الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الحاكم أبو عبدِ الله: من شرط البخاريِّ أن لا يرويَ إلا عن صحابيٍّ مشهورٍ له راويان، ولا عن تابعيٍّ إلا وله راويان، وهكذا في كلّ طبقة؛ فردَّه (ن) بإخراجه حديثَ ابنِ تَغْلبَ:(إِنِّي لأُعْطِي الرَّجُلَ)، ولم يروه عنه غيرُ الحسن.
(وأدع)، أي: أترك.
(الجزع) ضِدُّ الصبر.
(والهلع) الضَّجَر.
(بكلمة) الباءُ فيه للبدليةِ والمقابلة، وذلك لأن الآخرَة خيرٌ وأبقى.
(حُمْر النَّعَمِ)؛ لأن ذلك أشرفُ أنواعها، والغرضُ من الباب: إثباتُ أن أخلاق الإنسان من هذه الأشياء بخلق الله تعالى، وفيه: أن الأرزاق ليست على قدر الاستحقاق، والفضائل، وأن المنع قد لا يكون مذمومًا، أو يكون أفضلَ للممنوع. وسبق في (الجمعة).
* * *
50 - باب ذِكْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَرِوَايَتِهِ عَنْ رَبِّهِ
(باب: ذكر النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، وروايته عن ربه عز وجل)
قال (ك): أي: بدون واسطة جبريل عليه السلام، ويسمَّى بالحديث القدسي، وفيه ونظر! فلا مانعَ أن يكون ذلكَ بواسطة جبريلَ عليه السلام أيضًا.
* * *
7536 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيم، حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ سَعِيدُ بْنُ الرَّبِيعِ الْهَرَوِيُّ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قتادَةَ، عَنْ أَنسٍ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ، قَالَ:"إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَيَ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً".
الحديث الأوّل:
(هرولة)؛ أي: بسرعة، وسبق مرات: أن هذا كلَّه مجازٌ؛ لقيامِ البراهينِ القاطعةِ على استحالتها على الله تعالى، فعلى طريقه التّأويل في المتشابه المعنى: من تقرَّبَ إليّ بطاعةٍ قليلة، أجازيه بثواب كثير، وكلما زادَ في الطّاعة، أزيد في الثّواب، وإن كان العبد متأنيًا في طاعته، فأنا آتيه بالثواب بسرعة، فالثوابُ دائمًا راجحٌ على العمل، مضاعَفٌ عليه كَمًّا وكَيْفًا، ولفظُ التقرُّبِ والهرولةِ مجازٌ على سبيل المشاكلة، أو استعارة، أو على قصدِ إرادةِ لوازمِها.
* * *
7537 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، عَنْ يَحْيَى، عَنِ التَّيْمِيِّ، عَنْ أَنسٍ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: رُبَّمَا ذَكَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنِّي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا -أَوْ-: بُوعًا".
وَقَالَ مُعْتَمِرٌ: سَمِعْتُ أَبِي، سَمِعْتُ أَنسًا، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم،
يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ عز وجل.
الثّاني:
(تقرَّب مني) تعديتُه بـ (من) هو الأصل، وأمّا في الرِّواية الأولى، فإنّما أُتي بـ (إلى) لقصدِ معنى الانتهاء، والصِّلاتُ تختلف بحسب المقصود.
(بَاعًا) بموحدة ومهملة: قدرُ مَدِّ اليدين، ومثلُه: البَوْع -بفتح أوله وضمه-.
قال (خ): البَوْع مصدرُ باع: إذا مدِّ باعه، ويحتمل رواية الضم أن يكون جمع باعٍ.
(وقال مُعْتَمِرٌ) وصله مسلمٌ، وابنُ حِبّان، وزادَ في آخر الحديث:(واللهُ أوسعُ بالمغفرة).
* * *
7538 -
حَدَّثَنَا آدَمُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّكُمْ قَالَ:"لِكُلِّ عَمَلٍ كَفَّارَةٌ، وَالصَّوْمُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، وَلَخَلُوفُ فَمِ الصَّائِم أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحٍ الْمِسْكِ".
الثّالث:
(لكلِّ عملٍ)؛ أي: من المعاصي.
(كفارةٌ)؛ أي: ما يوجب سترها وغُفرانَها.
(والصومُ لي) العبادات، وإن كانت كلُّها لله تعالى، إلا أن الصَّومَ لم يُعبدْ به غيرُ الله؛ بخلاف نحو السجود والصدقة.
(وأنا أَجزي به)؛ أي: لا أفوِّضُ المجازاةَ لأحدٍ غيري، وإن كان جزاءُ الكلِّ من الله تعالى، إلا أنه قد يفوض جزاءَ البعضِ للملائكة.
(وَلخُلوف) بضم الخاء: الرائحة المتغيرة، وليس فيه أَرجحيةُ ذلك على الشّهادة الّتي فيها اللونُ لونُ دم، والريحُ ريحُ المسك؛ لأنه، مع كونه أفضل، ينافي الأطيبية من جهة أنه ناشيء عن دم، وهو نجس، وإنما حرمت إزالةُ دمِ الشهيد، وكُرهت إزالةُ خُلوف الصومِ، مع وصفه بالأطيبية؛ إمّا لأن تحصيل مثلِ ذلك محالٌ؛ بخلاف الخلوف، أو أن تحريمه مستلزمٌ للحرج، أو ربما يؤدِّي إلى ضرر؛ كأدائه إلى البخر، أو أن الدِّم لكونه نجسًا واجبُ الإزالة شرعًا تنفرُ عنه الطباع، فلا بد من المبالغة في خلافه. وسبق في (الصوم) بفوائد كثيرة.
* * *
7539 -
حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قتادَةَ. وَقَالَ لِي خَلِيفَةُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُريعٍ، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ، قَالَ:"لَا يَنْبَغِي لِعَبْدٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّهُ خَيْرٌ مِنْ يُونس بْنِ مَتَّى"، وَنَسَبَهُ إِلَى أَبِيهِ.
الرابع:
(مَتَّى) -بفتح الميم وتشديد المثناة والقصر- أبو يونسَ عليه الصلاة والسلام، فلذلك عقبه بقوله:(ونسبه إلى أبيه)، وهي جملة حالية، وقيل: إنها أُمه، فمعنى:(ونسبه إلى أبيه): أنه ذكر مع ذلك اسم أبيه، والأولُ أصحُّ عند الجمهور، وإنّما خص من بين الأنبياء بذلك؛ لئلا يتوهم فيه غضاضة بسبب نزول:{وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} [القلم: 48]، وأمّا قولُه أوَّلًا:(أَنَا خَيْرٌ مِنْ يُونس بْنِ مَتَّى)، فلفظةُ (أنا) ساقطةٌ في بعض النسخ، وعلى ثبوتها، فيحتمل أنها كنايةٌ عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم، أو عن كلّ متكلم، وعلى الأوّل، فيحتمل أنه قاله قبل أن يعلم بأنه سيدُ الخلق وخيرُهم، أو قاله تواضعًا، وهضمًا لنفسه صلى الله عليه وسلم، أو غير ذلك، وله أجوبةٌ أخرى سبقت مرارًا، وروايةُ:(هو خير)، تقوّي أَنَّ (أنا) لمطلق المتكلم.
* * *
7540 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ أَبِي سُرَيْجٍ، أَخْبَرَنَا شَبابةُ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُغَفَّلٍ الْمُزَنِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمِ الْفَتْح عَلَى نَاقَةٍ لَهُ يَقْرَأُ سُورَةَ الْفَتْحِ -أَوْ: مِنْ سُورَةِ الْفَتْحِ-، قَالَ: فرَجَّعَ فِيهَا، قَالَ: ثُمَّ قَرَأَ مُعَاوِيَةُ يَحْكِي قِرَاءَةَ ابْنِ مُغَفَّلٍ، وَقَالَ:"لَوْلَا أَنْ يَجْتَمعَ النَّاسُ عَلَيْكُمْ لَرَجَّعْتُ كَمَا رَجَّعَ ابْنُ مُغَفَّلٍ"، يَحْكِي النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَقُلْتُ لِمُعَاوِيَةَ: كَيْفَ كَانَ تَرْجِيعُهُ؟ قَالَ: آآآ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ.