الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقالت الشافعية والأشعرية وأكثر الحنفية لا يدخلون وهذا الذي ذكره التميمي وحكي أبو الطيب مثل مذهبنا عن بعض أصحابهم وعن أبي بكر بن داود وأصحاب أبي حنيفة واختاره أبو الخطاب كمذهب المخالفين وقال هو الأقوى عندي لكن ننصر قول شيخنا رياضة وذكر الأدلة ونصر الجويني الثاني كمذهب أصحابه وضعف الأول جدا وقال الحلواني عن أحمد ما يقتضى أنه لا يدخل النساء في خطاب الرجال لأنه قال في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لواهب أن يرجع في هبته إلا فيما أعطاه الوالد لولده" أن الوالدة لا تملك الرجوع في الهبة.
فصل:
فان جاء المذكر بلفظ الواحد مثل قوله: إذا جاء مسلم فأعطه درهما فذكر الحلواني وغيره في المسألة في هذه الصورة احتمالين ولفظه واحتجوا بأنه لفظ موضوع للذكور فلا يدخل فيه الإناث كلفظ الواحد وقال في الجواب يحتمل إلا نسلم [الحكم في الأصل وإن سلمناه ثم فرق] .
مسألة: يدخل الكفار في مطلق الخطاب
بلفظ الناس ويا أولى الألباب ونحوه في أصح الروايتين وبها قال الشافعي وأكثر الشافعية [ر] وبعض المالكية والرازي والكرخى وجماعة من الحنفية والمتكلمون من المعتزلة والأشعرية والرواية الأخرى عن أحمد لا يدخلون في الأوامر بالفروع وإنما يتناولهم خطاب الإيمان والنواهي [ر] وهو الذي ذكره القاضي في مقدمة المجرد فقال الكفار مخاطبون بالإيمان وأما العبادات من الصوم والصلاة والزكاة فقال شيخنا إنهم مخاطبون1 بذلك وقال أحمد في رواية عبد الله معنى قوله: {لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} 2 يعنى من الموحدين وذكر بعض أصحابنا فيها ثلاث
1 في ب "إنهم غير مخاطبين بذلك".
2 من الآية "43" من سورة المدثر.
روايات كالمذاهب الثلاثة الثالثة لا يخاطبون بشيء وبها قال الجرجاني الحنفي [ح، ر] وبعض المالكية وبعض الشافعية واختاره الشيخ أبو حامد [منهم] وقال بعض الحنفية لا يخاطبون بالفروع على الإطلاق وفصل الجويني في ذلك تفصيلا محققا [ح، ز] 1 [وقال والد شيخنا] 2 وذكر الرازي فائدة هذه المسألة
فصل:
خطاب الله لأهل الكتاب وبني إسرائيل في القرآن على وجهين:
أحدهما خطاب على لسان محمد صلى الله عليه وسلم تسليما مثل قوله في سورة البقرة: {يَا بَنِي إِسْرائيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} 3 إلى قطعة من السورة وكذلك في آل عمران والنساء: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} 4 {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ آمِنُوا بِمَا نَزَّلْنَا} 5 ونحو ذلك فهذا حكم سائر الناس فيه حكم بنى إسرائيل وأهل الكتاب [إن شركوهم] في المعنى دخلوا وإلا لم يدخلوا لأن بنى إسرائيل وأهل الكتاب صنف من المأمورين بالقرآن بمنزلة خطابه لأهل أحد وعتابه لهم في قوله: {إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا} 6 إلى أواخر السورة أو خطابه لأهل بدر بقوله: {فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً} 7 وبمنزلة قوله: {قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ} 8 ونحو ذلك فإن الخطاب المواجه به صنف من الأمة المدعوة أو شخص يشمل سائر المدعوين وهذا نظير خطابه لواحد من الأمة [المدعوة] فإنه [يثبت الحكم]
1 في اهنا زيادة نصها "وذكر بعض أصحابنا فيها ثلاث روايات الثالثة لا يخاطبون بشيء" وقد تقدمت هذه العبارة في النسخة قبل أسطر قليلة لذلك لم نر إلحاقها بالأصل في هذا الموضع أيضا.
2 هذه الجملة في اوحدها.
3 من الآية "40" من سورة البقرة.
4 من الآية "171" من سورة النساء.
5 من الآية "47" من سورة النساء.
6 من الآية "122" من سورة آل عمران.
7 من الآية "69" من سورة الأنفال.
8 من الآية "38" من سورة لأنفال.
في حق مثله إذ الأمر تارة يتوجه إلى الأمة المدعوة وتارة [يتوجه] إلى الأمة المجيبة ثم الشمول هنا هل هو بطريق العادة العرفية أو الاعتبار العقلي فيه الخلاف المعروف وسره أن المخاطب قصد بنفس ذلك الخطاب الخاص في اللغة العموم أو لم يقصد به إلا الخاص لكن قصد العموم من غير هذا الخطاب وعلى هذا يبنى1 استدلال عامة الأمة على حكمنا بمثل قوله: {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ} 2 فإن هذه الضمائر جميعها مع بنى إسرائيل.
فأما خطابه لهم على لسان موسى وغيره من الأنبياء عليهم السلام فهي مسألة شرع من قبلنا والحكم هنا لا يثبت بطريق العموم الخطابي قطعا لكن يثبت بطريق الاعتبار العقلي عند الجمهور كما دل عليه قوله: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ} 3 وقوله: {فَجَعَلْنَاهَا نَكَالاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا} 4 وقوله: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} 5 ونحو ذلك وهذا ينتفع به ويحتاج في أكثر المواضع إلى أصل آخر يعم هذا وغيره وهو أن الحمد والذم إذا كان على جنس فعل قد علق به ثواب أو عقاب فإنه يحصل للمكلف من ذلك الجنس بقدر نصيبه منه فإن قام به البعض استوجب بعض الثواب إذا لم يكن فعل البعض شرطا في فعل البعض كصوم طرفي النهار مثلا والغالب في الذم عدم الارتباط وفي الحمد قد يقع الارتباط فإن استحقاق الذم على المعصية ليس مشروطا في الغالب بمعصية أخرى بخلاف فإن استحقاق الثواب على الطاعة فإذا ذموا على جنس فعل ذم قليله وكثيره ثم ذلك الجنس قد يشمله اللفظ وهو ظاهر كقوله: {وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ} 6 {أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ} 7 وقد لا يشمله اللفظ
1 في ا "ينبني".
2 من الآية "44" من سورة البقرة.
3 من الآية "111" من سورة يوسف.
4 من الآية "66" من سورة البقرة.
5 من الآية "2" من سورة الحشر.
6 من الآية "42" من سورة البقرة.
7 من الآية "44" من سورة البقرة.