الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الضرائب والاضطهاد إسرافاً أجاع الهند. وفات جهان قتل أبنائه، فكتب لأحدهم وهو أورنجزيب أن يثور به (1657) ويزحف عليه من الدكن ويلقيه في حصن أجرا. وكان أورنجزيب مسلماً ورعاً يحفظ القرآن ويقيم الصلاة ويصوم رمضان ويجاهد الوثنيين.
ولم يمض على موته سبعة عشر عاماً حتى تمزقت إمبراطوريته شر ممزق، فما كسبه أكبر بحكمته أضاعه جهان كير بقسوته، وشاه جهان بإسرافه، وأرنجزيب بتعصبه (1).
12 - السلطنة العثمانية:
وبعد أن ألقي الستار على الحروب الصليبية أسس أبو عثمان التركي السلطنة العثمانية (1300) على أنقاض الدولة السلجوقية وحساب الولايات البيزنطية. ثم طفق خلفاؤه يوسعون رقعتها: فاستولى مراد على بلغاريا وصربيا (1385 - 1386) وانهزم في بلوشنك (1387) وقتل في وقعة قوصوة (1389) وخلفه ابنه بايزيد الأول (1389 - 1403) وتفاقم به خطر العثمانيين فألفت أوربا جيشاً لقتالهم من فرسان المجر وبولونيا وفرنسا وألمانيا بزعامة سجسمند ملك المجر فقهرهم بايزيد في وقعة نيقوبوليس (1396) ومد ملكه من الفرات إلى الدانوب. وكسره تيمور لنك في وقعة أنقره وأسره وأحد أبنائه (1402) وتنازع أبناء بايزيد العرش بعده فعاد السلاجقة إلى إماراتهم، واستقل الضرب والبلغار والأفلاق حتى استرد محمد الأول (1413 - 1921) ما كان للعثمانيين قبل وقعة أنقره. وانتصر على أسطول البندقية في وقعة غاليبولي وحالف القسطنطينية وإمارات النصارى. وفي عهد خلفه محمد الثاني (1451 - 1481) سقطت القسطنطينية فأعمل جنوده فيها القتل والنهب والاسترقاق، وحولوا كنيستها أيا صوفيا إلى جامع (1453) ثم أمن النصارى على دينهم وأملاكهم، واتخذ القسطنطينية عاصمة فاقتبس ومن جاء بعده من السلاطين الكثير من النظم البيزنطية حتى قيل: ما السلطان إلا إمبراطور
(1) قصة الحضارة، الجزء الثالث، الهند وجيرانها ص 125 وما يليها، تأليف ول ديورانت، ترجمة الدكتور زكي نجيب محمود، منشورات الإدارة الثقافية بجامعة الدول العربية (القاهرة 1950).
مسلم. وبلغ كثيرون من الحراكسة واليونان والإيطاليين والألبانيين والسلاف والأرمن أعلى مراكز الدولة ومنها الصدارة العظمى. كما خلف العثمانيون الخلافة الإسلامية وأخذوا عنها الإسلام والأبجدية - وكانت حروفهم سريانية - وألوف المصطلحات الدينية والشرعية والعلمية والأدبية. وهزم بايزيد الثاني (1481 - 1512) أخاه جم فاستسلم إلى فرسان القديس يوحنا في رودس (1482) وأدي لهم السلطان 45 ألف دوقة سنوياً لئلا يشجعوه على المطالبة بالعرش أو يتخذوه عوناً في حرب صليبية على الأتراك. فنقلوه إلى فرنسا. ثم إلى الفاتيكان (1489) فأسرع السلطان بإرسال مرتب ثلاث سنوات إلى البابا، ثم رأس حربه أكد له أنه هو الذي نفذ في جنب المسيح (1492) وقد استعان البابا الكسندر ببايزيد الثاني على فرنسا (1494) إلى أن أرغمه الانكشارية - وأصلهم من أسرى الدول الأوربية أو الرقيق أو الجزية مكنوا للسلطنة طوال ثلاثة قرون - على التخلي عن العرش. وخلفه ابنه سليم الأول (1512 - 1520) فاستولى على تبريز وجزء من أرمينيا (1515) وسوريا (1516) ومصر (1517) وأجلى خير الدين بروسا وأخوه، وكانا عثمانيين من أصل يوناني، الإسبان عن الجزائر ووهباها للسلطان (1518) وفي زمن سليمان القانوني (1520 - 1566) أخضعت أكثر بلاد المجر، وفتحت رودس آخر المعاقل الأوربية في شرقي البحر المتوسط (1522) واعتقل بعض الجواسيس العثمانيين في رومة فبلغ الهلع بين سكانها مبلغاً ذكرهم بهنيبعل بعد انتصاره في كاناي (216 ق. م) - ولكن نهب رومة لم يأت على يد العثمانيين بل بإيعاز من ملك إسبانيا فغزاها زعيم تيرولى بجيش من المرتزقة الألمان والجنود الإسبان (1527) فانطلقوا يقتلون أهلها في البيوت والمستشفيات والملاجئ والمعابد، ويهتكون أعراض المحصنات، وينهبون الكنائس والأديار، ويحولون بعضها إلى اسطبلات، ويجردون الفاتيكان من كنوزه، ويركبون من وقع في أيديهم من الأساقفة دواب قذرة ووجوههم نحو ذيولها وعليهم شارات مناصبهم - واحتل بييري رئيس، وهو أمير بحر عثماني من أصل أوربي عدن (1547) ومسقط (1551) وأخضع سنان باشا الألباني طرابلس الغرب (1551) واليمن (1568) وتونس (1574) فامتدت سلطنة العثمانيين من الدانوب إلى دجلة ومن القرم حتى شلال النيل الأول.