الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فتح نصف الأندلس حسده موسى بن نصير ولحق به (712) في عشرة آلاف مقاتل من العرب وأهل الشام، وثمانية آلاف من البربر احتل بهم أشبيليه (712) وماردة (713) في حين انقض طارق على طليطلة عاصمة القوط وفتحها عنوة (714) ولا شارفت جيوش المسلمين جبال البرانس خطر لموسى اجتيازها لغزو جنوب أوربا وبلوغ دمشق من القسطنطينية، إلا أن الخليفة استدعاه إليه فخرج من الأندلس، بعد أن استخلف ابنه عبد العزيز على أشبيلية ورجع ومولاه طارق إلى الشام بثلاثين ألف أسير (1) فيهم 400 أمير من القوط، على رؤوسهم التيجان .. يتبعهم عدد لا يحصى من الغلمان والرقيق حاملين مقادير عظيمة من الغنائم (2). وبينهم ثلاثون ألف عذراء من بنات ملوك القوط وأعيانهم (3)، والكثير من الأسلاب والكنوز والذخائر التي انتزعوها من قصور الأندلس وكنائسها وقد وجدوا في طليطلة ذخائر منها سبعون تاجاً من الذهب .. وألف سيف مجوهر ملكي .. ومن الدرر والياقوت أكيال وأوساق (4) ودخل الموكب دمشق فيهرها (715) ثم أنفذ سليمان خليفة الوليد من اغتال عبد العزيز في أشبيلية (716) وجاءه برأسه فدفعه إلى أبيه موسى بن نصير وسامه من العذاب ألواناً، حتى شوهد في آخر أيامه، مستعطياً في قرية نائية من أعمال الحجاز (5).
وتعاقب على الأندلس:
(أ) الولاة (732 - 755)
قضى العرب ذلك العصر في حروب مع الإسبان وفي خصومات مع البربر، وفي منازعات بين قبائل العرب نفسها.
(ب) الدولة الأموية:
أنشأها عبد الرحمن، الملقب بالداخل (755 - 788 وجعل من قرطبة عاصمة، وباشر بناء المسجد الجامع فيها (785 - 786) وكان الفاتحون قد اجتزأوا لعبادتهم بنصف كاتدرائية القديس منصور - على الطراز
(1) المقري، نفح الطيب، ج 1، ص 144.
(2)
ابن عذاري، البيان المغرب عن تاريخ المغرب، ج 2، ص 21.
(3)
ابن الأثير، الكامل، ج 4، ص 448.
(4)
الإدريسي، نزهة المشتاق في اختراق الآفاق.
(5)
ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 3، ص 26.
الأموي، مرفوعاً على ثلاثمائة وخمسين عموداً من المرمر، منوراً بتسعة آلاف مصباح، وأنشأ الطرق والمعابر، وشجع الزراعة والاقتصاد، وشيد المدارس فأتاح للإسبان تعلم العربية لغة الدولة والتثقف بثقافتها، ولكنه تنكر العلم فقضى على شعيا بن شعيا وأحرق الفقهاء في عهده كتب خليل بن عبد الملك.
هشام بن عبد الرحمن (788 - 796) استسلم إلى فقهاء المالكية المتزمتين فأثار الفتن عليه: كفتنه الاسبان بقرطبة، ووقعة الحفرة في طليطلة، وهياج الربضى.
الحكم بن هشام الأول (796 - 822) أسخط الفقهاء عليه لكف أيديهم عن تصريف الأمور، فاندلعت الثورة في قرطبة (805) وطليطلة (814) فأغرق الربضي بالدماء، وصلب الكثيرين، ونفى عشرين ألفاً إلى فاس، وخمسة عشر ألفاً إلى الإسكندرية، فذهبوا إلى كريت، واستعادوها من البيزنطيين (825).
عبد الرحمن الثاني (822 - 852) أول من بدل حياة البلاط من خشونة إلى ترف، وقمع ثورة المسيحيين واليهود في طليطلة، ثم غلبه على أمره: امرأة وخصى وفقيه ومغن، فني يحيى ابن الغزال الذي أسفره إلى ملك النورمان والدانمرك (845) لهجائه مغنيه زربابا، وأمر بصلب شيخ من الباطنية إكراماً الفقيهه يحيى بن يحي. وقتل: الكاهن برفكتوس (850) والراهب إسحق. والفتاة لورا، والراهبة ماري (851).
محمد بن عبد الرحمن (886 - 852) استعان بالفقهاء على إرهاب الثائرين من رعاياه النصارى، فأعدم أسقف قرطبة (859) وبشيوخ القبائل على الخارجين عليه من المستعمر بين، كبنى قسى، وعبد الرحمن بن مروان الجلقي، وعمر بن حفصون، فكن شيوخ القبائل لأنفسهم من نواحيهم، ثم انقلبوا على ابنه الخليفة المنذر (886 - 888) فسمه أخوه عبد الله وحل محله.
عبد الله (888 - 912) نازعه شيوخ القبائل السلطان وارتد ابن حفصون إلى النصرانية (899).
عبد الرحمن الناصر (912 - 961) أول من تلقب بلقب أمير المؤمنين (929) وقد أخضع العرب لسلطانه، وقضى على عمر بن حفصون، وأرهب
ممالك النصارى، وأحاط نفسه بحرس من الصقالبة، واتخذ حسداي بن شبروط طبيباً ومشرفاً على بيت المال، وتبادل مع أوربا السفارات، وكلف بالعمارة فابتني مدينة الزهراء (936 - 961) فاشتملت على مساجد وحمامات وقصر قائم على 4300 عمود بعضها من خرائب قرطاجنة، فيه 400 غرفة ومقصورة، وفي وسط قاعته جوهرة أهداها إليه الإمبراطور ليو البيزنطي (1). كما عنى بالزراعة والصناعة والتجارة فقارب دخله 6? 245? 000
(1) ابن عذاري، البيان المغرب عن تاريخ المغرب، ج 2، ص 247.
دينار ما عدا أخماس الغنائم (1). وشجع الآداب والعلوم والفنون وأجزل للمترجمين من اليونانية واللاتينية، وأسس جامعة في المسجد الجامع فبغلت قرطبة الذروة (2) وألفت مع بغداد والقسطنطينية المراكز الثقافية العالمية يومذاك.
الحكم الثاني (961 - 976) ولي حسداي بن شروط الوزارة، والمنصور قيادة الجيوش، وحمل ممالك النصارى المجاورة على طلب الصلح (962 - 970) وقضى على الفاطميين في مراكش (972) وأتم بناء مدينة الزهراء، ووسع نطاق المسجد الجامع وزينه بالفسيفساء التي أهداها إليه إمبراطور القسطنطينية وأنفذ الرسل إلى الشرق الأدنى يستنسخون له الكتب فأربت مكتبة قرطبة على 400 ألف مجلد، وأرسل إلى أبي الفرج الأصبهاني بألفي دينار لقاء نسخة من كتاب الأغاني قبل ظهوره في العراق. كما فعل مع القاضي أبي بكر الأبهري في شرحه مختصر ابن الحكم. وقصد جامعة قرطبة في عهده الطلاب من أوربا وأفريقيا وآسيا، وبلغ عدد تلاميذ قرطبة بين خمسة آلاف وستة آلاف (3).
هشام بن الحكم (976 - 1009) خلف أباه على العرش، وعمره اثنتا عشرة سنة، فتولت الحكم باسمه أمه يساعدها فيه المنصور (977 - 1002) بسمارك القرن العاشر (4) وأحل البربر محل الصقالبة المستعربين وأخضع بهم برشلونة (985).
(1) المقري، نفح الطيب، ج 1، ص 136.
(2)
Encycl. de l'Islam، Tl، p. 306.
(3)
ابن بشكوال، الصلة، ج 1، ص 354.
(4)
دائرة المعارف الإسلامية، المجلد 3، ص 43.