الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سونسرغ بالعباسيين على الثائر شي جول (762) وتتابعت وفود المسلمين إلى الصين فبلغت 76 وفداً (716 - 1207) كما أنفذ بطريرك بغداد المبشرين إليها، وما العمود المرفوع في بيان فر (781) إلا تذكار لجهود 67 منهم. وقد زارها التاجر سليمان العراقي وسجل رحلته أحد المؤرخين (851) فكانت أقدم وصف عربي لبلاد الصين، وقبل رحلة ماركو بولو بنحو 425 عاماً.
3 - الإمبراطورية البيزنطية:
وغزا العرب الشام - وكانت تحت حكم البيزنطيين ويطلق العرب عليهم الروم - وفاجأوا الغساسنة في يوم فصحهم (634) وارتدوا عنها. ثم ضربوا الحصار عليها نصف عام واطأ في أواخره منصور بن سرجون، وكان قائماً على بيت المال، أسقف دمشق على تسليمها فاستسلمت (635) وأصبح عهد خالد لأهلها نموذجاً لما قطعه من عهود للمدن التي فتحها. وانتصر العرب على تيودور شقيق الإمبراطور هرقل الأول - وقد تخلى الأرمن عنه، مع أنه منهم، وكانوا نصف جنده، ودعا أحد ثائريهم العرب إلى دخول أرمينيا فغزوها (640) وفتحوها (652) نصراً مؤزراً في وقعة اليرموك (636) وانفض جبلة بن الأيهم آخر ملوك الغساسنة بجماعته من حوله. وانكسر البيزنطيون كسرتهم الفاصلة في أجنادين (636) فسلم بطريركهم سوفرونيوس الخليفة عمر القدس (638) على ضمان حرية النصارى في عبادتهم وحماية أديرتهم وكنائسهم. وتابع العرب زحفهم فاحتلوا العريش (639) وفتحوا مصر (640 - 642) وحاصروا الإسكندرية سنة، سلمها بعدها المقوقس بطريرك الأقباط - وكان اليعاقبة في مصر قد قاسوا الأمرين من اضطهاد بيزنطية - على مثل الشروط التي استسلمت بها القدس فاستقرت مصر ولاية تابعة للخلافة في المدينة، ودمشق، وبغداد، ثم استقلت بالخلافة مدة ثم ضمها العثمانيون إلى استانبول.
وأدرك خلفاء المسلمين، بعد فتح الشام وفلسطين ومصر، أن لا سبيل إلى الدفاع عن سواحلهم إلا بعمارة بحرية فكلف معاوية اللبنانيين بناء أسطول وجعل نواده وملاحيه منهم وضمه إلى الأسطول المصري فهزم بهما الأساطيل البيزنطية وغزا قبرص (649) وأرواد (650) ثم فتحها (652 - 655) وباع بقايا معادن تمثال
أرواد الشهير (656) وحاول غزو صقلية (652) ثم صالح قسطنطين الثاني على جزية (658) حتى إذا استتب له الأمر رفض دفعها فسير البيزنطيون جماعة من الثوار النصارى عرفوا بالمردة فاكتسحوا الثغور وتطرق بعضهم إلى لبنان (666) واستمرت الحروب بين المسلمين وبين البيزنطيين طوال سنوات فحاصر، الأسطول الإسلامي القسطنطينية (673 - 678) ثم ردهم عنها (717 - 718) الإمبراطور ليو الأيصوري - وهو سوري الأصل من أسرة وضيعة كانت تسكن مرعش، ويتقن العربية كاليونانية -واستعاد البيزنطيون قبرص (746) والأناضول (778) ثم ضرب الأسطول الإسلامي قبرص (805) وكريت (806) ورودس (807) وفتح كريت منفيو إسبانيا (825) وسقطت عمورية، موطن الأسرة البيزنطية الحاكمة في أيدي المسلمين (838) ثم استولى البيزنطيون على دمياط في أيام المتوكل (847 - 860) وكريت (961) وبعلبك (964 - 1084) وطرسوس (965) وقبرص (968) وأغاروا على حلب وأنطاكية والرها (974) ودمشق وبيروت (976).
* * *
لقد اصطنع العرب في صدر الإسلام نظم البلدان التي تم لهم فتوحها، لحسن تنظيمها على الرغم من اضمحلال مجتمعاتها. فأخذوا بالطرق البيزنطية في سوريا وفلسطين ومصر، وبأساليب الساسانيين في العراق وفارس، مبقين على لغاتها ونقدها وموظفيها، ما خلا العراق الذي فتح عنوة فأطلق عمر يده فيه، وعدا المناصب ذات الصبغة السياسية والعسكرية. ولما قامت الخلافة الأموية (660 - 750) تعصبت للعرب عنصراً ولغة وأدباً، وجعلت قاعدتها دمشق على حدود باديتهم، واعتمد معاوية في توطيد عرشه على السوريين فكان منهم؛ ميسون، إحدى زوجاته، ومنصور ابن سرجون أمين ماله ثم ابنه وحفيده القديس يوحنا الدمشقي، وابن أثال طبيبه، والأخطل شاعره، وما لبثت الخلافة الأموية أن أصبحت وريثة الإمبراطوريتين الفارسية والبيزنطية أكثر منها حكومة عربية. فنظمت الجيش والأسطول على غرارهما، وأخذت عنهما إخلاف الأبناء والأقارب، وإحاطة الخليفة بمظاهر الأبهة، وتوفير النعيم في جلب المياه وتخطيط الحدائق وتشييد القصور،