الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
55 - باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ (21) فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ} {وَالطُّورِ (1) وَكِتَابٍ مَسْطُورٍ}
قَالَ قتادَةُ: مَكْتُوبٌ، {يَسْطُرُونَ} يَخُطُّونَ، {أُمُّ الْكِتَابِ}: فِي جُمْلَةِ الْكِتَابِ وَأَصْلِهِ، {مَا يَلْفِظُ}: مَا يَتَكَلَّمُ مِنْ شَيْءٍ إلا كُتِبَ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يُكْتَبُ الْخَيْرُ وَالشَّرُّ، {يُحَرِّفُونَهُ} ": يُزِيلُونَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُزِيلُ لَفْظَ كِتَابٍ مِنْ كتبِ اللهِ عز وجل، وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَهُ يَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، دِرَاسَتُهُمْ: تِلَاوَتُهُمْ، {وَاعِيَةٌ}: حَافِظَةٌ: {وَتَعِيَهَا} : تَحْفَظُهَا، {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ}: يَعْنِي أَهْلَ مَكَّةَ وَمَنْ بَلَغَ هَذَا الْقُرْآنُ، فَهْوَ لَهُ نَذِيرٌ.
(باب: قوله تعالى: {بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ} [البروج: 21])
قوله: (يسطرون)؛ أي: في قوله تعالى: {ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ} [القلم: 1].
(في أُمّ الكتاب)(1)؛ أي: في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ} [الزخرف: 4].
(ما يلفظ)؛ أي: في قوله تعالى: {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ
(1) جاء على هامش "ت": "قول البخاريّ: في أم الكتاب: جملة الكتاب وأصلُه؛ أي: الشامل للناسخ والمنسوخ، وما يكتب وما يبدل".
عَتِيدٌ} [ق: 18]؛ أي: ما يتكلَّم من خيرٍ أو شَرٍّ.
(يحرِّفون)؛ أي: في قوله تعالى: {يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ} [النساء: 46].
(يُزيلون)؛ أي: يزيلونه من جهة المعنى فقط؛ يتأولونه بغير الحقِّ المرادِ.
(وليس أحد يزيل لفظ كتاب من كتب الله) اغترَّ بعضُهم بهذا، فزعم في تحريف التوراة والإنجيل خلافًا في أنه في اللّفظ والمعنى، أو في المعنى فقط، ومال إلى الثّاني، وجَوَّزَ مطالعَتَهما، وهذا قولٌ باطل؛ فلا خلاف أنهم حَرَّفوا وبَدَّلوا، فالاشتغالُ بكتابيهما، ونظرُهما ممتنعٌ إجماعًا، وقد غضب النبيُّ صلى الله عليه وسلم حين رأى مع عُمر صحيفةً فيها شيءٌ من التوراة، وقال:"لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا، ما وَسِعَهُ إلا اتِّبَاعِي"، فلولا أنه معصيةٌ، ما غضبَ منه.
قلت: قد سبق في (باب: {كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: 29]) بسنده عن ابن عبّاس: أنه قال: كيف تسألون أهلَ الكتابِ عن كتبهم، وعندَكم كتاب الله أقربُ عهدًا بالله، تقرؤونه مَحْضًا لم يُشَبْ، وهو كالصَّريحِ في أن غيرَ هذا الكتاب من كتبهم قد شِيبَ، وأن النظرَ فيه منكَرٌ؛ فلو كان التحريفُ في المعنى فقط، لم ينكر ذلك، ولا قال: إنّه لم يُشب، فيجبُ تأويلُ ما نُقل عن ابن عبّاس هنا بلا سند.
* * *
7553 -
وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ: حَدَّثَنَا مُعْتَمِرٌ، سَمِعْتُ أَبِي، عَنْ قتَادَةَ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:"لَمَّا قَضَى اللهُ الْخَلْقَ كَتَبَ كِتَابًا عِنْدَهُ: غَلَبَتْ -أَوْ قَال:- سَبَقَتْ رَحْمَتِي غَضَبِي، فَهْوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ".
الحديث الأوّل:
(قضى)؛ أي: أتمَّ.
(كتب) إمّا حقيقة؛ بخلقِ صورةِ المكتوبِ في اللوح المحفوظ، أو الأمر بالكتابة فيه، وإما مجاز عن تعلّق الحكم، والإخبار به.
(عنده) من المتشابه؛ لاستحالة العندية المكانية في حقه تعالى، فإما التفويضُ، أو التأويلُ بما يليق، أو هو تمثيلٌ واستعارةٌ.
(سبقت)؛ أي: سبق تعلُّق الرّحمة، وإلًّا فصفاته القديمة مستحيلٌ فيها السبقُ، وسبقُ الرّحمة؛ لأنها من مقتضيات صفاته، وأمّا تعلُّقُ العقوبة، فمن عصيان العبد.
وقال المهلب: سبقُ رحمتِه ظاهر؛ لأن مَنْ غضبَ عليه من خلقه، لم يُخيبه في الدنيا من رحمته، وقيل: المراد: أن رحمته لا تنقطع عن أهل النّار المخلَّدين من الكفار؛ إذ في قدرته أن يخلق لهم عذابًا يكون عذابُ النّار يومئذ لأهلِها رحمةً وتخفيفًا، بالإضافة إلى ذلك العذاب. وسبق مرات.
* * *