الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واعلمْ أن وجه تخصيصه بموسى من بين سائر الأنبياء: أنه في السماء السابعة، فهو أولُ من وصل إليه، أو لأن أُمّتَهُ أكثرُ من غيرها، وإيذاؤهم له أكثرُ من غيره، أو لأن دِينَهُ فيه الأحكامُ الكثيرة، والتشريعاتُ الوافرة؛ إذ الإنجيل -مثلًا- أكثرُه مواعظ.
وفي الحديث: أن للسماء أبوابًا، وحفظةً، وإثباتُ الاستئذان، ودقُّ الباب، والتصريحُ باسم الداقّ، وترحيبُ أهل الفضلِ عند الملاقاة، وعلوُّ مرتبة نبينا محمدٍ صلى الله عليه وسلم فوقَ الجميع، وأن الكوثرَ مخلوقٌ اليوم، وشرفُ ماءِ النيل والفرات.
والحديثُ مكررٌ أكثر من عشر مرات مختصرًا ومطولًا، أولها في (كتاب الصلاة).
* * *
38 - باب كَلَامِ الرَّبِّ مَعَ أَهْلِ الْجَنَّةِ
(باب: كلام الرب عز وجل مع أهل الجنة)
7518 -
حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنِي ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي مَالِكٌ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ يَقُولُ لأَهْلِ الْجَنَّةِ: يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ! فَيَقُولُونَ: لَبَّيْكَ رَبَّنَا وَسَعْدَيْكَ، وَالْخَيْرُ فِي يَدَيْكَ، فَيَقُولُ:
هَلْ رَضِيتُمْ؟ فَيَقُولُونَ: وَمَا لنا لَا نَرْضَى، يَا رَبِّ! وَقَدْ أَعْطَيْتَنَا مَا لَمْ تُعْطِ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ؟ فَيَقُولُ: أَلَا أُعْطِيكُمْ أَفْضَلَ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُونَ: يَا رَبِّ! وَأَيُّ شَيْءٍ أَفْضَلُ مِنْ ذَلِكَ؟ فَيَقُولُ: أُحِلُّ عَلَيْكُمْ رِضْوَانِي فَلَا أَسْخَطُ عَلَيْكُمْ بَعْدَهُ أَبَدًا".
الحديث الأول:
(والخير في يديك) الشرُّ أيضًا وإن كان بتقديرِه وإرادته؛ لكن ذكر الخير فقط؛ تأدبًا، ومثلُه قوله تعالى:{بِيَدِكَ الْخَيْرُ} [آل عمران: 26].
(أفضل من ذلك)؛ أي: من الإعطاء، ولم يقل: أفضل من كل شيء، فلا يلزم أن يكون أفضل من اللقاء، فجاز أن يكون اللقاء أفضلَ من الرضا، وهو من الإعطاء أو اللقاء مستلزم للرضا، فهو من إطلاق اللازم وإرادةِ الملزوم، فالله تعالى متفضّلٌ على عباده، لا يجب عليه شيء، وثوابُ أعمالهم يقتضي التناهيَ؛ لتناهي الأعمال، فتأبيدُ نعيمِهم فضلٌ من الله تعالى.
* * *
7519 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا فُلَيْحٌ، حَدَّثَنَا هِلَالٌ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَوْمًا يُحَدِّثُ وَعِنْدَهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ: "أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ اسْتَأْذَنَ رَبَّهُ فِي الزَّرْعِ، فَقَالَ له: أَوَ لَسْتَ فِيمَا شِئْتَ؟ قَالَ: بَلَى، وَلَكِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَزْرَعَ،
فَأَسْرَعَ وَبَذَرَ، فتبادَرَ الطَّرْفَ نَبَاتُهُ وَاسْتِوَاؤُهُ وَاسْتِحْصَادُهُ وَتَكْوِيرُهُ أَمْثَالَ الْجبَالِ، فَيَقُولُ اللهُ تَعَالَى: دُونَكَ، يَا ابْنَ آدَمَ! فَإِنَّهُ لَا يُشْبِعُكَ شَيْءٌ"، فَقَالَ الأَعْرَابِيُّ: يَا رَسُولَ اللهِ! لَا تَجدُ هَذَا إِلَّا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصَارِيًّا، فَإِنَّهُمْ أَصْحَابُ زَرْعٍ، فَأَمَّا نَحْنُ فَلَسْنَا بِأَصْحَابِ زَرْعٍ، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ.
الثاني:
(أن رجلًا) هو مفعولُ (يحدث).
(أوَلَسْتُ) الهمزة للاستفهام، والواو للعطف؛ أي: ما رضيت بما أنت فيه من النعم.
(الطرف) بالنصب؛ يعني: نبت قبل طرفة عين، واستوى واستحصد.
(وتكويره) التكويرُ: الزيادة والإرادة.
(دونك)؛ أي: خُذْه.
(لا يشبعُك شيء) لا ينافي قولَه تعالى: {إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى} [طه: 118]؛ لأن نفي الشبع لا يوجب الجوعَ؛ لأن بينهما واسطةَ الكفاية، قيل: وينبغي أن لا يشبع؛ لأن الشبع يمنع طولَ الأكلِ المستلذ منه مدةَ الشبع، أو المقصودُ منه: بيانُ حرصه، وتركُ القناعة؛ كأنه قال: لا يُشبع عينَك شيء.
(الأعرابي) مفردُ الأعراب، وهم جيل من العرب يسكنون