الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التجارة العالمية وجمع المماليك من مواردها أموالا طائلة بنوا بها أكثر المساجد والمدارس والمستشفيات.
(ب) في الهند:
منذ أن عاد ماركو بولو (1254 - 1323) مع عمه وأبيه من الصين (1295) بثروة طائلة من الأحجار الكريمة فتحت أوربا عيونها على ثراء الشرق الأقصى. وعلى أثر النهضة العلمية اكتشف برتلميو دياز رأس الرجاء الصالح وأبحر منه إلى الهند (1486) وقصد كولمبس الإيطالي، وكان يعمل لحساب إسبانيا، الهند (1492) وأرسل ملك البرتغال فاسكو دي جاما في أربع سفن فدار بحراً حول رأس الرجاء الصالح. وعندما بلغ مدغشقر تعرف بأحمد بن ماجد - مصنف كتاب الفوائد في علم البحر والقواعد- فهداه إلى مجاهل المحيط الهندي (1) وما رست سفنه في مياه كلكتا (1498) حتى وقعت الكارثة الكبرى:
لقد أحسن ملك مليبار وفادته وحمله رسالة إلى ملك البرتغال جاء فيها:
زار مملكتي فاسكو دي جاما، وهو شريف من كرام أسرتكم، فسررت بزيارته سروراً عظيماً وإن في مملكتي لوفرة من القرفة والقرنفل والفلفل والمرجان والنسيج القرمزي.
فكان جواب ملك البرتغال مطالبة الهند بمستعمرة لتجارته ونشر دينه، عن طريق أسطول عقد لواءه، لفاسكو دي جاما (1499) فنال الامتيازات، وثان لكبرال فاكتشف البرازيل في طريقه (1500) وثبت أقدام البرتغاليين في كلكتا، وثالث عقد لدى المايدا (1505) فانبثوا واستولوا على جوا (1510) - ثم نالت فرنسا مثل امتيازاتهم (1535) وإنجلترا (1580) وهولندا (1612) ثم غيرها من البلدان الأوربية - وعظمت تجارتهم من الهند فكانت الرحلة التي تتكلف 4000 جنيه بما فيها من السفينة تباع حمولتها وحدها بمبلغ 15000 جنيه. ولكن البرتغاليين لم يقنعوا بذلك الثراء العريض ففتحوا مالقه وجزيرة هرمز على مدخل الخليج العربي وبسطوا نفوذهم على عدن ومصوع وقمران، وجابوا البحر الأحمر
(1) J. de Barros، Da Asia، Décade 1، livre IV، ch. VI (1778).
واستولوا على سفن مصر والبندقية. واستغاث ملك مليبار - وقد اشتهر في مصر وأفريقيا ولبنان وجزيرة العرب باسم الملك التاجر - وتجار المسلمين باثنين من ملوك الهند وبمصر فأنذر السلطان الغورى البابا بتخريب الأماكن النصرانية المقدسة إن لم يوقف البرتغاليين عند حدهم. ثم جهز حملة بحرية بمعاونة البنادقة فانتصرت على البرتغاليين، ثم انهزمت أمامهم في وقعة قرب ديو (1509) فسيطروا على المحيط الهندي، ومن بعده على بحر الصين، حوالي قرن ونصف قرن يكسبون خلالها في كل سنة من الهند مليون ونصف مليوناً ديوك ذهباً يبعثون بثلثها إلى لشبونة فأثرت ثراء فاحشاً، وازدهرت بلدان شواطئ المحيط الأطلسي والهندي، في حين ركدت ثغور البحرين الأبيض المتوسط والأحمر. وكان لردودها أسوأ الأثر في حياة الشرق الأدنى السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وأحسن أثر في النهضة الأوربية، حتى آثرها بعض المؤرخين على المخطوطات الإغريقية التي حملها البيزنطيون من القسطنطينية إلى أوربا الغربية.
ومهد الانقلاب التجاري في أيام كولمبس إلى انقلاب صناعي يسر لأوربا إنتاج سلع أتقن وأرخص وأوفر، ولا عجزت عن تصريفها فيها جدت في البحث عن أسواق لها في العالم، وجابت بعثاتها الشرق لاستخراج كنوزه، وهكذا تأسست شركة الهند الشرقية في لندن (1595) وشركة الهند الشرقية في هولندا (1602) وتعاونتا فيما بينهما فظهرت أول سفينة إنجليزية في البصرة (1635) وحل الهولنديون، وقد تحرروا من إسبانيا، محل البرتغاليين في بمباي (1665) وفي تلك السنة تأسست شركة الملاحة الشرقية في باريس (1665) وبسط الفرنسيون حمايتهم على الهند (1740) ثم لحق الإنجليز بهم إليها وأجلوهم بعد معارك عنها فأثرت شركة الهند الشرقية منها، إذ صارت تبيع ما يكلفها مايوني ريال بعشرة ملايين حتى بلغ ثمن السهم فيها 32 ألف ريال ثم أقامت مستعمرة بريطانية في الهند (1989) وأنشأت مراكز تجارية في مدراس وكلكتا وبمباي وحصنها ووفرت لها جنداً خاضت بهم المعارك ورشت وارتشت حتى أفقرت الهنود فثاروا (1857) وقمعت إنجلترا ثورتهم وحلت محل شركة الهند مستعمرة للتاج. ثم حاربت في الهند - وقد ضمت بورما إلى أملاك التاج (1886) - مائة وإحدى