُ، فَقُلْتُ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ"، فَجَاءَ عَنْ يَسَارِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، فَدَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَامْتَلأَ الْقُفُّ فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ مَجْلِسٌ، ثُمَّ جَاءَ عُثْمَانُ، فَقُلْتُ: كَمَا أَنْتَ حَتَّى أَسْتَأْذِنَ لَكَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"ائْذَنْ لَهُ، وَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ، مَعَهَا بَلَاءٌ يُصِيبُهُ"، فَدَخَلَ فَلَمْ يَجدْ مَعَهُمْ مَجْلِسًا، فتحَوَّلَ حَتَّى جَاءَ مُقَابِلَهُمْ عَلَى شَفَةِ الْبِئْرِ، فَكَشَفَ عَنْ سَاقَيْهِ، ثُمَّ دَلَّاهُمَا فِي الْبِئْرِ، فَجَعَلْتُ أتمَنَّى أَخًا لِي، وَأَدْعُو اللهَ أَنْ يَأتِيَ. قَالَ ابْنُ الْمُسَيَّبِ: فتأوَّلْتُ ذَلِكَ قُبُورَهُمُ، اجْتَمَعَتْ هَا هُنَا، وَانْفَرَدَ عُثْمَانُ.
الثاني:
(قُفّ) بضم القاف: هو بناء حول البئر كالدكَّة، وأصلُ القُفّ: ما غَلُظ من الأرض وارتفعَ، أو هو من القُفّ اليابس؛ لأن ما ارتفعَ حولَ البئر يكون بالبناء في الغالب.
(فدلَّاهما)؛ أي: أرسلهما فيها.
(كما أنت)؛ أي: قفْ واثبُتْ كما أنت عليه.
(بلاء)؛ أي: بلية صار بها شهيدَ الدار، وإنما خُصَّ عثمانُ بالبلاء، وإن عُمر -أيضًا- قتل؛ لأنه لم يمتحَنْ كعثمانَ من التسلط عليه، ومطالبة خلعِ الإمامة، والدخول على محرمه، ونسبة القبائح إليه.
(مقابلهم) إن فتحت الموحدة، فهو المكان، أو كسرت، فاسم فاعل، فنصبه على الظرفية، أو الحالية.
(فتأولت)؛ أي: فسّرت.
(قبورهم)؛ أي: من جهة اجتماع قبور الثلاثة، لا أن أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، وأما عثمان، فهو بالبقيع مقابلًا لهم، وسبق الحديث في (مناقب أبي بكر رضي الله عنه).
* * *
7098 -
حَدَّثَنِي بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ، أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبة، عَنْ سُلَيْمَانَ، سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ: قِيلَ لأُسَامَةَ: أَلَا تُكَلِّمُ هَذَا؟ قَالَ: قَدْ كلَّمْتُهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بابًا، أكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَفْتَحُهُ، وَمَا أَنَا بِالَّذِي أقولُ لِرَجُلٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا عَلَى رَجُلَيْنِ: أَنْتَ خَيْرٌ، بَعْدَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:"يُجَاءُ بِرَجُلٍ فَيُطْرَحُ فِي النَّارِ، فَيَطْحَنُ فِيهَا كَطَحْنِ الْحِمَارِ بِرَحَاهُ، فَيُطِيفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَيقُولُونَ: أَيْ فُلَانُ! ألسْتَ كُنْتَ تأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ، وَتنهَى عَنِ الْمُنْكَرِ؟ فَيقُولُ: إِنِّي كنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا أَفْعَلُهُ، وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَفْعَلُهُ".
الثالث:
(ألا تكلم هذا)؛ أي: عثمان فيما وقع من الفتنة بين الناس، والسعي في إطفائها، وقيل: في شان الوليد بن عُقبة، وما ظهر منه في شرب الخمر.