الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والذي ألجأني إلى مسألتكم أن الغيث كان قد قَوِي عنا، ثم تَكَرفأ السحاب، وشَصَا الرباب، والهم سِيقُه، وارْتَجَسَ رَيِّقه، وقلنا: هذا عام باكر الوَسْمي، محمود السُّمِي، ثم هبت الشَّمال، فاحْزَأَلَّتْ طخاريره، وتقزع كِرْفئه متياسرا، ثم تتيع لمعان البرق حيث تشيمه الأبصار، وتحده النظار، ومَرَت الجَنُوب ماءَه، فقوض الحيُّ مُزْلَئِمِّين نحوه فسرحنا المَال فيه، فكان وَخْماً وَخِيماً.
فأسَافَ المَالَ، وأضاف الحال، فبقينا لا تُيَسِّر لنا حَلُوبة، ولا تَنْسُل لنا قتوبة، وفي ذلك يقول شاعرنا:[// من الطويل //]
(ومَنْ يَرْعَ بقلا من سويقة يغتبط
…
قراحا ويسمع قول كل صديق)
امتحان أب أولاده
وقال القالي في أماليه:
حدثنا أبو بكر بن دريد، قال حدثنا أبو عثمان سعيد بن هارون الأشنانداني عن التوزي عن أبي عبيدة عن أبي عمرو بن العلاء قال: كان لرجل من مَقَاوِل حمير ابنان يقال لأحدهما عمرو وللآخر ربيعة، وكانا قد بََرَعَا في الأدب والعلم، فلما بلغ الشيخ أقصى عمره وأَشْفَى على الفناء، دعاهما لِيَبْلُو عقولَهما، ويعرف مبلغَ علمهما.
فلما حضرا قال لغمرو - وكان الأكبر أخبرْني عن أحبِّ الرجال إليك وأكرمِهم عليك.
قال: السيِّد الجواد، القليل الأنْداد، الماجد الأجداد، الراسي الأَوْتَاد، الرفيع العماد، العظِيم الرماد، الكثير الحُسّاد، الباسل الذَّوَّاد، الصادر الورَّاد.
قال: ما تقول يا ربيعة قال: ما أَحْسَنَ مَا وَصَف وغيرُه أحبُّ إلي منه.
قال: ومَنْ يكون بعد هذا قال: السيِّد الكريم، المانع للحَرِيم، المِفْضَال الحليم، القَمْقَام الزَّعِيم، الذي إن هَمَّ فعل، وإن سُئِل بَذَل.
قال: أخبرني يا عمرو بأبْغَضِ الرجال إليك.
قال: البرم اللئيم، والمستخذي للخَصِيم، المِبْطَانُ النَّهيم، العَييُّ البَكِيم، الذي إن سُئِل مَنَعَ، وإن هُدِّد خَضَع، وإن طَلَب جَشَع.
قال: ما تقول يا ربيعة قال: غيرُه أبغضُ إلي منه.
قال ومَنْ هو قال: النَّموم الكَذُوب، الفاحِشُ الغَضُوب، الرغيبُ عند الطعام، الجَبَان عند الصدام.
قال أخبرني يا عمرو أيُّ النساء أحبُّ إليك قال: الهِركَوْلةُ اللَّفَّاء، المَمْكُورة الجَيْدَاء، التي يشفي السقيمَ كلامُها، ويبرىء الوَصِب إلمامُها، ِالتي إن أَحْسَنْتَ إليها شَكَرت وإن أسأتَ إليها صَبَرَتْ، وإن اسْتَعْتَبْتَها أعْتَبَتْ، القاصِرة الطَّرف، الطَّفْلة الكَفّ، العَمِيمَةُ الردف.
قال: ما تقول يا ربيعة قال: نَعَتَ فأحسن، غيرُها أحبُّ إلي منها.
قال: ومن هي قال: الفتَّانَةُ العينين، الأسِيلَةُ الخَدَّين، الكاعِبُ الثَّدْيَيْن، الرَّدَاحُ الوَرِكين، الشاكرة للقليل، المساعدةُ للحَليل، الرخيمة الكلام، الجماء العظام الكريمة الأخْوال والأعمام، العَذْبة اللِّثام.
قال فأيُّ النساء أبغضُ إليك يا عَمْرُو قال: القتاتة الكَذُوب، الظاهرة العيوب، الطَّوَّافة الَهَبُوب، العابسة القَطُوب، السَّبَّابة الوَثوب، التي إن ائتمنها زوجها خانته، وإن لَانَ لها أهانته، وإن أرضاها أغْضَبته، وإن أطاعها عَصَتْه.
قال: ما تقول يا ربيعة قال: بئس المرأة ذَكَرَ وغيرُها أبغضُ إلي منها.
قال: وأيتهنَّ [التي هي أبغض إليك من هذه] قال: السليطة اللسان، والمؤذية الجيران، الناطقة بالبُهتان، التي وجهُها عابس، وزوجُها من خيرِها آيس التي إن عاتبها زَوْجُها وَتَرَتْه، وإن ناطقها انتَهَرَتْه.
قال ربيعة: وغيرها 6 7 8 9 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 قائم، وعيش سالم وظل ناعم.
قال: فما أحبُّ السيوف إليك يا عمرو قال: الصَّقيل الحُسام، الباترُ المِخذام، الماضي السِّطام، المُرهَفُ الصَّمْصَام، الذي إذا هززته لم يَكْبُ، وإذا ضربت به لم يَنْبُ.
قال: ما تقول يا ربيعة قال: نِعْمَ السيف نَعَت وغيره أحب إلي منه.
قال: وما هو قال: الحسام القاطع، ذو الرَّوْنق اللامع، الظمآنُ الجائع، الذي إذا هززته هَتَك، وإذا ضربت به بَتَك.
قال: فما أبغض السيوف إليك يا عمرو قال: الفُطار الكَهام، الذي إن ضُرب به لم يقطع، وإن ذُبِح به لم يَنْخع.
قال: ما تقول يا ربيعة قال: بئس السيف والله ذكر وغيرُه أبغضُ إليَّ منه.
قال: وما هو قال: الطَّبِع الدَّدَان، المِعضَدُ المهان.
قال: فأخْبِرْني يا عمرو أيُّ الرماح أحبُّ إليك عند المراس، إذا اعتكر الباس، واشتجر الدِّعاس قال: أحبُّها إليَّ المارنُ المثَقَّف، المُقَوَّم المُخطَّف الذي إذا هَزَزْتَه لم يَنْعَطِف، وإذا طعنت به لم يَنْقَصِف.
قال: ما تقول يا ربيعة قال: نعم الرمح نَعَتَ وغيرُه أحبُّ إليَّ منه.
قال: وما هو قال: الذَّابل العَسَّال، المُقَوَّم النَّسَّال، الماضي إذا هززته، النافذ إذا هَمَزْتَه.
قال: فأخبرني يا عمرو عن أبغضِ الرماح إليك، قال: الأعْصَلُ عند الطعان، المُثَلَّم السِّنان، الذي إذا هززته انْعطف، وإذا طعنت به انقصف.
قال: ما تقول يا ربيعة قال: بئس الرمح ذَكَر وغيرُه أبغض إليَّ منه، قال: وما هو قال: الضعيف المَهَزّ، اليابسُ الكَزّ، الذي إذا أكرهته انحطم، وإذا طعنت به انقصم.
قال: انصرفا الآن طاب لي الموت.
قال القالي: [قوله: وإن طلبَ جشِع: الجَشَع: أسوأ الحرص وقد جَشِع الرَّجُل فهو جَشع] .
واللَّفّاء: الملتفَّة الجسم.
والمَمْكُورة: المطويَّة الخَلْق.
والرَّدَاح: الثقيلة العَجيزة الضخمة الوَرْكَيْن.
والرخيمة: اللَّينة الكلام. [قال ذو الرمة] : [// من الطويل //]
(لها بَشرٌ مثل الحرير ومَنْطِقٌ
…
رخيمُ الحواشي لا هُراءٌ ولا نَزْرُ)