الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
واستدلال والاستدلال يكون بأمارة أو علة ويكون بشهادة الأصول والاستدلال بالعلة أو الامارة هو المصالح قال ابن برهان الحق ما قاله الشافعي قال إن كانت ملائمة لأصل كلي [من أصول] الشريعة أو لاصل جزئي جاز لنا بناء الاحكام عليها وإلا فلا قال وسنبين أن مالكا لا يخالف هذا المذهب وقسم المقدسي في ذلك تقاسيم كثيرة وأنكر بعض أصحابنا أن يكون فيها مذهب ثالث وذكر مثل قول مالك قولا قديما للشافعى وحكى ذلك عن أبي حنيفة.
مسألة: الاستحسان
كان أبو حنيفة وأصحابه يقولون به وأنكره الشافعي عليهم وبسط أبو الخطاب القول فيه عقيب تخصيص العلة قال القاضي عبد الوهاب المالكي ليس بمنصوص عن مالك إلا أن كتب أصحابنا مملوءة من ذكره والقول به ونص عليه ابن القاسم وأشهب وغيرهما.
وفسره الحلواني بأوجه ويحتمل عندي أن يكون الاستحسان ترك القياس الجلى وغيره لدليل نص من خبر واحد أو غيره أو ترك القياس لقول الصحابي فيما لا يجرى فيه القياس كما تقدم.
وهذ ظاهر كلام أبي الخطاب في كتاب الهداية في مسألة العينة حيث قال لا يجوز استحسانا فلينظر إن كان ذكر ذلك أحد ثم انى رأيت الفخر إسماعيل في كتابه الجدل قد ذكر هذا الذي ذكرته بعينه في تفسير الاستحسان أعنى ترك القياس للحديث المخالف للقياس اللائق بتفسير الاستحسان ما ذكرته ثانيا من ترك القياس لمخالفة الصحابي له أعنى فيما لا يجرى فيه القياس فإن الحنفية وافقونا في أن الصحابي إذا قال قولا لا يهتدي إليه القياس حمل على أنه قاله توقيفا والشافعية خالفونا في ذلك وكذا الحنفية وافقونا في الاستحسان والشافعية خالفونا وهذا وجه حسن إن شاء الله.
[قال شيخنا] وقد أطلق أحمد القول بالاستحسان في مواضع قال في رواية الميموني أستحسن أن يتيمم لكل صلاة والقياس أنه بمنزلة الماء يصلى به حتى يحدث أو يجد الماء
وقال في رواية بكر بن محمد فيمن غصب أرضا فزرعها الزرع لرب الارض وعليه النفقة وهذا شىء لا يوافق القياس ولكن أستحسن أن يدفع إليه نفقته وقال في رواية المروذى يجوز شراء أرض السواد ولا يجوز بيعها فقيل له كيف يشترى ممن لا يملك فقال القياس كما تقول ولكن هو استحسان وقال في رواية صالح في المضارب إذا خالف فاشترى غير ما أمره به صاحب المال فالربح لصاحب المال ولهذا أجرة مثله إلا أن يكون الربح يحيط بأجرة مثله فيذهب وكنت أذهب إلى أن الربح لصاحب المال ثم استحسنت.
وبه قال أصحاب أبي حنيفة وذكر عن اياس ابن معاوية وكتب مالك مشحونة بالاستحسان وكذلك قال الشافعي أستحسن في المتعة قدر ثلاثين درهما1 وقد أنكر الشافعي وأصحابه القول بالاستحسان وقال أحمد في رواية أبي طالب أصحاب أبي حنيفة إذا قالوا شيئا خلاف القياس قالوا نستحسن هذا وندع القياس فيدعون ما يزعمون أنه الحق بالاستحسان وأنا أذهب إلى كل حديث جاء ولا أقيس عليه قال القاضي هذا يدل على ابطال القول بالاستحسان.
قال أبو الخطاب وعندى أنه أنكر عليهم القول بالاستحسان من غير دليل ولهذا قال يتركون القياس الذي يزعمون أنه الحق بالاستحسان فلو كان الاستحسان عن دليل ذهبوا إليه لم ينكره لأنه حق وقال أنا أذهب إلى كل حديث جاء ولا أقيس عليه معناه أني أترك القياس بالخبر وهذا هو الاستتحسان بالدليل وفصله فصولا أحدها في أن هذه التسمية صحيحة الثاني في حده قال والذي يقتضيه كلام أصحابنا أن يكون حد الاستحسان العدول عن موجب القياس إلى دليل هو أقوى منه لأنه لم يرد لفظه إلا في أنه ترك الحكم إلى حكم هو أولى
1 في ا "بقدر ثلاثين ذراعا" تحريف.
منه قال وليس بشيء لأن الأحكام لا يقال بعضها أولى من بعض ولا بعضها أقوى من بعض وإنما القوة للأدلة.
قلت هذه مناقشة لفظية وحده بعضهم بأنه ترك القياس [إلى قياس أقوى منه قال وهذا باطل فإنهم إذا تركوا القياس1] لنص أو تنبيه كان استحسانا.
وحده بعضهم بأنه ترك طريقة الحكم إلى [طريقة] أخرى أولى منها لولاها لوجب البنيان2 على الأولى.
وحده الكرخي بأنه العدول عن أن يحكم في المسألة بمثل ما حكم في نظائرها لوجه هو أقوى من الأول.
قال وهذا معنى الذي قبله ويلزم عليه أن يكون العدول عن العموم إلى التخصيص استحسانا [والعدول عن العموم إلى الخصوص استحسانا3] .
[شيخنا] فصل4:
قال أبوالخطاب ومعنى الاستحسان أن بعض الأمارات تكون أقوى من القياس فيعدل اليها من غير أن يفسد القياس وهذا راجع إلى تخصيص العلة قال وشيخنا يمنع من تخصيص العلة وينصر القول بالاستحسان ولا أعرف لقوله وجها وقد أورد القاضي على نفسه هذا في مسألة تخصيص العلة وفرق بين تخصيصها وبين ترك قياس الأصول للخبر قال ولانهم قد يعدلون في الاستحسان عن قياس وعن غير قياس فامتنع أن يكون معناه تخصيصا بدليل.
1 ما بين هذين المعقوفين ساقط من اولا شك أن الكلام لا يستقيم بدونه.
2 في ب "لوجب الثبات على الأولى".
3 ساقط من ا.
4 بهامش اهنا "بلغ مقابلة على أصله".
قلت إذا لم نقل بتخصيص العلة أخذ من موضع الاستحسان قيدا فجعله قيدا في العلة ويتبين بذلك أن تلك لم تكن علة تامة كما يتبين بالمخصص أنها لم تكن عامة فلا فرق بين القول بتخصيص العلة وعدم تخصيصها وهذا الذي قاله أبو الخطاب يوافق قول أبي الحسين وابن الخطيب وغيرهما.
وفسر الحلواني الاستحسان بأنه ترك [القياس لدليل أقوى منه من كتاب أو سنة أو إجماع قال وفسره بعض الناس بأنه ترك القياس1] بما يستحسنه بعض الناس من غير دليل وأنكر الكرخي هذا وقال هو العدول بحكم المسألة عن نظائرها لدليل يخصها وقال بعضهم هو القول بأقوى الدليلين وقال غيره هو تخصيص العلة وقد أومأ أحمد إلى كلام يقتضى أن القول بالاستحسان باطل وبه قال الشافعي ثم ذكر في أثناء كلامه في قوله ما رآه المسلمون حسنا أنه عام في جميعهم وفى بعضهم وقال الاستحسان هو الأخذ بأقوى الدليلين وأشبههما بالحق وإن خالف ما يجوز أن يجعل دليلا على الحكم وذكر أن الاستحسان هو القول بأقوى الدليلين فيما حكمنا2 بصحة كل واحد من الدليلين قال ومسائل الخلاف بين الفقهاء لا نحكم بصحة أدلة من خالفنا بل نعتقد فسادها فلهذا لم يطلق على جميع مسائل الخلاف اسم الاستحسان.
قلت وهذا الكلام منه يقتضى أن الاستحسان ترجيح أحد الدليلين على الآخر وهذا معنى قول القاضي ولفظ الاستحسان يؤيد هذا فانه اختيار الاحسن وإنما يكون في شيئين حسنين وإنما يوصف القول بالحسن إذا جاز العمل به لو لم يعارض ثم رأيت هذا الذي ذكره الحلواني قد ذكره بعينه القاضي فالاستحسان عنده أعم مما هو عند أبي الخطاب فتارة يقول هو أقوى القياسين وليس بعام فانه ذكر الاستحسان بالكتاب والسنة والاجماع كشهادة أهل
1 ساقط من اوسقوطه يقسد الكلام.
2 في د "فيما حكينا".