الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالإيطالية، وظل مدة المرجع الوحيد لدراسة السودان (البندقية 1550 والطبعة التاسعة 1837 وترجمة فرنسية في أنفر، 1556 و 99 و 1932، وترجمة جديدة في ليون 1566، ثم ترجمة إلى الفرنسية جان فامبورال، باريس 1830، وشيفر 1896، وترجمه بوري إلى الإنجليزية، لندن 1600، ثم ترجمه براون، في ثلاثة أجزاء، بشروح ضافية، لندن 1896، وترجمه لورسباخ عن الإيطالية إلى الألمانية هربون 1805) ولماسينيون كتاب المغرب في السنوات الأولى من القرن السادس عشر، نقلاً عن ليون الأفريقي (الجزائر 1906) ورسالة في القياس المسطح (نشرتها انجيلا كوداتزي في تكريم، دلافيدا 1956) وكتاب في التراجم (1527 ثم نشر في مجموعة هوتنجر، في زيوريخ 1664).
7 - من الحملات الصليبية:
وبين حرب وسلم تزوج الصليبيون من بنات نصارى المشرق لقلة النساء فيهم، وعقدوا مع المسلمين اتفاقات لحماية الصيادين وتأمين التجار والمسافرين. وآثروا الأطباء المسلمين، وائتمنوا صناعاً وفلاحين منهم على أعمالهم، وصلوا في مزاراتهم، واستغاثوا بهم في خصوماتهم الخاصة كما كان المسلمون يستنجدون بالصليبيين على إخوانهم في نزاعهم معهم.
وتزى الصليبيون بأزياء المسلمين من عمامة وقفطان، وشادوا بيوتهم على غرارهم، وأكلوا التوابل والسكر مثلهم، واتخذوا البواشق والخيول وكلاب الصيد لقنصهم، ونقلوا عنهم: اصطناع النشابه المصلية، وتقلد الدروع والحبة العسكرية، وشارات. الفرسان والأوسمة، والطنبور في الموسيقى العسكرية، والحمام الزاجل لنقل أخبارهم، وإشعال النار احتفالاً بالظفر، وحفلات السيف ورمي الجريد. وأضافوا، في المعمار، الطراز الشامي البيزنطي إلى النمط القوطي، أي الشرقي المحور في بناء أديارهم وكنائسهم وقصورهم وفنادقهم وحماماتهم وأثرها بالرياش الشرقي.
وجلب الصليبيون معهم، ولاسيما من إيطاليا ونورمانديا، هندسة البناء الحربي، وما زالت حصونهم قائمة حتى اليوم، ومن أشهرها: حصن الأكراد، والمرقب، وشقيف أرنون، وأقسام من كنيسة القيامة، وكنيسة القديس يوحنا في بيروت
(1110)
، وبرجان على باب يافا رفعهما المهندس الذي بني كنيسة سيدة باريس بنيت على مراحل من 1163 إلى 1230 - في حملة الملك لويس التاسع. وخلف الصليبيون ضرباً من نظام الإقطاع، وأنواعاً من السلاح والذخيرة والسفن وفنون الملاحة، وأسماء القرى كسنجل والرينة في فلسطين، وبعض الأديار والشعائر الدينية المسيحية، وألقاب أسرهم التي حورت على أيام أحفادهم، ومنها: البرنس نسبة إلى أمراء تولوز، ودريان إلى الكونت دي ريان، وصوايا إلى الكونت سافوى (1)، وفرنجيه، وصليبي، والدويهي، وبردويل.
ولا أجلى الصليبيون عن الشرق حملوا معهم إلى أوربا: طرازاً جديداً من النواعير، اقتبسه الألمان عن نهر العاصي، والزنجبيل، وقصب السكر، والتوت، والحلى، والمساحيق، والأصباغ فعرفت بأسمائها العربية: آزير - أزرق. وللاك - ليلكي، وسافران - زعفران. والأنسجة: دمشقي، وموصلي، وغزي، وغيرها. ثم أتقنوا صناعتها فغزوا بها العالم. وسار بعض الزهاد (1150) على سنة القديس باسيل وانتشروا في فلسطين فلما سقطت في أيدي المسلمين هاجروا إلى قبرص وصقلية وفرنسا وإنجلترا، ثم صدق البابا إينوسنت الثالث على قانونهم فعرفوا بالثالوثيين، وكلفوا بافتداء المسيحيين الذين وقعوا في أيدي المسلمين. وكان هيلاري أسقف بواتييه (المتوفى 367) قد اقتبس من منفاه بلبنان بعض الترانيم الهليستينية، ونقلها إلى اللاتينية فتأثرت من بعده بالشعر العربي والبروفنسي، وأخذ الرهبان في الحملات الصليبية عن النصارى الشرقيين عبادة العذراء، وصلاة السبحة، وشعيرة طريق الصليب. وكانت اللاتينية لغة رجال الدين والفرنسية لغة الأشراف، والإيطالية لغة البحارة والتجار، والسريانية لغة أهل الجبال.، والعربية لغة التخاطب اليومية. فحمل الصليبيون معهم الكتاب الملكي في الطب لعلي بن عباس، الذي نقله إسطفان الأنطاكي وهو من بيزا (1127) ترجمة أصدق من ترجمة قسطنطين الأفريقي، وأضاف إليه كشافة يونانياً عربياً لاتينيناً للمصطلحات التي استعملها ديوسقوريدس (البندقية 1992 وليون 1023) وقصة كأس العشاء السرى، وكليلة ودمنة. وتأثر شوسر بألف ليلة وليلة. وبوكاتشيو بالحكايات
(1) Ristelhuebert، Traditions françaises au Liban، p 63.
الشرقية في كتابه ديكامرون، وعثر فيليب الطرابلسي في أنطاكية (1247) على مخطوط سر الأسرار بالعربية المنسوب خطأ إلى أرسطو، فترجمه باللاتينية فأضحى أكثر المنقولات تداولاً في العصر الوسيط. وكان في ذلك العهد 446 شاعراً منهم أربعة ملوك: رتشارد الأول، وفردريك الثاني، وألفونسو الثاني، وبدرو الثالث. فاصطحب بعضهم الشعراء في حملاتهم؛ كبيار فيدال (1167 - 1215) ولم يفتخروا جميعاً بها، بل خرج منهم من أشاد بنجاح حملة فردريك المحروم، وإخفاق حملة لويس القديس، وهجا غيرهم رجال الدين وسخروا من الجحيم، وسما ولتر، في نشيد الصليبيين، فوق القتال، فقال فيه: لكل الناس أم واحدة، والنصارى واليهود والمسلمون يعبدون الله، والله يبسط رعايته على خلقه جميعاً. وكان صلاح الدين الأيوبي بطل تلك الحملات، فأرخ ابن العماد الأصفهاني لفتحه القدس، ودون سيرته بهاء الدين بن شداد - نشرها شولتنس متناً وترجمة لاتينية (ليدن 1735)، وأخذ عنها رينو في كتابه مختصر ما كتبه مؤرخو العرب عن حروب الصليبيين (باريس 1829) - ونشأت بين فرسان الفرنجة والفارس أسامة بن منقذ (1095 - 1188) صلات ود وشارك في الحروب عليهم فوجد وأنهم بهائم فيهم فضيلة الشجاعة والقتال لا غير (1)». في حين نقل الصليبيون إلى أوربا: أن المسلمين قوم متحضرون كرماء، أمناء. واعترف خصوم صلاح الدين له بالشهامة والنبل، فصنف غليوم الصوري (1130 - 1190) وهو فرنسي الأصل ولد في فلسطين، وعين مستشاراً لبودوين الرابع ثم أصبح كبير أساقفة صور، وكان يتقن الفرنسية واللاتينية والعربية، صنف في الحملات الصليبية الأولى تاريخاً بعنوان: حوادث ما وراء البحار (1184) ما زال مرجعاً ذكر فيه الحضارة الإسلامية ذكراً ملؤه الإجلال والإعجاب. وأملى جوفر وادي فيلهاردوين (1150 - 1218) من نبلاء فرنسا المقاتلين كتابه فتح القسطنطينية (1207) وصنف بيار ديبوا كتاباً في استرجاع الأراضي المقدسة (1306) ودون سيرة لويس التاسع ملك فرنسا جان سير دي جوا نفيل قيم القصر في شمبانيا وملازمه في حملته الصليبية (1309) وأطنب في ذكر صلاح الدين: ولترسكوت
(1) الاعتبار، ص 132، وقد نقله إلى الإنجليزية الدكتور فيليب حتى (برنستون 1930).