الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(من النار)؛ أي: لأن مآله إليها؛ فيه: أن البشر لا يعلم الغيب إلا أن يُعَلِّمَهُ الله تعالى، وأنه يحكم بالظاهر، وحكمُه صلى الله عليه وسلم لا يكون إلا صحيحًا؛ لأنه بالبينة، وإن وقع خطأً؛ فإنما هو من الشاهد؛ وكذا كلُّ حاكم، وفيه: أن حكم الحاكم لا ينفُذُ باطنًا، ولا يُحِلُّ حرامًا؛ خلافًا للحنفيّة، وسبق في (المظالم).
* * *
21 - باب الشَّهَادَةِ تَكُونُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فِي وِلَايَتِهِ الْقَضَاءِ أَوْ قَبْلَ ذَلِكَ لِلْخَصْمِ
وَقَالَ شُرَيْحٌ الْقَاضِي، وَسَأَلَهُ إِنْسَانٌ الشَّهَادَةَ، فَقَالَ: ائْتِ الأَمِيرَ حَتَّى أَشْهَدَ لَكَ.
وَقَالَ عِكْرِمَةُ: قَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ: لَوْ رَأَيْتَ رَجُلًا عَلَى حَدٍّ زنًا أَوْ سَرِقَةٍ وَأَنْتَ أَمِيرٌ، فَقَالَ: شَهَادَتُكَ شَهَادَةُ رَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ، قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ عُمَرُ: لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ: زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللهِ لَكَتَبْتُ آيَةَ الرَّجْمِ بِيَدِي.
وَأَقَرَّ مَاعِزٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالزِّناَ أَرْبَعًا، فَأَمَرَ بِرَجْمِهِ، وَلَمْ يُذْكَرْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَشْهَدَ مَنْ حَضَرَهُ، وَقَالَ حَمَّادٌ: إِذَا أَقَرَّ مَرَّةً عِنْدَ الْحَاكِم رُجِمَ، وَقَالَ الْحَكَمُ: أَرْبَعًا.
(باب: الشهادة تكون عند الحاكم)
قوله: (للخصم) يتعلق بالشهادة؛ أي: إذا كان الحاكم شاهدًا للخصم الذي هو أحد المتحاكمين عنده، سواء تحملها قبل تولية القضاء، أو في زمان ولايته، فاختلفوا: هل له أن يحكم بها، أم لا؟
(الأمير)؛ أي: السلطان، أو مَنْ دونَه.
(فقال: شهادتك) هو قولُ عبدِ الرحمنِ جوابًا لعُمرَ؛ وأما جوابُ (لو) فمحذوف؛ أي: فما قولك فيه؟ أو نحو ذلك.
(قال عُمر) موصول في (حديث السقيفة).
(آية الرَّجْم)؛ أي: الشيخ والشيخة إلى آخرها، والغرض: أنه لم يُلحقها بالمصحف بمجرد علمه وحدَه.
(وأقرَّ مَاعِزٌ) موصول في (الحدود).
(ولم يذكر) أراد به الردَّ على من قال: لا يقضي بإقرار الخصم، حتى يدعوَ شاهدين يُحضرهما إقرارَه.
* * *
7170 -
حَدَّثَنَا قتيْبَةُ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى، عَنْ عُمَرَ بْنِ كَثِيرٍ، عَنْ أَبِي مُحَمَّدٍ مَوْلَى أَبِي قتادَةَ: أَنَّ أَبَا قتادَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ حُنَيْنٍ: "مَنْ لَهُ بَيِّنَةٌ عَلَى قَتِيلٍ قتلَهُ، فَلَهُ سَلَبُهُ"، فَقُمْتُ لأَلْتَمِسَ بَيِّنَةً عَلَى قَتِيلٍ، فَلَمْ أَرَ أَحَدًا يَشْهَدُ لِي، فَجَلَسْتُ، ثُمَّ
بَدَا لِي فَذَكَرْتُ أَمْرَهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ: سِلَاحُ هَذَا الْقَتِيلِ الَّذِي يَذْكُرُ عِنْدِي، قَالَ: فَأَرْضِهِ مِنْهُ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: كَلَّا، لَا يُعْطِهِ أُصَيْبغَ مِنْ قُرَيْشٍ وَيَدَعَ أَسَدًا مِنْ أُسْدِ اللهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللهِ وَرَسُولِهِ، قَالَ: فَأَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَدَّاهُ إِلَيَّ، فَاشْتَرَيْتُ مِنْهُ خِرَافًا، فَكَانَ أَوَّلَ مَالٍ تَأَثَّلْتُهُ. قَالَ لِي عَبْدُ اللهِ: عَنِ اللَّيْثِ: فَقَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَأَدَّاهُ إِلَيَّ.
وَقَالَ أَهْلُ الْحِجَازِ: الْحَاكِمُ لَا يَقْضِي بِعِلْمِهِ، شَهِدَ بِذَلِكَ فِي وِلَايَتِهِ أَوْ قَبْلَهَا، وَلَوْ أَقَرَّ خَصْمٌ عِنْدَهُ لآخَرَ بِحَقٍّ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءَ، فَإِنَّهُ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ حَتَّى يَدْعُوَ بِشَاهِدَيْنِ فَيُحْضِرَهُمَا إقْرَارَهُ.
وَقَالَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِرَاقِ: مَا سَمِعَ أَوْ رَآهُ فِي مَجْلِسِ الْقَضَاءِ قَضَى بِهِ، وَمَا كَانَ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَقْضِ إِلَّا بِشَاهِدَيْنِ.
وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: بَلْ يَقْضِي بِهِ، لأَنَّهُ مُؤْتَمَنٌ، وَإِنَّمَا يُرَادُ مِنَ الشَّهَادَةِ مَعْرِفَةُ الْحَقِّ، فَعِلْمُهُ أَكْثَرُ مِنَ الشَّهَادَةِ.
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَقْضِي بِعِلْمِهِ فِي الأَمْوَالِ، وَلَا يَقْضِي فِي غَيْرِهَا.
وَقَالَ الْقَاسِمُ: لَا يَنْبَغِي لِلْحَاكِم أَنْ يُمْضِيَ قَضَاءً بِعِلْمِهِ دُونَ عِلْمِ غَيْرِهِ، مَعَ أَنَّ عِلْمَهُ أَكثَرُ مِنْ شَهَادَةِ غَيْرِهِ، وَلَكِنَّ فِيهِ تَعَرُّضًا لِتُهَمَةِ نَفْسِهِ عِنْدَ الْمُسْلِمِينَ، وَإِيقَاعًا لَهُمْ فِي الظُّنُونِ، وَقَدْ كَرِهَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الظَّنَّ، فَقَالَ:"إِنَّمَا هَذِهِ صَفِيَّة".
الحديث الأول:
(حُنين) بنونين.
(سَلَبَهُ) بفتحتين: ما معه من المال من ثياب وأسلحة ونحوِ ذلك.
(أُصَيْبغ) بإهمال الصاد وإعجام الغين، وبالعكس؛ فعلى الأول: هو تصغير وتحقير له بوصفه باللون الرديء، وعلى الثاني: تصغير ضَبُع على غير قياس، كأنه لما عَظَّمَ أبا قَتادة بأنه أسد، صَغَّرَ هذا، وشبهه بالضَّبُع، لضعف افتراسه.
وقال (خ): الأصبغ -بالصاد المهملة-: نوع من الطير، ونبات ضعيف.
(ويدع) بالرفع، والنصب، والجزم.
(أسدًا)؛ أي: أبا قَتادة.
(فقام) في بعضها: (فعلم)؛ أي: علم النبي صلى الله عليه وسلم أن أبا قَتادةَ هو القاتلُ للقتيل.
(خِرَافًا) بكسر المعجمة وخفة الراء: البستان.
(تأثلته)؛ أي: اتخذْتُه أصلَ المال، واقتنيتُه، وإنما حكم له بذلك، مع طلبه أولًا البينةَ؛ لأن الخصم اعترف، مع أن المال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيه لمن شاء.
(قال عبد الله) وقع في رواية أبي ذَرٍّ عن الكُشْميْهَنِيّ: (قال لي
عبد الله)، وهو ابنُ صالح؛ أي: كاتبُ الليث.
(فقام) فيه دليل على أن ما في الرواية السابقة إنما هو (فعلم)، وسبق الحديث في (غزوة حُنَيْن).
(فَيُحْضِرْهُمَا) من الإحضار.
(مؤتَمَن) اسم مفعول.
(وقال بعضهم)؛ أي: بعض العلماء، أو بعضُ أهل الحجاز؛ كالشافعي رضي الله عنه.
(وقال القاسم) هو حيث أُطْلِق المراد به: ابنُ محمدِ بنِ أبي بكرٍ الصديقِ غالبًا.
(يمضي) في بعضها: (يقضي).
(دون علم غيره)؛ أي: يكون وحده عالمًا به، لا غيره.
(وإيقاعًا) مفعول معه، والعامل هو ما يلزم الظرف.
* * *
7171 -
حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللهِ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَتْهُ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ فَلَمَّا رَجَعَتِ انْطَلَقَ مَعَهَا، فَمَرَّ بِهِ رَجُلَانِ مِنَ الأَنْصَارِ فَدَعَاهُمَا، فَقَالَ:"إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ"، قَالَا: سُبْحَانَ اللهِ، قَالَ:"إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنِ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ"، رَوَاهُ شُعَيْبٌ، وَابْنُ مُسَافِرٍ، وَابْنُ أَبِي عَتِيقٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عَلِيٍّ يَعْنِي ابْنَ حُسَيْنٍ، عَنْ