الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ: إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَينَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنِ اخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ.
الثالث:
(من اختلافهم) بيانٌ لـ (ما حال)، وفيه: أنه صلى الله عليه وسلم كان يكتب، والأميُّ مَنْ لا يُحسن الكتابة، لا مَنْ يقدر عليها؛ اللهمَّ إلا أن يُقال: يكتب على سبيل الإعجاز، أو المراد: المجاز؛ أي: أمر بالكتابة.
قال (ط): عُمرُ أفقهُ من ابنِ عباسٍ حين اكتفى بالقرآن، ولم يكتفِ ابنُ عباسٍ به، وإنما ساغَ لهم مخالفةُ أمرِه صلى الله عليه وسلم؛ لأنهم فهموا بالقرائن: أن ذلك غيرُ واجبٍ عليهم، وقال: واقرؤوا القرآن، وهلمَّ أكتبْ لكم هو من تتمة مباحثِ الأمرِ الذي لغير الإيجاب.
قال (ك): ولعل ترجمةَ هذا الباب لم تكن عنده؛ أي: عند (ط).
قال (ن): كان صلى الله عليه وسلم همَّ بكتاب حين أوحي إليه بذلك، أو كان مصلحةً، ثم تركه حين جاء الوحيُ بخلافه، أو بغير مصلحة، وفيه مباحثُ سبقت في (كتاب العلم).
* * *
28 - باب قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ} ، {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}
وَأَنَّ الْمُشَاوَرَةَ قَبْلَ الْعَزْمِ وَالتَّبَيُّنِ، لِقَوْلِهِ: {فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى
اللَّهِ}، فَإِذَا عَزَمَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ لِبَشَرٍ التَّقَدُّمُ عَلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، وَشَاوَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَصْحَابَهُ يَوْمَ أُحُدٍ فِي الْمُقَامِ وَالْخُرُوجِ، فَرَأَوْا لَهُ الْخُرُوجَ، فَلَمَّا لَبِسَ لأْمَتَهُ وَعَزَمَ قَالُوا: أَقِمْ، فَلَمْ يَمِلْ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الْعَزْمِ، وَقَالَ:"لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ يَلْبَسُ لأْمَتَهُ فَيَضَعُهَا حَتَّى يَحْكُمَ اللهُ"، وَشَاوَرَ عَلِيًّا وَأُسَامَةَ فِيمَا رَمَى أَهْلُ الإِفْكِ عَائِشَةَ فَسَمِعَ مِنْهُمَا، حَتَّى نزَلَ الْقُرْآنُ فَجَلَدَ الرَّامِينَ، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إِلَى تَنَازُعِهِمْ وَلَكِنْ حَكَمَ بِمَا أَمَرَهُ اللهُ، وَكَانَتِ الأَئِمَّةُ بَعْدَ النبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَسْتَشِيرُونَ الأُمَنَاءَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي الأُمُورِ الْمُبَاحَةِ، لِيَأْخُذُوا بِأَسْهَلِهَا، فَإِذَا وَضَحَ الْكِتَابُ أَوِ السُّنَّةُ لَمْ يَتَعَدَّوْهُ إِلَى غَيْرِهِ، اقْتِدَاءً بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَرَأَى أَبُو بَكْرٍ قِتَالَ مَنْ مَنَعَ الزَّكَاةَ، فَقَالَ عُمَرُ: كَيْفَ تُقَاتِلُ وَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَإِذَا قَالُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ، إِلَّا بِحَقِّهَا"؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: وَاللهِ لأُقَاتِلَنَّ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ مَا جَمَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ تَابَعَهُ بَعْدُ عُمَرُ فَلَمْ يَلْتَفِتْ أَبُو بَكْرٍ إِلَى مَشُورَةٍ، إِذْ كَانَ عِنْدَهُ حُكْمُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ الصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَأَرَادُوا تَبْدِيلَ الدِّينِ وَأَحْكَامِهِ، قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"مَنْ بَدَّلَ دِينَهُ فَاقتُلُوهُ"، وَكَانَ الْقُرَّاءُ أَصْحَابَ مَشُورَةِ عُمَرَ، كُهُولًا كَانُوا أَوْ شُبَّانًا، وَكَانَ وَقَّافًا عِنْدَ كتَابِ اللهِ عز وجل.
(باب: قول الله تعالى: {وَأَمْرُهُمْ شُورَى} [الشورى: 38])
في بعض النسخ هذا الباب قبلَ باب: (نَهْيُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على التحريم).
(وأن المشاورة) عطفٌ على (قول الله تعالى).
(والتبيين)؛ أي: وضوح المقصود، ووجهُ دلالة الآية: أنه أمرَ أولًا بالمشاورة، ثم رتَّبَ التوكُّلَ على العزم إذ قال:{فَتَوَكَّلْ} [آل عمران: 159].
(لِبَشَرٍ)؛ أي: لأحد من الناس.
(وشاورَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم وصله أحمد، والحاكمُ، والطبراني بتمامه، والنسائي، وابنُ ماجه مختصرًا من حديث ابن عباس، ووصله أحمدُ أيضًا، والدارمي، والنسائي من طريق جابر.
(في المُقام)؛ أي: الإقامة بالمدينة.
(والخروج)؛ أي: للقتال.
(لأْمَتَهُ) بتخفيف الميم والهمز: الدرع.
(أقمْ)؛ أي: لا تخرج إليهم.
(فلم يمل)؛ أي: إلى كلامهم بعد العزم.
(لا ينبغي)؛ أي: إذا عزمَ أن ينصرفَ، كأنه نقض التوكلَ الذي أمر الله تعالى به، ولبسُ اللأمةِ دليلُ العزيمة.
(وشاور عليًّا وأُسامة رضي الله عنهما) هو طرف من حديث الإفك، وسيأتي في الباب، وسبق مرارًا.
(فجلد الرامين) وصله أحمد، وأبو داود، والترمذي، والبيهقي من طريق ابن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن عَمْرَةَ، عن عائشةَ.
(تنازعهم) القياس: تنازعُهما، إلا أن يقال: أقلُّ الجمعِ اثنان، أو المراد: هما ومَنْ معهما ووافَقهما في ذلك.
(ليأخذوا بأسهلها)؛ أي: عند تأدية اجتهادهم إلى الأسهل، وعند عدم وضوح الكتاب والسُّنَّة فيه.
(ورأى أَبو بكر رضي الله عنه) موصول في (الزكاة) وغيرها.
(بَعْدُ)؛ أي: بعد أن كان مخالفة؛ وهو مبني على الضم.
(عُمر) فاعلُ وافقَ، وحكمُه صلى الله عليه وسلم في المارقين المبدِّلين القتلُ؛ لحديث:"مَنْ بَدَّلَ"، و"إِلَّا بِحَقِّهَا" دليل عليه -أيضًا-، وقتالهُم ليس قتالَ كفار، إلا أن يجحدوا، لكنهم كانوا متأَوِّلين بأن الله تعالى قال:{إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]، وصلاةُ أبي بكر رضي الله عنه ليستْ سكنًا.
(قال النبي صلى الله عليه وسلم: مَنْ بَدَّلَ دينَه، فاقتُلوه) موصول في (الجهاد) من حديث ابن عباس.
(القُرّاء) كان اصطلاحُ الصدر الأول أنهم العلماءُ.
(شبابًا) بموحدتين، وفي بعضها بموحدة ونون، والمراد: أنه كان يعتبر العلم، لا السِّنّ، وهو موصول في (تفسير سورة الأعراف).
* * *
7369 -
حَدَّثَنَا الأُوَيْسِيُّ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ، عَنْ صَالِحٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِي عُرْوَةُ، وَابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَلْقَمَةُ بْنُ وَقَّاصٍ، وَعُبَيْدُ اللهِ،
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها، حِينَ قَالَ لَهَا أَهْلُ الإِفْكِ: قَالَتْ: وَدَعَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، وَأُسَامَةَ بْنَ زيدٍ، حِينَ استَلْبَثَ الْوَحْيُ يَسْأَلُهُمَا، وَهْوَ يَسْتَشِيرُهُمَا فِي فِرَاقِ أَهْلِهِ، فَأَمَّا أُسَامَةُ فَأَشَارَ بِالَّذِي يَعْلَمُ مِنْ بَرَاءَةِ أَهْلِهِ، وَأَمَّا عَلِيٌّ فَقَالَ: لَمْ يُضَيِّقِ اللهُ عَلَيْكَ، وَالنِّسَاءُ سوَاهَا كَثِيرٌ، وَسَلِ الْجَارِيَةَ تَصْدُقْكَ، فَقَالَ:"هَلْ رَأَيْتِ مِنْ شَيْءٍ يَرِيبُكِ؟ "، قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَمْرًا أَكْثَرَ مِنْ أَنَّهَا جَارِيَةٌ حَدِيثَةُ السِّنِّ تَنَامُ عَنْ عَجينِ أَهْلِهَا، فَتَأْتِي الدَّاجِنُ فتَأْكُلُهُ، فَقَامَ عَلَى الْمِنْبَرِ، فَقَالَ:"يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ مَنْ يَعْذِرُني مِنْ رَجُلٍ بَلَغَنِي أَذَاهُ فِي أَهْلِي؟ وَاللهِ مَا عَلِمْتُ عَلَى أَهْلِي إِلَّا خَيْرًا"، فَذَكَرَ بَرَاءَةَ عَائِشَةَ، وَقَالَ أَبُو أُسَامَةَ: عَنْ هِشَامٍ.
الحديث الأول:
(ودعا) عطفٌ على مقدَّر؛ أي: قالت: عملَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم كذا، ودعا.
(يسألهما)؛ أي: عن المصلحة في القضية.
(أهله)؛ أي: عائشة رضي الله عنها.
(كثير) لم يقل: كثيرة، ولا كثيرات؛ لأن فضلًا يستوي فيه المذكَّر، والمؤنث، والمفردُ وغيرُه.
(الجارية)؛ أي: جارية عائشة رضي الله عنها، وهي بَرِيرَةُ.
(يريبك) بفتح أوله وضمه؛ أي: يوقعك في التهمة.
(الداجن)، أي: الشاة التي ألفتِ البيتَ، ولا يقال: داجنةٌ؛ أي:
لا عيبَ فيها إلا نومُها عن العجينِ حتى يتلفَ.
(من يعذرني)؛ أي: يقومُ بعذري، والعذيرُ: الناصر.
(من رجل) هو ابنُ سَلُولَ.
(وقال أبو أُسامة) موصولٌ في (التفسير).
* * *
7370 -
حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي زَكَرِيَّاءَ الْغَسَّانِيُّ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَطَبَ النَّاسَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَقَالَ:"مَا تُشِيرُونَ عَلَيَّ فِي قَوْمٍ يَسُبُّونَ أَهْلِي؟ مَا عَلِمْتُ عَلَيْهِمْ مِنْ سُوءٍ قَطُّ"، وَعَنْ عُرْوَةَ قَالَ: لَمَّا أُخْبِرَتْ عَائِشَةُ بِالأَمْرِ قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَتَأْذَنُ لِي أَنْ أَنْطَلِقَ إِلَى أَهْلِي، فَأَذِنَ لَهَا وَأَرْسَلَ مَعَهَا الْغُلَامَ، وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نتَكَلَّمَ بِهَذَا، سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ.
الثاني: هو حديثُ الإفك -أيضًا-.
(بالأمر)؛ أي بكلام أهل الإفك وشأنهم.
(رجل من الأنصار) هو أبو أيوبَ خالدٌ الأنصاريُّ، رواه الحاكمُ في "الإكليل"، وغيره من طريق الواقدي، والطبراني في "مسند الشاميين"، والآجريُّ في طريق حديث أهل الإفك عن الزُّهْرِي، عن
عروةَ، عن عائشةَ، وروي -أيضًا- عن أُبَيِّ بنِ كعب: أنه قالَ ذلكَ لامرأته، رواه الحاكم -أيضًا-، وعن ابن بَشْكُوال.
* * *